حسن عبدالوارث -
مازلتُ أذكر ذلك اليوم الذي أستدعاني فيه رئىس التحرير- خلال السنين- الأولى لإشتغالي في هذه المهنة المهانة- ليبلغني إنه قرَّر مكافأتي على جهدي المهني المتميز، بترقيتي إلى موقع »رئىس قسم«..
وحينها لم أذق طعم النوم لثلاث ليالٍ متواصلة، إثر أن اعتراني شعور جارف هو مزيج من الفرح الشديد والخوف الرهيب!
فرحتُ لأنني حظيت بتقدير قيادتي المهنية على تعبي وجهدي الذي كان متميزاً بين أقراني حينها.. وخفتُ لأن الترقية إلى ذلك الموقع- على صغره- كانت تعني المسؤولية والالتزام والاجتهاد بصورة أكبر وأكثر وأوسع من ذي قبل..
وقد كان الله في عوني على الدوام، فلم أكن في موقع- منذ ذلك الوقت- حتى كنتُ أفيه حقه، قبل أن يفيني حقي، بالوفاء والتمام.
تداعت هذه الذكريات إلى رأسي، وظلت تتداعى، إثر أن أجد صحافياً حديث العهد بالمهنة وقد صوَّر له خياله المريض أن خمس- أو حتى عشر- سنوات منذ تخرجه كفيلة بمنحه حق الحصول على موقع رئىس التحرير، على سبيل المثال.. أما صاحب خبرة الثلاث سنوات فيكاد يقنع بكرسي مدير التحرير!!
ولم أجد هذه الحالة شاذة على الاطلاق، في ظل استشراء ظاهرة خطيرة في الساحة الصحافية اليمنية.. إذ تجد عديداً من تُوضع اسماؤهم تحت صفة رئىس التحرير- لاسيما في الصحف الحزبية والخصوصية، ولا أستثني الرسمية- يثيرون جدلاً عنيفاً حول أحقيتهم بهذه المواقع، خصوصاً إذا عرفنا أن بعضهم لايجيد الكتابة، فيما البعض الآخر لايجيد القراءة، وثالثة الأثافي ذلك الذي لايجيد الاثنتين معاً!!
وأتحدى وزارة الإعلام- التي تمنح التراخيص لهؤلاء- أن تعقد لهم امتحاناً في اللغة العربية والثقافة العامة وأصول المهنة وعلومها وفنونها وآدابها.. ولو نجح منهم نصفهم فقط، فليعقدوا لي مشنقة في باب اليمن!!
wareth26.hotmail.com