الإثنين, 18-نوفمبر-2013
الميثاق نت -   مطهر الاشموري -

< حين أزمات اليمن ما بعد تحقق الوحدة 1990م ولعقد كانت الصحافة والإعلام المصري يتحدث عن أفغنة اليمن كاحتمال، فيما الصحافة والإعلام السعودي يقرأ هذا الاحتمال كصوملة، ومسألة الأفغنة أو الصوملة كاحتمال تظل قائمة أو غير مستبعدة حتى في المشهد الحالي لليمن 2013م، ولكني كنت استغرب وأبحث عما وراء اختيار التنصيص بين صوملة وأفغنة، لماذا أو ما أفضلية كل طرف لاختيار تنصيص أو لتجنب تنصيص آخر؟
مصر التي كانت تحارب الارهاب في ذلك العقد جاء منه تنصيصها ربطاً بالجانب الديني، فيما الطرف الآخر ربما لا يفضل هذا الربط ويرى البلد تسير تلقائياً الى صوملة كما الصومال.
ما يجري الآن في سوريا وليبيا وحتى مصر فيه شيء من الأفغنة والصوملة كأفعال أو في التفعيل وبما يجعل الصوملة أو الأفغنة بين الاحتمالات الواردة أو المحتملة بأي قدر ومهما ظلت بعيدة أو مستبعدة من اختلاف ومفارقات واقع عن واقع.
إذا هذا ما استرجعته من التنصيص الصراعي ربطاً بصراعات اليمن في عقد ما بعد تحقق الوحدة 1990م.. فماذا يمكن استرجاعه ربطاً بذلك في العقد الذي يليه؟
العقد الذي يليه ارتبط بأحداث سبتمبر 2001م كحرب ضد الارهاب وبين ما طرح هو أن الفقر والبطالة هما البيئة التي تنمي الارهاب.
الأنظمة حاولت من خلال هذا الطرح الحصول على دعم ومساعدات من الغرب لتحارب الفقر والبطالة في إطار الحرب ضد الارهاب، فيما الغرب ظل يتهم الأنظمة بفساد يهدر هذه الجهود والمساعدات من ناحية وهو من ناحية أخرى جعل الأولوية لدعم منظمات أهلية مدنية تعنى شعاراتياً بالديمقراطية والحريات وحقوق الإنسان.. الخ.
فطرح الأنظمة كأنما كان يعني أن الخطر على الغرب كإرهاب إنما يأتي من الفقر والبطالة في بلدانها بما يوجب على الغرب مساعدتها لتخفيف البطالة والفقر.
إذا البطالة والفقر هما بيئة لنماء الارهاب أو من أهم عوامل وجود الإرهاب، كما أنهما بيئة التثوير ومن أهم عوامل تفجير الثورات.
إذا الأنظمة أرادت من خلال الارهاب والبطالة والفقر دعم أوضاعها وتعزيز تموضعها بدعم الغرب السياسي والمادي فأمريكا والغرب معها استعملت الفقر والبطالة وحتى الارهاب لإزاحة وإقصاء أنظمة وهز أوضاعها أو إضعافها الى حد كبير بما في ذلك الأنظمة الحليفة لأمريكا، لأنه حتى إذا وجدت بلدان لا تمثل البطالة أو الفقر فيها مشكلة أساسية أو بين الأبرز فالذي جرى تجاه المنطقة وفيها من تثوير إعلامي سياسي يمثل خطراً مرتفعاً عليها، وأخونة محطة 2011م ربط الثورات والتثوير بالدين وهو بذلك ينشئ تلقائية تفصيله حسب واقع كل بلد.فالخطر لم يعد فيما حدث بالمباشرة في الإمارات كإخوان ولا في تموضع الاخوان في الكويت والأردن، ولكن الأجنحة الدينية في الأنظمة تحس بإمكانية القفز والوصول الى الحكم كما أوضحت ذلك الحالة «الزندانية» في اليمن، وبالتالي فالتيارات والأثقال السلفية تعيش مثل هذا التطلع وإن كانت الأوضاع لا تسمح بعلنية عمل أو تعامل من أجل ذلك.
اخونة 2011م هو رديف الأفغنة السياسي والواقعي وهذا ما يدفع أي واقعي أو يفضي فيه الى صوملة بأي قدر والذي يجري في العراق هو أفغنة وصوملة في آن واحد.
كون ما أفضى اليه تفعيل محطة 2011م هو زيادة واتساع الفقر وارتفاع معدل البطالة، فذلك لا يعني أمريكياً غير واحدة من اثنتين:
إما أن أمريكا باتت تستنزف الارهاب أو تحاربه من خلال صراعات المنطقة والصراعات الداخلية في كل واقع أو بلد، وإما أنها تريد المزيد من الإرهاب أو خروجه لعلنية الصراع في إطار محطة موجهة وثورات بكل تناقضات وتقاطعات التركيم والمتراكم.
الذي يجري في سوريا أو ليبيا أو مصر وحتى اليمن هو استنزاف للارهاب بقدر ما هو استهداف لأنظمة وإضعاف أو تدمير لبنية الدولة الوطنية للثقافة وللهوية الوطنية، الذي بات يجري على مستوى المنطقة هو إما أفغنة أو صوملة أو كلاهما بتفعيل متسارع أو مركز يحس به في سوريا ومن ثم ليبيا والعراق أو بتدرج وقدر من الترشيد كما في اليمن ومصر.
ومع حقيقة أزمات ومآزق السياسة الأمريكية بل حقيقة ضعفها وحقائق اضطرابها الا أنه علينا التسليم بأن تفعيل المحطات الأمريكية في المنطقة منذ أول اتفاق سلام مع اسرائيل قد أوصلت المنطقة والأنظمة الى أضعف حالة، وتفعيل محطة 2011م أوصل هذا الاضعاف الى ما هو أدنى بكثير من مجرد تنصيص الضعف أو الاضعاف.
الحالة السورية مازالت تقدم عدم قدرة العالم والقوى الصاعدة على إعادة التوازن الدولي ورد الاعتبار للشرعية الدولية ربطاً بهذا التوازن فيما إذا اعتبرنا الحالة المصرية - افتراضاًَ- تجسد خياراً للمنطقة أو أثقال العرب، فالواضح أنه بمستوى نجاحها نجاح الطرف الآخر في تفعيل الارهاب والدمار في الواقع ودفعه للفوضى وإفشال أي نجاح تنموي أو ديمقراطي.
لا أتحدث هنا ولست بصدد بديل لأمريكا أو تغيير في السياسة الامريكية تجاه المنطقة بل سنظل نحتاج لتوازن دولي يحافظ على الحد الأدنى من توازن الشرعية الدولية كما نظل في حاجة لقوى توازن في المنطقة تستطيع فرض الحد الأدنى من التكافؤ تجاه السياسة الامريكية بسقف الاستقلالية الممارس في أية منطقة من العالم. بدون ذلك فإنه لا معنى ولا تأثير لضعف سياسة أمريكية أو رئيس أمريكي.
لسنا بصدد استعداء أمريكا ولا لأي قدر من العداء أو حتى اصطدام معها فوق هذا السقف ولكنه ليس وجوباً ولا واجباً ولا يظل يقبل كواقعية أو أمر واقع أن تظل منطقتنا وأوطاننا وشعوبنا ضحايا وتضحيات من أجل السياسة الامريكية وفي خدمتها.
الأنظمة التي رحلت والتي ظلت والقائمة والقادمة يعنيها أن تكون واقعية مع ذاتها وواقعية وأن تمارس توفيقات بحسابات واعية وتحترم الذات في إطار صراعات وأقطاب المنطقة ومع السياسة الامريكية تحديداً.. وما لم يوصل الى صياغة وتفعيل مثل هذه السياسة فلن يكون ما سيكون أفضل مما كان!
تمت طباعة الخبر في: الخميس, 21-نوفمبر-2024 الساعة: 09:50 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almethaq.net/news/news-35520.htm