الإثنين, 18-نوفمبر-2013
الميثاق نت -    عبدالفتاح علي البنوس -
< بادئ ذي بدء أود التأكيد على أننا عندما ننتقد حكومة الوفاق الوطني ننطلق من معطيات ملموسة على أرض الواقع ولا علاقة لنقدنا بالمناكفات السياسية والحزبية الضيقة، فالغاية من النقد هو الوقوف على السلبيات من أجل معالجتها وتسليط الضوء عليها وفي ذات الوقت عندما نجد هذه الحكومة قد حققت إنجازاً أو تقدماً ملحوظاً في أي مجال من المجالات فإننا لن نتردد في الإشادة بها والثناء عليها باعتبار ذلك هو الدور المنوط بالصحافة الوطنية.. اليوم حكومة الوفاق أثبتت عجزها وفشلها ووصلت الى حالة مزرية للغاية، هذه الحكومة أقدمت على خطوة في غاية الخطورة تكاد تكون أشبه بالمؤامرة، وللأسف الشديد- تمت هذه الخطوة بتصرف فردي من قبل رئيس الحكومة باسندوة ووزير ماليته صخر الوجيه ولمصلحة حميد الاحمر، حيث أقدمت الحكومة الموقرة على رهن أصول شركة النفط اليمنية لدى بنك سبأ الاسلامي المملوك لحميد الأحمر وجمعية الاصلاح الخيرية وذلك بحجة صرف مرتبات شهر اكتوبر بعد أن أقدم وزير المالية على صرف مبيعات النفط في وقت سابق في مخالفة صريحة للأنظمة واللوائح المالية وعجز وزارة النفط عن شراء المشتقات النفطية لتغطية الطلب المحلي وهو ما أدى إلى ظهور أزمة خانقة في البترول والديزل، هذه الخطوة غير المعقولة والتي تقدر قيمتها بـ60 مليار ريال مدتها ثلاثة أشهر ويترتب عليها فوائد مالية باهظة وفي حال عدم سداد المديونية في موعدها تكون شركة النفط اليمنية في ملكية حميد وبقية الشركاء الممولين للمبلغ المذكور آنفاً، وهنا أستغرب إقدام وزير المالية على هذا التصرف اللامسؤول والذي يهدد بانهيار المنظومة الاقتصادية ووقوع كارثة اقتصادية مدوّية من الصعب تجاوزها والخروج منها.
وتتضح ملامح هذه المؤامرة عندما نعلم أن فترة هذا الدين الآجل تنتهي بانتهاء المرحلة الانتقالية في مؤشر على رغبة القوى صاحبة هذا القرار في جعله ورقة للضغط على الرئيس هادي من أجل التمديد وتمرير قرارات وتوجهات تخدم مصالح حزب الاصلاح والقوى القبلية والعسكرية المتحالفة معه، وفي حال فشلت هذه الضغوطات يتم استدعاء ملف الدين النقدي المستحق لحميد الأحمر وبقية الشركاء والاتجاه نحو خصخصة شركة النفط اليمنية وتحويلها الى شركة خاصة لكي يُحكم الملياردير حميد سيطرته على النفط اليمني ويظل الشعب تحت رحمته ورهن إشارته وهنا تكمن الكارثة، لأننا عرفنا حميد الأحمر جيداً خلال الأزمة السياسية، وعرفنا نواياه ومخططاته وأهدافه الشيطانية والتي لا تمت بصلة للمصلحة الوطنية العليا، فحميد مستعد لأن يحارب الكون من أجل مصلحته، والخيرية التي يحاول أن يظهر بها أمام الناس مجرد فخ ودغدغة عواطف وتزييف وعي الناس لكي يستخدمها كوسيلة وجسر عبور نحو تحقيق أهدافه ومخططاته.
اليوم حميد الأحمر يسعى لخصخصة شركة النفط وقد نجح في اتخاذ الخطوة الأولى والمهمة على طريق تحقيق ذلك مستعيناً بالكهل باسندوة والثائر صخر الوجيه، ولا أستغرب أن يقدم حميد على استخدام ذات الوسائل والاوراق الحكومية من أجل خصخصة الاتصالات واحتكارها وهي الغاية التي ينشدها منذ تأسيس شركته سبأفون وعقب تأسيس يمن موبايل.. حميد يريد المزيد من الثروة، حميد يريد المزيدمن الجاه والسلطة، حميد يريد اليمن في ملكه، ويريد اليمنيين تحت تصرفه، حميد يريد أن يكون فرعون عصره بواسطة أموال وثروات الشعب التي يقدمها له باسندوة وصخر الوجيه على طبق من ذهب .
والسؤال الذي يفرض نفسه هنا، لماذا أقدمت الحكومة على هذه الخطوة الهمجية التي لا يمكن هضمها وتقبلها مهما كانت المبررات؟! أين ذهبت عائدات النفط؟ والإيرادات الحكومية المختلفة؟! أين ذهبت القروض والمساعدات؟! أين ذهبت السيولة النقدية الخاصة بالبنك المركزي؟!! أين ذهب الاحتياطي النقدي الذي يصل الى خمسة مليارات دولار والذي سلمّه الزعيم عقب توقيعه على المبادرة الخليجية وتسليمه السلطة للرئيس هادي، رغم الظروف الصعبة التي شهدها الوطن الا أن الاحتياطي النقدي ظل في مكانه ولم يتم الاقتراب منه خشية الانهيار الاقتصادي وتدهور قيمة العملة المحلية وما يترتب على ذلك من خسائر وأضرار، ولعل ما يثير الامتعاض هو تعامل الحكومة اللامسؤول مع الوضع المالي وعجزها عن نهج سياسة نقدية تلائم الوضع الراهن وإصرارها على العبث بالمال العام من خلال الصرفيات اللامعقولة على السفريات والمساعدات والهبات والكماليات وغيرها من أوجه الصرف غير الضرورية، علاوة على عدم قدرتها على استقدام معونات المانحين لعجزها عن تقديم برنامج دقيق يستوعب هذه المعونات والمنح، وهو الأمر الذي أوصلها الى هذه المرحلة الحرجة.
رهن الحكومة أصول شركة النفط سابقة خطيرة لم تسبقها اليها أية حكومة سابقة، ومن المفترض أن لا تمر هذه الخطوة مرور الكرام.. وكان الأحرى بالشرفاء داخل الحكومة رفضها وعدم القبول بها ومحاسبة من أقدم على اتخاذها، وكان من المفترض أن يكون للبرلمان كلمة في هذا الأمر على اعتبار أن تداعيات هذه الخطوة الكارثية سيحصدها الوطن والشعب الذي يمثلونه ويدافعون عن حقوقه وثرواته ومقدراته، الصمت إزاء هذا التصرف خيانة كبرى، ولا يجوز السكوت على هذه الممارسات إطلاقاً.
اليوم ترهن الحكومة أصول شركة النفط وفي الغد لا أستبعد أن تقدم على خطوات مماثلة، ولا أستبعد أن تقدم على رهن الشعب والمتاجرة بقضاياه وقوته الضروري من أجل مصلحة أحزاب أو أفراد أو جماعات.. شخصياً - لا أستبعد ذلك ما دامت المزاجية والارتجالية هي من تُسيّر عمل الحكومة ومادامت هذه الحكومة تسير وفق هذه السياسة المالية العشوائية.. وهنا كنت أتمنى تفاعل أعضاء مؤتمر الحوار مع هذه القضية وتحظى بحيّز من اهتمامهم ونقاشاتهم نظراً لخطورتها وحساسيتها، وكنت آمل أن تشرع هيئة مكافحة الفساد في التحقيق بشأنها والوقوف على ملابساتها وتطلع الرأي العام على النتائج التي خلصت اليها، فلا يُعقل الصمت على ممارسة حكومة الرهونات لأنها ستجر البلاد نحو الهاوية ولن تقوم أي قائمة للاقتصاد الوطني لأن حراميها سيكون حاميها.

تمت طباعة الخبر في: الأحد, 24-نوفمبر-2024 الساعة: 06:58 ص
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almethaq.net/news/news-35521.htm