كامل الخوداني - منذ توقيع المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية والدخول إلى مرحلة التسوية السياسية بإجراء الانتخابات الرئاسية التوافقية وأحزاب المشترك المنضوية في حزب الاصلاح تضع نصب عينيها رئاسة المؤتمر الشعبي العام واقصاء الزعيم على عبدالله صالح من على مقعده ممارسين كافة الاساليب والوسائل ومستخدمين لهذا الغرض القذر كافة أوراق الضغط الداخلية والخارجية لإجباره على التخلي عن رئاسة المؤتمر.. لم يكتفوا بالحصول على كرسي رئاسة الحكومة ونصف اعضائها وتخلي الزعيم عن حقه الدستوري من أجل حقن الدماء، وأمن البلد واستقراره بل كذلك كرسي رئاسة المؤتمر الشعبي العام.
الحقد والاستهداف الشخصي
وضع دعاة التغيير في حسبانهم طوال الفترة الماضية وخلال العام 2011م تحديدا من ان الزعيم على عبدالله صالح يستمد قوته من كرسي السلطة وموارد الدولة المالية والسيطرة على الجيش وما ان يتم تجريده من هذا سوف يسقط تماما ويتلاشى ويختفي من على الساحة اليمنية وهو مالم يحدث توهموا.. فقد سلم السلطة لهم بكافة مواردها وبعد اقصاء افراد عائلة صالح من الجيش وغيرها وإعادة توزيعه وتشكيله بحجة الهيكلة لتكون المفاجأة ان صالح لم يسقط ويختفي كما خططوا بل ازدادت شعبيته وحضوره وزادت مكانته لدى المجتمع اليمني وتضاعفت شعبيته اكثر بكثير عما كان قبل ومن هنا كان عليهم البحث عن هذه الاسباب التي زادت من حضور الزعيم فلم يجدوا إلاّ رئاسته للمؤتمر الشعبي العام الذي ورغم كل الاحداث التي واجهها مازال يتصدر قائمة الاحزاب الاكثر انتشارا وشعبية في البلاد ومنه يستمد الزعيم على عبدالله صالح قوته وحضوره ولذا بدأوا يحيكون المؤامرة لإزاحته من رئاسة المؤتمر والتي بدأت بمطالبات ومناشدات للمجتمع الدولي بمنعه من ممارسة العمل السياسي والحزبي وانتهت بمحاولة تمرير مايسمى بقانون العزل السياسي عن طريق مؤتمر الحوار والمتمثل بقانون فاشٍ يمنع كل من شملتهم الحصانة من ممارسة اي نشاط سياسي او حزبي واخيرا شروط المرشح لرئاسة الجمهوريه ورئاسة الوزراء ورؤساء الاحزاب والامناء العموم وكافة مناصب الدولة العليا.
عزل الحاصلين على جنسية اخرى
أما الشرط الرابع فقد نص على حرمان تولي منصب الرئيس وبقية مناصب الدولة كل من يحمل جنسية اخرى الى جانب الجنسية اليمنية بالقول: «ألا يكون حاملاً لجنسية دولة أخرى غير جنسيته اليمنية».
وهذا الشرط كذلك عمل على حرمان فئة من اليمنيين الحاصلين على جنسيات اخرى من الوصول الي اي منصب من المناصب سواءٌ الحكوميه او الحزبية في عزل سياسي غير مبرر.
ونظراً لخطورة هذه المغامرة فسوف نتطرق وبشكل سريع على النتائج الكارثية التي يسببها اقصاء طرف سياسي وابعاد اخر عن المشاركة بالحياة السياسية وبناء الدوله سواء اكان عن طريق الاجتثاث او الحل او عن طريق سن قوانين العزل ومن هذه التجارب الدرماتيكية ما يحدث في العراق التي تعاني الان من تبعات اجتثاث الحرس الجمهوري وحزب البعث وعزل قياداته لتتحول العراق وعلى مدى سنوات الى بؤرة صراع دائم ومستعر ولا يكاد يغرب عليها شمس نهار الا بعشرات القتلى ومئات الجرحى وهذا نتاج عمليات الالغاء والاقصاء والعزل الذي ارتكبته الأحزاب الحاكمة لفترة مابعد صدام وهو تناوله الكاتب الفرنسي الن جونس في كتابه امريكا المرتزقه والذي تحدث بالتفصيل عن حرب امريكا ضد العراق وحكم العراق مابعد صدام ونتائج اجتثاث الحرس الجمهوري وحزب البعث العراقي حيث قال (وما زاد في الطين بلة حل الجيش واقصاء قيادات البعث وبذلك الاسلوب الخاطئ ترك اكثر من نصف مليون منتسب , ناهيك عن افراد عوائلهم مما يرفع العدد الى الملايين دون عمل وبهذا الاقصاء والاستبعاد للاخر تحول الصراع من صراع سياسي الى صراع مسلح.
أما في تونس فقد تبنت جماعة الاخوان المسلمين ماسمي بقانون العزل السياسي او قانون تحصين الثوره الا ان هذا القانون قوبل بالرفض المطلق حيث نص القانون على استبعاد كل من عمل في نظام بن علي من المشاركة بالحياة السياسية مما دفع الاحزاب والتنظيمات السياسية الى الخروج بمظاهرات تندد بهذا القانون الذي يسلب الكثير من المواطنين حقوقهم الديمقراطية وهو ماوصفه رئيس الحكومة المؤقت بالقول انه وفى حال تمريره بالمجلس الوطنى التأسيسي، فسيكون وصمة عار فى جبين التونسيين وسيكون بمثابة شرخ فى تاريخ تونس وفى صورتها بالخارج" وقد اطلق عليه التونسيون قانون الاقصاء والتهميش لينتهي المطاف بتشكيل مؤتمر للحوار بين كافة الاطراف بعد استبعاد هذا القانون خصوصاً بعد انتقاد منظمة هيومن رايتش لهذا القانون معتبرة اياه انتهاكاً لحقوق المواطنة ...
الصياغة مصرية والتنفيذ يمني
اما في مصر فقد حاول الاخوان المسلمون تمرير هذا القانون عن طريق الحاق مادة جديدة تضاف الى قانون الغدر رقم 344 لسنة 1952 المعدل بالقانون 173 لسنة 1953م بمادة جديدة بمسمى تنظيم شئون الحياة السياسيه نص على (يحرم من ممارسة حقوقه السياسية خلال السنوات العشر المقبلة "كل من عمل خلال العشر سنوات السابقة على 11 شباط/فبراير 2011 رئيسا للجمهورية او نائبا له او رئيسا للوزراء او رئيسا للحزب الوطني الديموقراطي المنحل او امينا عاما له او كان عضوا بمكتبه السياسي او امانته العامة".)
وكان هذا القانون يستهدف منع احمد شفيق من خوض الانتخابات الرئاسية.. إلا ان القضاء انتصر له بأصدار حكم ببطلان هذه المادة مستندا الى القول إنه لايحق لأي شخص حرمان شخص آخر من ممارسة حقوقه الديمقراطيه مما اتاح لأحمد شفيق الترشح لرئاسة الجمهوريه امام مرشح الاخوان محمد مرسي ولهذا فقد قام الاخوان المسلمون باليمن (حزب الاصلاح ) بأخذ هذا القانون كما انزل لتضاف اليه شروط اخرى لاغير على امل تطبيقه وتنفيذه باليمن بعد فشل تطبيقه وتنفيذه بمصر.. اللهم استبعاد كلمة العشر سنوات والحاقها بمنتسبي القوات المسلحه والامن.
من الحوار الى الحرب
اثبتت الايام والسنوات بل والتاريخ ان اليمن تختلف كثيراً عن بلدان اخرى بحيث نجد ان هناك قانوناً قد يسهل تطبيقه في احد البلدان لكن لايمكن تنفيذه في بلد اخر وهذا هو واقع الحال مع قانون العزل السياسي الذي يتغني به البعض محاولين تمريره تحت اي مسمى فمثل هذا القانون لن يقود اليمن الا الى حرب كارثية كونه يستهدف شريحة كبيرة مهمة وفاعلة بالحياة السياسية بل ان اليمن تسير بعملية حوار متكافئة خلال المرحلة التوافقية الحالية التي حددت معالمها المبادرة الخليجية التي تم التوقيع عليها من قبل كافة الاطراف اليمنية.. واضحة اهدافها وبنودها وآليتها التنفيذية واي محاولات للخروج عن آليتها ليست إلا محاولة جر البلاد الى مربع الصراع والعنف وهو ماحذر منه الأمين العام المساعد للمؤتمر الشعبي العام الدكتور أحمد عبيد بن دغر، بالقول أنا أقول للذين يطرحون قضية العزل السياسي إن الكل بلا استثناء وخلال 33 عاماً عمل مع علي عبدالله صالح، ولذا فهذه القاعدة في العزل لا تنطبق على اليمن، وربما لم ينطبق على بلدان أخرى كما في العراق وليبيا وغيرها، والأخوة في القوى السياسية الأخرى تعرف ما هي النتائج التي حدثت في هذه البلدان، نحن لا نريد أن نكرر تجارب الآخرين الخاطئة، منوهاً إلى أن ما يدور من حديث حول الزعيم علي عبدالله صالح مسألة خاصة بالمؤتمر الشعبي العام، وهي مسألة داخلية، تنظيمية، حزبية.
الختام
ليس من حق أي شخص أو حزب سلب الآخرين من ممارسة حقوقهم الديمقراطية والسياسية كما لايحق لأي طرف من الاطراف التدخل بشئون الاحزاب الداخلية وفرض شروط تحدد من يحق له قيادة الحزب ومن لايحق له خارج اطار اللوائح والانظمة المحددة بأدبيات الحزب هذا الحزب أو ذاك، كما لايحق لأحد حرمان شريحة كبيرة تنتمي للمؤسسة العسكرية والامنية من ممارسة حقوقها الديمقراطية بالترشيح والترشح واختيار ممثليهم كمواطنيين يمنيين نثق ان الشرفاء من أبناء الوطن لن يسمحوا بتمرير مثل هذه الألغام القاتلة التي ستعود باليمن الى مربع الصراع والعنف، كما أن طرحها في هذه الأيام محاولة لعرقلة مؤتمر الحوار الوطني وبقاء البلاد بحالة فراغ ليسهل لها استكمال سيطرتها على كافة مفاصل الدولة..
المؤامرة على المؤتمر الشعبي العام
لم يحدث في اي بلد بوضع شروط تولي منصب رئاسة الجمهورية الى جانب رئاسة الاحزاب وامانتها العامة في نصوص دستورية إلا في بلادنا في سابقة فريدة من نوعها متجاوزة بل منتهكة للوائح الاحزاب والتنظيمات السياسية بالعالم.. هذا التعدي على انظمة الاحزاب ولوائحها الداخليه جاء نتيجة لسعى بعض الاطراف لإقصاء الزعيم على عبدالله صالح من رئاسة المؤتمر وكذلك منع وصول من لايرغبون وصولهم الى مراكز قيادته حيث نص الشرط السادس من شروط تولي الوزراء، رؤساء المجالس التشريعية ،
رؤساء الأحزاب والتنظيمات السياسية وأمناء العموم،
كل المناصب القيادية والسياسية في الدولةأن لا يكون قد تولى منصب رئاسة الجمهورية او رئاسة الاحزاب او رئاسة البرلمان والشورى، او رئاسة الوزراء، لفترتين رئاسيتين.
وبهذا الشرط نجد انه لم يستهدف فقط على عبدالله صالح بل اكثرية قيادات المؤتمر الشعبي العام ..
رئيس وزراء
رئيس برلمان
رئيس مجلس شورى
وليس فقط رئاسة الحزب بل وامانته العامه وكذلك الأحزاب والتنظيمات السياسية الاخرى في انتهاك صارخ لحقوقهم ومواطنتهم واستهداف واضح لعزلهم سياسيا وبصورة نهائية حتى ان هذه الشروط لم تحدد بفترة زمنية معينة كما حدث في مصر عند اصدار قانون تنظيم شئون الحياة السياسية والذي استهدف كل اركان نظام مبارك وكل منتسبي الحزب الوطني حيث نص القانون حرمانهم ابتداءٌ من رئيس الجمهورية وانتهاءُ باعضاء الحزب الوطني من ممارسة اي نشاط سياسي او الترشح لأي منصب حكومي طوال عشر سنوات ابتداءٌ من 2011م.
الا ان هذا القانون رفض من قبل المحكمة العليا التي اصدرت حكماً بعدم مشروعيته بعد تقديم الطعن عليه من قبل مرشح الرئاسة السابق احمد شفيق وهو مامكنه بعدها من خوض الانتخابات الرئاسيه.
استعداء القوات المسلحه والامن
لم يستهدف مشروع القانون الذي زج الى فريق الحكم الرشيد ورفض من قبل المكونات قيادات المؤتمر الشعبي العام وتعطيل ولوائح الاحزاب بل تعداها الى استهداف القوات المسلحة والامن في محاولة لعزلهم تماما عن الحياة الديمقراطية ومصادرة حقوقهم كمواطنين قيادات وافراد اولا بمنعهم من حق الترشيح كمواطنين وحرمانهم من هذا الحق وثانيا منع ترشحهم الى اي منصب قيادي بالدوله سواءً أكان منصباً عسكرياً كوزارتي الدفاع والداخلية أو هيئات الاركان وصولا الى المناصب المدنية والحزبية حيث نص الشرط الحادي عشر على ..
- أن لا يكون منتسباً للمؤسسة العسكرية أو الأمنية، ما لم يكن قد ترك عمله في المؤسستين قبل فترة لا تقل عن 10 أعوام.
هكذا يكون قد تم حرمانهم بشكل نهائي او لنقل عزلهم تماما عن اي مشاركة بالحياة السياسية ان كانوا منتسبين لهذه المؤسسة وان لم يكن فبعد تركهم لعملهم مده لاتقل عن العشر السنوات وكأنها بحسب تعليق احد السياسيين فترة تطهير على اعتبار أن الانتماء الى هذه المؤسسة وصمة عار لاشرف يعتز به كافة اليمنيين وهكذا نجد ان هذا الشرط لم يستهدف فقط احمد على عبدالله صالح فحسب بل يستهدف كل أبناء المؤسسة العسكرية والامنية من قبل أطراف حزبية لم تكتف بما قامت به من تمزيق وتشتيت لهذه المؤسسة المهمة تحت مسمى الهيكلة..
|