استطلاع / عبدالكريم محمد - < في غضون بضعة أشهر استطاع المصريون بعد ثورة 30 يونيو أن يخرجوا بمشروع دستور وبدأت الاجراءات للاستفتاء عليه.
وفي بلادنا وبعد عامين من المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية المزمنة لايزال اليمنيون بعيدين جداً ولم تشكل حتى الآن لجنة لصياغة الدستور.
عن أسباب النجاح والتعثر التقت «الميثاق» بعدد من قادة الفكر والمختصين في البلاد وخرجنا بالحصيلة التالية..
قال الأستاذ محمد بن ناصر العولقي- عضو الأمانة العامة لإتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين -عضو مؤتمر الحوارالوطني : أعتقد أنه ليس من الإنصاف المقارنة بين الحالة المصرية من خلال «خارطة الطريق»، والحالة اليمنية، من خلال «المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية المزمنة»، مع الأسف الشديد، لأن هناك الكثير من مراكز الفساد والنفوذ في بلادنا المصفوعة بالجهل والتآمر، بدليل أن المبادرة الخليجية مرّ عليها عامان ولم يتحقق الكثير على المستويات الأمنية والسياسية والاقتصادية والاستقرار، عكس مصر التي تشهد استقراراً جيداً على كافة المستويات وفي ظرف 6 أشهر فقط..
وقال: في مصر جيش وطني ومؤسسات دولة لا تدار بطريقة الفيد والتقاسم، والمحاصصة المبتذلة، وفي مصر منظمات مجتمع مدني واعية وشرائح من طليعة المثقفين، وفي مصر- أيضاً- إرادة وطنية عارمة للنجاح ولم يعد عندهم من يستلم رواتب من الخارج، أو مراكز قوى تسيطر على المنظمات المدنية، أما عندنا فسداح مداح.. وكل شيء يمشي على عواهنه، أو وفقاً لرغبة ومصالح أطراف معينة، فيما الشعب لا أحد يلتفت لمعاناته وحقه في الحياة الآمنة ولقمة العيش الكريمة، بعيداً عن مذلة التسوّل والسؤال.
ومن هذا المنطلق نقول: إن خارطة الطريق في مصر يقف وراءها جيش وطني وشعب ونخب سياسية.. الجميع، أو قل الغالبية منهم يضعون مصلحة الوطن فوق كل المصالح وإلا ما كان سيحصل في مصر ما حصل لولا وجود جيش ومجتمع ولاؤهما للوطن..
قال الشاعر والمثقف الأستاذ « أحمد صالح الخوربي - عضو اتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين رئيس المكتب الفني بوزارة الثقافة السابق.. المقارنة صعبة فالحالة اليمنية - للأسف - متفردة حتى في المواجع.. حيث نجد أن أحداث 11 فبراير بدأت بمطالب طلابية، ثم تطورت إلى استحقاقات استثمرتها الأحزاب والقوى الانتهازية فركبت الموجة مع القوى الوطنية.. والأدهى من ذلك أنها قامت بتوظيف ( فن الإزاحة ) فاستبعدت قوى التغيير الطامحة للمواطنة المتساوية والدولة المدنية الحديثة وحلت محلهم قواعدهم ومليشياتهم الحزبية.. فأفرغت بذلك مفهوم الثورة من محتواه وأضحت اشبه بانقلاب قوى ضد قوى، مسكونة بهواجس القبيلة ونوازع المصالح المادية، وبالتالي صار الوضع المأزوم والقابل للانفجار في اي لحظة بحاجة إلى تدخل أطراف اقليمية وخارجية لوضع سيناريوهات متعددة للخروج باليمن إلى بر الأمان...وتلك المخارج التي أفضت إلى المبادرة الخليجية وآلياتها التنفيذية في نوفمبر2011م، وما أعقبها من مؤتمر الحوار الوطني من المستحيل أن تغيب مصالح تلك الدول وتعنى فقط بالمصلحة الوطنية لليمن، فلابد من «حق المصلح» وما مصلي الا طالب مغفرة.
على عكس خارطة الطريق في مصر. فعندما انحرفت ثورة 25 يناير عن المسار ثارت إرادة الجماهير وصوبت تلك الانحرافات بثورة 30يونيو وما أعقبها من إجراءات انتهت بعزل الرئيس محمد مرسي وتكليف المستشار عدلي منصور بتسيير شئون الدولة وكمرحلة انتقالية تفضي إلى رسم خارطة طريق للمستقبل. وتلك الخطوة الاحترازية، والتي مثلت صمام أمان للدولة المصرية، لم تكن لتحدث لولا وجود جيش وطني بامتياز ولاؤه أولاً وآخر للوطن والشعب. على عكس الحالة اليمنية التي للأسف أن المؤسسة العسكرية برمتها متعددة الولاءات والانتماءات لقوى قبلية ومراكز قوى، وأستثني من ذلك الحرس الجمهوري.. الذي كان - بحق - نواة لجيش وطني.
واضاف :إذاً لا وجه للمقارنة ولا المماثلة بين المبادرة الخليجية في اليمن التي جاءت كمخرجٍ لصراعات قوى تقليدية، طوت بآليات وأدوات صراعاتها ورعبها المتوازن في حلبة صراع مصالح قوى التغيير الحقيقية ،وبالتالي فلن تفرز لا هي ولا المبادرة ولا الحوار الا ما ينسجم مع مصالح تلك القوى التقليدية، والدول الراعية.. ومصلحة الوطن والمواطن في المرتبة اللاحقة لسلسلة التقاسم.. على عكس خارطة الطريق في مصر التي وضعت مصلحة الوطن والمواطن نصب عينيها وما سوى ذلك فمرفوض.. وعندما رفض الإخوان المسلمون ذلك الطرح الوطني تجاوزتهم القوى المجتمعية.. وقررت وضع خارطة طريق وطنية الهوية والملامح بمشاركتهم أو بامتناعهم عن المشاركة.. فلا وجه للمقارنة ولا شيء يشبهنا الا الألم والحسرة والأسى.. مع خالص اعتذاري للفنان الكبير أبي بكر سالم بلفقيه «من يشبهك من»؟!
الفرق كبير
< وتحدث المحامي محمد علي علاو- رئيس المنظمة اليمنية للهجرة والمعونة- قائلاً: خارطة الطريق المصرية في ظرف 6 أشهر تقدم صورة واضحة لملامح ومستقبل مصر في الأمن والاستقرار والإرادة والكرامة والسيادة.
فيما المبادرة الخليجية، ها هو العام الثاني من عمرها ينقضي، والوضع يبدو كما هو ولا جديد، كما يقال تحت الشمس.
وأضاف: هناك فرق كبير بين الحالتين المصرية واليمنية.. أولاً: من حيث الشرعية إذ ان شرعية المبادرة الخليجية اصبحت شرعية محلية وإقليمية ودولية واصبحت في حكم المعاهدات الدولية الملزمة للعالم كله، بخلاف خارطة الطريق في مصر التي هي سياسية داخلية مصرية، لا يحق لدولة أخرى التدخل فيها أو الإلتفاف عليها.
أما الفرق الثاني: فيتمثّل في ان المبادرة الخليجية وآليتها مزمنة، وأي خروج عليها يعتبر اعتداء على العالم كله.. بعكس خارطة مصر.. الخ، اضف إلى ذلك أن مصر لديها مؤسسة عسكرية موحدة وقوية وتأتمر للشعب وليست مؤدلجة.. وموضوع آخر هو أن المجتمع المدني هناك واعٍ.. بما يدور فيه وبأولوياته ومتطلبات مستقبله.
قال الدكتور صادق حزام المهدي : المقارنة بين ما أنجزته المبادرة الخليجية وآليتها من نجاحات، وخارطة الطريق المصرية وما انجزته من نجاحات، أيضاً، مقارنة صعبة، ولعل أول نقطة هي أن خارطة الطريق المصرية مسنودة بجيش وطني ومجتمع مدني وقوى سياسية تحترم نفسها وتحترم إرادة الشعب، فيما المبادرة الخليجية في بلادنا مسنودة بأطراف قبلية وأيديولوجية وميليشيات مسلحة..
وفي كل الأحوال أعتقد أنه ليس من الحكمة الركون على الآخر ومخططاته حتى لطريق حياة الشعب والوطن.. فالركون من هذا القبيل قد يكون كارثة بحد ذاته..!!
وربما يستمر الوقت بالضياع الى أن ندرك اهمية التفكير الذاتى والتوافق الذاتى والتعاون الحقيقى المشترك بين أبناء الوطن الواحد، بعيداً عن سطوة القبيلة هذه، أو النخب هذه، او غيرها، وبعيداً عن تطويع القوانين وإرادة الشعب لمصلحة أطراف وايديولوجيات معينة..!!
واضاف: اذا كانت خطط التنمية الشاملة والمسبقة قد فشلت، وما زالت تغرق أكثر في الفشل وفى كل المناحى والمجالات، فلا فائدة إن لم نتّحد ونصنع طريقنا ونشقّه بأنفسنا.. شئنا أم أبينا.. ومن الصعب- أيضاً- أن يعتقد هذا المجتمع، أو ذاك بأن هناك من يسهر على حل مشاكله..!! فلا يحصل هذا إلا عند النائمين فى العسل..!!
|