د.علي العثربي -
< لم يكن إصرار المؤتمر الشعبي العام على إجراء الاستحقاقات الديمقراطية في مواعيدها المحددة الا استجابة لإرادة الشعب صاحب المصلحة الحقيقية باعتباره مصدر السلطة والمعني بممارستها على أرض الواقع في اختيار من يمثله في جلب المصالح ودرء المفاسد، بل إن المؤتمر الشعبي العام من خلال إصراره على ممارسة الشعب لاختيار ممثليه في السلطة المحلية والنيابية أو التشريعية والرئاسية إنما يقدم البراهين العملية على إيمانه المطلق بالديمقراطية الشوروية وجديته في إرساء تلك التقاليد الحضارية والانسانية، لأنه يدرك تمام الإدراك من خلال التجربة السياسية الطويلة التي اكتسبها في الحياة السياسية العملية، وما يمتلكه من الخبرات والكفاءات المؤهلة، وما لديه من الأبعاد الاستراتيجية لكيفية بناء الدولة اليمنية الحديثة أن بناء الدولة يحتاج الى الشرعية القائمة على الرضا والقبول الشعبي الواسع الذي يعزز الأمن والاستقرار، وهذا لا يتم الا من خلال الانتخابات التي تعطي المواطن حقه في اختيار الحكام.
إن إصرار المؤتمر الشعبي العام على إجراء الدورات الانتخابية لمختلف مكونات الدولة اليمنية هو سر بقائه وتعاظم ثقة الجماهير به، لأنه يؤمن من خلال مبادئ الميثاق الوطني دليله النظري والفكري بأن تحقيق الأمن والاستقرار والانطلاق صوب التنمية الشاملة المستديمة لا يتم الا من خلال المشاركة السياسية الفاعلة التي تمكن كل المكونات البشرية للدولة من الاسهام الفاعل في رسم معالم وملامح المستقبل.
إن المنصف والموضوعي والعلمي الذي يتابع تطورات الحياة السياسية في المؤتمر الشعبي العام منذ اللحظات الأولى لنشوئه سيجد أن المؤتمر الشعبي العام كان ومازال وسيظل حريصاً على إجراء الدورات الانتخابية ليس على مستوى عموم الشعب وبكل مكوناته السياسية فحسب ولكن على مستوى تكويناته القيادية والقاعدية ابتداءً من أدنى الهرم التنظيمي وانتهاءً بأعلاه، ولعل عقد المؤتمرات العامة ودورات انعقاد اللجنة الدائمة واحدة من البراهين العملية على ذلك الإيمان الراسخ بالديمقراطية الشوروية المتجذرة في نهج المؤتمر الشعبي العام.
ولذلك فليس غريباً أن نجد المؤتمر الشعبي العام خلال هذه الفترة أكثر إصراراً على إجراء الاستحقاقات الانتخابية في مواعيدها المحددة ويرفض التمديد للأزمة السياسية ويقف أمام رغبات القوى السياسية التي لا تحترم حق الشعب في اختيار ممثليه، لأن تلك القوى التي تريد التمديد للأزمة السياسية الكارثية ترغب في استبدال الكيان غير الشرعي بالكيانات الشرعية الممنوحة الثقة من قبل الشعب وهي مؤسسات الدولة التشريعية والتنفيذية والقضائية والمحلية، ويرى المؤتمر الشعبي العام أن مؤتمر الحوار إنما يمثل الاحزاب والتنظيمات السياسية والقوى الاجتماعية ولا يمثل إرادة الشعب الكلية، لأنه لم يأتِ عبر انتخابات شعبية، ومن أجل ذلك فإن المؤتمر يجدد إصراره على الشرعية الشعبية ويصر وبقوة على ضرورة إعطاء الشعب حقه في امتلاك السلطة وممارستها من خلال الانتخابات.
إن القوى السياسية التي تمارس الكذب والزيف وتحاول الاحتيال على الإرادة الشعبية لا تؤمن بالديمقراطية ولا تحترم تقاليدها، لأنها لا تؤمن الا بالانقلاب وبالغاية التي تبرر الوسيلة، وهنا ينبغي الحذر من عدم احترام الشعب وتمكينه من حقه وضرورة الانطلاق صوب الانتخابات، لأنها الوسيلة الوحيدة للتداول السلمي للسلطة بإذن الله.