الإثنين, 23-ديسمبر-2013
الميثاق نت -   < محمدعلي عناش -

كثيراً ما تعجز الكلمات أن تعبر عن ما حدث ومازال يحدث لهذه الأمة من انهيار ودمار تحت غطاء ثورة الحرية أو ما يسمى بالربيع العربي، وأن تصف متوالية من الأزمات والقضايا المتشابكة التي أفرزتها ثلاث سنوات من الفوضى والحروب الثورية المدمرة، والتي سيبدأ الإخوان المسلمون ومعهم بعض القوى الموتورة الاحتفال بها وإحياء ذكراها الثالثة من مطلع ينايرحتى مارس على التوالى بدءاً من تونس فمصرمرورا بكل الدول التي شهدت الأحداث.. سيحتفل الإخوان في ساحاتهم وقنواتهم،
وعدادالفوضى الثورية يتحرك في تصاعد مستمر، والمواطن العربي هومن يسددكل يوم فواتيره الباهظة، فقدان ودماءوتشرد وخراب وخوف، سيحتفلون بأسمه عن ربيع الحرية والديمقراطية، بينماهو يقف مدهوشاومستغربا على ماذايحتفلون؟ وعاجزاعن فعل أي شيء أوتفسيرمايحدث، كونه محاطاً بسياج من المتناقضات والغرائبيات، إلاأنه يتساءل في صمت وحسرة ما الذي جرى؟ بالفعل ماالذي جرى بالضبط؟سؤال بسيط والإجابة عليه في متناول الجميع، الذين باتوا يشيرون بأصابع الإتهام بإتجاه جماعة الإخوان المسلمين، إلاأنه في حقيقته سؤال معقد والإجابة عليه ليست بهذه السهولة حتى نختصرها في مانلمسه كل يوم من جنوح الإخوان كجماعة باتت مقلقة وفوضوية.. ماحدث ومازال يحدث ليس شيئاهينا، إنه أشبه بالزلزال، فلايكفي أن نقول أن السبب الإخوان دون أن نعي وعياً دقيقاً، من هم الإخوان ككيان تنظيمي وفكري وإقتصادي؟ماهي أهدافهم؟كيف يفكرون وينشطون ويؤثرون؟ وكيف يتخفون في أكثر من ثوب؟من هم بالضبط؟
.هل هم محمد بديع ومحمدمرسي وراشد الغنوشي وخالد مشعل والكثيرمن القيادات الإخوانية التي تتكلم عن الديمقراطية والدولة المدنية، ويقدمون الجماعة كجماعة دينية وديمقراطية معتدلة تحترم حقوق وحريات الأخرين وتؤمن بالتعايش المشترك؟
أم أنهم أيمن الظواهري والزنداني وأبوقتادة وأبومصعب وجبهة النصرة وأنصار الشريعة؟أم أنهم كل هذا الخليط وكل هذه الأثواب المفصلة بدقة، التي يظهرون فيها بإستمرار وفقالماتمليه الظروف والمتغيرات؟الحقيقة أنهم كل هؤلاءلايكادون يختلفون في شيء إلافيما ندرمن باب ذرالرماد على العيون، أحداث مايسمى بالربيع العربي كشفت هذه المسألة بوضوح، فقيادات الإرهاب في سيناء مثلاً هم قادات الحملة الإنتخابية لمرسي..سنجدفئة من هؤلاء يتحالفون مع اليساريين والليبراليين، وينادون بالديمقراطية والدولة المدنية، وفي المقابل نجدفئة منهم يكفرون حلفاءهم ويحرمون الديمقراطية ويرفضون الدولة المدنية بإعتبارهاضدالشريعة الإسلامية والدولة المدنية، غيرأن الجميع يؤمنون بدولة الخلافة الإسلامية كهدف مركزي لهم جميعا.
نتائج الأحداث الثورية المدمرة، كشفت أنه لم يكن هدف جماعة الإخوان هوبناءالمجتمع الديمقراطي الحديث وبناء دولة المجتمع متعددالإتجاهات والكيانات السياسية والدينية التي يحكمهم دستورضامن وكافل لحقوق وحريات الجميع بلاتمييز، وإنماالوصول إلى السلطة وبناءدولة الإخوان، ولذاركزت في كل الدول العربية التي شهدت الأحداث، على مسألة إسقاط الحاكم، وأختصرت الثورات في هذه القضية، ولكي تحقق هذا الهدف كان لابدلها أن تتخندق مع القوى اليسارية والليبرالية، وأن ترفع نفس الشعارات التي ترفعهاوالمتعلقة بالديمقراطية والدولة المدنية، هذه الشعارات التي لم يتم تأصيلها والإلتقاءحولهاكمنظومة كاملة الأسس السياسية والإقتصادية والتشريعية والمؤسسية، حيث نجح الإخوان في تكثيف واختصارالحدث الثوري الفجائي في إسقاط الحاكم، حتى شعار إسقاط النظام، لم يكن في حقيقته إلاإسقاط الحاكم الذي تحول إلى هدف رئيسي تم إختزال الثورة، وسعى الجميع إلى تحقيقه بمختلف الوسائل والأدوات سواءتحت ضغط الشارع أوالمواجهة المسلحة كمارأينافي ليبيا وسورياواليمن.
لم تفكر هذه القوى المتناقضة حول لحظة مابعدسقوط الحاكم، كانت من المسائل المؤجلة التي نعيش اليوم بؤس وفوضى نتائجها، خاصة وأن الإخوان ليس لهم تجربة سابقة في الحكم كماأن مشروعهم السياسي والأقتصادي غيرواضح بل ويتناقض مع ماتم رفعه من شعارات متعلقة بشكل الدولة ونظام الحكم والمسائل الإقتصادية والتنموية والعلاقات الدبلوماسية..يقول الكاتب والمحلل السياسي الكبير "محمدحسنين هيكل" " إن الإخوان ظلوايفكرون طوال أكثرمن ثمانين سنة حول كيف يصلون إلى السلطة، لكنهم لم يفكروا لحظة واحدة كيف يحكمون"
تجربة الإخوان في حكم مصرالقصيرة في مدتها الفاشلة في تقييمها، عكست بجلاءمن هم الإخوان على صعيد الإدارة والعلاقات والدبلوماسية، كشفت بؤس فلسفتهم ومشروعهم، وأنهم ليسوا إلاجماعة براغماتية التوجه الديني والسياسي، أرادت أن تحكم دولة عمرهاأكثرمن أربعة الاف سنة من داخل وعي تنظيم الجماعة!وأن تختزل شعباً كاملاً بمختلف تعدداته السياسية والدينية في هذه الجماعة، وسعت إلى تدمير ثوابت وأركان هذه الدولة الممتدة لألاف السنين في عمق التاريخ، كي تبني دولتها وترسخ ثوابتها المتصادمة مع ثوابت الشعب المصري.
من هنا أندفع الشعب المصري صغيره وكبيره ليصنع ثورته ويسقط هذه الفاشية الدينية الإخوانية، مستشعرا خطورة سقوط الدولة وإنهيارالثوابت الوطنية والشعبية.. ثورة 30يونيوجسدت أعلى منسوب لحالة الرفض الشعبي لحكم الإخوان في مصرفي لحظة من لحظات الشعور بالخطر وعدم التقبل أن يحكم بهذا الشكل، ويقف خلف هذه الحالة الشعبية، حالة إجماع نخبوي من القيادات السياسية والثقافية ورجال المال والأعمال مع خيارالثورة في اللحظة التي رأوا فيها مؤشرات إنهيارالدولة وأن الهوية المصرية التي تتجسدفيهاروح البساطة والميول المدنية وحالة التعايش الإجتماعي والديني، صارت تختطف وتقتلع من وجدان ومزاج المصريين، فتوحدوا حول فكرة جوهرية هي "استرداد مصر" وبنوا عليها خطابهم السياسي الجديد المتجه نحو المستقبل، خاليا من المواقف والمصطلحات التصادمية مثل فلول ومخلوع وبلاطجة، أوالتضليل المستمرعلى حساب الحقيقة وحساب أمن واستقرارالوطن ووحدته. نخبنااليمنية تعيش حالة غيبوبة قيمية ووطنية، شربت انتهازية وأرتوت برغماتية وأتخمت تضليلاً ونفاقاً سياسياً، لذا تبدو ليس لهاعلاقة بالمستقبل والأمن والاستقرار، ولكن لهاعلاقة بمايسمى بالهبة الشعبية الإنفصالية.
ويهمهاأن تطمس حقيقة أحداث مجمع وزارة الدفاع، ولايهمهاكوارث الحكومة، لكنها يهمها أن تظل تتهم "عفاش"!!.

تمت طباعة الخبر في: الخميس, 21-نوفمبر-2024 الساعة: 10:33 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almethaq.net/news/news-36166.htm