محمد اليافعي -
< الأزمة في اليمن -وإن يفضّل القلة مسمى الثورة- لم تكن لتحل الا بحل سلمي سياسي وواقعي وذلك ما تجسد في المبادرة الخليجية التي تم تبنيها كقرار دولي بعد توقيع أطراف الصراع عليها كاتفاق سياسي.
لقد جاء من تطبيقها رئيس منتخب وحكومة وفاق وفترة انتقالية بسقف سنتين كما انبثق منها مؤتمر الحوار الوطني، فإذا هذا المؤتمر أو الحوار ينبثق من اتفاق سياسي فمشروعية مخرجاته هو بمدى التزامها بتطبيق هذا الاتفاق جوهراً ومضموناً ونصوصاً.
اليمنيون فرحوا كثيراً بالمخرج والحل السياسي كاتفاق ومبادرة وقرار دولي ووجهوا أنظارهم صوب مؤتمر الحوار الوطني على أمل أن تحل مخرجاته ما ظل من قضايا عالقة لينتقل واقع اليمن الى حياة أفضل.
إذا مخرجات الحوار لم تكن كذلك ولا تمثل شيئاً من ذلك فماذا يمكن عمله إذا تركيا وأمين عام الأمم المتحدة سارعا في إعلان المباركة والإسناد بوثيقة بنعمر.
مخرجات الحوار كأنما أهم أهدافها أن تضع من يمارس الاعتراض على أنه لا يريد الحلول ويسعى لتعطيل التسوية.. ولنا في هذا استرجاع حملة موجهة ومركزة ظلت تطرح أن الرئيس السابق علي عبدالله صالح يرفض التوقيع على المبادرة لأنه يرفض الحل السياسي إلا أنه وقع على المبادرة، وبالتالي فالذين يحاولون فرض مخرجات خارج الاتفاق هم من ينسفون المبادرة والقرار الدولي وهم من كانوا يرفضون الاتفاق على حل سلمي للأزمة.. الذين عجزوا عن «الحسم الثوري» وفرض الرحيل الفوري لم يكونوا مع حل سياسي سلمي أو تطبيق اتفاق سياسي كالمبادرة الخليجية وقرارات مجلس الأمن.
القبول بالمبادرة والاتفاق السياسي لم يكن غير عمل تكتيكي ومن ثم ينقلب عليها من خلال تطبيقها ثم من خلال الحوار وقضاياه.
ولذلك فمعظم ما يجري في الواقع لا علاقة له باتفاق سياسي وبعض مخرجات الحوار كذلك وهذا يؤكد التفافية العمل والتعامل مع تطبيق المبادرة تفعيلاً وحواراً للوصول الى «حسم ثوري» يوفق بين رغبات وأهداف الأطراف المتطرفة -كما حال الاخوان- وضد الوحدة من طرف معروف.
ولذلك فإنه مثلما قلنا خلال تفعيل محطة 2011م بأننا لا ندافع عن بقاء حاكم أو نظام وإنما ندافع عن الواقع والأفضلية للشعب والوطن فذلك ما نؤكده كموقف تجاه هذه المخرجات وبعد تحقق الرحيل للرئيس السابق.
ولذلك فإن حصيلة عامين من المبادرة وحوالي عام من الحوار كمخرجات نجد أنها مليئة بالانحرافات والتجاوزات وتسير باتجاه فرض الأمر الواقع للأخونة والانفصال، حيث نجد أن كل ما يجري في المنطقة منذ 2011م أحداث كل ما جرى تفاوض ثنائية لتوأمة الاخونة والانفصال في تدرج يغطي عليه أنه حوار ومخرجات.
بعد تحقق الوحدة اليمنية 1990م فرض الحزب الاشتراكي محذوراً ومحظوراً وطنياً فوق أية حرية أو حقوق وهو عدم الإشارة الى الماضي الشيوعي أو حتى ذكر مفردة الشيوعية، ومن يمارس ذلك فهو غير وحدوي ويتآمر على الوحدة ويسعى لإجهاضها.
نتذكر اليوم هذا الفرض على خلفية حديث أمين عام الاشتراكي د. ياسين سعيد نعمان المطول لفضائية «السعيدة» بعد إعلان وثيقة ما يقال عنها مخرجات الحوار «لحل القضية الجنوبية» لقد تحدث عن الليل الطويل وحتمية انبلاج صباح، وذلك ما أعاد للذاكرة محذورهم بعد الوحدة.
اختزل ما يجري حرفياً «توابع لزلزال 2011م» والتي يرى أنها انتهت أو زلزالها انتهى.
شيء جميل أن يقول د. ياسين عن أحداث 2011م انتهت أو انتهاء زلزالها بحيث لم يبقَ غير توابع لهذا الزلزال.
مخرجات الحوار هي لمعالجة ما تبقى من توابع والتمهيد لفرض الاخونة والانفصال وعنوان «الدولة الاتحادية» هو لفترة انتقالية ثانية.
من صاغ هذه الوثيقة كان يعنيه قدراً أعلى من الذكاء والحصافة لتمرير لعبته ليطرح أنه تم التوافق على أن تكون ستة أقاليم كخطوة نحو تأسيس ما تسمى دولة اتحادية.
وإذا افترضنا أنه لم يعترض أي أطراف أو أي من أبناء الشعب على الوثيقة فالمستحيل كما تؤكد الفترة الانتقالية الاولى أن تصل الثانية في سنتين الى إنجاز ما يمثل الحد الأدنى لهذا الواقع، وبالتالي فالذي يراد هو الوصول للاخونة والانفصال.
اليمن هو البلد العربي الوحيد الذي طُبقت فيه الشيوعية كنظام وذلك جاء من مد الاتحاد السوفييتي.. والذين استمدوا الاستمرار للانفصال من محطة شرقية سوفييتية يريدون استعادة انفصال من محطة أمريكية.
الاخوان لم يحكموا في أي بلد عربي كما في اليمن ومنذ انتهاء حروب المناطق الوسطى فهم حكموا واقعياً كشراكة في الحكم عندما يتفق أقصى اليمين «اخوان» مع أقصى اليسار الاشتراكي بماضٍ شيوعي.. فماذا يعني ذلك؟
كلا الطرفين يعي يقيناً حتمية الإخفاق الأقاليمي الاتحادي كمسمى تكتيكي.
منطق الطرفين أنه في حالة هذا الإخفاق الحتمي فالأمور رتبت لأخونة وانفصال، فالطرفان يثقان بذلك وما تم الاعلان عنه كوثيقة هو لذر الرماد على العيون واستغفال الشعب والأطراف السياسية الأخرى.
لا نعتقد أبداً نجاح مثل هذا المشروع التمزيقي وقد يفاجئهم الشعب بما لم يتصوروه وما لا يتوقعونه!