فيصل الصوفي -
الشيخ عبد المجيد الزنداني عضو الهيئة العليا لحزب الإصلاح، ومعه رجال الدين في الهيئة الإصلاحية المسماة "هيئة علماء اليمن" والتي تضم رجال دين إخوان وسلفيين يعدون بالمئات، خرجوا قبل يومين يعلنون أنهم ضد وثيقة بن عمر الخاصة بحل القضية الجنوبية.. ومبررهم أن هذه الوثيقة تنتهك سيادة الشريعة الإسلامية، وأنها تفتت اليمن، وأنها تكرس الهيمنة الخارجية على اليمن.. وهم نطقوا بهذا الموقف باسم الإسلام.. بينما 150 رجل دين اجتمعوا في عدن تحت لافتة الملتقى الرابع لدعم مخرجات الحوار، وخرجوا ببيان يؤيدون فيه التوقيع على وثيقة بن عمر، وقالوا إنها لا تتعارض مع مبادئ الشريعة الإسلامية، وزيادة على ذلك عدوها خطوة مهمة نحو بناء اليمن الجديد!
هنا نحن أمام فريقين من رجال الدين، كلهم عبروا عن موقفهم من وثيقة بن عمر استنادا إلى الإسلام، وشريعة الإسلام.. بينما الفريق الأول قال- وباسم الإسلام- إنها تنتهك سيادة الشريعة الإسلامية، أي تخالف الإسلام.. والفريق الثاني قال- وباسم الإسلام أيضا- إنها لا تخالف الشريعة الإسلامية.. فأي الفريقين يمثل موقف الإسلام الحقيقي وشريعته؟ الفريق الذي قال هي تنتهك شريعة الإسلام، أم الفريق الذي قال إنها لا تخالف شريعة الإسلام؟
لدينا موقفان متناقضان، وفي الوقت نفسه كلاهما يستند إلى الإسلام، وينطق باسمه.. فأصبحنا إزاء إسلامين: إسلام مع، وإسلام ضد.. وهذا يرينا كيف إن بعض رجال الدين بمقدورهم توظيف الإسلام لخدمة مواقفهم السياسية المتناقضة، ويقدمون للناس أكثر من إسلام، حسب الهوى، وحسب الطلب، وحسب الأرضية السياسية التي يقف عليها.
وعندي أن موقف رجال الدين في الحالتين ليس مهما، ولن يغير شيئا، ذلك لأن الوثيقة تتعلق بشأن سياسي، لا يعني رجال الدين بل يعني رجال السياسة، وإنما أسوق هذا الشاهد لمجرد الفهم والعبرة، وأيضا عدم الثقة ببعض برجال الدين عندما يخوضون في الشئون السياسية.
وفي أمر آخر، كان يتعين على الزنداني وأصحابه السكوت، إذ أن حزبهم- حزب الإصلاح- قد سبق الجميع إلى التوقيع على تلك الوثيقة، وموقفهم منها لم يغير من موقف الإصلاح، إلا إذا كان كلامهم في هذا الوقت يرمي إلى التعمية عن موقف حزبهم.. كما كان يتعين على الزنداني السكوت وعدم الخوض في قضية الوحدة والقضية الجنوبية، لأن موقفه منهما مخز، وصورته لدى الجنوبيين قبيحة.