سمير النمر -
< عندما تتحكم مجموعة من المسوخ البشرية في مصير شعب بكامله، تقتل طموحه وتبدد احلامه وتفتت هويته وتمسخ تاريخه وتصادر كرامته وتعبث ثرواته وتمزق وحدته وتدمر مكتسباته دون ان تهتز ضمائر هذا الشعب او تتحرك لوقف كل هذا العبث، فلا غرابة ان تفقد الاشياء معانيها والقيم الحقيقية مضامينها فتصبح الكلمات مجزأة الاحرف فاقدة للمعنى لاتأثير لها ولاصدى وتغدو الحياة مجرد عبث لامعنى لها ولاقيمة..
وفي ظل هذا المشهد القاتم المتسربل بالسواد والمطرز بالقبح والموشى بالخيانة يصبح التضليل سلعة رائجة في أسواق النخاسة السياسية وتصبح المراوغة والنفاق حكمة وتصبح الجرأة وسيلة مثلى لبلوغ الغايات السياسية وتمنح الخيانة والعمالة صك غفران وطني.
كل هذا العبث للاسف الشديد اصبح طاغياً على المشهد اليمني بكل تفاصيله ويعبر عن تراجيديا حزينة كتحولات بطل يمني اسمه يزيد بن المفرغ الحميري والذي يختزل في رمزيته وتحولاته ما يحدث للشعب اليمني في الوقت الحاضر بصورة تبعث على الرثاء والحسرة الذي لايزيد الألم والمعاناة إلا ألماً ومعاناة اكبر وحتى تغدو الضحية والجلاد في مرتبة واحدة لان الضحية يكون كالجلاد عندما لاينتصر لنفسه في الوقت الذي يملك فيه اسباب الانتصار لنفسه.. ولا ادري ما الذي اصاب اليمن واليمنيين وما الذي جعلنا نتلذذ بالعذاب الى هذه الدرجة في الوقت الذي تم استباحة كل شيء، وتحولت كل المعاني والقيم الى عكسها ونقيضها، وغدا كل من يدعو الى تمزيق اليمن وتفتيتها بطلاً قومياً ورجلاً وطنياً مخلصاً، وكل من يرتكب جريمة يحصل على مكافأة..
وحتى الجيش الممزقة اشلاؤه بعد الهيكلة والمعول عليه حماية الشعب اليمني والدفاع عنه ووحدته وامنه واستقراره ينقلب على كل المفاهيم والقيم التي انشئ من أجلها ويتعهد بالعمل على تمزيق الوطن وامنه واستقراره ووحدته من خلال برقيات التأييد والعار التي اذاعتها قنوات الدجل والتضليل من قبل قادة المناطق العسكرية ليؤكدوا تأييدهم لما يسمى بوثيقة بن عمر التي تحمل مشروع القضاء على اليمن ارضاً وانساناً وتاريخاً وهوية، فهل هناك ابشع واقبح من هذا.. اعتقد ان المرحلة التي نعيشها تشبه عصر يهوذا وتحمل داخلها كل معاني القبح والبشاعة التي تفوق عصر يهوذا.. ولا ادري هل حلت علينا دعوات اجدادنا بالمباعدة بين اسفارنا ام ان التاريخ يعيد نفسه لنكرر ونجسد تفرق ايادي سبأ من جديد، ام اننا نعيش مرحلة مخاض لولادة ومولود جديد قد يأتي قريباً ليشعل فينا جذوة الحياة والعزة والكرامة، لنحيا من جديد ونسطر بأناملنا صفحة جديدة من صفحات المجد والعزة والكرامة ونرسمها بأجمل الالوان في كتاب الزمن وانصع صفحاته ليسجل لنا التاريخ ولتتذكرنا الاجيال بأننا امة وشعب استطاع ان يطوي أسوأ صفحة من صفحات التاريخ وينقش صفحة جديدة بأحرف من نور..
اسئلة متعددة.. الأيام القادمة كفيلة بالاجابة عليها.