بقلم / جون ماريوت* - احظت خلال الأسبوعين الماضيين أن هناك على ما يبدو إصرار متجدد لإنهاء مؤتمر الحوار الوطني على الرغم من أن هناك لا يزال جدل حاد عمّا يجب أن تتضمنه المخر...جات النهائية: ما يجب الاتفاق عليه الآن وبشكل قاطع وما يمكن طرحه بالتفصيل في وقت لاحق. بينما كنت خارج اليمن لفترة أسبوعين قضيتها مع الأهل والأصدقاء، سألت نفسي عمّا أحب أن أراه عند نهاية مؤتمر الحوار الوطني.
ربما يأتي في المقام الأول الالتزام باستمرارية الحوار. جميعنا نشعر باليأس والإحباط من العنف الدائر في سوريا، مصر، ليبيا والآن جنوب السودان.
لعلّ جنوب السودان أن يكون تحذير بأن الانفصال ليس بالحل السحري للخلافات الإقليمية. وأنا أتحسر أكثر فأكثر حول الصراعات العنيفة التي تنشب في اليمن – في صعدة، حضرموت، الضالع ولحج وعدن. سواء كانت هذه متأثرة بقرب انتهاء مؤتمر الحوار الوطني أو لا فأن هذه المواجهات الدامية لن تحل مشاكل اليمن، أو مشاكل الفصائل المتورطة فيها. في نهاية المطاف سيتم حسم هذه القضايا عن طريق المفاوضات والنقاش.
أعجبت بالأفكار والتفاصيل التي تم تضمينها في تقارير مجاميع العمل والتي ستمد فريق صياغة الدستور بالتوجيه والإرشاد. لكن الشيء الثاني الذي أود رؤيته هو الالتزام بإنجاح العملية السياسية. جميعنا نود أن تكون لدينا فكرة عمّا يحمله المستقبل – خطة، خارطة طريق أو دستور. لكني تعلمت أنه في بعض الأحيان لا تكون تفاصيل العملية هي الأكثر أهمية. الأمر المهم هو التزام جميع الأطراف بإنجاح العملية في ما يضمن مصلحة الجميع. لستُ على يقين مائة بالمائة من أني رأيت هذا الالتزام لدى جميع الأطراف في مؤتمر الحوار الوطني – العديد يبدون اهتمام أكثر في تحقيق مصالحهم الخاصة أو في رؤية حججهم وقد أحرزت الغلبة أكثر من الاهتمام بضمان نجاح العملية التي ستخلق يمناً أفضل – حتى وأن كانت الخطة المنبثقة، في وجهة نظرهم، ليست بالخطة الكاملة.
وأخيرا، يجب أن يكون هناك التزام بتنفيذ الخطة، وعلى الشعب أن يؤيد ويدعم بشكل فاعل مخرجات مؤتمر الحوار الوطني. أخبرني العديد بأن الدستور الحالي لليمن ليس سيئاً للغاية – ساءت الأمور بسبب عدم تطبيق الدستور بشكل صحيح، أو أن تطبيقه تم بطريقة حيث يستفيد البعض بينما يتضرر الآخرون. لقد قالوا نفس الشيء عن اتفاقية الوحدة أو عن وثيقة العهد والضمان الموقعة في عمّان في 1994.
أستطيع أن أتفهم لماذا يريد الأطراف في مؤتمر الحوار الوطني أن يروا خطة واضحة وضمانات بأنه سيتم تنفيذها. الضمانات الخارجية لن تساعد كثيرا، إذا، في حقيقة الأمر، كان اليمنيين أنفسهم غير ملتزمين بالتنفيذ والوفاء. الضامن الحقيقي لمستقبل اليمن هو شعبه وعلى جميع الأطراف إثبات إخلاصهم وأنهم جديرين بالثقة. لستُ متأكدة بأننا قد وصلنا إلى تلك المرحلة. ساعد الحوار في الشهور الماضية على كسر الحواجز وبدأ بشفاء الجروح القديمة لكن الطريق ما زال طويلا بعد.
على اليمنيين أن يظلوا متمسكين بثقتهم بأن أصدقائهم في المجتمع الدولي سيقومون بما في وسعهم لمساعدتهم ومساعدة وطنهم على طول الطريق المتعرج نحو مستقبل أفضل. أن التعاون الغير مسبوق ضمن مجموعة الدول العشر هو شيء لا يمكن لليمنيين أن يفقدوه. كذلك الجهود اللا محدودة لمبعوث الأمين العام للأمم المتحدة جمال بن عمر، الذي يتم انتقاده مراراً لفشله في تقديم الحلول المثالية بينما يتصارع اليمنيين على الاتفاق على رؤى بناءة خاصة بهم. علينا جميعا أن نستمر في المضي قدما وعلينا جميعا القيام بذلك سوياً.
*السفيرة البريطانية في اليمن
|