الثلاثاء, 14-يناير-2014
الميثاق نت -    عبدالرحمن مراد -
دلّتْ متواليات الأحداث وتموجات اللحظات السياسية الفارقة في حياة هذا الوطن وفي مساره أن العمالة هي العنصر القاتل والمدمر، وأن الوطنية والانتماء الوطني هما النماء والعطاء والتجدد، ولذلك فقد كشفت كل الأحزاب التي لم تكن الا تعبيراً عن مشاريع وافدة من ثقافات وحضارات أخرى عن ساقيها العاريتين،..
ولم يكن اليمن في منظورها النظري وتفاعلها السياسي سوى سلطة وثروة وغاب عنها البعد الحضاري والدور التاريخي والثقافي اللذان ظلاّ طوال زمن في حالة غياب مستمرة، وأصبح من الضرورة استعادة اليمن واستعادة مجدها المؤثل ودورها الحضاري والتاريخي والثقافي عن طريق تنمية الروح اليمنية والاعتراف بقيمتها ومعناها وتفجير كل طاقاتها المكبوتة لتكون تعبيراً عن ذلك الامتداد الضارب بجذوره في عمق الزمن..
فاليمن تملك من مقومات النهوض ما لا يملكه غيرها وهي قادرة على صناعة لحظتها الحضارية الجديدة إذا تمكنا من استعادة ذاتها المستلبة، فقد بالغ ذلك الغير في التوغل وفي السلب الى درجة شعور الانسان اليمني بالاغتراب الروحي والمكاني فهو مفقود القيمة ومفقود المعنى ولا قيمة ولا معنى دون الشعور بالامتلاء الحضاري والثقافي والتاريخي، فالاشتغال على مقومات البناء والامتلاء يتطلب وعياً تكاملياً، ورؤية واضحة الابعاد والغايات والاهداف تتكامل في نسيجها العام مقومات النهوض.
لم تكن تلك المشاريع والايديولوجيات التي تحاول بعض الاطراف العمل على تكريسها الا تعزيزاً لعوامل الاغتراب الذي يعيشه الانسان في هذا الوطن، ولذلك نلاحظ أن تلك المشاريع سرعان ما نشهد انطفاءها.. والتجربة الوطنية الوحيدة والمتمثلة في المؤتمر الشعبي العام تقاوم عوامل الفناء وتعيد إنتاج نفسها، فالذين كانوا يراهنون على تفكك المؤتمر وفنائه بعد تلك العاصفة الكبيرة التي مر ويمر بها الوطن شهدنا فناءهم وخفوتهم وخرج المؤتمر من تحت رماد الاحداث والنيران أكثر قدرة وأكثر توهجاً ذلك لأن أولئك غرباء عن الوجدان الحضاري والثقافي اليمني، والمؤتمر تعبير صادق عن ذلك الوجدان ويكاد أن يكون تعبيراً عن خصوصية الذات اليمنية، فالانتماء الى التراب يزيد من القدرات ويضاعف الطاقات لتكون أكثر قدرة على مقاومة عوامل الفناء، فالذين أخذهم الزهو الى مربعاته الخطرة شهدنا ونشهد بالوناتهم وهي تتفجر بكل ذلك الانتفاخ والزهو وأصبحت تصغر وتصغر الى درجة التلاشي والاضمحلال ولا تجد لها ملجأ الا العودة الى الحاضن الوطني كي تستعيد وعيها بذاتها.
لقد أثبت المؤتمر صدق الولاء والانتماء لهذه الأرض، فالعاصفة التي تمر قد ينحني لها، بيد أنها تظل عاجزة كل العجز عن اقتلاعه، فالتجذر في عمق التربة يجعله دائم الاخضرار والتمادي في الطول حتى يطل من شرفة الافق على معالم المستقبل ويظل ثابتاً قوياً عصياً على كل المؤامرات التي تستهدفه أو تستهدف الوطن.
لا أظن أن الأحزاب التي تشكل حاضر الوطن اليمني قادرة على أن تقنع السواد الأعظم من الناس بالمنجزات التحولية التي أحدثتها في سبيل الوصول الى الدولة الحديثة، فالذين مارسوا كل ذلك الهدم والتنكيل والفوضى في عام 2011م وقالوا بالثورة وبالدولة الحديثة، وباليمن الجديد، وبالحرية وبالشراكة الوطنية وغير كل ذلك من الشعارات الثورية البراقة كشفت لنا الأيام عن إفلاسهم، وغياب المشروع الحضاري الموعود، بل كادت الأيام أن تقول لنا بفسادهم وانتهازيتهم وتفردهم ورغبتهم الجامحة في الثروة الوطنية وفي السلطة، وظل المؤتمر الشعبي العام هو الحزب أو التنظيم الوحيد الذي يملك رؤية ويملك مشروعاً، وهو الوحيد الذي يملك تأريخاً من المنجزات التحولية التي أحدثها طوال تأريخه، وظل الزعيم علي عبدالله صالح هو الأنبل والأقدر على إدارة التناقضات الوطنية وهو صاحب الصناعة الحقيقية في التحول والانتقال.
فما شهدته اليمن في عقد ثمانينيات من القرن الماضي لم يكن شيئاً هيناً، فالتأسيس للسلطات المحلية عن طريق المجالس المحلية والتمهيد والانتقال في أسس السلطة التشريعية كان هو الرائد الأول فيهما، واستعادة اليمن لذاتها أيضاً فقد كان عام 84م عاماً للزراعة، ومثل ذلك القرار الذي أحدث تحولاً من الآخر الى الذات وتفجير إمكاناتها والاعتزاز بها كان هو البداية الحقيقية ليمن مغاير لو توافر الاستقرار الاجتماعي والسياسي.
وليس بمستغرب القول إن المؤتمر الشعبي ابن التربة اليمنية وهو صانع التحولات في البلاد، ولم نشهد لسواه بصمة واقعية تُـذكر.
تمت طباعة الخبر في: السبت, 23-نوفمبر-2024 الساعة: 03:21 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almethaq.net/news/news-36494.htm