الميثاق نت -

الإثنين, 10-فبراير-2014
بقلم/ عبده محمد الجندي* -
أنْ تصل نسبة البطالة بشكل عام الى ستة ملايين من الرجال والنساء وأن تصل البطالة الجامعية الى ستمائة ألف شاب وشابة.. فذلك يدل على الاستشعار المقلق لحجم المسئولية الملقاة على كاهل المشير عبدربه منصور هادي -رئيس الجمهورية القائد الأعلى للقوات المسلحة الذي لا وقت لديه للتورط في هذا النوع من الصراعات والحروب الأهلية والحزبية والمذهبية، نظراً لما تمثله هذه الملايين من العاطلين عن العمل من عبء تجعل الأولوية للتنمية الاقتصادية والاجتماعية على غيرها من المهام العاجلة في مجتمع 60% من ابنائه يعانون من سوء التغذية، اعتاد على الانشغال بالصراعات والحروب في معظم ما لديه من الوقت والجهد ولا يشتغل في الاقتصاد سوى القليل من الوقت والجهد.. وكأنه يقول لرجال المال والاعمال ولرجال السياسة والصحافة ولرجال الحروب والصراعات المذهبية والقبلية والحزبية راجعوا انفسكم واتقوا الله في هذه الحشود الملايينية التي ضاقت ذرعاً من المظاهرات والاعتصامات والشعارات الفوضوية التي لا تسمن ولا تغني من جوع.. لأن الشعوب تحتاج الى المراجعة واعادة البناء على قاعدة الموازنة بين قدر معقول ومقبول من الخبز والأمن والاستقرار والحياة، وقدر مقبول ومعقول من الحرية والديمقراطية والعدالة والسلم الاجتماعي نظراً لما يوجد بين الحياة وبين الحرية.. وبين الحرب وبين السلام، من علاقة توجب الموضوعية والعقلانية.
أعود فأقول: إن بناء اليمن الجديد يحتاج الى وحدة ابنائه واستعدادهم الدائم والمستمر الى الربط بين الاقتصاد والسياسة وبين الأمن والاستقرار والسلام.. لأن الشعوب لا تبنى إلاّ بوحدة ابنائها تحت شعار «العمل أولاً وبعده التفلسف»، لأن الصراع والحرب لا تخلف سوى الدماء والدموع والدمار والجهل والفقر والمرض.. وبدون ذلك سينحصر الانتاج في نطاق المجادلات والخلافات وتكرار ما ابتليت به بلادنا من الأزمات والصراعات والحروب الكارثية التي ترفع المعكوس الذي يقدم النظري على العلمي والاقتصادي والاجتماعي على السياسي والسلام على الحرب من أجل تحقيق التقدم والازدهار لأن الشعوب تحتاج الى الوحدة والى الأمن والى الاستقرار والسلم الاجتماعي وتحتاج الى الحياة والى الحرية وتحتاج الى التنمية السياسية والتنمية الاقتصادية والاجتماعية.
وما لم تؤدِ مخرجات الحوار الوطني وعملية التغيير المنشودة الى تحسن ملحوظ في شتى مناحي الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والعسكرية والأمنية، سيبقى الكلام عن هذه المخرجات النظرية حبراً على ورق وسيبقى الحكم الرشيد وبناء الدولة المدنية دولة النظام وسيادة القانون مجرد احلام وتطلعات لا تخرج عن نطاق الأمنيات الحاجاتية الى نطاق الكفايات المحسوسة والملموسة، وستبقى السياسات والخطط والبرامج الحكومية مجرد بوارق ورعود نسمع لها جعجعة في السماء ولا نرى لها طحيناً في الأرض.. لأن المحصلة تكمن فيما هو مطلوب من الغذاء والزاد.. ومعنى ذلك أن الأمن والاستقرار ضرورة لا يمكن بدونهما التفرغ لإحداث التنمية الاقتصادية الكفيلة بتلبية الاحتياجات المعيشية الملحة ذات الصلة بتحسين التغذية وذات الصلة بتوفير فرص عمل للذين تطحنهم البطالة ويمزقهم الجوع والفقر ويهددهم الموت.
وفي حين يزعم التجمع اليمني للاصلاح «الاخوان المسلمون» إنه يؤمن بالعمل السياسي السلمي ويطالب أنصار الله بتسليم ما لديهم من الأسلحة الثقيلة والمتوسطة والتحول الى حزب سياسي ويزعم أنه لا يتجاوز ذلك الى الصراعات والحروب الدامية والمدمرة، نجده في الوقت نفسه أكبر مالك للأسلحة الثقيلة والأسلحة المتوسطة المهربة والمنهوبة من الدولة، ومتورطاً حتى النخاع في كل الصراعات والحروب التي شهدتها الساحة الوطنية بعد الأزمة.
تارة يتمترس خلف حماية شباب الثورة ويسرق ثورتهم بلا قيود ولا حدود.. وتارة باسم مناصرة السلفيين المحاصرين في دماج وفي أكثر من منطقة ومحافظة من محافظات الجمهورية ويهجرهم، وتارة باسم مناصرة أولاد الشيخ عبدالله بن حسين الاحمر وقبائل حاشد، ودفع الطرفين الى قطع الطرق على صعدة واستهداف انصار الله متهماً قبائل حاشد التي نبذت الحرب وانتهجت الأساليب والوسائل السلمية في التوقيع على اتفاقيات سلام قام بها وسطاء رئيس الجمهورية.. بعد هدم قصور أولاد الشيخ عبدالله بن حسين الاحمر واجبارهم على مغادرة القبيلة ومغادرة مناطقهم الى أمانة العاصمة وتحويلهم من شخصيات اجتماعية نافذة ومهابة الى أتباع وحزبيين منفذين للأوامر.
أعود فأقول: إن الحرب مازالت مستمرة بين انصار الله وبين الاخوان في أرحب، وإن تخلي الاخوان المسلمين عن أولاد الشيخ الاحمر في لحظة هزيمتهم يُلاحظ من التصريح الذي نطق به رئيس الهيئة العليا للتجمع اليمني للاصلاح الاستاذ محمد اليدومي مبرر هذا الموقف المتخاذل انه حزب سياسي لا علاقة له بمثل هذه الصراعات والحروب الاهلية التي طالما حرض عليها في وسائله الاعلامية المرئية والمسموعة والمقروءة لأن الحرب- على حد قوله- من اختصاص الدولة في محاولة خبيثة لتوريط الجيش في حرب لا ناقة للدولة فيها ولا جمل..
لقد كان مثل هذا الموقف المتخاذل والجبان متوقعاً منذ وقت مبكر بعد أن نجح في توريط آل الاحمر في حرب نتج عنها أزمة 2011م وما تلاها من مبادرة خليجية وآلية تنفيذية مزمنة وقرارات دولية اسفرت عن استيلائه شبه الكامل على السلطة واستبدال المشاركين فيها من قبيلة حاشد بالمنتمين إليه من الاخوان المسلمين فيما عرف بحركة اخونة نشطة خلفت آلافاً ممن تم اقصاؤهم وابعادهم من وظائفهم دون سبب من الأسباب الدستورية والقانونية الموجبة للتغيير الى الأفضل.. ولكي لا يتيح الفرصة أمام انصار الله للمشاركة في حكومة الوفاق الوطني نجده يقتل القتيل ويمشي في جنازته في محاولة خبيثة لتكرار نفس اللعبة التي يعتقد خطأً أنه نجح فيها مع المؤتمر الشعبي العام بشكل عام ومع قبيلة حاشد بوجه خاص ومع السلفيين الذين ساعد على تهجيرهم من صعدة الى أمانة العاصمة، فأخرجهم من معهدهم كما أخرج قبيلة حاشد من السلطة وجلس يذرف عليهم دموع التماسيح في محاولة بائسة لتوريط رئيس الجمهورية في حرب تخرجه من السلطة، ملقياً بالمسئولية على الرئيس السابق وحزبه الذي حاول اجتثاثه من خلال سلسلة من المؤامرات والدسائس مع قياداته حيناً ومع رئيس الجمهورية حيناً آخر ولكن دون جدوى.. أقول ذلك وأزعم أن عاقبة «المحنّش للحنش» وأن ما نجح فيه «الاخوان المسلمون» مع بقية القوى السياسية قد فشل فيه مع انصار الله الذين استعان بهم بعض الوقت وأشركهم في مظاهراته واعتصاماته ليقضي عليهم بعد نجاح الانتخابات الرئاسية المبكرة.. لكنهم أكدوا أنهم لا يقلون عنه ذكاءً وقدرة اسلامية على دغدغة عواطف الجماهير بما يرفعونه من الشعارات الثورية المثيرة والمبهرة، فبعد أن كشفت الأحداث اليمنية والعربية ان الاخوان المسلمين أبرموا صفقة عمالة مع الادارة الأمريكية وأجهزتها الاستخباراتية بتنفيذ سياساتها والحفاظ على ما لديها من المصالح بما في ذلك المصلحة الاسرائيلية.. نجد أنصار الله يرفعون شعارهم الأكثر ثورية «الموت لأمريكا.. الموت لاسرائيل، اللعنة على اليهود، النصر للاسلام» وبهذا الشعار الثوري التحرري سجل انصار الله سلسلة من الانتصارات المادية والمعنوية وحققوا ما حققوه من حركة استقطاب نشطة في جميع محافظات الجمهورية، فراح الكثير من المظلومين والمبعدين من اعمالهم والمهددين بعقوبات العزل السياسي يجدون في انصار الله ملاذاً آمناً يلجأون إليه ويحتمون به في التصدي لما يقوم به الاخوان المتهالكون على السلطة والثروة عبر المظاهرات والاعتصامات والاضطرابات كسلاح أساؤوا استخدامه بصورة عدوانية وظالمة ما لبثت أن فقدت بريقها وقدرتها على الدجل والمناورة والتكتيك بتحول الاصلاح من المعارضة الى الحكم، وما حصدوه في الحكم من الفشل الذي أكد للشعب أنهم يسخّرون الاسلام لصالح السياسة وأن غايتهم المزيد من السلطة والثروة.. ليس هذا فقط ما حصد هؤلاء من رهانهم على الاخوان المسلمين فقد سبقهم الى نفس القناعة معظم احزاب اللقاء المشترك وفي مقدمتها الحزب الاشتراكي اليمني الذي خرج من هذه الوليمة خالي الوفاض بثلاث حقائب هي المتردية والنطيحة وما بينهما من وزيرة بلا وزارة، وباستثناء وزارة الادارة المحلية لم تكن حالة التنظيم الوحدوي الشعبي الناصري تخرج عن نطاق الديكور الذي جمَّل به التجمع اليمني للاصلاح وجهه القبيح في السيطرة المطلقة على السلطة، كيف لا وقد اضطر الناطق الرسمي للجنة التحضيرية التابعة للشيخ حميد الاحمر الاستاذ محمد الصبري -الذي طالما افرط في كيل السباب والشتائم لخصومهم- الى عدم الرد على الاتصال الذي حاول فيه المذيع احمد المسيبلي أن يحصل منه على ما اعتاد عليه من شتائم للرئيس السابق وحزبه حيناً ولأنصار الله بذات لغته وإسفافه الذي اعتاد الحصول عليه بمناسبة وبدون مناسبة فإذا به يفاجأ على غير العادة بأن من قصده قد أغلق جرس هاتفه خوفاً من ردود أفعال بصورة أصابته بالاحباط الى درجة ألجمته عن الكلام الفارغ الذي اعتاد عليه بشجاعة منقطعة النظير، طالباً من الدولة التدخل للقضاء على أنصار الله في نفس الليلة واللحظة، معتقداً أن جيوش الاخوان المسلمين والجيوش الحكومية المحسوبة على اللواء المستشار لن تترك انصار الله يستمتعون بما أقدموا عليه من هدم لقصور آل الأحمر، ولم يضع في باله البتة أن معظم قبائل حاشد الجمهورية التي تكسرت على أبوابها الجحافل الإمامية المتشبثة بحق العودة الى صنعاء سوف ترفض الحرب وسوف تتجاوب مع مساعي اللجنة الرئاسية في التوقيع على اتفاق هدنة تضع فيها الحرب أوزارها، وتفتح الطرقات العامة أبوابها الى صعدة.. لكن المفاجأة كانت مذهلة للمسكين «المسيبلي» الذي غاب عن الوعي مما اضطر القناة الى الاعتذار واعادة برنامج الليلة السابقة.. ولعله قد استوعب الدرس ولكن بعد فوات الأوان.
في حين انشغل زميله في الإسفاف والتهريج في تلك الحرب الاعلامية الشرسة الى تغيير برنامجه المستفز على غير العادة ببرنامج عرض عن تعدد الاقاليم في محاولة إلقاء الضوء على العدد وعلى المكان.. الخ.
الزعيم ومواقف العظماء!
لقد كان الزعيم علي عبدالله صالح الرئيس السابق أكثر عقلانية في السيطرة على انفعالاته ولم يصدر منه أو من الوسائل الاعلامية المحسوبة عليه أي نوع من انواع التجريح والاساءة والتشفي بحق أولاد الشيخ الاحمر احتراماً لوالدهم -رحمه الله- من جهة، وقد يكون احتراماً لما يربطه بهم من روابط قبلية من جهة أخرى.. وقد يكون احتراماً لنفسه التي لا تسمح له بالتشفي الذي يستدل منه على الاستكبار والاستهانة بالآخرين.. مؤكداً أن ذلك ليس من طبعه رغم ما أصابه منهم من مصائب سياسية وأمنية بلغت ذروتها في حادثة محاولة الاغتيال المشئومة في جمعة رجب في دار الرئاسة.. وتلك هي طبيعة العظماء تجاه خصومهم مهما كانت أوجاعهم وآلامهم وأحزانهم على الذين قضوا نحبهم -رحمهم الله- وعلى أولئك الذين يكابدون جروحهم المزمنة من كبار رجال الدولة مدنيين وعسكريين شفاهم الله من جروحهم.
أخلص من ذلك الى القول: إن منصور الحنق الذي يتحدث عن السلام ويرفض شبح الحرب ويستنجد جاهداً بالحرس الجمهوري لحمايته من طوفان أنصار الله آخر من يحق له الكلام عن دولة مدنية حديثة وعن أحزاب سياسية سلمية مثله في ذلك مثل الشيخ ربيش العبيلي سامحه الله وهداه الى الصواب.
إننا إذ نعبر عن تضامننا مع قبائل حاشد الأبية التي جنحت للصلح والسلم، لندعو ابناء الشيخ عبدالله بن حسين الاحمر الى مراجعة علاقاتهم بقبيلتهم وبالاخوان، وندعو انصار الله الى احترام ما تم الاتفاق عليه من هدنة وتحويلها الى سلام دائم ومستمر وعدم التفكير في العودة الى ما قبل الجمهورية كما يشاع ضدهم من دعايات يروج لها الاخوان المسلمون الذين نجحوا في النيل من معظم خصومهم بعض الوقت..
* عضو اللجنة العامة
تمت طباعة الخبر في: الخميس, 21-نوفمبر-2024 الساعة: 11:18 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almethaq.net/news/news-36927.htm