عبدالكريم المدي -
خلّفت فوضى 11 فبراير2011م بنزول الاخوان وأحزاب المشترك الى الساحات وتبني العنف للتغيير في بلادنا دماراً هائلاً في القيم والفكر والبنى التحتية والتنمية والوحدة الوطنية ومؤسستي الجيش والأمن ، والتسبب بقطع ارزاق مئات الآلاف من المواطنين الموظّفين والعمال وأسر العديد منهم واحالتهم إلى الأرصفة كبطالة.. اضافة إلى مغادرة مئات الشركات الاستثمارية وأصحاب رؤوس الأموال من اليمن بشكل نهائي بسبب الإنهيار الأمني الذي اعقب الأزمة المفتعلة في العام 2011م.. هذه الأزمة التي خلّفت - وما زالت - مآسيَ لا حصر لها.. على كافة المستويات.
وأعادت اليمن للخلف عشرات السنوات ، إذا لم تكن اعادتها قروناً، خاصة إذاما نظرنا لما لحق بالوحدة الوطنية والنسيج الاجتماعي والثقافي والوضع الاقتصادي والأمني وغيره من ضربات مدمرة..
الخسائر بالأرقام
لقد توالت الخسائر على الفرد والأسرة والمجتمع والاقتصاد اليمني، منذ العام 2011م وحتى اليوم ، فعلى صعيد الشركات النفطية تؤكد تقارير نقابية ورسمية ومنظمات مجتمع مدني أن عشرات الشركات النفطية قد لملمت أغراضها ومعداتها وغادرت اليمن ومنها من تركت قليلاً من المعدات والموظفين فيما هي انتقلت إلى " دبي"
كما تقول التقارير وبالأرقام إن اكثر من (4000) موظف ، في قطاع النفط حتى أواخر العام 2012م قد تم تسريحهم .. من أعمالهم .
وليس ببعيد ، فقد تأثّر قطاع التعدين بالفوضى والفتنة التي اشعلتها أحزاب المشترك في 11 فبراير 2011م.
حيث يقول الدكتور علي الصبري - رئيس هيئة المساحة الجيولوجية: إن (12) شركة في مجال التعدين قد غادرت اليمن نهائياً وبجميع معداتها، منذ العام 2011م وحتى اليوم ولم يتبقّ إلا شركة تعدين واحدة . تعمل في بلادنا في هذا المجال.. ما يعني أن مئات العمال - إنْ لم نقل آلافاً - قد تم تسريحهم وتحولوا إلى عاطلين عن العمل ، كما تحولت أسرهم إلى أسر محتاجة ومعدمة ..
الحكومة من جانبها ، ورغم عدم اكتراثها بوضع اليمنيين ، وحل مشاكلهم ، تقول إنها بحاجة لـ (200) ألف فرصة عمل سنوية لامتصاص البطالة ، خاصة في صفوف الشباب ، والتي تزيد عن 54%.
كما أنها ومنذ العام 2011م قد أرتفعت في أوساط الإناث لتبلغ ، خمسة أضعاف الذكور ، كما تراجع المتوسط السنوي للمساهمة الاقتصادية للمرأة اليمنية من حوالي 11% خلال العام 2011م إلى أقل من 10% نهاية العام 2013 .
13 مليون جائع
تفيد تقارير دولية ومن ضمنها الأمم المتحدة ومنظمة "أوكسفام " إلى ان (13) مليون يمني بحاجة ماسة لمساعدات عاجلة وهذا البلد بحاجة لأكثر من ( 700) مليون دولار سنوياً.. كمساعدات غذائية ودوائية وإيوائية وغيرها.
منظمة "أوكسفام " تقول -ايضاً- ان الفترة أو الظروف التي أعقبت العام 2011م قد سهلت انتشار الامراض المنقولة بالمياه والأمراض التي يصعب الوقاية منها ، إلى جانب انعدام الحماية للفئات الأشد فقراً.. ناهيك عن وجود اكثر من (6) ملايين يمني محرومين من الرعاية الصحية.
الأوضاع الاقتصادية الصعبة والبطالة التي انتشرت في السوق اليمنية بعد ما يسمى بـ / 11فبراير / 2011م، كان من ضمن نتائجها ، أيضا ، توقف (300) ألف طفل عن التعليم ، وتدني قدرات الحكومة ، وعجزها الكامل في حماية الناس او تقديم المساعادت العاجلة لأكثر من (5) ملايين يمني لا يستطيعون أبداً شراء موادهم الغذائية.. كما أن 53% من اليمنيين يعيشون تحت خط الفقر .
شركات غادرت اليمن
يقول محمد محمد صلاح - نائب رئيس الغرف التجارية والصناعية : لقد ارتفع عدد الشركات التي غادرت اليمن خلال العام 2013م ليصل العدد لـ (186) شركة يمنية وأجنبية، معزّيا ذلك لسوء الاوضاع الأمنية وعجز الحكومة عن حمايتها وإيجاد مناخات ملائمة للإستثمارات .
أما رئيس الاتحاد العام للمقاولين اليمنيين ، فقد حذر من النتائج الكاريثية بعد العام 2011م على قطاع المقاولات، نتيجة لعجز المقاولين عن تسديد التزاماتهم المالية للممولين وأجور العمال، بسبب عدم صرف وزارة المالية منذ العام 2012م المتأخرات المستحقة للمقاولين والاستشاريين ، وصولاً لنهاية العام 2013م يذكر أنها كانت تعمل بهذا القطاع في اليمن قبل وحتى العام 2011م (800) شركة مقاولات تشغل مليوناً ونصف المليون عاملاً، كما يستفيد منها (25%) من إجمالي السكان..
ونظرا لانعكاسات 11فبراير 2011م على هذا القطاع، فقد أعلنت عشرات الشركات عن إفلاسها ، وتم إيداع (270) مقاولاً السجن بسبب العجز في تسديد مبالغ العقود الواجبة الوفاء بتغطية ضمانات المصاريف . إلى جانب أن هذا القطاع الحيوي المهم، قد شهد انكماشاً بلغت نسبته (25,2%).
جرحى الأزمة
تسببت فوضى 11فبراير2011م ينزيف للدم اليمني وسقوط عدد من القتلى والجرحى، الذين كانوا وقودا وقرابين ضحت بهم احزاب المشترك لتحقيق مكاسب شخصية وحزبية ، حيث تشير العديد من التقارير الى أن جهاتاً نافذة تقف خلف "حكومة الوفاق " تلاعبت بكشوفات جرحى 2011م، حيث كانت تقوم اللجنة التي شكلت بحل ومعالجة هذه المسألة ، بحذف اسماء جرحى حقيقيين على ذمة احداث 2011م واستبدالهم باسماء جرحى قبليين وآخرين سقطوا في صراعات مسلحة وإعتداءات مختلفة وليس لهم علاقة بشباب أحداث 2011م.
تقارير مؤكدة وثقت وجود (200) جريح حقيقي من جرحى الأزمة، تنكرت لهم حكومة باسندوه ، ولم تتكفل بمعالجة سوى (50) جريحا ممن ينتمون الى حزبهم ، رغم ان إصابات بعضهم قد جرى لها مضاعفات وتداعيات مأساوية .
مؤسسة الجيش
لم تتوقف التداعيات والإنعكاسات المأساوية التي خلفتها احداث 11فبراير2011م على الجانب الاقتصادي والمعيشي والتنموي والبطالة ، ومغادرة الشركات الاستثمارية اليمن ، بل طالت وبصورة واضحة مؤسسة الجيش التي صُوبت حراب الشر والتآمر باتجاهها ، وخاصة قوات النخبة ، وتم هيكلتها وإدماج عناصر متطرفة وغير مجهزة أو مدربة مع وحدات مدربة تدريباً عالياً، كـالحرس الجمهوري والقوات الخاصة.
لقد كان الحرس الجمهوري اليمني حتى نهاية العام 2011م يعد اقوى الوحدات العسكرية في الجزيرة العربية ، وثاني أقوى وحدة عسكرية في الجيوش العربية، بعد الحرس الجمهوري المصري ، كما كان يصنف الجيش اليمني كرابع أقوى جيش عربي حتى نهاية العام 2011م أيضاً -ومرتبة الجيش رقم (44) عالمياً.
ونظراً لما لحق به من تدمير ممنهج منذ العام 2012م، فقد انتقد محللون غربيون طريقة هيكلة الجيش في اليمن، معتبرين ذلك عملاً تخريبياً وانتقامياً حيث وان الهيكلة لم تفرق بين مكونات جيش تقليدي قديم ، وجيش حديث أصبح اكثر تطوراً، مشيرين الى إنه كان بالإمكان تأهيل الجيش القديم ، ليوازي الجيش الحديث ، وليس تفتيت الحديث وجعله كالقديم .
أعمال التخريب
لم تسلم أهم القطاعات الاقتصادية والحيوية من الاضرار القاتلة التي انعكست عليها فوضى 11فبراير2011م في بلادنا فقد تعرضت أنابيب نقل النفط من صافر بمأرب إلى ميناء رأس عيسى بالحديدة خلال العام 2013م وحدة لـ(38) اعتداء.
وفي كل يوم تتوقف فيه عملية ضخ النفط ، تخسر خزينة الدولة (15) مليون دولار وفي الشهر (310) ملايين دولار ، وخلال الفترة منذ منتصف العام 2011م خسرت الخزينة العامة للدولة بسبب الإنفالات الأمني وعدم المقدرة على حماية انابيب النفط ( 4,7) مليار دولار أميركي .
يذكر ان النفط يمثل - حسب الخبير الاقتصادي الدكتور طه الفسيل - (70%) من إيرادات الدولة ، كما يشكل ما نسبته من (85- 95%) من صادرات اليمن السلعية للخارج .
وفيما يخص قطاع الكهرباء ، فقد لحق به - ايضا - الضرر البليغ لانعكاسات فوضى 11فبراير 2011م ، حيث تؤكد التقارير أن خطوط نقل التيار الكهربائي (مأرب - صنعاء) قد تعرضت لأكثر من (220) اعتداء منذ منتصف العام 2011م.
ولم تتوقف خسائر هذا القطاع على المؤسسة العامة للكهرباء التي قد تصل لـ (50) مليار ريال ناهيك عن الفساد الذي يتزايد على ذمة أعمال التخريب ، وبسبب ذلك أُغلقت عشرات المصانع والمعامل والمؤسسات ومحلات الاتصالات والإنترنت وغيرها وأوقفت اعمالها بسبب عدم وجدو طاقة كهربائية والتي صارت تستخدم كسياسة لتطفيش المستثمرين وتكبيدهم خسائر فادحة منذ ان أصبحت الوزارة في قبضة الاخوان ، وكذلك قيادة محافظة مارب وفي ظل سياسة اللامبالاة التي تتبعها..، اضافة للخسائر البشرية التي تخلفها حرائق الشموع في المنازل ، واستنشاق عشرات الأسر لعوادم المولدات الكهربائية.