سمير النمر -
كان لانطلاق شرارة ما يسمى بالربيع العربي في تونس ومصر الأثر الأساسي الذي حرك مشاعر الكثير من الشباب والعاطلين عن العمل في اليمن للخروج الى الساحات بصورة عفوية يحدوهم الأمل لاستشراف غدٍ أفضل خالٍ من الفساد، فظنوا أن رياح الربيع العربي ستحقق لهم هذه الأحلام وتنقلهم الى المدينة الفاضلة، فكان يوم 11 فبراير 2011م أول موعد للشروع في تحقيق الحلم حيث تقاطرت مجاميع من الشباب المستقل الى ساحة الجامعة في صنعاء يهتفون ضد الفساد وينادون بضرورة إصلاح الأوضاع في البلد حينها كانت الأحزاب السياسية ترقب الحدث وتراقب المشهد وحين أدركت أن مسار الأحداث قد لا يسير في صالحها قررت الالتحاق بالساحات وحشدوا مليشياتهم وعناصرهم واستطاعوا السيطرة على الساحات وتغيير بوصلتها ومسار الأحداث فيها وضاع الشباب المستقل وتبخر وجودهم وغاب صوتهم بين حشود الاصلاح وأجنحته العسكرية والقبلية والدينية، فانسحب بعضهم وظل البعض الآخر متماهياً مع الحدث رغم ما تعرضوا له من اعتداءات وإقصاء وتهميش من قبل مليشيات حزب الاصلاح، لكنهم آثروا الصمت وعدم اتخاذ أي موقف ضد ما حصل لهم رغبة في عدم التأثير على المسار الثوري -حسب ما أوحي لهم به-، فلم تلاقِ الدعوات التي حذرتهم من خطر سيطرة عناصر ومليشيات الاصلاح وأرباب الفساد في النظام على مسار الأحداث وما قد تؤول اليه الأمور من إعادة إنتاج أسوأ ما في النظام السابق وبلباس ثوري لم تلاقِ استجابة.
تسارعت الاحداث ومضت الأيام حتى انتهى أمر الساحات بالقبول بالمبادرة الخليجية والتي وقع عليها حزب الاصلاح وشركاؤه ووصل بموجبها الى رئاسة حكومة ما يسمى بالوفاق، وبمجرد وصول الاخوان الى الحكومة ظل الشعب والشباب يترقبون ما الذي سيقدمه الاخوان للشعب وما سيحققونه من إنجازات وأحلام وردية ظلت تراود الجميع، فكان الجواب الحقيقي هو تحول هذه الأحلام والتطلعات الى كوابيس ومآسٍ ونهب للمال العام وإقصاء وتدمير لمقومات الدولة ومصادرة لأحلام الشعب وعبث واغتيالات وعمالة وفوضى وحروب وصراعات وفتن.. هذا هو الحصاد الذي جناه الشعب والشباب من حكومة الاصلاح وأجنحته الذين استخدموا الشباب كسُلَّم للوصول الى تحقيق أطماعهم ومشاريعهم الظلامية التي اكتوى بنارها الجميع ولم تستثنِ أحداً.
يا تُرى هل اقتنع الشباب المستقل والقوى المدنية -التي تم استخدامها كديكور ومساحيق تجميل لتخفى وراءها قبح مشاريع القوى الدينية والقبلية- بأن هذه القوى لا تحمل أي مشروع بناء وإنما تحمل كل معاول الهدم.. فهل آن الأوان للقوى المدنية أن تكفر عن خطاياها التي ارتكبتها بحق نفسها وبحق الشعب بمساندتها لهذه القوى الظلامية التي عاثت في الأرض فساداً، أم أنها ستسمح باستمرار هذه القوى لممارسة المزيد من العبث والفساد في حق الشعب والوطن.. أعتقد أن الذكرى الثالثة للحادي عشر من فبراير القادم هي الكفيلة بالإجابة على هذه التساؤلات وتحديداً خيارات المرحلة القادمة.