الإثنين, 17-فبراير-2014
الميثاق نت -    عبدالفتاح علي البنوس -
< يبدو أن القيادة السياسية غير جادة في التعاطي مع الملف الأمني والذي يمثل الملف الأكثر خطورة اليوم في ظل المستجدات والأحداث المتعاقبة والتي تؤكد بكل وضوح بأن الأمن في البلاد عاجز وفاشل ولا يمكن الاعتماد عليه في هذه المرحلة الحساسة وأن الأوان قد آن لإحداث تغيير جذري داخل وزارة الداخلية من أجل الوطن دون الحاجة إلى أخذ مشورة اليدومي والآنسي وقحطان والجنرال، البلاد تغرق من ساسها إلى رأسها في الفوضى والإنفلات الأمني وصل الى حد استهداف وزارة الدفاع بالأمس القريب، واليوم استهداف السجن المركزي بأمانة العاصمة.
فوضى ممنهجة، وانفلات أمني مخطط له من قبل قوى تريد إطالة أمدها في السلطة وتمكينها من رقاب اليمنيين مخيّرة إياهم بين الحكم أو القتل.
غزوة السجن المركزي التي لا يمكن لعجوز في أيامها الأخيرة تعيش في صحراء قاحلة أن تصدق الرواية التي نشرتها وزارة الداخلية حول ملابسات هذه الغزوة، الجميع يعرف السجن المركزي وتحصيناته والحماية الأمنية المفروضة عليه، والجميع يعرف بأن هناك مؤامرة تحاك ضد العاصمة صنعاء خاصة واليمن عامة وهناك من يستخدم ورقة القاعدة لتحقيق مكاسب وتصفية خصوم وتنفيذ مخططات تفضي الى تقويض الأمن والاستقرار وإدخال البلاد في دوامة من الصراعات والفتن المتعددة الصور والأشكال.
سجناء يتم نقلهم من الأمن السياسي الى السجن المركزي وهناك يتم وضعهم في عنبر قريب من سور السجن، سجناء يفرون من السجن بملابس عسكرية دون أن يتعرضوا لأي أذى، كل ذلك بالتزامن مع دعوات حكومية ذات طابع سياسي لتحرير عدد من السجناء المتهمين بالتورط في جريمة دار الرئاسة واصفة إياهم بمعتقلي الثورة الشبابية، والتي جعلوا منها شماعة لإنفاذ كل مخططاتهم وتصفية وإقصاء كل من يخالفهم حتى أولئك الذين تحالفوا معهم في تلكم الثورة المشبوهة والربيع الزائف.
سيناريو درامي مستوحى من مسلسل تركي تم تنفيذه على أرض الواقع في واحدة من سلسلة الفضائح الأمنية المدوية التي تحدث بمباركة وتأييد ومشاركة قوى سياسية من أجل توجيه رسائل عدة للرئيس هادي للضغط عليه وإجباره على اتخاذ خطوات وقرارات لا تخدم المصلحة الوطنية ولا تدعم توجهات بناء الدولة المدنية الحديثة، بالله عليكم كيف تمكنت العناصر المدججة بمختلف أنواع الأسلحة من دخول العاصمة والوصول الى داخل السجن المركزي وقتل الجنود وإطلاق السجناء بكل هذه السهولة، ولماذا تم تحديد هذا التوقيت للقيام بهذه الغزوة؟! هناك اختراق للأجهزة الأمنية من خلال عمليات التجنيد الحزبية والسياسية التي تمت وتتم في الآونة الأخيرة، هناك عملاء وخونة داخل هذه الأجهزة، هناك توظيف حزبي ضيق لعمل الأجهزة الأمنية، هناك إصرار على استمرار الفوضى والإنفلات الأمني، هناك إصرار على تصدير الرعب والقلق لليمنيين من أجل السلطة ومغرياتها وملذاتها.
غزوة السجن المركزي بكل بشاعتها لن تكون أكثر بشاعة من غزوة مستشفى العرضي وقبلها غزوة ميدان السبعين وقبلها غزوة جامع دار الرئاسة ومع ذلك فإن الأمر سيتم التعامل معه بتشكيل لجنة تحقيق ودفن الشهداء من ضحايا الأمن ومواساة أسرهم بـ200 ألف ريال وكميات من الفول والدقيق والزيت، وطباعة صورهم وتعليقها على السيارات والمركبات للذكرى، وهذا هو حصاد التغيير واسقاط النظام لتحل الفوضى والعشوائية كبديل له في ظل إدارة فاشلة تبحث عن المغانم وتسعى الى اعتلاء سلالم السلطة، وتسخير كافة موارد وإمكانات البلاد من أجل تحقيق أهدافهم والوصول الى غاياتهم المنشودة.
غزوة السجن المركزي أليست كفيلة لإقالة ومحاسبة وزير الداخلية عبدالقادر قحطان، أليست كفيلة لإنهاء وصاية الإصلاح على هذه الوزارة وفرض قحطان ورفض تغييره؟!! أيعقل أن أرواح أبناء القوات المسلحة والأمن رخيصة الى هذه الدرجة في نظر الإصلاح؟!! الدولة المدنية لن ترى النور ما دام الوطن آخر ما تفكر فيه القوى المتربعة على عرش السلطة اليوم، الدولة المدنية تريد كفاءات مخلصة متجردة من الولاءات الحزبية الضيقة والمصالح السياسية المقيتة، الدولة المدنية لا تُبنى بالمؤامرات والدسائس والإقصاء والتهميش والتخريب والتدمير وإقلاق الأمن والسكينة العامة.
غزوة السجن المركزي بأمانة العاصمة لا تريد إدانات واستنكارات، وخطابات وكتابات ومنشورات وفلاشات.. غزوة السجن المركزي تريد وقفة مسؤولة من الجميع لكشف ملابساتها وفضح كافة المتورطين فيها وإطلاع الرأي العام عليها، ولم يعد مقبولاً الاستخفاف بعقول الناس والضحك عليهم بمبررات واهية، فقد ملّ الجميع من الكذب والتدليس، بالأمس يقتل البروفيسور أحمد شرف الدين وسط العاصمة بعد دقائق من المطاردة من قبل مسلحين على متن سيارة «هايلوكس» وعلى مقربة من نقطة أمنية ويلوذون بالفرار، دون أن تحرك الداخلية ساكناً، واليوم يتم اقتحام السجن المركزي ويتم إطلاق سجناء بعد أن تم نقلهم من سجن الأمن السياسي لتسهيل عملية هروبهم، يحدث كل ذلك ونسمع ونشاهد من يرفضون إقالة حكومة «الإصلاح» وعلي محسن وحميد الأحمر، ونسمع ونقرأ ونشاهد من يرفضون إقالة وزير الفشل والفوضى والإنفلات الأمني عبدالقادر قحطان لأنه من حزب «الشمس»، غير مبالين بالضحايا الذين يسقطون نتيجة فشله وعجزه، المهم عندهم يبقى «قحطان» ويفنى من أجل ذاك كل اليمنيين ممن لا يعبدون الشمس ويدينون لها بالولاء والطاعة العمياء.
فمتى يعي الإصلاح أن كرسي وزارة الداخلية أو حتى كرسي رئاسة الحكومة أو رئاسة الجمهورية لا قيمة لها أمام الدماء الزكية والأرواح الطاهرة التي تسقط نتيجة فشلهم وعجزهم وتآمرهم وانتصارهم لمصلحة الحزب على مصلحة الوطن والمواطن، التاريخ لن يرحمهم والأجيال القادمة لن تتعاطف معهم على الإطلاق؟!!!
هذا وعاشق النبي يصلي عليه..
تمت طباعة الخبر في: الخميس, 21-نوفمبر-2024 الساعة: 10:24 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almethaq.net/news/news-37031.htm