الميثاق نت -

الخميس, 27-فبراير-2014
علي ناجي الرعوي -
حالة الاحتقان المتواصلة التي تعيشها الساحة اليمنية أصبحت خطيرة على هذا البلد وأهله إذ انه وعلى الرغم من مشاركة غالبية الاطراف
السياسية والحزبية والاجتماعية والوطنية في مؤتمر الحوار الذي اختتم اعماله نهاية يناير الماضي بعد مخاض شاق وعسير دام اكثر من عشرة اشهر
واتفاق هذه الاطراف على الانتقال الى دولة اتحادية تتشكل من ستة اقاليم فقد ظلت حالة الاحتقان مهيمنة على الواقع اليمني الذي اضحى
بفعل التحديات القائمة اشبه بأرضية رخوة تتنامى فيها هجمات تنظيم القاعدة الارهابي وأنشطة التيارات المتشددة والصراعات القبلية والمذهبية
التي وجدت في الانقسامات السياسية فرصتها لفرض منطقها عبر تعميم الفوضى والانفلات الامني وإضعاف هيبة الدولة وتشويه صورتها وإظهارها امام
الرأي العام عاجزة عن القيام بدورها في حماية الامن والتصدي لمشاكل البلاد الحقيقية والعاجلة التي تستفحل يوما بعد يوم بشكل يضع اليمن
على مفترق طرق.
واذا لم نجاف الحقيقة فإن الخوف على وحدة اليمن مشروع في هذا الوقت تحديدا لأسباب كثيرة اولها ان الوعي العام على مستوى النخب
والمجتمع والكتل السياسية والحزبية على حد سواء لم يصل الى المستوى المطلوب والناضج والمتقبل لثقافة الاختلاف التي تتصاعد حدتها في
ظل الاحتقانات المترسبة في الجنوب، ورد فعل فوبيا الحراك الجنوبي الذي مازالت الكثير من تياراته ترفض نظام الادارة اللامركزية او الادارات
المحلية التي ستنتظم من خلال الاقاليم المزمع اقامتها في اطار الدولة الاتحادية وتتمسك بخيار الانفصال نتيجة غبن مفترض في عقول سياسييها

بل إنها مَن يقاوم أي تغيير لايقوم على اعادة عقارب الزمن الى ما قبل زمن وحدة عام 1990 مع ان هذه التيارات تدرك انه لم يعد بمقدورها
اقناع الداخل والخارج بموضوعية المطالب التي ترفعها.
ومهما كانت تطلعات اليمنيين لغد افضل فان هذا الغد لايمكن له ان يصبح واقعا اذا ما استمرت النخب والكتل النافذة تتربص ببعضها البعض،
واذا ما بقيت الدولة ايضا تتعامل بأسلوب المراضاة على حساب فرض سلطة القانون خصوصا بعد نجاح مؤتمر الحوار الوطني وخروجه بوثيقة
ختامية كانت محل اجماع جميع الاطراف المتحاورة بمن فيهم حكام العهد السابق وحكام العهد الجديد والمتقاتلون في شوارع صنعاء عام
2011 اذ انه وما لم تنجح اجهزة الدولة ببسط هيبتها وسلطتها على كافة المناطق ونقاط الصراع وكبح جماح المليشيات المسلحة ونزع
اسلحتها ونشر قوات الجيش والأمن في جميع الاجزاء اليمنية فان الاحتقان سيظل سيد الموقف إن لم يتحول الى محرقة لمشروع الدولة
الجديدة التي يأمل الجميع ببنائها على اساس ما تم التوافق عليه في مؤتمر الحوار.
لم يعد خافيا على احد أن الكثير من السياسيين اليمنيين يبنون مواقفهم على ردات الفعل اكثر من الفعل نفسه ما جعلهم في الكثير من الاحيان
يتحولون الى اداة للهدم اكثر منه للبناء وقد يستغرب المرء أن تصبح احزاب ترفع شعارات المدنية وتنادي ببناء الدولة الحديثة فيما هي التي
تدفع في اتجاه توسيع دائرة الاحتقانات وتعمل على ابتزاز الدولة من اجل الحصول على بعض المكاسب حتى وهي من تعلم علم اليقين ان
الدولة التي تبتزها ليست دولة رفاهة وانما هي دولة مازالت تقاتل من اجل تثبيت وجودها وان هذه الدولة محاصرة وقاداتها محاصرون بظروف
قاهرة لايحسدون عليها، ومصيبتهم انهم لايستطيعون دائما ان يتحدثوا بكل ما يعترض طريقهم من عثرات وكبوات ومصاعب ومحن، وانهم الذين
يتعاملون مع واقع فرض عليهم.. وذلك ما يدعو للتساؤل لمصلحة مَن استمرار الاحتقان في اليمن؟
تمت طباعة الخبر في: الأحد, 24-نوفمبر-2024 الساعة: 06:08 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almethaq.net/news/news-37165.htm