بقلم/عبده محمد الجندي* - المؤتمرات الصحفية التي أعقدها باسم المؤتمر الشعبي العام وحلفائه هي مؤتمرات علنية لا تقبل أي نوع من أنواع الدس والدجل والكذب المعبر عن سوء النية.
الاخوان حرصوا في المؤتمر الصحفي الأخير أن يقوّلوني ما لم أقله.. أي انهم يكذبون عليّ ويكذبون على الرأي العام ويكذبون على أنفسهم مرات عديدة كذباً مركباً لم يسبق له مثيل في تاريخ الاسلام.. بقولهم إن الناطق الرسمي للمؤتمر الشعبي العام وحلفائه قد اعترف بوجود تحالف بين المؤتمر الشعبي العام وبين أنصار الله - الحوثيين- رغم أنني نفيت وجود هذا التحالف الذي يروجون له بهدف في نفس يعقوب.. وقلت فقط بأن ظلم الإصلاح وإقصائه للمؤتمريين في محافظة عمران وفي جميع المحافظات من أعمالهم بصورة تتنافى مع الدستور والقوانين النافذة ومع ما اعتاد عليه أبناء القبائل اليمنية من الأعراف والأسلاف ومن العادات والتقاليد الايجابية المتبعة.. غير آبهين بما يمارسونه من إرهاب فكري على المبعدين من أعمالهم ظلماً..
وقلت إن بعض المؤتمريين المظلومين قد يجدون أنفسهم مضطرين لمناصرة المظلومين من أنصار الله - الحوثيين- وغيرهم من الحزبيين والمستقلين المبعدين من أعمالهم الذين تقطع عليهم الطرقات وتغلق عليهم أبواب المدن اليمنية وتحرم عليهم التظاهرات والاعتصامات من قبل متنفذين تابعين للتجمع اليمني للإصلاح - الذين لا يقبلون بالآخرين.. على قاعدة وما السلطة والثروة والقوة واليمن الا لنا وحدنا دون غيرنا- أقول ذلك وأقصد به هذا النوع من الكذب العلني المركب ويتحول الى نوع من الارهاب هو ما جعل الرأي العام يتحول ضد الاخوان 180 درجة بعد أن تبين لهم أنهم لا يجدون حرجاً في هذا النوع من الكذب العلني المركب وغير المسبوق في تاريخ الديمقراطية القائمة على التعددية الحزبية والسياسية والتداول السلمي للسلطة وحرية الاعتصامات.. وانهم يزعمون بأنهم في حالة حرب وأن الحرب خدعة يجوز فيها استبدال الصدق بالكذب بما في ذلك الكذب المركب المعبر عن سوء النية أي يكذبون على أنفسهم وهم يعلمون أنهم يكذبون ويقسمون الأيمان المغلظة أنهم لا يقولون الا الصدق رغم علمهم المسبق أنهم يكذبون أمام الرأي العام مبررين ذلك أن الكذب جائز شرعاً على خصومهم السياسيين الذين ينزلونهم منزلة الكفار وينزلون أنفسهم بمنزلة المحاربين المسلمين ويطلقون على صراعاتهم التنافسية مع منافسيهم بأنها منافسات جهادية ناتجة عن خوف على السلطة أو عن طمع فيها.. معتقدين خطأً أنهم ورثة الله ووكلاؤه المستخلفون في الأرض، وأن الله قد غفر لهم ما تقدم من ذنوبهم وما تأخر.. وأجاز لهم كل أنواع الارهاب والكذب.
لا غرابة في أن يقوّلوني ما لم أقله لكي يوجدوا خصومة بيني وبين من وضعوا بي ثقتهم للحديث باسمهم في معركتهم السياسية والاعلامية مع الاخوان المسلمين..
عزائي أن القيادات المؤتمرية تعرفهم حق المعرفة بحكم ما عُرفوا به من الكذب المركب خلال الفترات الطويلة للعلاقات معهم وما شابها من غلبة الكذب على الصدق والارهاب على السلم ومن غلبة التكتيك والمناورة على الوضوح والاستراتيجية ذات الباطن المغاير للظاهر.
عندما كانوا حلفاء كانوا يكذبون على من تحالفوا معه لأنهم كانوا يظهرون عكس ما يبطنون، ويبدون استعدادهم لمحاربة من يحاربهم في المناطق الوسطى الجبهة الوطنية الديمقراطية.
♢ عندما كانوا حلفاء كانوا يظهرون العداء المبالغ فيه الى حد الكذب ليزجوا الحليف في صراعات كما حدث في تحريضهم على إعدام الناصريين الانقلابيين حتى يكونوا عبرة للآخرين للخلاص منهم واقصائهم والحلول محلهم والانفراد به وابتلاعه.
♢ عندما بدأ الحوار حول تحقيق الوحدة أظهروا أن الوحدة مع الشيوعيين خطر كبير على الإسلام وصدرت عنهم الفتاوى التي لا تجيز للمسلمين أن يتوحدوا مع الشيوعيين والعلمانيين.
♢ عندما تحققت الوحدة وطرح الدستور للاستفتاء عارضوا وقالوا لا للدستور بشدة وطالبوا الهيئة الشعبية الناخبة بعدم الموافقة على الدستور العلماني الذي يتنافى مع الشريعة الاسلامية نظراً لما نص عليه أن الاسلام المصدر الرئيسي للتشريع.
♢ عندما قبل الشعب بالموافقة على الدستور أعلنوا الحرب عليه بأنه يتعارض مع الشريعة ويعكس القناعات العلمانية والإلحادية للشيوعيين والبعثيين والناصريين.. الخ.
♢ عندما حدث الخلاف بين طرفي الوحدة المؤتمر والاشتراكي دفعوا الطرفين الى حرب صيف 1994م وأصدروا الفتاوى بتكفير الاشتراكيين وتحليل دمائهم وأموالهم للمجاهدين التي طالت العامة والخاصة المدنية والعسكرية وألقوا باللائمة على رئيس الجمهورية وحزبه السياسي وعارضوا بشدة عودة الاشتراكي الى الحكم مرة ثانية بعد الهزيمة العسكرية وحلوا محله في ائتلاف ثنائي بعد الإئتلاف الثلاثي.. وعندما خرجوا من الحكم الى المعارضة تحالفوا مع من كانوا يتهمونهم بالشيوعية وبالعلمانية.. وشجعوا الانفصاليين في الجنوب، كما شجعوا الحوثيين في الشمال وحملوا رئيس الجمهورية مسؤولية ما تمارسه القاعدة من إرهاب.
♢ وعندما جاءت عاصفة الربيع العربي مارسوا العنف مع الشباب ومع الجيش والأمن على نطاق واسع وسرقوا ثورة الشباب واتخذوهم حطباً لنيران أطماعهم ودفعوهم الى مواقع الخطر واتخذوا من شهدائهم ومن دمائهم سُلّماً لتحقيق أطماعهم السياسية في الاستيلاء المتدرج على السلطة من الشراكة الى الاستحواذ التام.
♢ وقعوا على المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية المزمنة وقاموا بأكبر عملية إرهابية في مسجد دار الرئاسة ولم يحترموا جمعة رجب ولا بيت الله ولا حرمة الصلاة وقداستها.
♢ عندما شاركوا في حكومة الوفاق الوطني استخدموا الساحات والاعتصامات والمظاهرات وسيلة للسيطرة على ما تبقى من الوظائف الحكومية المدنية والعسكرية، وكذبوا على الرأي العام بأن الرئيس السابق وراء ما يحدث من وزرائهم من إخفاقات ناتجة عن الفساد.
♢ هم أول من تحالف مع أنصار الله ومع الحراك الانفصالي وأول من تنكر لهم واستبعدهم من المشاركة بالتسوية السياسية، واتهموهم بالويل والثبور وعظائم الأمور.
♢ دفعوا السلفيين الى الحرب مع أنصار الله ثم خذلوهم وتخلوا عنهم وساوموا على تهجيرهم من صعدة الى صنعاء وأكثروا من البكاء عليهم .. أي قتلوا القتيل وتقدموا صفوف جنازته كما هي عادتهم.
♢ هم من يشعلون الحروب المسلحة مع أنصار الله وهم من يتهمونهم بالطائفية والمذهبية ويطالبونهم بتسليم أسلحتهم ولديهم ترسانة كبيرة من الأسلحة الثقيلة والمتوسطة والخفيفة.. ويتهمونهم بأنهم يقاتلون لتحويل النظام الجمهوري الى نظام إمامي ويخططون للاستيلاء على أمانة العاصمة بالقوة.
♢ هم من دفعوا أولاد الشيخ عبدالله بن حسين الأحمر للقضاء على أنصار الله وطردهم ودفعوهم لإصدار تلك التصريحات النارية التي أباحت دماءهم وأموالهم وطردهم من بيوتهم، وهم من تخلوا عنهم وطالبوا الدولة بحمايتهم وإعلان الحرب على أنصار الله لإزالة ما لحق بهم من الهزيمة التي أخرجتهم من مسقط رؤوسهم بعد أن تخلت عنهم قبيلتهم بسبب انتمائهم للاخوان.
أعود فأقول إن تاريخ الاخوان المسلمين في اليمن لا يختلف عن تاريخ الاخوان المسلمين في الوطن العربي بشكل عام في سلسلة متصلة من المؤامرات والكذبات السياسية المركبة والمؤامرات والاغتيالات السياسية يرفضون الديمقراطية القائمة على التعددية الحزبية والسياسية والتداول السلمي للسلطة لأنهم لا يؤمنون بها ولا يقبلون بالآخر ويتخذونها وسيلة لتحقيق ما لديهم من الغايات.. هذه الجماعات المنظوية تحت تسمية الاخوان المسلمين بالغت في عدائها للكيان الصهيوني وفي عدائها للولايات المتحدة الامريكية والدول الداعمة لإسرائيل وحرضت على الحكام العرب الى درجة غير معقولة وغير مقبولة من التطرف والمزايدة السياسية المسندة الى الاسلام وفي لحظة إغراء ناتجة عن طمع بالسلطة تخلت هذه الجماعة عن جميع ما رفعته من الشعارات وما زايدت عليه من المبادئ والأهداف التحررية وسلمت بكل المطالب الأمريكية مقابل الحصول على دعمها في الوصول الى السلطة بما في ذلك شرط الاعتراف بالمعاهدات مع اسرائيل وقبلت بوعي وبدون وعي وبقصد وبدون قصد المطالبة الفوضوية باسقاط الأنظمة الحاكمة وتدمير الجيوش العربية وتدمير ما اكتسبته الشعوب العربية من إمكانات اقتصادية وعسكرية.
قد يقول البعض إن هناك فرقاً بين التكتيك وبين الاستراتيجية وأن ما حدث لبعض الدول العربية التي ابتليت بعاصفة الربيع العربي الدامية والمدمرة يزعمون بأن ما يحدث من الكذب يندرج في نطاق التكتيك والمناورة السياسية الجائزة استناداً الى مقولة الرسول الأعظم «الحرب خدعة»، ولكن هذه المرة بتعليمات أمريكية لأن حرب الوصول الى السلطة والاستيلاء عليها يمهد للانتقال الى الاستراتيجية التي لا مجال فيها لهذا النوع من الكذب والخداع والمناورة السياسية المستهجنة، فأقول بالأحرى أن هذه هي الانتهازية الميكافللية القائمة على مبدأ الغاية تبرر الوسيلة والوسيلة السيئة تجيزها الغاية الحسنة لأن السياسة لعبة قذرة ليس لها أخلاق ولا مثل ولا قيم ولا مبادئ مقدسة مستمدة من الكتب السماوية والكتب والنظريات الفلسفية والفكرية والثورية العظيمة.
وذلك ما حدث ويحدث في مصر وفي سوريا وفي ليبيا وفي اليمن وفي تونس التي وصل فيها الاخوان المسلمون الحكم بتأييد ومباركة الدول الرأسمالية مقابل ما قبلوا القيام به من تشويه للحقائق وإفراط في الكذب وتفريط في الارهاب.. أقول ذلك وأقصد به أن حبل الكذب قصير وأن الاعتماد عليه لا يضمن لهم الاستمرار والديمومة وأن الاعتماد على الارهاب في الوصول غير المشروع للسلطة بداية السقوط بعودة تالية للصعود نظراً لما قاموا به من إخضاع الدولة لحركة أخونة لحقت بهم الكثير من الإساءات والتشوهات الى درجة قلبت عليهم الرأي العام رأساً على عقب ورغم ما اقترفوه بحق أنفسهم من الأخطاء والسلبيات التي جعلتهم في مواجهة مع الشعوب الا أنهم لم يبادروا الى إعادة تقييم تجربتهم السريعة ولم يحاولوا الاستفادة من أخطائهم باستثناء حركة النهضة التونسية التي بادرت الى التخلي عن السلطة والقبول بحكومة تكنوقراط بعد أن شرع الارهاب في اغتيال زعماء المعارضة على نحو دفع الأغلبية للمطالبة باسقاط الحكومة التي وجدت نفسها مرغمة على القبول بوساطة الاتحاد العام للعمال التوانسة والتخلي عن الحكم، والمؤسف أن التنظيم الدولي للاخوان المسلمين والقوى الداعمة والمساندة لهم قد استمروا في تنفيذ ما لديهم من المخططات الاخوانية الهادفة الى الاستيلاء على السلطة عن طريق الإطاحة بالممالك والإمارات الخليجية الغنية بثرواتها النفطية الى درجة جعلتها تدرج تنظيم الاخوان المسلمين في قائمة الحركات الارهابية ضمن سلسلة من الإجراءات الوقائية التي بدأت بسحب السفراء من الدولة القطرية الداعمة للاخوان المسلمين والممولة لما لديهم من المخططات التآمرية في شتى المجالات السياسية والمالية والإعلامية والارهابية.
أعود فأقول إن الكذب والارهاب هما المرادف الجنوني لطبيعة الخطاب السياسي للاخوان المسلمين بداية من علاقاتهم بالمرحوم الرئيس جمال عبدالناصر قائد ثورة 23 يوليو الناصرية ونهاية في علاقتهم بالمشير عبدالفتاح السيسي وزير الدفاع والقائد العام للقوات المسلحة المصرية.. متناسين أن الاستخدام المتهور للارهاب بالتفريط والمبالغة والكذب الى حد الإفراط سلاح ذو حدين لا يمكن الركون عليه في إقامة ما يحلمون به من خلافة إسلامية.. في عصر يقال عنه عصر الديمقراطية والتداول السلمي للسلطة والشفافية والمصداقية وحرية الصحافة وحقوق الإنسان والمواطنة المتساوية والدولة المدنية الحديثة دولة النظام وسيادة القانون والحكم الرشيد.
فهل يستفيد هذا التنظيم الاسلامي من أخطائه ويراجع بما لديه من القيادات والقواعد باستبدال الكذب بالصدق واستبدال الاساليب الارهابية بالأساليب السلمية والقبول بالديمقراطية كما هي وليس كما يريدها أن تكون مستجيبة لما لديه من الاطماع والنزوات.
لا أخفي عليكم أنني واحد من الذين يتمنون للاخوان المسلمين مستقبلاً سياسياً زاهراً يبدأ بالتحرر من الكذب ومن الارهاب ويقدم ما تتطلع اليه الشعوب من نموذج إصلاحي مستنير ينتهج الصدق في العهود والوعود البرامجية والأساليب السلمية في السباق المشروع على السلطة والحصول على ثقة الهيئة الناخبة والحفاظ عليها صاحبة القول الفصل في منح الثقة وحجب الثقة في سياق التداول السلمي الديمقراطي للسلطة؟
لاشك بأنهم قد أضاعوا الكثير من الفرص السياسية والديمقراطية التي أتيحت لهم واستخدموا من مطلب الثورة كلمة حق للحصول على باطل، بصورة ضيقت عليهم الخناق وحولتهم من قوى سياسية صاحبة مشروع أيديولوجي إصلاحي مستنير الى قوى ظلامية باطنية تقول عكس ما تفعل وتفعل عكس ما تقول؟
|