فيصل الصوفي -
أصدر رئيس محكمة مصرية قراراً بإحالة أوراق 529 متهماً من جماعة الإخوان الإرهابية، إلى المفتي، وبرّأ 16 آخرين.. وصدر القرار بعد أن ثبت للمحكمة أن المتهمين اعتدوا على مركز شرطة، واستولوا على ما فيه من أسلحة، وقتلوا عقيد شرطة، وشرعوا في قتل جنود وضباط آخرين، واستخدموا الأسلحة لترويع مواطنين، وأتلفوا وخربوا ممتلكات عامة وخاصة.. وعلى الرغم من أن 350 من المتهمين فارون، ويمكنهم الحضور، وطلب إعادة المحاكمة، كما من حق الآخرين نقض القرار أو الحكم، فقد كانت ردود الأفعال سريعة، حيث احتجت عليه أمريكا، ودول أوروبية، والأمم المتحدة، ومنظمات حقوق إنسان كثيرة، واعتبرت الحكم بإعدامهم مخالفة للقانون الدولي والمعايير الدولية للعدالة الجنائية، وحقوق الإنسان.. احتج هؤلاء على الحكم، استناداً إلى إيمانهم بالقانون الدولي، وإخلاصهم لمبادئ حقوق الإنسان، ومعارضتهم للإعدام، ولو كان حكم الإعدام بحق إنسان واحد، وهو احتجاج في محله.
لكن مؤيدي الجماعة الإرهابية في مصر وقطر وغيرهما، وهم يحتجون على هذا الحكم أو القرار، كانت حججهم من قبيل: هذا حكم بإبادة جماعية.. كيف يجوز إعدام كل هذا العدد الكثير من المتهمين، بينما لم يقتلوا سوى ضابط؟ لا يجوز قتل 529 شخصاً حتى لو ثبت أنهم قتلوا ضابطاً، وأحرقوا كم سيارة، وكنيسة، ونيابة ومحكمة.
وفي هذه الحالة- أيضاً تذكروا القانون الدولي، وحقوق الإنسان العالمية، وشغبوا.. وغفلوا عن أنهم طوال الوقت كانوا يسوقون للدنيا أن إعدام جماعة بواحد هو حكم الإسلام، وحجتهم في ذلك أن عمر بن الخطاب أمر بقتل سبعة أو ستة اشتركوا في قتل غلام في صنعاء.. وإنه قال: لو تمالأ عليه أهل صنعاء لقتلتهم أجمعين.. وقالوا إن قتل الجماعة بالواحد هو مذهب جمهور العلماء، فأي جماعة تشترك في قتل واحد، يعتبر كل واحد من الجماعة قاتلاً، والحكمة الإسلامية في ذلك هي ردع الناس عن التعاون على القتل!
لست هنا بصدد الدفاع عن الحكم المشار إليه، لأني مع القائلين إن إعدام إنسان بموجب قانون، أو قوانين الدولة، هو شرعنة للقتل، بل أبشع أنواع القتل.. ولكني هنا بصدد لفت الانتباه إلى تهافت منطق الإسلاميين وتناقضهم، فقد استفزهم كثرة المحكوم عليهم فقط، وطوال الوقت يقولون إن قتل الجماعة بالواحد هو مذهب الجمهور، ولما يسري هذا المذهب الجائر على أنصارهم، يطلبون لهم النجاة من القانون الدولي، ومواثيق حقوق الإنسان العالمية!!