الإثنين, 31-مارس-2014
الميثاق نت -  < عبدالرحمن مراد -
< الصيغة التفاعلية التي ينتهجها المؤتمر في تعاطيه مع المظاهر العامة ومع تجليات المرحلة السياسية بالتأكيد وبالضرورة محسوبة له، ذلك أن التكيف مع الواقع ظاهرة إيجابية يتحاشى من خلالها دائرة الاستسلام والانجرار الى الانتحار السياسي كما تفعل بعض القوى الاخرى، فالمؤتمر كحزب قوي استطاع استعادة ذاته من بين ركام الأحداث يُفترض به أن يستنهض عناصر القوة في ذاته من أجل توظيفها في معركته لتصحيح حالة الاختلالات في البنية التنظيمية.
لا نريد للمؤتمر أن ينسحب من زمنه المعرفي الجديد في الجوانب ذات الأبعاد التنظيمية، ويعود الى الذاكرة ليحدد وعيه بالمستجدات التي طرأت في شكل العلاقة بين المجتمع والدولة وبين المؤتمر وكوادره وبنيته المؤسسية التفاعلية وبين زمنه الحاضر ومستقبله القادم ومثل ذلك يجعله أمام سؤال اللحظة السياسية الجديدة وسؤال التحديث والتجديد وسد الفجوات التنظيمية التي كشفت عنها الأحداث العاصفة التي حدثت في مناخ الربيع العربي.
والصيغة التفاعلية للمسلكية السياسية التي تظهر المؤتمر كقوة كبيرة لا يمكنها أن تكون تعويضاً عن ضرورات ملحة تضع نفسها على طاولة الأوليات، فالتفاعل يجب أن يكون على خط متوازٍ مع البناءات ذات الرؤية والمنهجية والتي تبتعد عن الارتجالية ذات الإنفاق الباهظ والأثر المحدود «والارتجالية من مثالب المؤتمر التي يجب الخروج من دائرتها في المرحلة الجديدة»،
وكنت قد كتبت خلال الاسبوع الذي مضى عن غياب الاهتمام بالبعد الثقافي وقلت في سياق الموضوع إن غياب الاهتمام بهذا البعد يهدد مستقبل المؤتمر بالعزلة عن المجتمع وأشرت الى حالة الفراغ التي نجدها في المشهد الثقافي، فالدولة غائبة والاحزاب شغلتها غنائم السلطة، والمؤسسات الرسمية والأهلية تشعر بفقدان القيمة.
والفرصة مهيأة في سماوات المشهد الثقافي ليكون المؤتمر حاضراً بقوة فيها وحضوره فيها يعني تواصله وتجدده مع الابعاد المعرفية، وتكثيف التجارب والاشتغال عليها يساهم في البقاء والاستمرار كقوة عصية على الانكسار، فالجماعات من خلال تشكل المعرفة الحسية تفهم، والحزب في المفهوم الحديث هو مثقف عضوي يحمل مشروعاً ثقافياً وسياسياً وليس حالة اجتماعية/ اقتصادية تجمعها المصلحة والنفعية، وفي التجربة التي مرّت بالمؤتمر ما يغني عن القول بفساد تلك الحالة وتناقضها مع طبيعة التفاعل والتجاذب السياسي، وأصبح الخروج من تلك الحالة ضرورة جوهرية وملحة في حاضر المؤتمر ضماناً لمستقبله.
وفي ظني أن المؤتمر لا يحسن توظيف طاقات كوادره فهو من أغنى الأحزاب في الكادر الإبداعي ولكنه يبدو من أفقرها لسوء التوظيف وغياب السياسات الاستراتيجية وغياب الوعي بصناعة المستقبل.. وكم أتمنى أن تكون اجتماعات اللجنة العامة متوازنة بحيث يكون شطرها مخصصاً للبناءات التنظيمية وشطرها الآخر مخصصاً للقضايا السياسية العارضة والطارئة والتفاعلية، ولعل سؤال اللحظة الذي يطرح نفسه على طاولة الاهتمامات والأوليات يذهب الى البناءات الموازية للبناء التنظيمي للمؤتمر، فالمنظمات الحقوقية التي تكسب ثقة الجماهير غائبة كلياً، والمنظمات والمؤسسات ذات الاهتمامات الثقافية والفنية أكثر غياباً.
والمراكز العامة للدراسات وقياس الرأي ذات المنهجية العلمية التي تكسب ثقة الرأي العام المحلي والعالمي غائبة من أجندة واهتمامات المؤتمر، في حين تحضر عند غيره من الاحزاب من أولئك الذين تمتد تجربتهم لعقود من الزمن، كما أن غياب المؤتمر عن النشاط الاجتماعي والثقافي والتفاعلي وغياب موجهاته وتطلعاته سيعمل على تفكيك بنيته في المستقبل، وثمة إمكانات مادية تُهدر دون رؤية مسلكية واضحة، فمعهد الميثاق مثلاً ما الذي يقدمه الآن وما هي وظائفه وما هي قيمته الفعلية وما هي الرؤية؟ مثل هذا السؤال أو هذه الأسئلة يُفترض حضورها في الزمن الجديد لأنها كفيلة بإعادة ترتيب النسق التنظيمي وكفيلة بالتوظيف الأمثل للإمكانات وكفيلة بالرؤية التحديثية التفاعلية للبناءات والامكانات المتوافرة وبحيث يكون المؤتمر قادراً على التعاطي مع الحياة الاجتماعية والثقافية والسياسية والاقتصادية قدرة فائقة.
فالنجاح في الزمن المعاصر لا يأتي اعتباطاً ولا عفو الخاطر ولكنه صناعة، فالمثقف العضوي والفرد يصنع حتى نستثمر تأثيره ومواقفه، والاعلامي المتمكن يصنع حتى نوظفه توظيفاً ديناميكياً سياسياً والاقتصادي والإداري والقيادي .. الخ، فالمؤتمر معني بتلك الصناعة إن أراد أن يكون متفاعلاً بذات القوة والقدرة التي هو عليها، ونحن ندرك أن هذه القوة والقدرة مرتبطة ارتباطاً عضوياً بكاريزما الزعيم علي عبدالله صالح، ولذلك يسعى الآخر الى عزله من رئاسة المؤتمر إدراكاً منه لمصدر قوة المؤتمر.
فالمنظومة السياسية تتعرض لحالة تفكيك وحتى تلك التي ترى نفسها معنية بثورة الشباب، ولم يبقَ الا المؤتمر عصياً على تلك الرؤى التفكيكية التي تنخر في جسد بقية القوى.
ولا يظن الظان أن عجز الرؤى التفكيكية عن تفكيك المؤتمر يعود الى قوة البناءات التنظيمية، فذلك ظن خاطئ ولكنه يعود الى كاريزما الزعيم.. والجميع يدرك المحاولات الكثيرة والمستميتة في هذا الشأن من قبل القوى المحلية والعربية والعالمية، وآخر تلك المحاولات ما تداولته وسائل الاعلام من الضغوط الامريكية، ومثل ذلك يجعلنا نطرح سؤال مستقبل المؤتمر بحيث يستمر أكثر قدرة وتماسكاً وعصياً على من يستهدفه.
تمت طباعة الخبر في: الخميس, 21-نوفمبر-2024 الساعة: 11:22 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almethaq.net/news/news-37721.htm