الميثاق نت -

الإثنين, 14-أبريل-2014
بقلم/ عبده محمد الجندي* -
لا يبدو أن اليمن الجديد في ظل التحديات السياسية والاقتصادية والعسكرية والأمنية سوف يتمكن من تطبيق مخرجات الحوار الوطني في اجواء طبيعية وهادئة ومستقرة تلبي الحد الأدنى من أحلام الدولة المدنية الحديثة.. دولة النظام وسيادة القانون، والحكم الرشيد والرفاهية الاقتصادية والاجتماعية المحققة للسعادة والمرسخة للوحدة الوطنية بين ابناء الشعب الواحد.. طالما بقيت الأحزاب والتنظيمات السياسية الحاكمة والمعارضة تنظر للمستقبل من زاوية أطماعها الحزبية الضيقة في السيطرة الشمولية على السلطة والثروة بوسائل واساليب غير ديمقراطية وغير مشروعة وغير سلمية وغير معبرة عن الارادة الحرة للهيئة الناخبة صاحبة القول الفصل في منح الثقة حجبها.
أقول ذلك وأقصد به أن حلم بناء اليمن الجديد سيبقى وهماً نكرر من خلاله ممارساتنا واساليبنا ووسائلنا التقليدية والانانية الجامدة والمتخلفة التي تجعل الطبع يتغلب على التطبع.. وتجعل الاستبداد يتغلب على الديمقراطية، وتجعل الديماغوجية والتضليل والانانية تتغلب على المصداقية والموضوعية والنظام والقانون والاعتراف بالآخر وبحقه في المشاركة في السلطة والثروة.. ومهما زعمنا اننا نبني يمناً اتحادياً وديمقراطياً وفيدرالياً جديداً فلا يجد أبناء الشعب أي جديد فيما يصدر عنا من الاقوال ومن الافعال التقليدية الجامدة والمتخلفة وغير القادرة على مغادرة الماضي الى المستقبل لأن حركتنا الواقفة تجعلنا أشبه بالعميان الذين يدورون حول انفسهم في حلقة مفرغة ويعتقدون خطأ أنهم يحثون الخطى نحو المستقبل.. فيما يبدو عليهم من التعب والاغماء من الدوار الواقف وغير المنتج وغير المثمر لأنهم يخلطون بينه وبين العمل المنتج والمثمر.
- الاعتصامات والمظاهرات والاضطرابات اليومية والاسبوعية اصبحت وسيلة لتدمير الادارة والمؤسسات وتعطيل السياسات والخطط والبرامج المعلنة من مضامينها الاقتصادية والاجتماعية المفيدة وتحولها الى مجرد شعارات لا تسمن ولا تغني من جوع.
- الصراعات والحروب السياسية والحزبية اصبحت شائعة ودائمة بين الأحزاب والتنظيمات والجماعات الاسلامية سنية أو شيعية متسببة بصراعات يختلط فيها الديني بالقبلي، والمناطقي الجهوي بالمذهبي الطائفي.. ويختلط فيها السياسي بالاقتصادي.
- الإرهاب أصبح سيفاً مسلطاً على رؤوس العسكريين والمدنيين لا يتوقف عن ازهاق الأرواح وسفك الدماء على مدار الساعات والأيام والاسابيع والشهور والاعوام.
- الاقتصاد أصبح واقفاً وراكداً يضيف بطالة الى بطالة، وفقراً الى فقر، لا ينتج عنه سوى سقوط طبقة الاغنياء الى مستوي الطبقة الوسطى، وسقوط الطبقة الوسطى الى مستوى الطبقة الفقيرة، وانحدار الطبقة الفقيرة الى مستوى حياة ما تحت خط الفقر، الى درجة جعلت 60 % من ابناء الشعب يعانون من سوء التغذية حسب احدث التقارير الدولية.
- الانفصاليون يرفضون بشدة كل ما أسفر عنه مؤتمر الحوار الوطني من مخرجات سياسية وحلول اقتصادية واجتماعية وعسكرية وأمنية واقليمية وديمقراطية وتعويضات مادية جعلت %75 من سكان الشمال يقبلون المساواة مع 25 % من ابناء الجنوب دون جدوى.
هكذا تسير الحياة معكوسة جعلت حركة المتغير تسير الى الخلف في تقلبات منتجة للتخلف ومنتجة للأزمات يستدل منها على خلل في القناعات الايديولوجية للأحزاب والتنظيمات السياسية غير المستعدة للاحتكام للديمقراطية القائمة على التعددية السياسية والحزبية وغير القادرة على الاحتكام للتداول السلمي للسلطة على قاعدة أغلبية تحكم وأقلية تعارض.. فراحت تحت ضغط الخوف من الانتخابات تدور حول نفسها في نطاق التمديد المكرر للمرحلة الانتقالية، كلما انتهت أو شارفت على الانتهاء حددت التمديد مرة ثانية ومرة ثالثة ومرة رابعة الى ما لا نهاية من الانهيارات دون استعداد للدخول في منافسات انتخابية بحثاً عما هي بحاجة اليه من تجديد لثقة الهيئة الناخبة بصورة جعلت اعضاء مجلس النواب ينتجون أنفسهم عشرة اعوام بإضافة اربعة اعوام الى ما حصلوا عليه من ثقة الهيئة الناخبة وقد تطول مرات عدة فتصبح اثني عشر عاماً بإضافة عامين الى الاعوام الأربعة السابقة.
أعود فأقول إن الدوران المعكوس في الزمان والواقف في المكان لما يطلق عليه بحركة التغيير الثورية تدور في البلاد نحو الهاوية بدلًا من الدوران الى الأمام فلا ينتج عنها في التقلبات السياسية المعكوسة والحركة الواقفة سوى التخلف الذي يقع داخل الدوامة المغزلية للماضي دون قدرة على استقدام المستقبل وتشكيله بما يحقق قدراً معقولًا ومقبولًا من البناء واضافة الجديد الى ما هو كائن من ايجابيات القديم.
لأن التحديات في حالة تعاظم ناتج عن التراكم العبثي من الثأرات والاحقاد والاطماع السياسية المستبدة غير الديمقراطية تستبعد الانتخابات من اجندتها السياسية وتسعى للبقاء في السلطة أكبر فترة ممكنة من الوقت حتى تتمكن من أخونة كافة المؤسسات المدنية والعسكرية للدولة بحيث تتجنب القبول بأية مغامرة انتخابية غير مضمونة النتائج لأنها لا تضع بالاعتبار أن المعارضة هي الوجه المكمل للدولة الديمقراطية المكونة من اغلبية تحكم وأقلية تعارض غير مدركة بأن ما نتج عن مشاركتها في السلطة من اقصاء للآخر وفشل اقتصادي واداري أمني.. الخ.. قد باعد بينها وبين ثقة الهيئة الناخبة مهما تمكنت من الاستحواذ على الوظيفة العامة للدولة مدنية كانت أو عسكرية.
اعود فأقول إن شعار بناء اليمن الجديد الذي رفعه فخامة الأخ رئيس الجمهورية في بداية استلامه للسلطة قد بدأ يتراجع من جراء الاداء الحكومي السيئ الذي لم يحقق شيئاً على طريق بناء الدولة المدنية الحديثة بل ساهم في تهديم ما تبقى من مؤسسات الدولة التي تكونت عبر التاريخ الحديث والمعاصر منذ قيام الثورة اليمنية سبتمبر وأكتوبر حتى هذه اللحظة.. حيث يلاحظ أن الاختلالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والعسكرية والامنية تعكس صورة سلبية لا تدعم بناء اليمن الحضاري الجديد في شتى مناحي الحياة على نحو فتح المجال للكثير من الممارسات الفوضوية التي اضافت الأسوأ إلى السيئ إلى درجة أصبح فيها البعض يقول بقصد وبدون قصد بوعي وبدون وعي )ليس بالإمكان أفضل مما كان » وان اليوم ليس أفضل من الأمس..
ومعنى ذلك ان الماضي الذي رفعنا شعار القضاء على ما حدث فيه من الأخطاء ورفعنا فيه شعار تصويب ما حدث فيه من الأخطأ وتصحيح ما تراكم فيه من الممارسات الفاسدة مازال هو الأكثر حضوراً في الخطابات السياسية والإعلامية الرسمية والحزبية للحكومة وللأحزاب التي تبدو وكأنها تسير إلى الخلف لإنتاج ازمة جديدة تضاف إلى ما تبقى من الأزمة السابقة بدلًا من تجاوز النزاعات الثأرية والانتقامية والانطلاق نحو المستقبل بعقول حوارية حريصة على التسامح والتصالح وبقلوب عامرة بحب الآخر والاستعداد للتعايش معه بدافع المصلحة المشتركة الموجبة لتغليب رحمة وفضيلة الاختلاف على لعنة الكراهية والحقد من أجواء واعدة بالأمل توفر للجميع وبالجميع ما هي بحاجة إليه من التعاون والتكامل والتكافل المحقق للتفاعل والتقدم في شتى المجالات الحياتية والحضارية المحققة للجديد الذي ينطلق من ايجابيات الماضي وعبره ودروسه وخبراته وامكاناته لكي يحقق في الماضي والمستقبل ما يتطلع إليه الشعب من المنجزات الابداعية والانتاجية التي تجعل العلم ضوءً لما يجب ان تقوم به من أعمال مفيدة ومثمرة لأن بناء الحاضر والمستقبل الواعد بالجديد يحتاج إلى الانطلاق مما قبله من الايجابيات وانتهاج الفعل الجاد الذي لا مجال فيه لتكرار ما حدث من الاخطاء والسلبيات والأزمات.
الذين يرغبون في بناء اليمن الحضاري الجديد يلزمون انفسهم واحزابهم في تقديم ما يجب ان يقدموه من التنازلات حتى ولو كانوا يرون فيها نوعاً من انواع التضحيات التي تقدم الموضوعي على الذاتي، لكي يفرضوا احترامهم على الآخر ويرغموه على تقديم ما يجب ان يقدمه من التنازلات والتضحيات التي تقدم الموضوعي على الذاتي والمصلحة الوطنية على المصالح الخاصة.
إن من يريد بناء اليمن الجديد يجب أن تكون المصالحة والعدالة دينه وديدنه ويجب أن يتحرر في أقواله وافعاله وعلاقاته الوطنية من اطماعه وشهواته وملذاته السياسية والاقتصادية الزائلة لأن العلم والعمل يمثلان تؤمين لا غنى عنهما أو عن أي منهما في بناء اليمن الحضاري الجديد الذي يحتم فهم المسئولية المشتركة من ترسيخ القيم المتوازنة للشراكة في السلطة والثروة، وما ينتج عنها من انتصار حقيقي للديمقراطية وللعدالة وللتنمية الاقتصادية والاجتماعية الدائمة والمستمرة بعيداً عن الصراعات والحروب التي لا تخلف للشعب وللوطن اليمني سوى الدماء والدمار والدموع والاحزان المؤلمة.
يخطئ من يعتقد أن ما وصلت اليه اليمن من أوضاع سياسية واقتصادية واجتماعية وعسكرية وامنية متردية في ظل حكومة الوفاق الوطني يبعث على الافتخار بأن ما هو كائن أفضل مما كان، يضع نفسه وحزبه وما لديه من الاتباع والانصار في مواقف محرجة ومضحكة اذا لم أقل انها مواقف مخزية.
لا تبعث على الشرف والفخر بأي حال من الاحوال مهما كانت المبررات الخارجة عن الارادة، وقد كان الأخ الشيخ سلطان البركاني الأمين العام المساعد للمؤتمر الشعبي العام رئيس الكتلة البرلمانية للمؤتمر على حق حينما قال: إن ما كان قائماً قبل حكومة الوفاق الوطني ويقصد بذلك الأوضاع وقبل أزمة عام 2011 م إنها كانت افضل مائة مرة مما هي عليه الأوضاع اليوم في شتى مناحي الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والعسكرية والأمنية.. الخ
«في مقابلة مع قناة اليمن اليوم » أقول ذلك وأقصد به إن ما وصلت اليه اوضاع اليمن من الاختلالات غير المسبوقة لم تعد خافية على أحد من أبناء الشعب اليمني مهما حاول الناطق الرسمي باسم رئيس الحكومة أن يتخذ منها مبررات واهية لتسويق بيان رئيس الحكومة الاستفزازي النزق الذي رد به على خطاب محافظ إب القاضي احمد الحجري الذي حاول فيه تهدئة ابناء المحافظة من لقائه غير المسئول مع المليشيات الاخوانية التي طوقت مبنى محافظة إب وأغلقت أبوابه بوجه الموظفين وبوجه أبناء المحافظة وما نتج عن ذلك من تعطيل لمصالحهم اليومية واصفاً اياهم بأنهم يمثلون ابناء محافظة إب واعداً برفع
مطالبهم لرئيس الجمهورية.
ليس غريباً على الناطق الرسمي لباسندوة أن ينسب البيان المعبر عن موقف نصف الحكومة بأنه يعبر عن موقف الحكومة التي رُحّل اجتماعها الدوري من يوم الأربعاء الى يوم الخميس لهدف في نفس يعقوب بصورة تفتح المجال للاستغراب..!!
قد يقول البعض إن إصدار هذا النوع من البيانات الاستفزازية في غياب نصف الحكومة لا يختلف عن قبول الحكومة بناطق رسمي ينتمي الى الاخوان المسلمين بقرار من رئيس الحكومة وما أعقبه من السكوت الذي اعتُبر بمثابة موافقة مطلقة وغير مسبوقة على ما سوف يصدر عنه من البيانات والتصريحات والمؤتمرات الصحفية على نحو يفتح المجال للكثير من التساؤلات الموضوعية التي تضع الالتزام الحزبي والسياسي لنصف الحكومة على المحك؟ وهل هؤلاء الوزراء الذي فوضوا غيابياً لايزالون يمثلون المؤتمر الشعبي العام وحلفاءه أم أنهم يمثلون أحزاب المشترك بقيادة التجمع اليمني للاصلاح؟ أم أنهم لا يمثلون إلّا أنفسهم؟
صحيح أن هذه الأسئلة قد تكون سابقة لأوانها لأن اعضاء النصف الآخر للحكومة لم يقولوا وجهة نظرهم بعد من البيان الذي قرأه ناطقه الرسمي وحتى ذلك الحين لكل مقام مقال ولكل حادث حديث، ولا نحتاج الى التسرع في إطلاق الاتهامات للوزراء المفترى عليهم من الناطق الرسمي لرئيس الحكومة.. لا أعتقدأن وزراء المؤتمر سوف يظهرون انفسهم بهذا المظهر المحرج والمسيئ بحكومة الوفاق بصورة لا تقبل التبرير والتأويل بأي حال من الاحوال المعقولة والمقبولة.
تمت طباعة الخبر في: السبت, 23-نوفمبر-2024 الساعة: 03:11 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almethaq.net/news/news-37930.htm