الإثنين, 21-أبريل-2014
الميثاق نت -  د. محسن حسين العمري -
ليست اللامركزية فلسفة ونظريات معقدة يختص بها الكتاب ويعبرون عنها بالألغاز .. إنما هي رغبة جامحة في نفس كل مواطن خالص الشعور.
المركزية عدوة الشعوب , إن لم تكن عدوة الإنسان نفسه .
ان الذين يعادون الفكر والعلم , والتطور و الانفتاح , على الآخر والتسامح ويحولون دون تحرر الأمة ويتمسكون بالتجزئة هم ولاشك رجعيون مستغلون أنانيون مستبدون ظالمون.
إن اعظم ميزة للإنسان هي الحرية ... فالحرية هويته , طريقه إلى الابداع ووسيلته , بل هي غايته في الحياة .
ليس لك من فضل في خدمة الناس - عن طريق ظلمهم.
إنني شخص مشحون بنظريات عصر سلف , وأفكاري هي أفكار الطبقة التي أخدمها لا أفكار الطبقة التي أنتمي إليها .
الإنسان الجدير بالمركز الرفيع - هو الإنسان الذي تتجلى قدرته على السيادة - وهو الإنسان الذي يستحق الخدمة والفداء .
مجتمعنا ضعيف لأن الأشخاص الذين يؤلفونه يفتقرون إلى صفات عدة أهمها الحب , والتعاون , والمسئولية، فالأمة التي يترابط أفرادها بواسطة الحب أقوى وأنقى من الصخور المتجمدة.. وواجبنا أن نعّود أرواحنا على الحب والتسامح والإخاء.. ولندع جانباً كل عائق ناتج عن جهل وكراهية.
إذا دعونا إلى الحب، فإننا لا نعني به الحب المبهم , بل نعني الحب المنحدر من الإسلام.. ونعني به الحب الواقعي بين اشخاص حقيقيين يعيشون ويموتون.. فأظهر حبك نحو جارك , نحو قريبك , نحو أهل بلادك نحو الإنسانية جمعاء .
دعونا نعش بحب وإخاء على صعيد إنساني، وأعلى ضوء، وأجمل وأبهى ما بشر به نبينا قائد الإنسانية الأعظم , محمد صلى الله عليه وآله وسلم .
الرجل الذي يحب ربه من قلبه، لا يسعه إلا أن يحب عباد الله الذين يؤلفون معه وطناً واحداً فكل مجتمع لا يسير على ضوء هذه الحقيقة لا يسير أبداً .
التعاون قاعدة اساسية لحب الإنسان لأخيه الإنسان.
لا جدال في أن الفرد لا يقدر أن يؤمن بنفسه كل ما يحتاج إليه في الحياة. ولذلك فمن الضروري أن يتعاون مع اخيه مع جاره مع مواطنيه فالشعوب التي لا تتعاون تندحر وتنحل من تلقاء نفسها.
كان أجدادنا في الماضي يشددون على المروءة ويعتبرونها من خير القيم الخلقية واليوم نسير بعكس ذلك، كلنا يهيم في واد، مع أن المروءة هي في الواقع روح التعاون والمؤازرة في الأزمات.
يجب بأن نشعر أن الفرد جزء لا يتجزأ من المجموع، فالتعاون فرض واجب تواجده بين الفلاح وأخيه الفلاح، والتعاون فرض واجب بين العامل وأخيه العامل وبين الموظف وزميله وبين الأديب وقرينه وبين المالك والمستأجر وبين التاجر وأخيه التاجر والجار وجاره، فمن أجل مصلحة الجميع أصبح التعاون أمراً ضرورياً بين جميع الطبقات وبين هذه الطبقات كلها والحكومة، لأن الأمة مؤلفة من اخوان وأخوات , وليس من طبقات معادية والواحدة للأخرى، فالطبقات المعادية تحدث حربا داخلية تؤدي بالأمة إلى الهاوية ,أما الاخوان المتعاونون - رغم اختلاف أعمالهم ومصالحهم- فيتكاتفون دوماً من أجل تأمين مصلحة الأمة ومصيرها الواحد.
الشعور الجماعي بالانتماء الى وطن واحد ضروري للتعاون، فلابد إذناً من أن نتمسك بهذا الشعار الخالص وهو أنا مسئول عنك وأنت مسئول عني , أنا منك وأنت مني.. وهكذا بالإيجاب .
الرئيس الذي يشعر بمسئولية نحو شعبه يعتبر رئيساً صالحاً ومطيعاً للقاعدة الإسلامية (( كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته )) والمواطن الذي يلاحق باهتمام التطور العام في بلاده ويشارك في الأعمال والأفكار التي تقود السفينة التي ترتبط بمصير حياته يكون أيضاً مواطناً صالحاً ومسئولاً .
إن المسئول -أياً كان- الذي يكون همّه التغني بأمجاده وأسلافه لا يجدي بلاده نفعاً بل يساعد على خرابها .
الحاكم المسئول هو الذي يشعر بأنه واحد من شعبه بل خادم له... وبمثله تنشأ الأمم .
من أراد أن يصبح في المقدمة عليه أن يبدأ من الآخر .
عندما تعرف نفسك تماماً , وتعرف حقوقك وتعرف واجباتك في الحياة , تجد أنه لا فرق بينك وبين السلطان إلا القانون فأنت والسلطان متساويان أمام القانون كمساواتهما أمام الله.. وهذا ضرب من ضروب المساواة.
لقد استوردنا الكثير والكثير , فمن اللائق وطنياً أن نصدّر قليلاً .
الفرد لا يوجد من اجل الدولة بل الدولة من اجل الفرد حتى تؤمّن له السلام والنظام وهما الشرطان الضروريان لإعطائه الحرية الكافية ليكمل مقوماته الشخصية .
إن الرجل الذي يأخذ الحق كما يتراءى له مقياساً لضميره , ويعبر عن فكره بحرية دون خوف من حاكم تقليد ذاك هو عندي مثال المواطن الصالح - الفعال..
الديمقراطية هي خير الأنظمة الحديثة لتأمين مصلحة الفرد وحريته، والديمقراطية السليمة كانت متوافرة في بلادنا من قديم وإن كانت بشكل مختلف ومع ذلك فنحن نجهلها او نتجاهلها .
إنني أنظر بشغف إلى ذلك اليوم الذي أرى فيه أصحاب الحق وقد تفهموا المبادئ الديمقراطية يمشون رافعي الرأس لا يُقبلون يداً ولا يرتجفون خوفاً أمام مدير أو رئيس بل يتكلمون كمن لهم سلطان أمام اكبر موظف حكومي، واثقين من أن الموظف ليس قيصراً بل هو خادم عام ليؤمّن مصالح كل فرد ..
بالمقابل الشعب الواعي يحترم النظام والقانون ويدفع الضرائب المستحقة عليه دون تبرم , يهتم ببناء المجتمع الأفضل , وتشجيع المدارس والجامعات التي تعمل من أجل الحق ومن أجل رفع شأن الإنسان .
الشعب الواعي لا يضيع ثرواته في المظاهر وفي الإسراف، وإنما هو الذي ينادي بالتطور والتقدم الى الأمام.. هو الذي يتخلص من العادات الجامدة البالية المتحجرة ..
الشعب الواعي هو الذي يشجع أبناءه على حب العلم والبحث والتنقيب والصبر على الآلام والمتاعب في سبيل خدمة بلده وشعبه وفي سبيل رفعة الوطن .

تمت طباعة الخبر في: السبت, 23-نوفمبر-2024 الساعة: 03:17 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almethaq.net/news/news-38055.htm