د. علي العثربي -
< يبدو أن القوى السياسية التي فشلت في التعامع مع الديمقراطية ولم تحترم المبادئ والقيم الدينية والانسانية وحولت اعتقادها الديني الى الايمان المطلق بأن الغاية تبرر الوسيلة باتت اليوم أمام فضيحة لم تعد قادرة على تغطيتها على الاطلاق، وهي فضيحة الانهيار المطلق في القيم والمبادئ التي تسترت خلفها سنين طويلة، وجاءت ممارساتها الفاجرة خلال الفوضى التدميرية من خلال التغرير بالبسطاء من الناس والدفع بهم الى ساحات التغرير والفجور لتكشف العورة وتفضح المستور فأعلنت الإيغال الماحق في 2011م لاستغلال المبادئ والقيم، ورفعت المزيد من الشعارات الغوغائية والتدميرية الفاجرة وأعلنت بصريح العبارة بأن الغاية تبرر الوسيلة وأن ما أسمته الثورة يتطلب كل ذلك الفجور، وأن المبادئ والقيم والمثل التي كانت تتغنى بها خلال الفترات الماضية لا مكان لها في القاموس الثوري التدميري، فأباحوا كل القيم وانتهكوا كل الحرمات، ورغم كل ذلك الفجور الفاضح كانوا يرفعون الشعارات التي كانت تدغدغ عواطف البسطاء من الناس الذين لم يدركوا خطورة اسقاط المبادئ والقيم والمُثل الانسانية ولم يدركوا أن من يُسقط القيم الروحية والاخلاقية والانسانية لن يعمل من أجل تحقيق الشعارات المرفوعة ولم يدركوا أن تلك الشعارات لم تكن الا وسيلة من وسائل استغلال العواطف واستثارة النفوس لإحداث الدمار الشامل.
إن ما أحدثته تلك القوى الآثمة من إسقاط للمبادئ والقيم والمثل الانسانية لم يدرك خطورته على المستقبل الا أصحاب المبادئ الثابتة الذين لم يعرضوا أنفسهم في سوق النخاسة ولم يقبلوا بالبيع والشراء في المبادئ والقيم الانسانية، وفضلوا العيش بالبساطة في ظل سموّ القيم وعلوها وواجهوا من أجل ذلك صنوفاً من الأذى الذي عرض حياتهم للخطر، ومع ذلك ظلوا كما هم يؤدون رسالتهم الوطنية والدينية والانسانية بأمانة وإخلاص، وكانوا الصوت الذي أسمع العالم خطورة الانحراف عن القيم والمبادئ وحذروا من التمادي في الفجور، وقالوا إن الشعارات التي تجتذب البسطاء من الناس التي رفعها من انتهكوا القيم والمبادئ ليست الا للاستهلاك الاعلامي لا أقل ولا أكثر، وأن هذه الشعارات سيتخلى عنها رافعوها ويقولون إنها مجرد وسيلة مرحلية تبررها غايتهم الفاجرة وضرورية للفجور.
إن القوى التي أججت الفوضى التدميرية لم تكتفِ بذلك الفجور خلال الأزمة المفتعلة في 2011م، بل جلبت أنواع الفساد والشرور واستقوت بكل شيطان رجيم واستقدمت كل عدو حاقد على قدسية التراب اليمني وقدمتهم كخبراء ومنظرين للفوضى التدميرية، وجعلت من ضعفاء النفوس وعشاق السلطة أبطالاً في ساحات الفجور واستحضرت كل ما يمكن أن يعزز الفتنة ويفجر براكينها داخل الساحات بصورة فاجرة وغادرة بالقيم والمبادئ والمثل الوطنية والدينية والانسانية، بل خلقت الرعب في نفوس الذين أنكروا تلك الافعال ومنعتهم من الخروج وغدرت بمن لا يذعن لفجورها ونكلت بمن حاول فضح غدرها وسامتهم سوء العذاب، وتغنت بشياطين الفجور والطغيان ورفعت صوراً لمن اعتبرتهم قدوتها في التدبير، وتخلت عن القدوة والمعلم الرباني محمد- صلى الله عليه وآله وسلم- وجعلت من المتمردين على الأوطان والخارجين على الدساتير والعابثين بالقيم والمبادئ رموزها في الفوضى التدميرية وقدوتها في السلوك الغادر.
إن المشاهد التي نقلت مشافهة مما كانوا في ساحات الغدر والخيانة للمبادئ والقيم قدمت نماذج من الأقوال والأفعال التي أثارت المشاركين وجعلتهم يفرون من الساحات مستنكرين تلك الأقوال والأفعال التي تعارضت مع قواعد الدين الحنيف ولم يقرها شرع ولا دين ولا عرف ولم يعرفها المجتمع اليمني عبر مراحله التاريخية الطويلة، ومن كُتبت لهم النجاة من أيدي الغدر فإنهم اليوم يرون تلك المشاهد بحرقة ويعبرون عن ندمهم الشديد للانخراط في مسلك الشيطان والغواية الذي دمر الخير وعمّق الشر وزرع الحقد والكراهية وناصب الوطن العداء والغدر بكل قيم الوفاء والانتماء، وتقول تلك الروايات من الأحرار الذين ضاقوا ذرعاً بتلك الممارسات الفاجرة أنه كلما عبروا عن استنكارهم لذلك يواجهون بالقوة والاتهام بالعمالة للنظام والقول بأن المبادئ والقيم الدينية والوطنية والانسانية لا مكان لها في ساحة التغرير والفجور.
إن المشهد الحي الذي يقدم برهاناً عملياً لما كنا نحذر منه خلال تلك الأزمة الفاجرة هو صورة المشهد الحالي لعشاق السلطة الذين كانوا يتغنون بالشعارات الجاذبة لبسطاء الناس فها هم اليوم يتخلون عن تلك الشعارات ويصرون على تجريع الشعب المزيد من المتاعب من خلال الإصرار على تحرير المشتقات النفطية من الدعم، وللتذكير فقط أين شعارات: نحرركم من الجوع، نرفع مرتبات الجيش، نضاعف المرتبات في مختلف القطاعات، ننقذكم من الفقر، لا يجتمع الفقر والبترول وغيرها من شعارات الخداع والمكر والتدليس التي جعلوا منها وسيلة للوصول الى غايتهم الشيطانية وهي الاستحواذ على مقدرات الشعب والسطو على الحريات العامة ومنع الشعب من حق الاختيار الحر في الانتخابات العامة.
إننا إذ نذكر بذلك فلأن بعض تلك القوى مازالت تمضي في غيّها العدواني نحو المزيد من التدمير الممنهج لمؤسسات الدولة، والبعض يستهدف القضاء على المؤسسة العسكرية والأمنية إرضاءً لشياطين الإنس الذين امدوهم بالأموال المدنسة لتدمير البلاد والعباد، ولكي يأخذ الشعب حذره من الإنجرار خلف شعارات الغدر والخيانة التي يكمن خلفها إنهاء وجود اليمن من خارطة العلاقات الدولية، وأن يتحد الجميع كافة في مساندة فاعلة للأخ رئيس الجمهورية عبدربه منصور هادي لاستكمال التسوية السياسية والوصول الى الانتخابات العامة البوابة الآمنة لمستقبل أبناء اليمن..