الإثنين, 12-مايو-2014
الميثاق نت -   عبدالرحمن مراد -
يبدو أن الحرب على الإرهاب ستعمل على خلط بعض الأوراق السياسية لبعض الاطراف فقد بدأت الرموز والاشارات في الخطاب الاعلامي لتلك القوى تومئ الى اشكالات الغد وتعبر عن ارباك اللحظة بعد أن تمكن الجيش من تحقيق الانتصارات على أرض المعركة واتسعت دائرة التأييد الجماهيري المساندة لمعركة الجيش ضد تلك القوى التي حاولت أن تعبث بأمن واستقرار الوطن.
ومنذ زمن ليس بالقصير أجد نفسي على يقين كامل أن العناصر الإرهابية التي تدير هذا العبث وتعمل على تفكيك بنية الدولة وتستهدف أفراد الأمن وابناء القوات المسلحة على ارتباط كامل واستراتيجي مع قوى وأطراف سياسية نافذة، وتلك القوى منذ باكورة النشأة الأولى لها وجهان ظاهر وباطن، ومن خلال تلك الحالة الازدواجية تدير شأنها السياسي وهو الأمر الذي جعلها تفشل عبر كل حقب التكوين والتفاعل الاجتماعي والسياسي والثقافي.. ويمكن لأي متابع لمجريات الخطاب السياسي والاعلامي لتلك القوى أن يلحظ ذلك التناقض في الموقف وفي الخطاب وفي الرموز والاشارات التي يمكن تلقيها من بين ثنايا التفاعلات المختلفة ومن بين العبارات والنشاط العام الى درجة التقاطها من قبل نشطاء الموقع الاجتماعي «الفيس بوك» فالقضية لم تعد كما كانت عليه في السابق ولم يعد وعي المواطن بالوعي المتعاطف والساذج فقد علَّمته متواليات الأحداث كيف يميز ويقرأ وكيف يفهم، واذا ظن أولئك الناس قدرتهم على كسب عاطفة الجماهير فقد وقعوا في الخطأ وظنوا ظناً خائباً لا قيمة له في واقع يتموج ويتمايز وقد أفرزهم ذهنياً وعاطفياً، والمشكلة الكبرى أنهم لا يكادون يدركون هذه الحقيقة لأنهم يعيشون اغتراباً معرفياً عن واقعهم وازدواجاً وتناقضاً ترك واقعهم ضبابياً وبسببه يلاحقهم الفشل في كل لحظة وآن وفي كل زمن أو حالة ثورية أو انتقالية تمر بها المجتمعات التي يعيشون فيها ويتاقسمون مع الآخرين الهواء والعيش والتفاعل الحياتي اليومي بها.
وما يحدث اليوم في أبين وشبوة من حرب على تلك العناصر الإرهابية لا أظنه إلاّ تعبيراً عن إرادة جماهيرية واسعة وعريضة، ولا أظن المعركة ضد الإرهاب من اختصاص الجيش وحده بل هي معركة وطنية ليس للجيش فيها إلاّ جبهات المواجهة والقتال، فالإرهاب منظومة متكاملة تبدأ من الحارة ومن مسجد الحارة ثم تمتد أفقياً ورأسياً الى أن تصل الى جبهات القتال في المحفد والمعجلة وعزان وغير تلك الابعاد الجغرافية، فالذين يتفاعلون أو يتعاطفون مع تلك الجماعات إنما يحاربون الله ورسوله والذين آمنوا، فالدين الذي يحاربون باسمه وتحت رايته لا يقرُّ أفعالهم المتوحشة ولا يقرّ هدم العمران وإهلاك الحرث والنسل ولا قطع الرؤوس ولا استهداف الآمنين ولا حتى المسالمين فالموت ليس قضية اسلامية وقد نص القرآن على غاياته ومقاصده وقال علماؤه بكلياته الخمس وأفاضوا في الحديث عنها ومنها النفس وحرمتها وهي من القضايا البارزة في التفاعل الإرهابي لتلك التنظيمات والجماعات وما حادث العرضي عنا ببعيد كما أن الصور المبثوثة على شبكة التواصل الاجتماعي وعلى النت تقشعر لها الأبدان فقد شاهدنا جنوداً برؤوس مبتورة وهي الآلية ذاتها التي نشاهدها من تلك الجماعات في سوريا وفي غيرها من بقاع الدنيا، فمن قتل نفساً فكأنما قتل الناس جميعاً ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعاً.. هذه هي المعيارية الاسلامية فهو يعلي من قيمة النفس والحياة، وما يحدث في الواقع لا يمت الى الاسلام بصلة، ومن يتفاعل معهم فهو يدمر البنية الاسلامية في كلياتها وتصوراتها ومعتقداتها ويساهم في تقديم الاسلام في صورة مشوهة.
ومن هنا يمكن القول إن المواجهات المسلحة التي تحدث في جبهات شتى من محافظتي ابين وشبوة هي من أجل تصحيح المفاهيم واعادة الاعتبار للقيم الانسانية النبيلة وإعادة الاعتبار للعقيدة الاسلامية الصافية والخالية من النزعات الجنونية والفردية ومن طبائع التوحش والغابية والفناء التي تبدو عليها تلك الجماعات في تعاملاتها مع الواقع من حولها وتعاملها مع الآخر المغاير لها.
ولعل من نافلة القول إن الوقوف خلف المؤسسة العسكرية وهي تخوض معركة الأمن والاستقرار ضرورة وطنية واخلاقية، فالإرهاب منظومة متكاملة ولا يمكن مواجهته والتصدي له إلاّ وفق آلية متكاملة تتضافر فيها كل المؤسسات والجهات والأفراد من أجل الانتصار لهذا الوطن الذي أثقلته المشاكل والأزمات والحروب.
تمت طباعة الخبر في: الخميس, 21-نوفمبر-2024 الساعة: 11:04 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almethaq.net/news/news-38437.htm