الخميس, 22-مايو-2014
الميثاق نت -   بقلم/عبده محمد الجندي -
< لاشك ان الذين اعتقدوا ان رئيس الجمهورية المشير عبدربه منصور هادي لن يوجه باحياء الذكرى الـــ24 لقيام الوحدة اليمنية في الــ22 من مايو 1990م قد اصيبوا بخيبة أمل وهم يستمعون او يقرأون تلك التوجيهات الصارمة التي قضت بأن يكون الاحتفال بمنجزات الوحدة وباعلان الديمقراطية القائمة على التعددية السياسية والحزبية متميزاً على ماقبله من الاحتفالات بهذا اليوم الوطني الذي تفتح فيه أبواب السماء لتجري ارادة القدر باعلان قيام الوحدة اليمنية بمقتضى ذلك الاتفاق التاريخي الذي وقع عليه الرئيس السابق الزعيم علي عبدالله صالح رئيس المؤتمر الشعبي والاستاذ علي سالم البيض الامين العام للحزب الاشتراكي اليمني والذي استوعب ما قبله من الحوارات والاتفاقيات الوحدوية التي تم استيعابها في دستور الجمهورية اليمنية والقوانين النافذة التي وافق عليها مجلس النواب الموحد، ذلك الاتفاق توج بالاستفتاء الشعبي عليه.

أقول ذلك واقصد به ان الوحدة اليمنية القائمة على الديمقراطية قد مثلت اهم المنجزات العملاقة للثورة اليمنية «26سبتمبر و14 أكتوبر» الخالدة خلود التاريخ والجغرافيا لايمكن لأيٍ كان ان يستكثر عليها ان تكون يوماً وطنياً محفوراً في ذاكرة الشعب اليمني يحظى باتفاق الآباء والاجداد والابناء والاحفاد وجيلاً بعد جيل بغض النظر عما احدثته التجربة والممارسة من السلبيات الناتجة عن الصراع على السلطة والثروة.. لأن وحدة الشعب اليمني كانت ومازالت وستظل هدفاً استراتيجياً في الماضي وفي الحاضر وفي المستقبل ولايمكن لأي رئيس جديد يؤمن بالتغيير والتطور وبناء اليمن الحضاري الجديد إلا ان يكون وحدوياً وديمقراطياً ينظر لما بعد الوحدة اليمنية من وحدة عربية وقومية لان الانفصال دعوة رجعية تعيد عجلة التاريخ الى الخلف، وذلك مالايمكن للمشير عبدربه منصور هادي رفيق الرئيس السابق علي عبدالله صالح ووزير دفاعه في حرب الدفاع عن الوحدة ونائبه في الدولة وفي المؤتمر الشعبي العام ان يقبل به تحت أي ظرف من الظروف ولأي سبب من الاسباب، قد يكون مستعداً لمراجعة الخطأ وتغليب الايجابيات على السلبيات وحماية الوحدة من غول المركزية الصارمة التي تهددها بالفناء عن طريق استبدال مصطلح الدولة الاندماجية بالدولة الاتحادية الفيدرالية بدافع الحرص على اعادة ماهي بحاجة اليه من ثقة الشعب اليمني صاحب المصلحة الحقيقية في الثورة والوحدة والديمقراطية والتنمية الاقتصادية والاجتماعية، لكنه لم يكن مستعداً للاستجابة لتلك المحاولات الانفصالية والارهابية التي تعيش خارج العصر مهما كانت الاسباب الواهية والباحثة عن الاصطياد بالمياه العكرة، بل واكثر من ذلك انه لم يكن على استعداد للقبول بالحلول غير الوحدوية التي تفصل الفيدرالية على مقاس الشطرين والاقليمين لانها اقرب الطرق الى العودة الى ماقبل الوحدة والديمقراطية فجاء حرصه على الاخذ بخيار الاقاليم الستة التي تقسم الجمهورية اليمنية الى أربعة اقاليم في الشمال واقليمين في الجنوب لانه ينظر للفيدرالية واللامركزية من زاوية وحدوية وديمقراطية تكشف قناعاته المبدئية الثاقبة، لذلك لاغرابة ان يكون اهتمامه باحياء الذكرى الرابعة والعشرين لقيام الوحدة والديمقراطية نابعاً من قناعات وحدوية وديمقراطية ليست قابلة للتراجع من الامام الى الخلف ومما قبل الوحدة والديمقراطية الى ما بعدها من التبدلات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والعسكرية والامنية التي ترتقي باليمن المعاصر الى مستوى ما تتطلع اليه الاجيال من الطموحات الوحدوية والديمقراطية والاقتصادية والاجتماعية ليمن آمن ومستقر ومزدهر ومتقدم يستبدل الحاجة بالكفاية والفقر بقدر معقول ومقبول من المعيشة والكرامة ويستبدل الجهل بالعلم ويكرس الجهود لبناء الحاضر والمستقبل واخراج الشعب اليمني من الدوامة الضيقة لاحقاد الماضي وثاراته وممارساته غير الوحدوية وغير الديمقراطية وغير السليمة وغير المبدعة وغير المنتجة لان البكاء على الاطلال يعكس الطبيعة المستبدة والمنتجة للتخلف ولاستبدال الجهل بثقافة التجهيل والظلامية والارهابية التي تضيف مشاكل الى مشاكل واحقاد الى احقاد وتخلف الى تخلف وارهاب الى ارهاب وفساد الى فساد وكراهية الى كراهية.

ومعنى ذلك ان البحث عن الدولة اليمنية الحديثة يحتاج الى خطابات سياسية مستنيرة ومرجعيات حوارية وديمقراطية نابعة من اجماع الشعب على تقديم التطلعات الواحدة للمستقبل على الذكريات القبيحة والذميمة لمماحكات الماضي ومزايداته التي لايتذكر الشعب اليمني عن خلافاتها وصراعاتها وحروبها سوى الدمار والدماء والدموع على ما سفك من الدماء ودمر من المنجزات وازهقت من الارواح المدنية والعسكرية التي يتضرر منها جميع القوى والتنظيمات والمنظمات السياسية والجماهيرية ولايستفيد منها سوى أعداء الحياة والوحدة والديمقراطية والتقدم والرقي الحضاري.. وهؤلاء هم الذين يحاولون عبثاً انتهاج الاساليب والسياسات القمعية لافشال أي عملية حوارية وديمقراطية تحقق للشعب ماهو بحاجة اليه من الامن والاستقرار وبناء دولة النظام وسيادة القانون على قاعدة التعدد والتنوع واحترام الحق والواجب باعتبار المواطنة المتساوية بين الرجل وبين المرأة هي الثابت الوطني الذي يحقق الحكم الرشيد في اجواء يتوافر فيها السعادة والاحترام المتبادل رغم وجود التباين والاختلاف الذي لايفسد للود قضية الذي يؤمّن للشعب الحدود الدنيا للحياة الامنة والمستقرة ويمكنه من بناء حياته وماهو بحاجة اليه من المنظومة الدستورية والقانونية التي تضع الانسان المناسب في المكان المناسب ويطبق مبدأ الثواب والعقاب.

وخلص من ذلك الى القول ان الشعب اليمني يعتبر الذكرى الرابعة والعشرين يوماً وطنياً يستوعب ما قبله من المناسبات والايام وما حققه من المفاخر والانتصارات في مسيرته النضالية الطويلة والاحتفال بها بعد حرب طاحنة بين الامل والابتسامة لابناء الشعب اليمني وهو يحشد ما لديه من الطاقات والامكانات المادية والمعنوية لوضع مخرجات الحوار الوطني الهادفة الى وضع المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية المزمنة موضع التطبيق قولاً وفعلاً وليس مجرد كلام للمزايدة والمكايدة والاستهلاك، ان الانتهاء من كتابة الدستور وموافقة الشعب عليه سيكون مكسباً من المكاسب العظيمة الكفيلة بالتحول والانتقال العظيم الى الديمقراطية المحققة للارادة الشعبية ولهذا الشعب وهو يحتفل بالانتصار للوحدة والانتصار على الارهاب لايسعنا إلا ان نتوجه بالتقدير والاحترام لكل ابناء القوات المسلحة والامن في مواقعهم وساحاتهم القتالية وما يقدمونه لنا من مقومات الحياة الآمنة والمستقرة، والخلود للشهداء والشفاء للجرحى والانتصار للشعب والبقاء للوحدة والديمقراطية والامن والاستقرار والتنمية في هذا اليوم الوطني العظيم عظمة الشعب اليمني الصابر والمناضل.

ولايفوتنا بهذه المناسبة العظيمة ان ندعو كافة اولئك الذين يراهنون على الانفصال والارهاب وعلى اثقال كاهل الشعب بالكثير من الالتزامات المالية الجديدة ان يتقوا الله في هذا الشعب الصابر والصامد بوجه التحديات وان يراجعوا مواقفهم وحساباتهم الخاطئة ويستبدلوا الخطابات الانفصالية بالخطابات الوحدوية والخطابات والاساليب الارهابية بالخطابات والاساليب المستنيرة والسلمية والاطماع المادية والاساليب والوسائل الفاسدة المدمرة بالاساليب والوسائل العلمية الباحثة عن الموارد والامكانات الكفيلة بتحسين الاوضاع المعيشية للشعب بدلاً من تكرار الاساليب والوسائل الفاسدة والبحث عن المال لانتزاع ماتبقى من لقمة عيش بدائية من افواه اولئك الفقراء والبؤساء والمعذبين الذين يعيشون حياة أسوأ من الموت والذين يعيشون تحت خط الفقر ويتعرضون لسوء تغذية كدرت صفو حياتهم واثرت على ماهم بحاجة الىه من الضروريات.. كالمواصلات والطعام والسكن والامن التي تقيهم من سلسلة لاحصر لها من الامراض ومن الازمات المركبة تكاد تفقدهم ماتبقى لديهم من الآمال والتطلعات الواعدة.. ان الحكومة التي تقف الآن أمام نواب الشعب تتظاهر بالقوة رغم ماهي عليه من الضعف وتتظاهر بالمنجزات رغم ماهي عليه من الاخلاص تفتقد الى القدرة على حسن استخدام مالديها من الموارد والامكانات بما افرطت فيه من التجنيد والتوظيف والتسويات الحزبية والسفريات الترفيهية التي تحولت إلى عجز خيالي في الموازنة العامة لايمكن التغلب عليه إلا بالرفع التعسفي لما تقدمه الدولة من الدعم للمشتقات النفطية المرتجلة، فبدت وكأنها تقدم مصالح حزبية على مصالح الشعب وكما ضيعت الدعم السابق سوف تضيع الدعم اللاحق الى درجة توشك ان تغرق اليمن في بحر من الازمات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والعسكرية والامنية التي ما تكاد تنتهي إلا لتبدأ وما تكاد تبدأ إلا لتنتهي ولكن بلا بداية مفيدة ولانهاية مثمرة.. رحيل هذه الحكومة يافخامة الرئيس افضل مرات عدة حتى لاتبقي نقطة سوداء لتشويه ماتبقى من المرحلة الانتقالية.‭‬

تمت طباعة الخبر في: الخميس, 21-نوفمبر-2024 الساعة: 10:13 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almethaq.net/news/news-38654.htm