محمد علي عناش -
< تهل علينا المناسبة الرابعة والعشرين لقيام الوحدة اليمنية المباركة هذا الحدث التاريخي العظيم الذي اشرقت أنواره وتجلت تباشيره في ضحى يوم الثاني والعشرين من مايو 1990م ليسجل التاريخ في سفره الخالد بأحرف من نور حكاية شعب في حاضر شتات الامة العربية وتمزقها، أبى إلا ان يتوحد وان يدفن في قعر سحيق كل عوامل الفرقة والتشرذم في هذا اليوم الأغر، الذي سوف يظل محفوراً في ذاكرة اليمنيين مقروناً بصانع الوحدة الزعيم علي عبدالله صالح.
عاش اليمنيون قبل هذا اليوم الخالد تاريخاً طويلاً من التشطير والتقسيم والحروب الدامية بين ابناء الشعب اليمني الواحد، بسبب عوامل الفرقة والصراعات التي كرسها المستعمر البريطاني والحكم الامامي البائد وبسبب الصراعات والاستقطابات الدولية التي قسمت العالم الى شرق وغرب والى معسكرين ايديولوجيين «رأسمالي واشتراكي» والتي امتدت تأثيراتها على اليمن.. إلا ان الوحدة اليمنية ظلت قدراً ومصيراً لكل اليمنيين وحلماً ناضل من أجل تحقيقه كل الاحرار والشرفاء في هذا الوطن، وكل الحركات الوطنية التحررية قومية ويسارية، التي كانت الوحدة اليمنية هي الهدف الاول من اهداف نضالها الوطني والقومي التحرري، جسد ذلك المئات من الادبيات والاصدارات الصحفية التي كانت تعبر عن عمق الارادة الوحدوية في الوجدان اليمني وتطلعاته المستقبلية، وكذلك المسيرات الشعبية التي كانت تهتف بطرد المحتل واسقاط حكم الفرد وبالوحدة اليمنية والعربية مستلهمة الخطى الثورية والوحدوية للزعيم الخالد جمال عبدالناصر وفلسفة الثورة العربية التي تدعو الأمة العربية وتحريرها ارضاً وانساناً من المستعمر ومن الظلم والاستبداد والتخلف الذي تحول الى تيار شعبي جارف تقزم أمامه امراء السلطنات واصحاب المشاريع الانفصالية الصغيرة والذين كانوا يتبعون دوائر المستعمر البريطاني.
ان الجمهورية اليمنية التي مثلت مصدر فخر واعتزاز وقوة اليمنيين والحلم الذي ضحى من أجله شهداء ثورتي سبتمبر واكتوبر المجيدتين تمر ذكراها الرابعة والعشرين واليمن تعيش اوضاعاً سيئة على جميع المستويات وتمر بمعطف خطير، بفعل تداعيات ازمة 2011م وعاصفة الربيع العربي الهوجاء التي حلت بالخراب والدمار واثارت النعرات والحروب الاهلية وعمقت الفوضى ونشرت الارهاب وبعثت روح المشاريع الانفصالية والتجزيئية في ليبيا وسوريا ومصر واليمن وغيرها من البلدان العربية.
ولاتزال القوى المتطرفة والفوضوية التي رفعت شعار الحرية والديمقراطية والتغيير وصعدت على أكتاف الشباب، وخصوصاً جماعة الاخوان المسلمون، وقواها المختلفة تعمل على زعزعة الامن والاستقرار والسلم الاجتماعي وافتعال الازمات تلو الازمات كقطع الكهرباء وازمة المشتقات النفطية التي امتهنت حرية وكرامة الانسان اليمني وقطعت رزقه في طوابير طويلة مشينة من أجل الحصول على دبة بترول او ديزل وبسببها أغلقت مستشفيات وتعطلت مصانع وتدنى الانتاج الزراعي.
تمر الذكرى الرابعة والعشرون لتحقيق الوحدة اليمنية المباركة والجيش اليمني الباسل ورجال الامن المغاوير يخوضون معركة الدفاع عن الوطن والوحدة والامن والاستقرار ضد عناصر التطرف والارهاب من تنظيم القاعدة في محافظة ابين وشبوة والبيضاء ومأرب وامانة العاصمة ويلقنونهم ضربات موجعة ببسالة وشجاعة وفداء وبارادة قوية في تطهير واجتثاث الارهابيين وكل من يساندونهم ويدعمونهم من القوى المتطرفة والانقلابية، من هنا لن تعيقنا او تمنعنا هذه الظروف السيئة التي تمر بها البلاد من الاحتفال بهذه الذكرى الغالية على قلوبنا لان إحياءنا لهذه الذكرى المجيدة في ظل هذه الظروف هو احياء لقيم الحرية والديمقراطية واحياء للآمال الوطنية والشعبية في وطن آمن ومستقر ومتقدم ومستقبل واعد بالخير والازدهار والتحول الديمقراطي ودافعاً للاصطفاف الشعبي الواسع لمواجهة التحديات الوطنية والاقتصادية والقوى الارهابية والانقلابية والانفصالية لان الوحدة هي مصدر عزة وقوة كل اليمنيين الاحرار والشرفاء.