الميثاق نت -

الإثنين, 02-يونيو-2014
بقلم/ عبده محمد الجندي -
من يستمع الى خطاب الاخوان المسلمين في اليمن يقول: «إذا لم تستحِ اصنع ما شئت» قاعدتهم يقولون كذباً انها قاعدة الرئيس السابق أو الرئيس السابق عفاش والرئيس الجديد يتهمونه بتقديم الحرب على القاعدة على الحرب على أنصار الله، وأنصار الله يتهمونهم بالتحالف مع الرئيس السابق للاستيلاء على العاصمة صنعاء، وفشل حكومة باسندوة سببه الرئيس السابق لأن البلد تحكم برأسين يتقاسمان القوات المسلحة والأمن ويقصد بهم الرئيس السابق والرئيس الحالي الرافض لحماية آل الأحمر من اعتداءات أنصار الله الذين أخرجوهم من قبيلتهم وهدموا قصورهم في حاشد.
والعملية العسكرية الاخيرة للقاعدة في سيئون التي اقتحموها بثلاثين طقماً ونهبوا المال وقتلوا الجنود وعاثوا في المدينة فساداً هم قاعدة عفاش، كما قال عبدالرحمن بافضل لقناة «سهيل» الذي تحدث من السعودية بلغة اسفاف وتهريج استهجنها ضيفهم في الاستديو وشجبها المؤتمري الاستاذ فهد بن طالب، وقال إنها اتهامات كيدية لم تعد تنطلي على جماهير الشعب.
قطع الطرقات وضرب أنابيب النفط والغاز والكهرباء من ألاعيب الرئيس السابق عفاش.. وهكذا نجدهم يحكون ويفترسون الوظيفة العامة للدولة ويبتزون ما لديها من الموارد لخدمة ما يقومون به من تجنيد وتوظيف وسفريات علاجية وترفيهية وتسويات ودرجات سياسية وتهربات ضريبية وإعفاءات جمركية وضريبية غير قانونية وغير دستورية.. كل هذه الأكاذيب والتهريجات والسفسطات الاخوانية لم تعد تنطلي على أحد قط.
انهم يفسدون ويصفون الحرب على الارهاب في المحافظات الجنوبية بتفجير حروب عبثية في أكثر من محافظة من المحافظات الشمالية مع أنصار الله.. المستفيد الوحيد منها هم الاخوان المسلمون الذين يمسكون بالطرف الآخر من الحرب الطائفية والمذهبية «السنية مقابل الشيعية) أو الشافعية مقابل الزيدية- لأنهم لا يريدون لليمن أن يخرج من أزمته حتى لا يحدث لهم ما حدث لتنظيمهم في مصر وفي تونس وفي ليبيا وفي سوريا.
يستهدفون رئيس الجمهورية ويوجهون له حملات مسمومة بعد أن مجدوه بكل ما في القاموس من كلمات الاعجاب والمجاملة السياسية لتحقيق ما لديهم من الاهداف والأجندة السياسية المتمثلة بأخونة الدولة ثم انقلبوا عليه من النقيض الى النقيض تماماً كما تعاملوا مع الرئيس السابق وانقلبوا عليه.
هؤلاء الذين أشادوا بالأمس بالأخ وزير الدفاع عندما أبعد بعض القيادات العسكرية القريبة من الرئيس السابق.. نجدهم ينقلبون من النقيض الى النقيض ويتهمونه بما ليس فيه من العيوب ويلفقون له الاتهامات الكيدية، تارةً بأنه جند أكثر من ألف وخمسمائة جندي في أبين وشبوة، وتارةً بمهادنة أنصار الله رداً على انتقاده لقائد اللواء 310 الذي فجر حرباً دون إذن من وزارة الدفاع نتاج عدم استجابته لما يطلبونه من الأسلحة والذخائر والمعدات العسكرية، ورغم مجاراتهم لنواب الشعب في محاسبتهم للحكومة وما تعانيه البلاد من أزمة مشتقات نفطية بسبب امتناع وزرائهم عن تسديد ما احتوته الموازنة من دعم مالي لهذه المشتقات الا أنهم أعطوا الضوء الأخضر لرئيس الحكومة أن بقاءه في منصبه مرتبط ببقاء رئيس الجمهورية المنتخب من الشعب وجعلوه يرفض تطبيق ما اتفق عليه مع نواب الشعب من اللجنة الخاصة بمعالجة أزمة المشتقات النفطية وشجعوه على استغلال خطاب رئيس الجمهورية لإعلان قرارات جريئة برفع الدعم عن المشتقات النفطية، ولما لم يجدوا تجاوباً شعبياً يرجح كفتهم المختلة باعتبارهم أسوأ حكومة فاشلة وجائرة راحوا يفتحون ما لديهم من الملفات لطلب محاكمة الرئيس السابق على ما حدث في الحصبة، متناسين أنهم كانوا السبب في إشعال تلك الحرب المجنونة التي اقتحمت المقرات والوزارات ومنازل المواطنين ودكاكينهم وأموالهم ودماءهم ونهبت كل ما تحويه من الأموال والأثاث والمعدات المكتبية والتقنية وما لحق بها من الخراب والنهب والسلب والقتل في أبشع جريمة تمرد على هيبة الدولة المستمدة من قدسية الدستور وسيادة القانون.. ناهيك عن حرمة الدماء والممتلكات العامة والخاصة.
هذا الجنون الذي يستدل منه على الهوس السياسي والعسكري والأمني والاعلامي ليس له ما يبرره في الداخل سوى الخوف من أن يحدث للاخوان في اليمن نفس ما حدث ويحدث لهم في بلدان ما يطلقون عليها دول الربيع العربي بعد أن بدأ من كانوا في مقدمة من سرقت ثورتهم يراجعون الماضي ويقارنون بين ما كان سائداً بين الأمس وبين ما هو سائد اليوم من أوضاع متردية في شتى مناحي الحياة قائلين سلام الله على عفاش الذي لم يكن يستحق أن يحدث له ما حدث من إساءات واعتداءات ارهابية ظالمة.
إنهم يبعدون الأخطار عن أنفسهم وعن المكاسب السياسية والاقتصادية التي تحققت لهم في لحظة استغفال واستهبال اخوانية غير مسبوقة لم يحصدوا منها سوى ما تعيشه الجماهير من الفوضى الدامية والمدمرة التي أضافت فساداً الى فساد ومعاناة الى معاناة وبؤساً الى بؤس وفقراً الى فقر جعلت فترة حكم الاخوان من أسوأ الفترات التي كانت في بدايتها مأساة وفي مسارها مأساة وفي محصلتها النهائية مأساة طاحنة ستبقى ذكرياتها محفورة في ذاكرة الشعب اليمني جيلاً بعد جيل يتذكرها الأبناء والأحفاد مما لحق بالآباء والأجداد.
حقاً لقد أضاعوا بجنونهم وجشعهم على السلطة والثروة الكثير من الوقت والجهد وأهدروا الكثير من الإمكانات والخيرات في متاهات ما لديهم من الأطماع السياسية والاقتصادية على نحو لم يسبق له مثيل في تاريخ الديمقراطيات الناضجة والناشئة دفعت الشعوب الى ثورات مضادة لثوراتهم التي سرقت أجمل ما قدموه من التضحيات النضالية.
حينما سئل الزعيم التونسي الحبيب بورقيبة عما بينه وبين الاخوان من خلافات قال: «إن بينه وبينهم 400 قرن من الزمن»، ويقصد بذلك انهم قوى تقليدية وظلامية ذات عقول متحجرة ونفوس لا حدود لما لديها من الأطماع والأنانية، لا يقبلون بالجديد ولا يقيمون وزناً للآخر لأنهم بعبودية ما لديهم من تطلعات فاشية ونازية لا مكان فيها سوى للكراهية والحقد.
قد يقول البعض ان ما تطرقنا اليه يفتقد للموضوعية، فأقول بالأحرى إن ما يحدث في اليمن هو في أبعاده السياسية والاقتصادية والدينية نفس ما حدث في مصر وفي ليبيا وفي تونس وفي سوريا، وان الاخوان المسلمين هم الاخوان المسلمون يخضعون لقيادة واحدة وأيديولوجية واحدة يصلحون للفوضى والامور المتعلقة بالجنة والنار وبالعبادات والواجبات الدينية لكنهم لا يصلحون للسياسة ويفتقدون الى مواهب وقدرات رجال الدولة الديمقراطية لأنهم لا يعترفون بالآخر ولا يقبلون بأية قسمة على الشراكة السياسية والاجتماعية.. انهم يعتبرون كل جديد بدعة، وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار، وأن ملكيتهم للمقدسات الاسلامية تمنحهم الحق في الاستيلاء على السلطة والثروة بشرعية مستمدة من الله وليست مستمدة من البشر الذين يعتبرونهم حفنة من الكفرة ومن العلمانيين لا حق لهم في الحياة، ناهيك عن حقوقهم السياسية والاقتصادية بدليل انهم يرفضون الخضوع للمحاكمات فيما اقترفوه من جرائم ارهابية تشبه تلك الجريمة التي حدثت في مسجد دار الرئاسة، متحدين القداسات الخمس ومستهدفين المصلين في بيت من بيوت الله وفي يوم من أقدس الأيام وفي شهر من أقدس الشهور..
ومعنى ذلك أن هؤلاء الذين يحتكرون الإسلام لهم وحدهم ولا يتركون لغيرهم سوى الاتهام بالخروج عليه أو الارتداد عنه، فإن عقوبة المرتد هي الاعدام لا محالة، وان من كانوا في جامع دار الرئاسة يصلون مع الرئيس المنتخب الذي أصبح رأسه مطلوباً من الثوار الذي أبيح دمه ودم المؤيدين له حتى ولو كانوا عشرات الملايين بموجب فتوى صادرة عن قيادة الاخوان الذين أباحوا دماءهم لأولئك الارهابيين الذين خططوا وأعدوا ونفذوا جريمة مسجد دار الرئاسة في جمعة رجب وأثناء الصلاة وبالتحديد ما بين الركعة الاولى والركعة الثانية، يدل على الطبيعة الكهنوتية والارهابية لهذا التنظيم الاخواني الذي خدعت به الجماهير العربية خلال ما يقرب من قرن من الزمن حتى وصل الى الحكم وأظهر أنه التنظيم الإسلامي الذي تفرعت منه جميع الجداول الجهادية المتهمة دولياً بالارهاب والتي لا تؤمن بالحوار ولا تؤمن بالديمقراطية على نحو جعله يستفيد من التضحيات التي تفرعت منه بتقديم نفسه أنموذجاً معتدلاً ومتبرئٍ يقبل بتسويق نفسه وتقديمها للهيئات الناخبة وتوصيله الى الحكم بديلاً إسلامياً لأولئك الحكام الوطنيين والقوميين وحتى الاشتراكيين العرب الذين فشلوا في الحرب على الارهاب ولم يعودوا صالحين لتقديم ما يحتاجه الغرب الداعم لاسرائيل والمتضرر من الارهاب، فكان لابد من صفقة مع قيادة التنظيم العالمي للاخوان المسلمين توصله الى السلطة مقابل القيام بأربع مهمات رئيسية للولايات المتحدة الامريكية والدول الرأسمالية الحليفة في الغرب والشرق:
< المهمة الأولى: الاعتراف بالسلام مع اسرائيل والتطبيع معها.
< المهمة الثانية: الموازية للمهمة الأولى ضرب الجماعات الإسلامية الارهابية المتطرفة أو تدجينها وجعلها تقبل بما قبل به من سياسات وعلاقات دولية مستحيلة.
< المهمة الثالثة: الموازية للمهمتين الأولى والثانية تصفية هذه الجماعات الارهابية بحكم ما تمتلكه من الشرعية الاسلامية المستمدة من قدسية الدين الاسلامي الحنيف.
< المهمة الرابعة الموازية: القبول بالمبادئ الليبرالية القائمة على الفصل بين الدين والدولة وإقرار حرية الاعتقاد والمساواة بين الرجل والمرأة في الحقوق والواجبات والتداول السلمي للسلطة وحرية الصحافة وحرية التجارة وآلية السوق الى غير ذلك من المبادئ السائدة في النموذج الليبرالي المطبق في تركيا من حكومة اردوغان بما في ذلك إلغاء عقوبة الاعدام على القاتل وعقوبة الزنا وعقوبة شارب الخمر..
< الاخوان الذين تعذر عليهم تنفيذ ما قبلوا به من التزامات للإدارة الأمريكية وجدوا أنفسم مشدودين في تطبيق الشريعة الاسلامية الى ما قبل 1400 سنة سرعان ما انكشف أمرهم لشعوبهم ولحلفائهم بصورة إعادة العاصفة الثورية الى نحورهم بضربة واحدة كما حدث في مصر وليبيا وفي تونس وسوريا، ويُحتمل حدوثه في اليمن ولو بعد حين..!
تمت طباعة الخبر في: الأربعاء, 04-ديسمبر-2024 الساعة: 07:52 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almethaq.net/news/news-38803.htm