الميثاق نت -

الإثنين, 09-يونيو-2014
بقلم/ عبده محمد الجندي -
< الانتخابات سواءً أكانت رئاسية أو برلمانية ليست من وجهة نظر أمريكية حرة ولا نزيهة ولا مطابقة للمعايير الدولية إلاّ إذا كانت تأتي بنظام موالٍ للأمريكان مثلها مثل الإرهاب الذي لايكون إرهاباً إلاّ إذا كان موجهاً ضد المصالح الغربية والأمريكية أما في حالة ما يفرزه من قيادات وطنية وقومية تقدم مصالح وأمن شعوبها على غيرها من المصالح الأجنبية، وما يحدثه من اضرار بحق تلك الشعوب والأمم، فالانتخابات الرئاسية المصرية ناقصة ما لم تتصالح مع الإرهابيين من الإخوان المنتهكة حقوقهم وإلاّ فهي ليست ديمقراطية، والإرهاب ليس إرهاباً حتى ولو كانت المصلحة الحزبية والسلطة هي قوته الدافعة والمحركة لما يترتب عليه من الخراب ومن الدمار والقتل وسفك الدم وحتى لو كان الضرر بيّناً للعيان فهم على استعداد للمشاركة في الحرب على الإرهاب في سيناء من باب الخوف على أمن اسرائىل وغير معترفين بما يقوم به الإخوان من إرهاب على المصريين.. وبما يقوم به المصريون من ممارسة حق الدفاع عن أمنهم وعن حياتهم وحريتهم كما هو الحال في مواقفهم السلبية من الانتخابات المصرية..
s > أما الانتخابات الرئاسية السورية فهي مسرحية هزلية مرفوضة بالمطلق ولا يمكن مقارنتها بنماذج الانتخابات التي حدثت اثناء حروب وبعد حروب في افغانستان وفي العراق وفي ليبيا التي افضت إلى هدم ما اكتسبته تلك الشعوب من المقومات المكتسبة للدولة، ولا يهم أن تكون نماذجهم المدعومة هناك والمرفوضة هنا بمثابة ضربات موجعة للشعوب التي تعاني من فوضى عارمة ومن أزمات سياسية واقتصادية واجتماعية وعسكرية وأمنية طاحنة للحياة والحرية والحق بعد هدم ما لديها من المقومات الراسخة والمستقرة والقادرة على تفعيل ما لديها من منظومات دستورية وقانونية نافذة مهما كانت قاصرة وبحاجة إلى التطوير الدائم والمستمر..
> حتى أوكرانيا الآمنة والمستقرة التي كانت ترتبط بعلاقة تعاون واحترام مع جارتها الروسية الداعمة والمساندة، كان لابد للديمقراطية الغربية من احداث الثورة الكفيلة بتهديم المقومات الوطنية والقومية للأمة الأوكرانية التي كانت ذات يوم دولة سوفياتية وتحولت تحت ضربات التدخلات الأمريكية الغربية إلى دولة طاردة لأبنائها فريسة للنازية الجديدة..
أقول ذلك وأقصد به أن المواقف الأمريكية والغربية لا تكون ايجابية إلاّ بشروط المصلحة الأمريكية والغربية وإلاّ فهي مواقف سلبية ورافضة كما هو الحال من الانتخابات المصرية والانتخابات السورية وللمواقف من إرهاب الإخوان المسلمين في مصر وفي سوريا وفي غيرهما من البلدان لأن الإخوان قوى غير إرهابية طالما التزمت بحماية المصالح الأمريكية والغربية والاسرائىلية.. ومعنى ذلك انهم يخلطون بين المصلحة وبين القناعة ويغلبون الأولى على الثانية رغم علمهم ان الجماعات التي تنتمي إلى عائلة الإسلام السياسي لا يقبلون بالجيوش ولا يقبلون بالأساليب والوسائل السلمية إلاّ في الحالات التكتيكية للاستحواذ على السلطة لأنهم لا يؤمنون بالديمقراطية القائمة على التعددية الحزبية والسياسية والتداول السلمي للسلطة.. لذلك كان تاريخهم في اليمن كتاريخهم في مصر وفي ليبيا وفي سوريا وفي غيرها من البلدان العربية تاريخ الإرهاب الذي يبدأ بهدم الجيوش ويستبدلها بما لديهم من المليشيات الإرهابية القاتلة للدولة والقاتلة للديمقراطية والقاتلة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية وللأمن والاستقرار، وقد تكون هناك مناخات وصفقات سرية بين الإخوان وبين الإدارة الأمريكية بأن يكونوا القوة الحامية للمصالح الغربية والاسرائيلية مقابل توصيلهم إلى السلطة باعتبارهم القوى الإسلامية الأمّ التي تفرعت منها التنظيمات الجهادية والإرهابية وهي الأقدر على تطويعهم والاقدر على قمعهم والتنكيل بهم بشرعية إسلامية مقبولة.. ورغم قبول الدول الأوروبية بالمراقبة على الانتخابات الرئاسية المصرية وتقاريرها الايجابية إلاّ أن الرئيس أوباما يربط التعامل مع الرئيس السيسي بالموقف من حقوق الإنسان، وكأن الانتخابات التي فاز فيها السيسي وبنسبة وصلت إلى أكثر من 96% من أصوات الناخبين المصريين الذين هم أكثر مما حصل عليه الرئيس المعزول محمد مرسي ومنافسه اللواء أحمد شفيق إلاّ أن التصالح مع الإخوان المسلمين كتنظيم إرهابي يظل هو الشرط للتعامل مع المشير السيسي استجابة لإرادة أمريكية مضادة ومعاكسة للإرادة المصرية الحرة الرافضة للتصالح مع القتلة.
> أما الانتخابات السورية التي كشفت المستور وأكدت أن اغلبية السوريين يؤيدون الرئيس بشار الأسد ونظامه السياسي الرافض للتطبيع مع اسرائيل فهي لم تكن من وجهة نظر أمريكية وغربية سوى مسرحية هزلية لا ترتقي إلى مستوى الانتخابات الديمقراطية القائمة على التعددية الحزبية والسياسية والتداول السلمي للسلطة فهي انتخابات مرفوضة قبل ان تجرى وبعد أن تعلن النتائج لأن «الأسد ينافس الأسد» متجاهلين وجود مرشحين منافسين من أعضاء مجلس النواب السوري ومن المعارضة السورية السلمية ولذلك منعوا السوريين من ممارسة حقوقهم الانتخابية في بعض بلدان المهجر في سابقة لم تحدث في تاريخ الديمقراطيات الناشئة والناضجة على السواء، حتى لا يكون الاقبال الكثيف عملية محرجة لدولهم أمام شعوبهم المغيبة عن الحقيقة ورغم ما يقدمونه من دعم سخي لمعارضة إرهابية متورطة بإزهاق أرواح المدنيين وسفك دماء السوريين إلاّ أن الدمار الذي لحق بالشعب السوري في حياته وفي ممتلكاته الخاصة والعامة بنظرهم هو من صنع الآلة العسكرية للجيش العربي السوري الذي يستهدفون القضاء عليه لتأمين الكيان الصهيوني من أي ضربات سورية لاحقة ومحتملة.. مؤيدين ما يحدث في سوريا من القتل والتنكيل والتشريد والتخريب والدمار شبه الشامل الذي أعاد القرى والمدن السورية عشرات الأعوام إلى الخلف ملقية بالمسئولية على من تحتم عليهم واجباتهم ومسؤولياتهم الوطنية والقومية الدفاع عن شعبهم ويتصدون لهم بالجيش العربي السوري ونظام بشار الأسد وحزب البعث العربي الاشتراكي في مؤامرة هادفة لتصوير السلاح الشرعي المدافع عن أمن واستقرار الوطن والمواطن بأنه هو وحده المعتدي والقاتل والإرهابي والمسئول عما لحق بالسوريين من الخراب والدمار، أما الأسلحة غير الشرعية التي توفرها للمعارضة العميلة والخائنة والإرهابية فهي في مواقع الدفاع الشرعي عن النفس لا يمكن وصفها بحفنة من العملاء والإرهابيين الذين ينحدرون من عشرات الدول الأجنبية المتورطة بدعم وتصدير هؤلاء الإرهابيين الذين يعترفون بانتماءاتهم المتعددة الجنسيات دون خوف..
> ليس هذا فقط بل وأكبر دليل على ذلك ما ألحقته الديمقراطية الأمريكية بحق ما سميت ببلدان الربيع العربي من القتل وسفك الدماء وما اشاعته من الفوضى وعدم الاستقرار التي حولت هذه البلدان إلى غابات يستحلها الخراب والدمار مخلفاً سلسلة من المآسي الدامية والمدمرة التي لم يسبق لها مثيل في تاريخ الثورات المؤمنة بالتغيير والتقدم.. قد لا تكون الانتخابات الرئاسية السورية مطابقة للمعايير الدولية من الناحية الآمنة والمستقرة لكنها هي الوسيلة الشرعية الوحيدة للحفاظ على ما تبقى من مؤسسات الدولة السورية كما وصفتها القيادة الروسية بأنها انتخابات الضرورة التي توفر للنظام ما هو بحاجة إليه من الشرعية الدستورية والقانونية لأن انتهاء فترة رئيس الجمهورية قبل التوصل إلى صيغة مصالحة وطنية معقولة ومقبولة من جميع الأطراف المتقاتلة طبقاً لما بدأته جميع الاطراف في مؤتمر جنيف واحد وجنيف اثنين لأن الاحباط وعدم اتخاذ القرارات الصعبة في الظروف الاستثنائية تسلم سوريا للفراغ وفتح ما تبقى من الأبواب المقفلة أمام حركات إرهابية مجنونة لا تبقي ولا تذر، قد لا تنحصر اخطارها في نطاق القطر السوري الشقيق بل وقد تتجاوزه إلى الكثير من البلدان المجاورة على مستوى المنطقة بأسرها وما سوف ينتج عن ذلك الفراغ من حرب أهلية طاحنة من الصعب على مجلس الأمن السيطرة عليها ووضع الحدود الرادعة لتحجيم ما تنطوي عليه من المخاطر الدامية والمدمرة التي تؤثر على السلام والأمن الدوليين.
أقول ذلك وأقصد به أنه لو لم يكن من إجراء الانتخابات الرئاسية السورية في موعدها سوى اسقاط مزاعم المعارضة الإرهابية بأنها تسيطر على 70% من الأرض والبشر، ولم يتبقَ للنظام السوري سوى 30% من المساحة ومن السكان كما تروج له الوسائل الإعلامية المرئية والمسموعة والمقروءة في العالم من خطابات دعائية وسياسية مضللة ذات باطن امبريالي استعماري صهيوني يتنافى بالمطلق مع ما تتظاهر به شطحات ثورية نابعة من حقد أسود على حق الشعب العربي السوري في الحياة وفي الحرية وفي الديمقراطية والعدالة وفي التنمية الاقتصادية والاجتماعية المحققة للتقدم والرفاهية والسعادة المعيشية الهادئة المستقرة التي يرفرف عليها الأمن والسلام الاجتماعيين.
وهذه حقيقة أكدت عليها النسبة المعقولة والمقبولة للمشاركة الشعبية العالية في الانتخابات الرئاسية الاستثنائية التي وصلت إلى 70% من أعضاء الهيئة الشعبية الناخبة حصل فيها الأسد على أكثر من 88% التي اظهرت ما يتمتع به الرئيس السوري من قاعدة شعبية تجعل الحلول العسكرية والإرهابية التي تراهن عليها العصابات الإرهابية والدول الداعمة لها عملية مستحيلة وضرباً من المغامرات الفوضوية غير المحسوبة النتائج والعواقب الكارثية الوخيمة بعد أن اظهرت الجبهات القتالية الساخنة بين الدولة وبين المعارضة المسلحة المدعومة بأنها تعتمد على الاعداد الكبيرة من الإرهابيين الأجانب الذين لا ينتمون في اعدادهم الكبيرة للشعب العربي السوري ولا يحرصون على حياته إلاّ في الحالات القليلة من المقاتلين الذين يصفون أنفسهم بأنهم معتدلون ومنحدرون من التنظيم العالمي للإخوان المسلمين المتهم بالإرهاب في جمهورية مصر العربية وفي الجمهورية اليمنية وفي الجمهورية الليبية..
بعد أن اظهرت القيادات السياسية المقيمة في الخارج بفنادق النجوم الخمسة بأنها لا تمتلك أي قدر من قوة التأثير في صنع حاضر ومستقبل الشعب السوري قياساً بما تمتلكه الجماعات الإسلامية بشقيها المعتدل والمتطرف من التأثير في الميادين القتالية على نحو يستدل منه أنه لا مكان لهذه القيادات الليبرالية في مستقبل ما بعد سقوط الدولة السورية بقيادة حزب البعث العربي السوري وبقية الأحزاب والتنظيمات السياسية المشاركة في السلطة والمتعاونة معها ضد الإرهاب أو على الأقل المهادنة لها رغم ممارسة حقها في المعارضة السلمية..
ومعنى ذلك أن المصلحة الوطنية السورية والمصلحة القومية العربية والمصلحة الدولية الإسلامية والإنسانية تقتضي الحفاظ على ما تبقى من المؤسسات المدنية والعسكرية والسلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية للدولة السورية بقيادة الرئىس بشار الأسد الذي منحته اغلبية الهيئة الناخبة السورية ما هو بحاجة إليه من تجديد للشرعية الدستورية والقانونية والسياسية في الدفاع عن الشعب السوري ودحر ما تبقى من الفلول الإرهابية التي لا تعرف سوى لغة القتل والخراب والدمار بصورة تؤكد أن المستفيد الوحيد مما تقوم به من أدوار إرهابية هو الكيان الصهيوني المستعمر لهضبة الجولان السوري والذي يتطلع إلى اغتيال ما تبقى من روح المقاومة العربية الرافضة لهذا النوع من الاستعمار ولإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف طبقاً لما نصت عليه القرارات والاتفاقيات الدولية المعترف بها من جميع دول العالم.
أعود فأقول: إن حاجة الشعوب العربية للثورة الدائمة والمستمرة وللديمقراطية القائمة على التعددية السياسية والحزبية والتداول السلمي للسلطة وحرية الصحافة وحقوق الإنسان وحرية التجارة لا ينبغي أن تستخدم بصورة مغلوطة ومتوحشة من قبل الدول الداعمة لإسرائىل لأن حاجتها قبل ذلك وبعد ذلك إلى فحص مثل هذه المواقف ومراجعة مثل هذه السياسات والأخذ بأفضل الأساليب والوسائل والحلول التي تتناسب مع المصلحة الوطنية والمصلحة القومية للأمة العربية، قبل أي خيارات في ظاهرها الحرص على دعم الثورة والديمقراطية وفي باطنها الرغبة في زج الشعوب والدول العربية في صراعات وحروب بينية وأهلية وإرهابية يتضرر منها الجميع ولا تستفيد منها سوى إسرائىل من خلال إثارة النزعات الحزبية بين الأحزاب والتنظيمات السياسية والمنظمات الجماهيرية، ومن خلال إثارة النعرات المناطقية والمذهبية والعشائرية والقبلية والصراعات بين الجماعات الإسلامية والمسيحية وبين المذاهب السنية والشيعية، واتخاذ الديمقراطية وحقوق الإنسان موضوعات خلافية بهدف خلق معارك جانبية تحول دون اعطاء الأولوية للمصلحة الوطنية والقومية للشعوب التي تتكون منها الأمة العربية ذات المقومات القومية الثابتة المتمثلة باللغة والتاريخ والمصالح الاقتصادية والقواسم الثقافية المشتركة لأن بناء الدول يجب أن يكون نابعاً من حرص على قدرتها في تحقيق ما تتطلع إليه الشعوب من التقدم والسلام والرفاهية الاقتصادية والاجتماعية بعيداً عن الارتباطات والارتهانات للقوى الخارجية..
اخلص من ذلك إلى القول: إن ما حدث من تطورات انتخابية وديمقراطية في مصر وفي سوريا من الأمور التي تستوجب الدعم والمساندة من جميع الشرفاء والمخلصين الذين ينتمون للأمة العربية من المحيط إلى الخليج سواءً أرضي عنها الأمريكان والأوروبيون أم رفضوها..؟
تمت طباعة الخبر في: الأربعاء, 04-ديسمبر-2024 الساعة: 07:25 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almethaq.net/news/news-38896.htm