عبدالفتاح علي البنوس -
< تنعم البلاد بحرية لا سقف لها في مجال الصحافة والإعلام وحرية التعبير، وهذه ثمرة من ثمار الوحدة المباركة وتنامى سقف هذه الحرية مع انعقاد مؤتمر الحوار الوطني والدعوة إلى إلغاء وزارة الإعلام واستبدالها بهيئة وطنية للإعلام، حيث تضمنت مخرجات الحوار العديد من التوصيات والأفكار التي تعزز من حرية الإعلام والصحافة والتي تصب في مجملها لخدمة كافة العاملين في مختلف المؤسسات الإعلامية والصحفية،
وفي الوقت الذي كان الجميع في حالة ترقب للتنفيذ العملي لتلكم المخرجات التي توافق عليها المتحاورون تفاجأنا بحادثة قيام الحرس الرئاسي باقتحام مقر قناة «اليمن اليوم» والعبث بالأجهزة والمعدات ونهب البعض الآخر في مشاهد مسيئة لا تصدر إلا عن لصوص وعصابات السطو.
حالة استنفار قصوى براً وجواً من أجل إسكات «اليمن اليوم» وإغلاقها لا لشيء سوى أنها أعلنت انحيازها الى صف الشعب المسحوق الذي خرج في أمانة العاصمة صارخاً ضد سياسة التجريع والتجويع والتأزيم التي تتبعها حكومة باسندوة، ولأنها نقلت للرأي العام حقيقة ما يجري من ممارسات إفسادية لأولئك اللصوص الذين صنعوا من أنفسهم نماذج للطهر والنقاء الزائف من أجل الكسب الرخيص والحكومة الفاشلة، أرادوا تأديب «اليمن اليوم» لأنها قالت: لا للتمديد على حساب اليمن الجديد، ولأنها كشفت المستور وأظهرت للشعب بأن أدعياء الثورية والمصلحة الوطنية مجرد عناصر نفعية ترتدي أقنعة زائفة تساقطت فور وصولهم الى كراسي السلطة حيث ظهروا على حقيقتهم وعرف الجميع بأنهم عبارة عن ظواهر صوتية تعمل من أجل خدمة مصالحها وتحقيق أهدافها.
مشاهد مخزية لمن كان من المفترض أن يكونوا حماة للوطن وللمواطنين وحراساً أمناء على مكاسب الوطن والشعب وهم ينهبون ويعتدون على مقر قناة «اليمن اليوم» بتهمة التحريض ضد الأمن والاستقرار وغيرها من التهم التي روجوا لها من أجل تبرير فعلتهم الهمجية، قمة السخف والسقوط الأخلاقي أن يتم اتهام قناة «اليمن اليوم» بالتحريض ضد الأمن والاستقرار والمصلحة العامة، مفارقة عجيبة فعلاً الكل يتابع قناة «سهيل» المملوكة لحميد الأحمر وقناة «يمن شباب» الخاضعة للجنرال علي محسن الأحمر والإصلاح والممولة من «موزة قطر» وما تبثانه من سموم وشرور لا حصر لها ولا عد، تحريض مستمر وإذكاء للفتن والصراعات وإحياء للنعرات.. تطاول وإسفاف، وإضرار بالمصالح الوطنية ومع ذلك لم نسمع أن وزارة الإعلام قد أقدمت على توجيه لفت نظر للقائمين على هاتين القناتين، وزد على ذلك صحيفة «أخبار اليوم» والمواقع والصحف الاخوانية التي تقوم بالتحريض ضد البلاد والعباد على مرأى ومسمع الجميع دون أن يطالها أي إجراء قانوني رادع أو همجي متعسف.
مغالطة مفضوحة وكيد سياسي مكشوف، هم يريدون إسكات الحقيقة وحجبها ليظل مسار الكذب والتدليس وقلب الحقائق والضحك على الشعب واستغفاله هو السائد، كم كنت أتمنى أن ترسل الطائرة المروحية التي أشرفت على اقتحام مبنى «اليمن اليوم» من الجو لملاحقة عصابات التقطع على الطرقات أو لملاحقة المخربين والارهابيين وصناع الأزمات، وكم كنت أتمنى أن تكون القوة العظمى التي اقتحمت مقر «اليمن اليوم» قد أرسلت لإنهاء حرب قبلية دائرة بين مواطنين يحملون الهوية اليمنية يتقاتلون منذ ما يزيد على عشرين عاماً هناك في قاع جهران سقط خلالها المئات بين قتيل وجريح ولاتزال قائمة حتى اليوم على مرأى ومسمع الجميع، من شاهد تلكم المشاهد يصل الى قناعة بأن وضعية الجيش اليمني لاتزال غير مستقرة ولا تصب في مصلحة الوطن ولا تخدم التسوية السياسية ومخرجات الحوار الوطني، معقول «حاميها حراميها»؟!! هذا ما تجسد على أرض الواقع وهذا ما لمسه الجميع من خلال ما شاهدوه.
وعلى الرغم من انحطاط وسقوط هذا الاعتداء ومن أقدموا عليه، إلاّ أن هناك من كانوا أكثر سقوطاً وانحطاطاً إزاء تعاطيهم مع هذه الحادثة وأعني هنا بعض وسائل الاعلام الرسمية منها والحزبية والتي احتفت بهذا الاعتداء وتسابقت على سرد المبررات للقيام به وفي مقدمة ذلك صحيفة«الثورة» الرسمية وقناة «سهيل» والعديد من الصحف والمواقع الالكترونية «الاخوانجية» التي باركت هذا العمل الجبان وأبدت تأييدها له وعمدت الى استغلاله للمطالبة بإغلاق قنوات أخرى وصحف ومواقع الكترونية مناهضة لمشروع أخونة الدولة في اليمن، قمة السقوط ومنتهى العهر الإعلامي الذي لا يقارن على الإطلاق، سمعنا هذه الوسائل المأجورة وهي تدافع عن إيقاف سفاهات قناة «الجزيرة» خلال فترة الأزمة السياسية وسمعنا ذات الوسائل وهي تولول لإغلاق فضائيات وصحف إخوان مصر بسبب تحريضها ضد المصلحة العليا لمصر، تسابقت هذه الوسائل على التنديد والاستنكار وإقامة الفعاليات الاحتجاجية رفضاً لذلك، وها هي اليوم تبتهج للاعتداء على قناة فضائية محلية لمجرد قيامها بنقل احتجاجات أبناء الشعب على انعدام المشتقات النفطية وحالة البؤس والشقاء التي يعيشونها في ظل الحكومة الفاسدة الفاشلة، عهر إعلامي في منتهى الابتذال، متناسين أن فجورهم في الخصومة وتشفّيهم في «اليمن اليوم» لن يضرها بل يصب في مصلحتها ويعزز من قاعدتها الجماهيرية ويجعل منها وجهة للباحث عن الحقيقة والرأي والرأي الآخر.
ومهما تكالبت قوى الشر والتآمر والفيد والاستغلال على إسكات المنابر الحرة وإخفاء الحقائق فإنهم لن ينجحوا في مساعيهم وستظل «اليمن اليوم» شامخةً تفضحهم وتعمل على تعريتهم وتنتصر للمهنية والمصالح العليا للوطن والمواطن مهما أرجف المرجفون وتطاول المتطاولون وتآمر المتآمرون.
هذا وعاشق النبي يصلي عليه وآله