الإثنين, 16-يونيو-2014
الميثاق نت -   عبدالرحمن مراد -
< لم أقف في حالة تبلد كما وقفت خلال ما سلف من أيام، لم استطع من صدمة الذهول التي أصابتني لملمة أشلائي الممزقة بين حالين متضادين وهما حال الخوف من المصير المجهول لهذا الوطن وحال الإعجاب والدهشة من القدرات الفائقة على التضليل والهروب من الفشل وحبك القصص الدرامية وبطريقة كوميدية هزلية، لأنني أصبحت على يقين مطلق من خلال طول المراس والتجربة أن «الاخوان» إذا تحدثوا عن أمر فقد وقعوا في شراكه،
وكان بالنسبة هاجساً ذهنياً ونفسياً يسقطون ظلاله على الآخر كمعادل موضوعي، وحين رأيتهم في مواقعهم ووسائلهم الإعلامية يتحدثون عن تجربة فاشلة لعملية انقلابية يقودها عفاش علمت أن تكتيكاً وراءه الاخوان قد أعدوا له السيناريو سلفاً يهدف إلى اسقاط النظام والوصول الى السلطة على فوهات المدافع وأزيز الطائرات، وإذا كانوا يتحدثون عن المرة الخامسة للفشل فقد صدقوا وما جانبوا الصواب مطلقاً، فالمرة الرابعة غفل عنها الأمن اليمني والأجهزة الاستخباراتية اليمنية وكشفتها الأجهزة الاستخباراتية السعودية، كان السيناريو المعد لها أن يتزامن التنفيذ مع حالة شغب وهجوم مباغت لعناصر القاعدة في المحافظات الجنوبية وهو الأمر الذي حدث في سيئون، وفي ذات الزمن تتحرك خلية السنينة القريبة من الرئيس وخلايا أرحب إلى السيطرة على المطار وخلية شملان وتونس والسنينة لإحداث حالة من حالات القلق والاضطراب، وفي السياق يتم الإعلان عن قيام الإمارة الإسلامية في جنوب الجزيرة العربية، وقبل ذلك كان حادث العرضي كمحاولة انقلابية بصبغة قاعدية تحمل بصمة التآمر الاخوانية تلك البصمة التي تبدأ من حادثة النقراشي في مصر مروراً بحادثة اغتيال الإمام يحيى في «حزيز» ومحاولة اغتيال الزعيم عبدالناصر في «المنشية»، ولا أقول انتهاءً بحادثة اغتيال السادات، فقائمة السرد تطول.. وأمام كل ذلك التاريخ الطويل للتنظيم والتنظيم السري الموازي لا نرى الرئيس هادي الا منجراً الى شباكهم وواقعاً في مصائدهم، إذ لم يكن اقتحام قناة «اليمن اليوم» الا جزءاً بسيطاً من السيناريو، ولم يكن عفاش الا ورقة التوت التي يحاولون من خلالها المحافظة على سرية الحدث وستر عورة الانكشاف خوف الفضيحة وذلك هو دأبهم في كل تاريخ الحركة.
لا يبدو الرئيس ذكياً في مقابل غبائهم الذي لازمهم، فقد تمكنوا من تضليله وقطعوا حلقة الوصل بينه وبين سنده الجماهيري وهم بذلك يريدون أن يجعلوه في عزلة جماهيرية من أجل سهولة ابتلاعه، وقد جندوا لمثل ذلك بعض وسائلهم الإعلامية كـ«أخبار اليوم» التي تعمل جاهدة على تفكيك الحالة الثقافية في ذاكرة الجماهير في الخروج من شرنقة الوقت والأزمة وترسيخ فكرة أن الرئيس ضد جماهير شعب الشمال ويعمل للانفصال ويسخر إمكانات الدولة لمثل ذلك المشروع، ويبدو أن سوراً كسور يأجوج ومأجوج مضروباً حول الرئيس يحول بينه وبين ما يجري في الواقع وما يحدث في الدهاليز السياسية ولا غرو في كل ذلك فقد جاءوا الرئاسة بعددهم وعتادهم وكان لهم الفتح المشهود فلا يمكن للرئيس بعد ذلك الفتح الا أن يرى بعيونهم ويفكر بعقولهم بدليل ما حدث وما يحدث، ويظل عفاش هو المشكلة في كلتا الحالتين والشماعة التي يعلقون عليها أخطاءهم، وقد اقنعوا الرئيس أن استقرار اليمن لا يمكن أن يتحقق في وجود عفاش.!!
وسؤال عفاش كما نلاحظ يبرز بقوة مع كل حادث جلل وعاصف يعصف بالوطن يقف وراءه الاخوان بجناحيهم العلني والسري.. ومشكلة عفاش مع الاخوان أنه كمعدن الذهب كلما صهروه في أتون نيران أحقادهم ازداد لمعاناً وبريقاً وزاد معنى وقيمة وأصبح حضوره الجماهيري أكثر نمواً واضطراداً من ذي قبل.
ولا أرى الرئيس هادي إلا مجدفاً ضد التيار، فقد حاطوه وهماً بما لديهم الى درجة الاستغراق وتصديق ما قالوه وما تناقلوه في وسائلهم الاعلامية وفي مواقعهم.. وأنَّى للرئيس أن يدرك أن الانقلابات العسكرية أصبحت موضوعاً ماضوياً وأن حركة الجماهير هي الأساس في الوصول الى السلطة، فلو أراد عفاش الانقلاب لدعا أنصاره للخروج الى الشوارع والاعتصام في الميادين وحينها سوف نرى تدفقاً جماهيرياً لا تستطيع القوة العسكرية بكل عددها الوقوف أمامه ولن يستطيع أحد منع حالة الغليان الشعبي، فقد بلغت القلوب الحناجر، كما أن مطلب الرئيس من سفراء الدول العشر خروج عفاش من الحياة السياسية قد عزز قناعات الحس الشعبي من أن ثمة صفقة وقعت في ظهر الغيب بين الاخوان والرئيس إبان تصاعد الاحداث في 2011م لم يستطع هادي منها فكاكاً وهو الأمر الذي بدأت الألسن تلوكه خاصة بعد الأحداث والمواقف الضعيفة تجاهها في الآونة الأخيرة وكان يقين الناس منها لا يقبل تضليل إعلام الاخوان ولا ضعف هادي، ويبدو أن موقف المملكة العربية السعودية من موضوع تعزيز الميزان النقدي في البنك المركزي ودعم السوق اليمنية بالمشتقات النفطية كان بمثابة الغلالة التي أبانت ما وراء الستور والحجب، فالرئيس فقد شعبيته بسبب انتصاره للاخوان على حساب الجماهير العريضة الجائعة، وقد بدأت الجماهير تتحدث عن المؤامرة الحقيقية وبدأ التململ الشعبي يعلن عن نفسه وبدأت صنعاء تدخل باباً جديداً يعلم الله الى أين سيؤدي أو ينفتح.
لقد صرت على يقين مطلق أن الزعيم علي عبدالله صالح يمثل حالة التوازن السياسي في الوطن ولا يمكن مصادرة حقه في المعادلة والحياة السياسية، وكان بإمكان الرئيس أن يتجاوز الزعيم ويصبح هو الحالة الحقيقية للتوازن السياسي لكنه على ما يبدو يأبى ذلك من خلال اصطفافه الى جانب الاخوان وإضاعته الفرص التي تتهيأ لتلك الحالة في مناخات الأحداث وتحت دخانها!!
تمت طباعة الخبر في: الأربعاء, 04-ديسمبر-2024 الساعة: 07:50 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almethaq.net/news/news-39038.htm