الإثنين, 23-يونيو-2014
الميثاق نت -   بقلم/ عبده محمد الجندي -
< لاشك أن الذين اعتقدوا أن الزعيم علي عبدالله صالح رئيس المؤتمر الشعبي العام سوف ينتهج سياسة معاكسة وغير مسؤولة لكل ما يصدر عن فخامة الأخ عبدربه منصور هادي- رئيس الجمهورية النائب الأول لرئيس المؤتمر الأمين العام- تؤدي الى تمزيق المؤتمر الشعبي وإضعافه قد أصيبوا بخيبة أمل جراء المواقف العقلانية التي اتبعتها اللجنة العامة في اجتماعاتها المتواصلة برئاسة رئيس المؤتمر وما صدر عنها من البيانات التي وضعت النقاط على الحروف ودعمتها بسلسلة من الوساطات قامت بها قيادات مؤتمرية بحرية حرصاً على وحدة المؤتمر باعتباره صمام الأمان للحفاظ على وحدة اليمن وأمنه واستقراره، انطلقت في مجمل مساعيها من الخلفية النضالية المشتركة لرئيس المؤتمر ورئيس الجمهورية ومن اقتناع المؤتمر وتمسكه بالمبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية المزمنة ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني عن طريق النجاح الكامل للتسوية السياسية وصولاً إلى إجراء الانتخابات البرلمانية والاقليمية والرئاسية والاحتكام لإرادة الشعب..
أقول ذلك وأقصد به أن سحابة الصيف التي خيمت في سماء العلاقة بين رئيس المؤتمر وبين رئيس الجمهورية الأمين العام للمؤتمر الشعبي العام قد أخذت بالانقشاع والتلاشي التدريجي تمهيداً لإعادة العلاقة الى وضعها الصحيح والطبيعي القائمة على الاحترام المتبادل والثقة الاخوية بعد أن أكدت المصارحة عدم صحة المعلومات التي أدت الى توتيرها انه لا وجود لأي مؤامرات ذات مخاطر انقلابية وأمنية بين رفاق الدرب الواحد والمصير الواحد بعد أن اكتشفا قبل فوات الأوان ما هما بحاجة اليه من المصداقية والشفافية والثقة في وقت كثر فيه أولئك الطامعون بالسلطة والمتربصون لها على أحر من الجمر ولا يتورعون عن استخدام كل ما هو ذميم وقبيح من الأساليب والوسائل الانتهازية غير المشروعة وغير الديمقراطية.
ومعنى ذلك أن واجب المؤتمريين بجميع قياداتهم وقواعدهم وبمختلف مواقعهم وأعمالهم أن يستفيدوا من الأزمة وأن يستخدموا العقلانية والمسؤولية في خطاباتهم الإعلامية ومواقفهم السياسية وعلى وجه الخصوص في تناولاتهم للعلاقة الاخوية بين رئيس الجمهورية وبين رئيس المؤتمر حتى لا يجدوا أنفسهم يقولون كلاماً ويحددون مواقف خاطئة يتخذ منها المنافسون لهم والمتربصون بهم مداخل لتمرير ما لديهم من المخططات والمؤامرات السياسية لأن الشطحات الإعلامية غير المسؤولة تتحول الى صراعات.. والصراعات تتحول الى حروب يتضرر منها الجميع ولا يستفيد منها سوى الأعداء في تحقيق ما لديهم من الأطماع السياسية.
لا نقول ذلك من باب التخمين، ولا نقوله نفاقاً أو مجاملة لأحد لأن تجربتنا مع الإصلاح وكيف خطط للأزمة، وكيف انتهج الأساليب والوسائل التكتيكية لنقل المعركة من عمران الى داخل المؤتمر الشعبي العام عن طريق المشاركة في صنع أزمة المشتقات النفطية، وفي الإساءة لرئيس الجمهورية وفي تقديم المعلومات الخاطئة التي صورت ما حدث بأنه انقلاب على الشرعية الدستورية يقوده رئيس المؤتمر بهدف تقديم نجله مرشحاً لرئاسة الجمهورية في انتخابات رئاسية لا يعلم موعدها سوى الله والراسخين في العلم..
نعم لقد حاول قتل المؤتمر الشعبي العام وتقدم صفوف جنازته يذرف دموع التماسيح على ميت لم يتأكد بعد من وفاته غير مدرك أن عملية القتل جريمة سوف تستوجب سلسلة من التحقيقات والتحريات وجمع الاستدلالات قد تنتهي الى معرفة ولو جزء يسير من خيوط الجريمة الغامضة بصورة تعود عليه بحصاد من الإساءات والسلبيات ما لم يكن بحاجة إليه على الاطلاق.
هكذا أوهم الاخوان أنفسهم خطاً، وهكذا هم حسب طبيعتهم وإسلامهم السياسي لا يكفون عن التآمر والخيانة، طالما كانت السلطة ديدنهم، يأبون الا أن يعضوا اليد التي تمتد اليهم مهما كانت حانية وكريمة معهم ومهما انتشلتهم من واقع كانوا يرزحون تحت أنينه وما يحدثه على صدورهم من أثقال الى واقع أفضل يتخلصون به من معاناة الواقع الاسبق منه.. وكلما شعروا بالنعيم والراحة تجدهم يردون على الحسنة بالسيئة، لأنهم يطمعون براحة ذات نعيم وسعادة مطلقة حتى ولو كانت على حساب شقاء وتعاسة الذين مدوا لهم يد الاحسان، لأنهم لا يشعرون بالوفاء تجاه من أجزل لهم العطاء فهو من وجهة نظرهم مغتصب لسلطة هي وقف عليهم باعتبارهم الأقدر على تمثيل حاكمية الله بدلاً من حاكمية البشر المستمدة من الديمقراطية المعبرة عن إرادة الشعوب وحاكمية الشيطان، ومهما كان للرئيس عبدربه منصور هادي من دين عليهم الا أن دينه لهم بلا حدود ولا قيود فهم يزعمون أنهم هم الذين أوصلوه الى سلطة لم يكن يفكر بالوصول اليها ولو في الأحلام والتطلعات الخيالية بدليل انقلابهم على صالح رغم ما قدمه لهم من الدعم والمساندة خلال فترة حكمه، في وقت لم يكن مديناً لهم في وصوله الى السلطة بأي حال من الأحوال، مقارنة بما قدموه لخلفه من الدعم المحسوس والملموس الذي يحتم عليه أن لا يرد لهم أي طلب مهما كان مكلفاً حتى ولو كان يندرج في نطاق التأثير على ما هو بحاجة اليه من السلطة والقوة لأنه لم يكن- حسب اعتقادهم- قوة تذكر الا بهم وبشركائهم الذين أجبروا سلفه على الدعوة الى انتخابات رئاسية مبكرة لمرشح توافقي واحد دون منافس، ذلك ما يمنون به على رئيس الجمهورية المشير عبدربه منصور هادي.
وعوداً على بدء نستطيع القول إن الاخوان المسلمين هم من خططوا ونفذوا لما اطلقوا عليه بالمؤامرة الانقلابية التي استهدفت الخلاص من المؤتمر الشعبي العام، مستفيدين من بعض الانتقادات والتجاوزات الدعائية لقنوات محسوبة على المؤتمر الشعبي العام انهم يبذلون قصارى جهودهم للانتقام من رئيس الجمهورية الذي رفض زج الجيش في حرب خاسرة مع الحوثيين ليجد نفسه في معركة خاسرة مع الحزب الذي ينتمي اليه بعد أن حاولوا عبثاً إقناع الدول الخليجية أن رئيس المؤتمر الشعبي العام يقيم علاقة تحالفية مع إيران جعلته شريكاً فعلياً لأنصار الله الذين يقفون على أبواب العاصمة.
أقول ذلك وأقصد به أن الاخوان المسلمين في حربهم على المؤتمر الشعبي العام لا يفرقون بين رئيس المؤتمر وبين رئيس الجمهورية من حيث ما لديهم من قاعدة انتخابية عريضة تجعل نجاح الاخوان وانفرادهم بالسلطة عملية مستحيلة، وأن واجب المؤتمريين مهما كانت خلافاتهم الثنائية بين الاشخاص أن يعملوا بصدق على احتواء تلك التباينات وتضميد ما قد تكون أحدثته من حساسيات قبل أن تتحول الحساسيات الى أحقاد وقبل أن تتحول الاحقاد الى خصومات في هذه الظروف السياسية والاقتصادية والاجتماعية والعسكرية والامنية الصعبة.
وعليهم أن يتعاملوا مع الخطاب الاعلامي والسياسي الاتهامي للإصلاح بحذر شديد وبعد نظر يقرأ ما وراء النص من مؤامرات تدل على رغبة إقصائية وإلغائية جامحة تأبى الا أن تواصل سيرها في خلق الفتن وافتعال الأزمات المتلاحقة للحيلولة دون نجاح أي اتفاقات.. ومثال ذلك ما استمعنا اليه بعد الاتفاق على حل مشكلة جامع الصالح من خطاب تحريضي يحاول عبثاً إقحام المملكة العربية السعودية بدون مبرر كقولهم إن الرئيس السابق التزم بضبط النفس بعد تلقيه إنذاراً سعودياً بأن رئيس الجمهورية خط أحمر، وغير ذلك من المعلومات المفبركة التي نسبت لرئيس الجمهورية أنه يفكر بإلغاء الحصانة وبتعيين سفير جديد لليمن في الامارات وبالتحقيق مع نجل رئيس الجمهورية السابق بتهم خيانة الامانة واستعادة الأموال والأسلحة المنهوبة استناداً الى ما نشرته صحيفة «القدس العربي» التابعة لقطر الداعمة والممولة للاخوان.
إن النزاعات والحروب الدائرة بين الاخوان وبين أنصار الله ليست سوى محاولة يائسة لاستعادة ثقة المملكة العربية السعودية وما كانت تغدقه عليهم من الاموال الطائلة قبل أن تدرجهم في قائمة الارهاب استناداً لما توافر لها من المعلومات الاستخبارية.
لقد حاولوا عبثاً تصوير المؤتمر أنه شريك في حروبهم الطائفية والمذهبية مع أنصار الله دون جدوى، فحاولوا في أكثر من مواجهة عسكرية إظهار ما لديهم من القوة القادرة على اجتثاث الأخطار المزعومة لأنصار الله، لكنهم في كل مواجهة ثنائية كانوا يتكبدون خسائر فادحة ويلقون بتبعات هزائمهم المستمرة على الرئيس السابق، عاجزين عن تقديم ما لديهم من الأدلة المادية المؤكدة لصحة التهم الكيدية الباطلة.
إن الاخوان- حقاً- مشغولون في اشعال صراعات دائمة لاجتثاث وإضعاف الآخرين، فيبددون الكثير من الجهود ويهدرون الكثير من الطاقات والإمكانات في هذه الأساليب التآمرية الخسيسة..
ورغم تظاهرهم اليوم بالانحياز الى جانب رئيس الجمهورية في خلافه مع رئيس المؤتمر الشعبي العام، فقد فاتهم ما أظهروه بالأمس القريب من هجمة إعلامية شرسة على رئيس الجمهورية الذي أعطى أولوية للحرب على القاعدة رافضاً الدخول في حرب عبثية مع أنصار الله الذين أخذت شوكتهم تتعاظم في جميع المحافظات اليمنية جراء العقلية الشمولية الإقصائية والإلغائية التي تعامل بها الإخوان مع السلطة خلال شراكتهم في حكومة الوفاق الوطني التي زجت البلد في سلسلة معقدة من الأزمات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والعسكرية والأمنية التي جعلت الرأي العام يقول إن هذه الحكومة أسوأ من الحكومات السابقة لها مرات عدة، لأنهم لم يجدوا متاعهم الا بالشخصية الضعيفة والمنقادة لما لديهم من رغبات مجنونة في أخونة الدولة.
أقول ذلك وأقصد به ان ضعف الاستاذ محمد سالم باسندوة ناتج عن كونه مقطوعاً من شجرة وجد نفسه يشبع ما لديه من أطماع في أن يكون رئيساً للحكومة في وقت لا يجد أي حزب أو جماعة شعبية مؤثرة تمده بما هو بحاجة اليه من الدعم والمساندة الشعبية والسياسية.
وبالتالي لقد كان دفاعهم عنه متخاذلاً وخجولاً لا يمثل ما لديهم من قاعدة حزبية وشعبية يدخرونها للعملية الانتخابية القادمة وذلك ما جعل هذا الدفاع الخجول يكشف عن وجه آخر مطالب صراحة بتغيير الحكومة خوفاً مما أحدثته من أزمات كارثية جعلت الدفاع عنها عملية مغامرة محفوفة بالكثير من الأخطار ذات العواقب الانتخابية الوخيمة.
أعود فأقول إن الخطابات السياسية والاعلامية للاخوان المسلمين كانت ومازالت وستظل دائمة التقلب والتذبذب الباحث عن المزيد من السلطة والمزيد من الثروة بوسائل غير شريفة، فتجدهم لذلك يتحولون باستمرار من النقيض الى النقيض ومن مهادنة التطرف الى أبعد الحدود ومناهضة التطرف بلا قيود نظراً لما يصدرونه من الفتاوى التي تسخر الدين لخدمة السياسة وتصور للقواعد أن الحرب خدعة، وأن الحلال حرام في الغد وأن الحرام في الأمس حلال اليوم، وهكذا في ثقافة سياسية أقرب الى ثقافة التجهيل منها الى ثقافة العلم، وعندما يصبح الجاهل في هذه الثقافة على اقتناع بأنه عالم تضيع الحقيقة ويتحول الحق الى باطل ويتحول الباطل الى حق على نحوٍ يجعل المواقف متضاربة ومتناقضة تؤثر على الأجيال فتخلف ثقافات تجهيل لا تنتج سوى التطرف والعنف والارهاب المدمر لقيم الأمن والسلم الاجتماعي وقد تمتد الى تدمير كل ما هو موضوعي وعلمي من السياسات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والامنية والعسكرية التي تحول الدولة من دولة قادرة على بناء الحاضر والمستقبل الى دولة فاشلة لا حاضر لها ولا مستقبل.
هؤلاء لا يحتاجون الى تدخل إعلامي وسياسي يبرز أخطاءهم لأنهم سلسلة من الأخطاء التي تباعد بينهم وبين ثقة الهيئة الشعبية الناخبة كلما أحكموا السيطرة على السلطة، لأنهم يقولون عكس ما يفعلون ويفعلون عكس ما يقولون ويرفعون شعار «من لم يكن معنا فهو ضدنا»، حتى ولو لم يظهر خلافه معنا، لأنهم قوى باطنية وانتهازية لا تتورع عن انتهاج أسوأ الأساليب والوسائل الانتهازية لتحقيق ما تفكر به من الصفقات والمكاسب السياسية غير المشروعة ولو باستخدام التزوير والدس والخداع والكذب بلا حدود.
فها نحن نلاحظ ولأول مرة أسئلة الامتحانات تباع بمبالغ مالية في سابقة لم نعهدها في تاريخ وزارة التربية والتعليم اليمنية إلا في عهد وزيرهم الاخواني المبجل.!!
وعكس ما كانوا يرفعونه من شعارات رفض أي إصلاحات مالية تلجأ الى الرفع التدريجي للدعم الحكومي مقابل سلسلة من الإجراءات الداعمة للاقتصاد والمحسنة لذوي الدخل المحدود وخلق فرص عمل جديدة، نجدهم اليوم وبكل بجاحة يطالبون من الشعب القبول بالرفع الكلي لدعم المشتقات النفطية دون ذكر لتحسين مرتبات موظفي الدولة ومستحقي الضمان الاجتماعي والمشتغلين بالزراعة والعاطلين عن العمل، بعد أن وصلت الى أرقام فلكية جعلتهم يتظاهرون بإفلاس وزارة المالية اعتقاداً منهم أن رئيس الجمهورية سوف يضطر الى التوجيه برفع الدعم المالي في إجراء يوفر لهم آلاف المليارات لإنفاقها كسابقتها على ما لديهم من الخطط والبرامج الحزبية والانتخابية السابقة واللاحقة، ولما وصلت الأزمة الى المطالبة برحيل الحكومة مقارنة مع ما قبلها من الحكومات والقيادات التي منحتهم شرعية السيطرة الانقلابية على السلطة المنتخبة شاركوا في ردود الأفعال.. حاملين معهم صور الرئيس السابق وتمزيق صور الرئيس الجديد ملقين بالمسؤولية على «عفاش» وما نتج عن ذلك من الأفعال وردود الأفعال الصاخبة والغاضبة، ولما انحصرت ردود الأفعال في نطاق إغلاق قناة «اليمن اليوم» ونهب أدواتها كان لابد من إشاعات تقول إن الحل يقتضي مداهمة جامع الصالح واستبدال خطبائه وحراسته بخطباء وحراس من الاصلاح وإلا فهو خطر يهدد أمن الرئاسة، وهكذا في سلسلة من الإشاعات والمكايدات الباحثة عن إيقاظ الفتن النائمة..
أخلص من ذلك الى القول إن ضبط النفس والاعتدال سياسة مؤتمرية حكيمة وعظيمة..
تمت طباعة الخبر في: الأربعاء, 04-ديسمبر-2024 الساعة: 07:35 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almethaq.net/news/news-39151.htm