الثلاثاء, 01-يوليو-2014
الميثاق نت -  محمد علي عناش -
الأزمة اليمنية معقدة، وتتفرع عنها مجموعة من الأزمات والقضايا الشائكة الممتدة من شمال البلاد إلى جنوبها، والتي تأخذ طابعا اجتماعيا وثقافيا واقتصاديا، استفحالها ربما سوف ينذر في القريب العاجل بسقوط الدولة، وانفصال جنوب مضطرب ، واستمرار فوضى ونزيف الشمال،
إن لم يتم تدارك الأمر بحلول عاجلة، وبروز كتلة وطنية تاريخية تحول دون حدوث ذلك..
لسنا متشائمين ولا مرجفين، ولكننا نقرأ الأحداث وتطوراتها الخطيرة، ونرقب المسارات المنحرفة التي تمضي فيها، والمآلات التي تتجه نحوها، ومؤشرات هذه المآلات، استمرار الحرب العبثية في عمران دون حلول مسؤولة منذ البداية، استمرار هجمات القاعدة الإرهابية وتمددها على مساحة كبيرة من البلاد، عجز الموازنة الكبير والذي لم يعد ينفع معه الحلول الترقيعية وإنما الحلول الجادة والمسؤولة، الأمر يتطلب إرادة وطنية صادقة ومشروعاً وطنياً ناضجاً، وهو الشيء المفقود والغائب، وإلا لما وصل التداعي في البلاد إلى ما وصلت إليه من سوء وتدهور وضياع.. من هنا فالذين يكثرون الحديث عن منجزات المرحلة الانتقالية، ليسوا صادقين مع أنفسهم ولا مع الشعب، ولا يمتلكون الجرأة الوطنية الكافية كي يظهروا الحقائق ويكاشفوا الشعب والعالم أجمع، بحقيقة ما يحدث وخطورة استمرار الوضع بهذا الشكل، وإنما يفضلون أن يسوقوا الوهم وأن يمارسوا هم أيضا التخدير للمواطن اليمني الذي يتجرع القهر ومرارة الأزمة في صمت وصبر وحكمة، فالمصلحة الوطنية وحجم الأخطار المحدقة بالوطن، لا تحتاج في الوقت الراهن، العمل خلف الكواليس، ولا إلى نسج التحالفات الجديدة القائمة على المصالح، والمتناقضة مع تطلعات الشعب في التغيير والأمن والاستقرار، وإنما تحمل توجهاً كارثياً على التسوية السياسية وعلى مخرجات مؤتمر الحوار الوطني، التي يتم التباطؤ في تنفيذها والتخطيط لترحيلها، وفي مقدمة ذلك الانتخابات، كأهم استحقاق شعبي ووطني في هذه المرحلة..
اليمن طوال هذه المرحلة لم تُدَرْ بمشروع وطني حقيقي للخروج من الأزمة ومعالجة الكثير من القضايا والمشاكل، وترجمة أهداف التغيير، إلى نتائج ملموسة، وإنما ساد فيها مشروع المحاصصة والتدخلات المستمرة من قبل مراكز القوى والنفوذ العسكري والعشائري، التابعين للإخوان، في شئون الدولة والحكومة، والتأثير المستمر على القرار السياسي، والذي كثيراً ما كان يرضخ لها ويتكيف مع أهدافها وطموحاتها ومخططاتها، الأمر الذي أخل بطبيعة وغاية المرحلة الانتقالية وانحرف بها من مسار التأسيس المؤسسي للحكومة وبناء الدولة المدنية ومعالجة القضايا الوطنية، إلى مسار التأسيس الاخواني، ومضاعفة الأعباء والمشاكل وتعقيدها، وإلى تفكيك وتدمير بنى ومقومات الدولة، وإنهاك الاقتصاد الوطني وتدميره بشتى الطرق والوسائل..
التجاوزات والانحرافات عن مسار التسوية السياسية التي أخلت بطبيعة وجوهر المرحلة الانتقالية كثيرة ومتعددة وفي جميع الجوانب، إلا أن أخطاء هيكلة الجيش وتمييع تنفيذ القرارات الرئاسية المتعلقة بهذا الشأن، كانت من أخطر هذه الانحرافات، كونها لم تؤد إلى بناء أهم مقومات ومرتكزات الدولة الوطنية، والتي تتمثل في المؤسسة العسكرية والأمنية الموحدة، التي تتبع الوطن وتدافع عن سيادته ومنجزاته وتحمي الشعب وتصون حقوقه وحريته وكرامته، وإنما أدت إلى تفكيكها وإلى الإخلال بموازين القوى العسكرية لصالح الإصلاح ومراكز قواه العسكرية والقبلية، والانحراف بالعقيدة العسكرية، من العقيدة الوطنية إلى العقيدة الحزبية والمناطقية..
من هنا فإن الهروب من تنفيذ استحقاقات المرحلة ومواجهة الحقائق والهروب من الالتفاف حول القوى الوطنية الحقيقية وتفعيل دورها في هذه المرحلة الخطيرة، إلى إثارة الزوبعات وإلى الالتفاف حول القوى المعيقة للمرحلة والتسوية السياسية وتطلعات الشعب في التغيير، وإلى الحديث عن التواير التي صارت مفردة من مفردات الأزمة في بلد الخيبات التاريخية، هو هروب من المسؤولية التاريخية وهروب ستكون نتائجه كارثية على الوطن والشعب الذي هو بأمس الحاجة في هذه المرحلة لإرادة وطنية كبيرة وصادقة ويتطلب فرزاً حقيقياً للقوى الوطنية الحقيقية والواعية، التي ستحول دون السقوط والانهيار والتفكك، وتكون حاملة لمشروع التغيير إنطلاقاً من مخرجات مؤتمر الحوار الوطني.
تمت طباعة الخبر في: الجمعة, 22-نوفمبر-2024 الساعة: 09:59 ص
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almethaq.net/news/news-39259.htm