الميثاق نت -

الثلاثاء, 08-يوليو-2014
بقلم/ عبده محمد الجندي -
لاشك أن العلاقة بين المؤتمر الشعبي العام وبين التجمع اليمني للإصلاح قد بدأت شبيهة بعلاقة الأبوة والبنوة حين كان الاصلاح جزءاً من المؤتمر ثم تحولت الى علاقات تحالفية موجهة ضد أقصى اليمين وأقصى اليسار، شجعت على بناء كتلة قوية وقادرة على مواكبة المتغيرات الديمقراطية التي جاءت بها الوحدة اليمنية بصورة أكدت أن رؤية الحزب الاشتراكي التحالفية لم تكن مبنية على حسابات وتقييمات علمية دقيقة من خلال النتائج النهائية للانتخابات البرلمانية الأولى التي جرت في الـ27 من ابريل 1993م بصورة دفعت الاشتراكي وحلفاءه الى ردود فعل صاخبة وغاضبة وصلت الى حد التفكير بالعودة الى ما قبل الوحدة وما قبل الديمقراطية بعد محاولات داخلية وخارجية أسفرت عن التوقيع على وثيقة العهد والاتفاق التي وُلدت ميتة.
أقول ذلك وأقصد به أن أزمة الثقة المبكرة قد دفعت الطرف الأضعف الى استدراكات ومعالجات انفعالية عسكرية وأمنية متسرعة وغير مدروسة أسفرت عن إضافة الهزيمة العسكرية الى الهزيمة الانتخابية السياسية.. اعتقد المنتصر أنها ستؤدي على المدى القريب والبعيد الى تأييد الوحدة في مواجهة أي أخطار أو تحديات انفصالية وغير ديمقراطية بعودة واقع ما قبل الوحدة وما قبل الديمقراطية في ظل الشطرين والدولتين.
وفي حين خرج الحزب الاشتراكي من السلطة الى المعارضة يكابد مرارة الشعور بالحسرة والهزيمة المركبة ظل الطرف المنتصر يعاني من غرور النصر يخفي خلفه شعوراً بالمرارة ناتجاً عن اختلال في تقاسم السلطة نظراً لاعتقاد المؤتمر أنه الأقوى والأحق في فرض سيطرته على السلطة في وقت كان فيه الإصلاح قد شعر هو الآخر بأن نصيبه في السلطة أقل مما كان يريده لسببين، الأول: أنه كان المحرض على ضرورة التخلص من الحزب الاشتراكي بالوسائل السلمية وغير السلمية، والثاني: باعتباره الحليف والوريث الوحيد للحزب الاشتراكي، لكنه تقبل المشاركة على مضض وعلى أمل أن حصته ستكون أكبر مما يتوقعه شريكه في أول دورة انتخابية برلمانية بعد أن حقق الكثير من المكاسب الدستورية والقانونية الى جانب المكاسب السياسية.
ولم يكن بحكم قربه من رئيس الجمهورية وثقته به يعتقد أنه سيكرر نفس ما حدث للاشتراكي في الخروج من السلطة الى المعارضة بعد الانتخابات البرلمانية الثانية.
الا أن ما لم يكن يدور في حساباته تحت ضغط الثقة الزائدة بالنفس أن يحدث له نفس ما حدث للحزب الاشتراكي من هزيمة انتخابية حصل فيها المؤتمر على الأغلبية المريحة، فحاول تقويضها عبثاً في الانتخابات البرلمانية الثالثة التي حصل فيها منافسه على أغلبية ساحقة حاول التخفيف من صدمتها العنيفة عن طريق الانتخابات الرئاسية التنافسية وما حصد فيها من هزيمة غير متوقعة دفعته الى التهديد باللجوء للشارع لولا مصادفة ذلك ما اجتاح الوطن العربي من عاصفة هوجاء نتج عنها خروج الرئيس زين العابدين بن علي من السلطة تحت المظاهرات الجماهيرية لاجئاً الى المملكة العربية السعودية وسقوط الرئيس حسني مبارك بنفس الاسلوب ما تلى ذلك من جرجرته الى المحاكم والسجون بصورة غير أخلاقية وأعقب ذلك مقتل الزعيم معمر القذافي تحت ضربات قوات الحلف الأطلسي وفي حين فضل الرئيس السوري بشار الأسد الاستمرار في المقاومة وما نتج عنها من حرب أهلية طاحنة مازالت مستمرة حتى الآن، فضل الرئيس علي عبدالله صالح التضحية بالسلطة مقابل الحفاظ على المؤتمر الشعبي العام حتى لا يكون مصيره كمصير غيره من الأحزاب العربية التي كانت حاكمة في تونس وفي مصر وفي ليبيا، وظهر الاخوان المسلمون هم القوة المحركة بحكم ما لديها من ارتباطات دولية شابها الكثير من الشكوك والشبهات كان الزعيم علي عبدالله صالح أول من تحدث عن القوى الدولية الداعمة للاخوان المسلمين قد جعله يستخلف نائبه في الدولة ونائبه في الحزب لتحمل المسؤولية ونقل السلطة بطريقة سلمية وانتخابية مبكرة.
أعود فأقول إن حكم الخلافة الاسلامية لم يتحقق للاخوان المسلمين بعد أن كانوا قاب قوسين أو أدنى من تحقيقه بسيطرتهم على السلطة في أكثر من بلد عربي وهو الحلم الذي ناضلوا من أجله ما يقرب من قرن من الزمن الا أنهم سرعان ما سقطوا من السلطة بنفس السرعة.. مؤكدين بذلك أن ما يبنى على باطل فهو باطل لا حصاد له سوى الهزيمة.
وعودة من العام الى الخاص استطيع القول إن حلم الاخوان المسلمين بالخلاص من المؤتمر الشعبي العام في اليمن بعد تخلي الرئيس صالح عن رئاسة الجمهورية لم يتحقق لأن المؤتمر الشعبي العام برئاسة الزعيم علي عبدالله صالح ونائبه الأول الأمين العام المشير عبدربه منصور هادي قد بقي صامداً بوجه تلك التحديات من خلال التوقيع على المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية والقرارات الدولية كمرشح توافقي وحيد للمؤتمر الشعبي العام وحلفائه وأحزاب اللقاء المشترك وشركائهم الذين ضمنوا رئاسة نصف حكومة الوفاق الوطني، وما استخدموه من الأساليب والوسائل التكتيكية الهادفة لأخونة الدولة وتحقيق حلم الخلاص من القوة الانتخابية للمؤتمر الشعبي العام، الا أن فشلهم في التعامل غير المسؤول مع السلطة قد حال دون تحقيق النجاح الذي تطلعوا اليه ووعدوا به الأغلبية الساحقة من البؤساء والمحتاجين الذين تطحنهم البطالة ويمزقهم الفقر بما نتج عن حكومة الوفاق من إضافة فساد الى فساد وفقر الى فقر وبطالة الى بطالة لم تحقق سوى المزيد من البؤس والفوضى والارهاب والمعاناة وخلال ثلاثة أعوام من الحكم انكشفت حقيقة الاخوان المسلمين في اليمن بصورة متزامنة مع ما حدث لهم من فشل ذريع في بقية بلدان الربيع العربي في شتى مجالات الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والعسكرية والامنية بصورة أعادتهم عشرات الأعوام الى الخلف.
حقاً لقد أكدت التجربة والممارسة العملية لحكم الاخوان المسلمين أنهم لم يكونوا رجال دولة وأن الاحزاب الدينية التي يطلق عليها الاسلام السياسي لا تصلح للحكم لأنها زجت الشعوب في صراعات وحروب مع من كانوا حلفاءهم وشركاءهم فيما عرف بثورات الربيع العربي، فها هم في اليمن دخلوا في صراعات مع مجاميع الحراك المطالبة بالانفصال الذين رفضوا التوقيع على المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ورفضوا المشاركة في الحكومة، وها هم في شمال الوطن يزجون البلاد في حروب مذهبية وطائفية لا تبقي ولا تذر مع أنصار الله الذين رفضوا التوقيع على المبادرة ورفضوا المشاركة في حكومة الوفاق الوطني وقبل وبعد ذلك باءت محاولاتهم البائسة بالفشل الذريع الى درجة أفقدتهم القدرة على إضعاف المؤتمر عبر سلسلة من المؤامرات سواءً عن طريق الايقاع بين قياداته أو عن طريق اجتثاثها وإقصائها من الوظيفة العامة واحتواء بعض من تقلدوا مواقع قيادية وحقائب مؤتمرية لكنهم لم يصابوا باليأس، فلجأوا الى الايقاع بين رئيس الجمهورية ورئيس المؤتمر الشعبي العام والتظاهر بالانحياز المطلق لأحقية رئيس الجمهورية في أن يكون رئيساً للمؤتمر الشعبي العام، ناهيك عن تظاهراتهم المطالبة بإلغاء الحصانة وبمحاكمة القتلة وبإقصاء المحسوبين على الرئيس السابق مدنيين وعسكريين.
هم يعرفون أن رئاسة المؤتمر الشعبي العام وهيئاته القيادية لا تندرج في نطاق النقل السلمي للسلطة طبقاً لما نصت عليه المبادة الخليجية وآليتها التنفيذية وبقيت محكومة بالنظام الأساسي للمؤتمر الشعبي العام ولوائحه الداخلية المنظمة لكيفية الوصول الى المواقع القيادية من خلال مؤتمرات عامة تفتح فيها أبواب الترشيح والانتخاب بطريقة ديمقراطية حرة ونزيهة.. ويعرفون أيضاً طبيعة التأثير الشخصي التي يمثلها رئيس المؤتمر الشعبي العام باعتباره القائد المؤسس الذي يحظى بثقة الأغلبية الساحقة من المؤتمريين، ويعرفون من قبل ومن بعد أن استجابته لهذا المطلب لا يمكن أن تتحقق من خلال مساعٍ اخوانية مقززة ومنفرة للأغلبية الساحقة الذين يدركون أبعادها لأنها ليست حباً في رئيس الجمهورية وحرصاً عليه بقدر ما هي رغبة جامحة في إحداث الفتنة التي تؤدي الى الانشقاقات وما قد ينتج عنها من الصراعات الداخلية المدمرة لوحدة التنظيم وقوته وفاعليته في العملية السياسية والانتخابية، لأن تبادل المواقع القيادية داخل الاحزاب لا تخضع لمثل هذه الأساليب الانتهازية المنفرة، وذلك ما يستدل عليه من خطابهم السياسي وآلتهم الاعلامية المتحاملة على رئيس المؤتمر والمنافقة لرئيس الجمهورية بمثابة دعوة الى الفتنة تظهر عكس ما تبطن سوف تنقلب من النقيض الى النقيض في حال أصبح رئيس الجمهورية رئسياً للمؤتمر الشعبي العام تماماً كما كانوا يتهمون الرئيس السابق الذي طالبوه بالاستقالة من رئاسة المؤتمر نظرآً لما يمثله من خطر الانحياز لحزبه على حساب الاحزاب الاخرى لأن رئيس الجمهورية يجب أن يكون رئيساً لكل أبناء الشعب اليمني، ومعنى ذلك أنهم لا يقولون ذلك حباً في رئيس الجمهورية ولكنه نفاق على طريقة المفاضلة بين علي وبين معاوية، لأننا نعلم وفي المقدمة رئيس الجمهورية أن تعاظم قوة المؤتمر ووحدة قراره الحزبي التنظيمي والسياسي ليست لمصلحتهم، لذلك رتبنا مواقفنا في المؤتمر الشعبي العام على قاعدة الاحتكام لمبدأ القيادة الجماعية ونعلم يقيناً أن مصلحة الاخوان المسلمين في إشعال الفتن النائمة التي تؤدي الى تدمير المؤتمر من الصراعات التي تضعف الثقة بين القيادات وبين القواعد، وما تسببه من تأثير على ما لدى المؤتمر من الأعضاء والمؤيدين والأنصار والأصدقاء الا أنهم لا يشعلون تلك الخلافات رغبة في تعاطفهم مع رئيس الجمهورية بقدر ما يشعلونها رغبة في تصفية ما لديهم من أحقاد على رئيس المؤتمر الشعبي العام للدفع بهما الى منافسات تتحول الى صراعات وانقسامات اعتقاداً منهم أنهم سوف يتمكنون من احتواء الكثير من هذه القاعدة الجماهيرية العريضة.. متجاهلين أن المؤتمر الشعبي العام بأغلبيته الساحقة على علم بكل ما مارسوه ونفذوه بحقه من المؤامرات من وحي ما لديهم من تراكمات الأحقاد، ولهؤلاء الاخوان الدخلاء نقول بملء الفم: كفوا عن التدخل في شؤوننا الداخلية واحترموا انفسكم لأنكم آخر من يحق لهم أن يوجهوا مثل هذه النصائح غير الجديرة بالاحترام، لأن المؤتمريين أبعد ما يكونون عن الاخوان المسلمين خصوصاً ما عرفوه عن التجمع اليمني للاصلاح من خطابات وسياسات عدوانية مجردة من كافة الأساليب والوسائل والغايات النبيلة، واثقين كل الثقة أن أي مؤتمري صادق ومخلص لا يمكنه أن يضع يده بيد هؤلاء الذين نتمنى لهم الحياة ويتمنون لنا الموت من الذين يسعون جاهدين لتقويض ما تهدف اليه المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية المزمنة من حفاظ على وحدة اليمن وأمنه واستقراره في ظل ظروف سياسية واقتصادية واجتماعية وعسكرية وأمنية بالغة الخطورة والصعوبة.
هذه القوى التي تعتقد أنها الأقدر على التكتيك والخداع والدجل والمناورة لا تضع بالاعتبار أن من تستهدف الإيقاع بينهم عن طريق الاقتراب من أحدهم لضرب الآخر لا يقلون عنها ذكاءً وإدراكاً لخطورة الدخول في هذا النوع من الخلافات والصراعات المدمرة للمؤتمر الشعبي العام ولما يمثله من أهمية في إنجاح التسوية السياسية مهما كان خطابهم الهادف الى كسب ثقة المؤتمريين قولاً وضرب الثقة بين قياداته للخلاص منه مضموناً وفعلاً.
أقول ذلك وأقصد به أن المؤتمر الشعبي العام لديه من الخبرة والقدرة ما يمكنه من معرفة مصلحته، لذلك ما برحت اللجنة العامة تؤكد في مجمل مواقفها وبياناتها أنها تقف على مسافة واحدة من جميع القيادات الحزبية وغير مستعدة لقبول مثل هذا النوع من الدسائس والمكايدات والخلافات نزولاً عند هذه الاستشارات الحاقدة لأنها محكومة بما لدى قيادات وقواعد التنظيم من القيم ومن المثل الأخلاقية الثابتة ثبوت الجبال لأنها محتكمة بعد ذلك لما لدى المؤتمر من الأدبيات والأنظمة واللوائح التنظيمية بالرجوع الى الهيئات القيادية والاحتكام لما يصدر عنها من قرارات تنظيمية حاسمة لهذه الخلافات والصراعات الهامشية والثنائية التي ما تكاد تظهر الا لتنتهي، ولكن بما تعزز وحدة التنظيم وفاعليته واقترابه من هموم الشعب.
حقاً لقد استطاع المؤتمر الشعبي العام أن يحافظ على وحدته ويضاعف قواعده من خلال الاحتكام الى سلسلة من الضوابط نشير فيما يلي بعجالة الى أهمها بإيجاز شديد:
1- الخطابات السياسية والإعلامية الهادفة والملتزمة بنهجه الوسطي بعيداً عن الخطابات والمواقف المتطرفة التي يتضرر منها الجميع ولا يستفيد منها أحد.
2- إعطاء مسافة معقولة ومقبولة للرأي والرأي الآخر وما يترتب عليه من التباينات المحدودة بحدود الاحتكام الى ما لدى التنظيم من الوثائق والأدبيات المنظمة للعلاقات بين قواعده وقياداته وبين ما لديه من التكوينات والهيئات القيادية.
3- الاحتكام الى قرارات الأغلبية داخل التكوينات والهيئات القيادية واحترام الأغلبية لرأي الأقلية دون العمل به في مجال العلاقات التنظيمية والسياسية.
4- التدرج في تطبيق العقوبات بحق أولئك الذين يحولون التباينات الى صراعات وفق ما تنص عليه اللوائح المنظمة للحقوق والواجبات في نطاق الفصل بين ما لدى الأعضاء من مواقع قيادية في الدولة ومواقع قيادية في التنظيم.
أخلص من ذلك الى القول إن التجمع اليمني للإصلاح لا يحتاج الى تكرار التجربة الفاشلة مع المؤتمر الشعبي العام وأقصد بها تجربة اللواء علي محسن الأحمر وما أفضت اليه من ارباكات ربما كانت مخيفة في ذلك الوقت الا أنها اصطدمت بما قوبلت به من صمود اسطوري جنب المؤتمر الشعبي العام مغبة الصراعات والانقسامات والانشقاقات رغم الجهود التي بذلوها والامكانات التي خسروها والدماء البريئة للمدنيين والعسكريين التي تسببوا في سفكها ويتحملون مسؤوليتها ندعوهم الى الكف عن لعبة التدخل في الشؤون الداخلية للمؤتمر الشعبي العام.. ونؤكد للمراقب المحايد أن التجمع اليمني للإصلاح لا يخشى العواقب الوخيمة لإيقاظ الفتن النائمة داخل وخارج الأحزاب، فكما نجدهم يسعون جاهدين لإشعال الحروب المناطقية والطائفية والمذهبية مع الحوثيين من باب الرغبة في إقحام الدولة بحروب عبثية لا ناقة للشعب فيها ولا جمل، نجدهم في حالة تآمر دائم ومستمر على وحدة المؤتمر الشعبي العام تخفي حقداً دفيناً على قياداته سيكون مصيرها الفشل الذريع الذي يفقدهم احترام الآخرين ولكن بعد فوات الآوان..!!
تمت طباعة الخبر في: الجمعة, 22-نوفمبر-2024 الساعة: 11:03 ص
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almethaq.net/news/news-39350.htm