الميثاق نت -

الثلاثاء, 15-يوليو-2014
لقاء: فيصل الحزمي -
فضيلة الشيخ جبري إبراهيم لـ«الميثاق»:التعصب الحزبي أحدث شرخاً في المجتمع انعكس على الثقة بالعلماء

دعا فضيلة الشيخ جبري إبراهيم مدير عام الوعظ والارشاد بوزارة الأوقاف والارشاد حكومة الوفاق إلى ضرورة أن توضح للناس كيف تصرف زكاة أموالهم لكي يطمئنوا.. موضحاً أن العديد من المكلفين يمتنعون عن دفع الزكاة للدولة لاعتقادهم أن زكاة أموالهم تصرف في غير مصارفها.
وقال الشيخ جبري أن على الحكومة أن تصدر نشرة إلى كل محافظة توضح فيها اجمالي ما تم جبايته من الزكاة في كل عام وتحدد فيها بدقة كيف صرفت لما من شأنه إعادة الثقة بين المكلف والدولة.
وتطرق جبري في حديث لـ«الميثاق» الى ما قامت به وزارة الأوقاف في سبيل توحيد مواقيت الآذان وخاصة في رمضان، معرباً عن أسفه لعدم التزام الكثير من المساجد بما تم الاتفاق عليه بشأن توحيد موعد الآذان..
تفاصيل أكثر حول أهمية العشر الأواخر من رمضان وفريضة الزكاة وغيرها من الأمور المتعلقة بشهر رمضان في اللقاء التالي.. إلى التفاصيل..
< بداية حدثونا يا شيخ عن أهمية العشر الأواخر من رمضان.. وما هي الأعمال المستحبة فيها؟
- العشر الأواخر من شهر رمضان المبارك هي خاتمة رمضان والعبرة بالخواتيم، نسأل الله أن يحسن لنا ولجميع المسلمين الخاتمة، والرسول - صلى الله عليه وآله وسلم- وهو قدوتنا- كان إذا دخلت العشر الأواخر من رمضان جد واجتهد وشد المئزر وأيقظ أهله وأحيا ليله، فقد كان - صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم يستنفر البيت بكامله وكان يعتكف في العشر الأواخر، فهي من الأعمال المستحبة وفيها أيضاً ليلة القدر كما جاء في الأحاديث الصحيحة عن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم- ان ليلة القدر في العشر الأواخر من رمضان وفي الليالي الوتر منها، لذلك يجب أن يجتهد المسلم طوال العشر الأواخر، لأنه ربما يحدث خطأ في الصيام أن نقدم أو نفطر يوماً فتكون الليلة التي نعتبرها ليلة وتر وهي ليست وتراً والعكس، لذلك يجب أن نجتهد طوال العشر الأواخر من رمضان ولا نتكاسل ولا نتهاون، والرسول صلى الله عليه وآله وسلم قال: «من أراد أن يتحرى ليلة القدر فليتحراها في الليالي الوتر، فتبقى في تسعة وعشرين، وفي سبعة وعشرين، وتبقى في ثلاثة وعشرين، وتبقى في واحد وعشرين، فليلة القدر ترجى في هذه الليالي الخمس، إلا أنه ينبغي أن نأخذ الليالي العشر كلها، لأنه لا ندري أية ليلة هي الوتر منها، ومن فضائل العشر الأواخر أن فيها زكاة الفطر التي قال عنها النبي - صلى الله عليه وآله وسلم-:«أنها طهرة للصائمين وطعمة للمساكين».
تسلم لولي الأمر
< البعض يطرح بأن الزكاة يجب أن لا تدفع للدولة بل تدفع لجهات أخرى تقوم بإنفاقها على مصارفها عن طريقها.. ما هو رأي الشرع في هذا الأمر؟
- الزكاة تدفع لولي الأمر، هذا بنص كتاب الله «خذ من أموالهم صدقة تزكيهم وتطهرهم بها»، كان الأمر للرسول - صلى الله عليه وآله وسلم- ولولي الأمر من بعده، والنبي - صلى الله عليه وآله وسلم- عندما أرسل معاذ بن جبل الى اليمن قال له: «خذ من أغنيائهم صدقة تردها على فقرائهم» ولم يأمره بأن يكلف المشايخ والأحزاب بهذا الأمر، فالشرع واضح بأن الذي يجبي الزكاة هي السلطات أو ولي الأمر.
على الدولة التوضيح للناس
< برأيكم.. ما هي أسباب تهرب الناس من دفع زكاة أموالهم؟
- التهرب من دفع الزكاة له أسباب متعددة أولها الضعف الإيماني، فالإنسان كلّما كان يقينه بالله عز وجل، كلّما دفع من ماله أكثر من المفروض عليه، وقد كان العباس عم رسول الله يدفع الزكاة لعامين العام الذي يعيشه وعام قادم، وذلك نتيجة ثقته بالله وإلا ما يدريه أنه سيعيش الى العام القادم أو أن ماله لن تصيبه جائحة، لكنها الثقة بالله عز وجل، وعندما ترتفع نسبة الإيمان عندها يصبح الإنسان واثقاً بأن ما عند الله بين يديه فيعطي لله سبحانه وتعالى.. هذا الأمر الأول ضعف الإيمان، والأمر الثاني أن الزكاة أصبحت اليوم مع التضخم المالي كبيرة ويجد المكلف أن زكاة أمواله تصل إلى ملايين فيستكثرها، وفي الحديث أن من علامات الساعة إذا كان الفيء مغنماً، والفيء هي الأموال التي تغنم وتجبى والزكاة مغرماً وليس مغنماً وهذه مشكلة، وهناك أمر ثالث له علاقة بتهرب الناس من دفع الزكاة وهو عدم صرف الزكاة في مصارفها الحقيقية، وهو أمر أصبح غير واضح، نسمع أن الدولة تجبي الزكاة، لكن كيف تصرف.. لا ندري، لذا يجب على الدولة أن توضح للناس كيف تصرف زكاة أموالهم حتى يطمئنوا، لأن هناك من يمتنع عن دفع الزكاة بحجة أنها تصرف في غير مصارفها، وهذا قصور في عمل الدولة خاصة ونحن في عصر التكنولوجيا وبإمكان الدولة أن تنزل نشرة لكل محافظة أو مديرية توضح فيها إجمالي ما تم جبايته من الزكاة في كل عام وتحدد بدقة كيف صرفت حتى يطمئن الناس أن زكاتهم صرفت في أماكنها الصحيحة، ولكن الذي يحصل نجد أن أحد المسؤولين يعتذر ويقول لدينا ضمان اجتماعي وغيرها من المصارف التي لم تتضمنها مصارف الزكاة، وهذا خطأ لأن الضمان الاجتماعي وغيره له موارده الخاصة، وهذا لا يعني أن نقول ان الزكاة لا تدفع للدولة.. ولكن يجب على الدولة أن توضح للناس كيف تصرف الزكاة حتى يطمئن الناس، وإذا حصل فائض في الإيرادات يجب أن يستثمر في مشروع، ويفتح المجال للفقراء للعمل فيه، وإذا حصل ذلك سنجد أن هؤلاء الفقراء أصبحوا مكلفين وستؤخذ منهم الزكاة.
مواعيد الآذان
< نلاحظ وجود فارق كبير في مواعيد الأذان وخاصة آذان المغرب والفجر في المدينة الواحدة.. يصل هذا الفارق في بعض المساجد الى عشر دقائق وأحياناً الى ربع ساعة وبصفتكم مدير عام الوعظ والارشاد بوزارة الاوقاف ما دور الوزارة حيال هذا الأمر؟
- الوزارة قامت بطبع جدول مواقيت وزع لكافة المساجد يوضح بشكل دقيق موعد كل آذان وقت كل صلاة.
< ولكن كثيراً من المساجد لم تلتزم بتلك الجداول.. ما هو دور الوزارة؟
- هذه هي المشكلة التي نعاني منها أن وزارة الأوقاف ليس لها سلطة على هذه المساجد ودورها يقتصر في الاشراف، والوزارة جمعت مجموعة من علماء الشرع وعلماء الفلك وأعطوا لهم تقاويم من كافة دول العالم الاسلامي.. وأنزلوا لكل محافظة تقويماً وجدولاً بالمواعيد بدقة.. ووقع على ذلك هؤلاء الناس، مع ذلك نجد أن من الذين وقعوا يخالفون ما اتفقوا عليه، وعيبنا في اليمن عدم تطبيق القوانين، ونجد أن أول من يخالف هم من أعدوا تلك القوانين، والأصل أن يكون لوزارة الأوقاف سلطة على القائمين على المساجد بحيث إذا خالف أحدهم ولم يلتزم يوقف عن الخطابة ويحاسب على الأقل في رمضان، لأنه قد يترتب بطلان صيام الآلاف من المسلمين خاصة وأن الفارق في الآذان يصل في بعض المساجد الى ربع ساعة أو عشر دقائق وكل واحد يتحجج بأن مذهبه مختلف وأنه على حق، والأصل إذا كان هذا المؤذن لديه حجة تؤكد أنه على حق عليه أن يأتي الى وزارة الأوقاف ويثبت أن هناك خطأ في موعد آذان المغرب أو الفجر ويناقش الأمر، وان صح وجود خطأ يتم تعديله.
شر مستطير
< ما موقف الشرع مما حدث في محافظة عمران من سفك للدماء وترويع للآمنين؟
- ما حدث في عمران هي فتنة كبيرة وشر مستطير، وعلى العقلاء أن يتعقلوا وأن يجتمعوا ويحلوا هذا الإشكال، وعلى الدولة تقع المسؤولية الأكبر، وكذلك على الأحزاب وعلى كل من لديهم تأثير يجب أن يجتمعوا ويوقفوا القتال بين الاخوة أصحاب الدين الواحد، نحن في وطن واحد وديننا واحد، فلماذا نتقاتل في حين يتربص بنا العدو ويقتل اخواننا في فلسطين، ونحن مشغولون بقتال بعضنا بعضاً، والحقيقة تفرض علينا أن نعمل بالقرآن الكريم والقرآن لم يقل عادوا بعضكم، وإنما قال: «إنما المؤمنون أخوة»، وقال تعالى: «المؤمنون بعضهم أولياء بعض».
صنف العلماء إلى أحزاب
< لماذا لم يقم العلماء بدورهم في تبيين الحقائق للناس ونصحهم إزاء ما يحدث في عمران؟
- الواجب على العلماء أن يبينوا الحق للناس جميعاً والله أخذ الميثاق عليهم «لتبيننه للناس ولا تكتمونه»، ولكن الذي حصل أن التأثيرات الحزبية أوجدت في الناس شرخاً لدرجة أنه مهما تكلم هذا العالم، فلم يعد الناس يتقبلون منه، وأصبحوا يصنفونهم الى أحزاب وإلى جهات، فلما صنف العلماء أصبح لدى الناس بعداً عن الاستماع لهذا العالم أو لذاك.. ويبررون ذلك بأن هذا العالم يتكلم باسم حزبه مع أن الاحزاب لهم ناطق رسمي ولا دخل للعلماء، فالعلماء يجب أن يكونوا للأمة جميعاً ومن ضمن الفتن التي ابتلينا بها بعد «الربيع العربي» أن العلماء أصبحوا يطعنون في بعضهم بعضاً، وهذا لا يجوز، وهذا لا يعفي العلماء من القيام بواجبهم وعليهم النصح، ويبقى الأمر بيد السلطة، فالدولة هي من تتحمل مسؤولية إيقاف الصراع والاصلاح بين الناس وأن تجمع بين وجهات النظر المختلفة ولا تنحاز الى طائفة على حساب أخرى، فنحن في وطن واحد ومصالحنا واحدة، وعندما يحدث الدمار سيعم البلاد والجميع.. ولن يقتصر على فئة أو محافظة فقط، فالكل في سفينة واحدة، إذا خرقت سيغرق الجميع، لذلك ينبغي أولاً على الدولة وكذا على الاحزاب والعلماء وأصحاب الكلمة أن يكون لهم موقفاً في إيقاف الحرب والصلح بين المتنازعين.
لم يحدث في تاريخ اليمن
< بدأت ظاهرة خطيرة تشب نيرانها وسط المجتمع اليمني وهي ظاهرة التعصب المذهبي والطائفي .. ما خطورة هذه الظاهرة.. وما الذي يتوجب على العلماء والدعاة أن يقومون به؟
- المذاهب الاسلامية كانت مجرد مدارس فقهية وتحولت الى تعصبات حزبية وطائفية، وأعداء الأمة عملوا على قلب هذه المذاهب من مدارس فقهية الى أن أصبحت شبيهة بالحزب، وفي اليمن كان مشهوراً عندنا المذهب الشافعي والمذهب الزيدي، ولكن لم يسمع الناس ولم تعلم الأمة في اليمن أن الشافعي قاتل الزيدي أو الزيدي قاتل الشافعي، فقد كان الكل يداً واحدة، وكانت الشهادة المعترف بها يومها أو ما كان يعرف بالإجازة العلمية تجد هذه الإجازة يجيزها خمسة أو ستة من مشائخ الشافعية ومثلهم من مشائخ الزيدية.
المساجد لله
< ما هي رسالة المسجد لمواجهة التطرف والارهاب؟
- لاشك أن المساجد منارات الخير ودور لارشاد الناس الى الحق وتجمع الناس وتوحد الكلمة وتنير للأمة الطريق، وينبغي للخطيب وإمام الجامع أن يكون مستقلاً حتى ولو أراد التحزب عليه أن يتجرد داخل المسجد من الحزبية وينظر الى الناس بمنظور الاخوة الايمانية الكاملة ويوجههم التوجيه الذي يعمر البلاد ولا يدمرها ويحقن الدماء ولا يريقها، لأن المساجد لله وليست للأحزاب.
لانشعر بما يحدث
< ما الذي يتوجب على المسلمين إزاء ما يحدث لاخوانهم في غزة؟
- ما يحدث من العجائب.. بعد أن كان مجرد أن يحصل اعتداء على غزة تنتفض الأمة والعالم العربي كله، واليوم يحدث ما يحدث من قتل وقصف بالصواريخ والعالم العربي لم ولا يحرك ساكناً، لأنهم شغلوا بأنفسهم ولا يوجد دولة عربية إلاَّ وهي مشغولة بما فيها من أحداث وخلاف داخلي وهو أمر جعلنا لا نشعر بما يحدث لاخواننا في غزة وأصبحنا مخدرين بما شُغلنا فيه في بلداننا العربية، والواجب أن نعينهم بكل ما نستطيع بالمال أو على الأقل بالدعاء فهو سلاح المؤمن ولاشك أن له قوته.
تمت طباعة الخبر في: الخميس, 21-نوفمبر-2024 الساعة: 10:18 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almethaq.net/news/news-39457.htm