الثلاثاء, 15-يوليو-2014
الميثاق نت -   عبدالرحمن مراد -
في توقيت متقارب من توقيت هذا العام -قبل عام طبعاً- خرج الاخوان وهم غاضبون ويحرقون صور الملك عبدالله بن عبدالعزيز ملك المملكة العربية السعودية.. وفي هذا العام خرج الاخوان وهم يحملون صور الملك وقد كتبوا عليها ملك الإنسانية.. في العام الذي مضى كان غضب الاخوان باعثه موقف المملكة من الاخوان في مصر.. وفي هذا العام سببه موقف المملكة أو خوفها من حركة أنصار الله، وقد وجد فيه الاخوان تعويضاً نفسياً عمّا تكبدوه من هزيمة عسكرية وأخلاقية في عمران.
طبعاً أنا لا أختلف مع الاخوان، فالملك عبدالله والمملكة لهم آيادٍ إنسانية لا يمكن نكرانها وأظن أن نكرانها ليس من المروءة في شيء، فقد شهدت اليمن منذ نصف قرن من الزمان دعماً سعودياً متنامياً وظلت السعودية هي السند لهذا الوطن الذي تأكله الصراعات والحروب البينية وهي بذلك تدرك الأثر المترتب على أمنها واقتصادها وعلى نسيجها الاجتماعي والوطني، فاليمن تمثل بعداً استراتيجياً للمملكة لا يمكن القفز على حقيقته الموضوعية وهو الباعث الحقيقي لها في الحضور والتداخل الى الدرجة التي صنعت تصوراً خاطئاً في أذهان الكثير أن تدخل المملكة في الشؤون اليمنية كان سبباً في متواليات الفشل التي واكبت الحركة السياسية اليمنية منذ الثورة وحتى اللحظة، والحقيقة أن المملكة لم تكن إلا سنداً لجهود النهضة والتنمية في اليمن ولم تكن هي اللاعب في اليمن، فالولاءات الخارجية للأنظمة الثورية كانت مصدر خوف للمملكة ولذلك كان حضورها بقدر خوفها من تلك الولاءات، فالذات اليمنية منذ حادثة الانهيار الحضاري ودخول الأكسوم لا تجد تكاملها إلا في الآخر وهي حتى اللحظة لم تستعد وعيها بذاتها ولو استعادتها وعملت على تفجير الطاقة الكامنة فيها لا أظن تجد المملكة إلا عوناً وسنداً فالتكافل تفرضه حقائق موضوعية والتفاعل مع تلك الحقائق يجعلنا أمام أهداف وطنية، الأهداف الوطنية هي القيمة الفعالة للمعرفة، فالزيف والتصورات الخاطئة يعيقان حركة التفاعل وحركة الزمن والتطور وفي ظني أن المملكة ستجد نفسها جزءاً مفصلياً من أي مشروع وطني ينتمي إلى اليمن الإنسان والتاريخ والحضارة، وبالضرورة فهي تقف ضد أي مشروع سياسي له انتماءات غير وطنية لأنها تقيسه من حيث الأثر والتأثير والقيمة والمعنى الذي يتركه ذلك المشروع بحكم العلاقات الجيوسياسية بين اليمن والسعودية..ومشروع «الاخوان» كما هو معلوم مشروع غير وطني وهو عابر للأوطان والقارات ومنكفئ على ذاته لا يستوعب الآخر ولا قدرة له على التعايش مع أحد، متربص وجل خائف بلا موقف واضح، مراوغ لا معنى عنده للقيمة الأخلاقية ولا للمواثيق والعهود وقد كشفت متواليات الأحداث العاصفة تحت سماء «الربيع العربي» ذلك التيه الذي يعيشه الاخوان وكشفت عن غياب الهوية والعلامات الدالة عليهم، لذلك فشلوا في تقديم أنفسهم كبدائل للأنظمة التي أنهارت تحت تأثير العواصف الربيعية التي قادوها.. ولم يكن موقف المملكة من الاخوان موقفاً اعتباطياً بل كان موقفاً واعياً يعي حجم الخطورات التي تنطوي عليها حركة التفاعلات السياسية للاخوان، فالسياسة ليست نصاً ثابتاً ولا سنداً متصلاً أو مقطوعاً ولكنها حسن إدارة ومهارات ذهنية قادرة على تحقيق القدر الأكبر من المصالح للمسلمين.
وحين تعلن المملكة جماعة الاخوان كجماعة ارهابية فهي تدرك تمام الإدراك العلاقات اللوجستية بينها وبين الجماعات الارهابية المسلحة، بل أكاد أجزم جزماً قاطعاً أن المملكة تعلم جيداً أن الجماعات الارهابية هي التنظيم السري للاخوان، فالجهاز الاستخباراتي للمملكة نشط وفاعل ويقظ وعلى قدر وافر وكبير من المهنية وتربطه علاقات تعاون مع الكثير من الأجهزة الاستخباراتية العالمية ولا أظنه يغفل عن الهدف السياسي من وراء استهداف النقطة الحدودية ومقصدية الرموز والاشارات الباعثة لها ولا أظنه غافلاً عن معسكر التدريب في الجوف في الشريط الحدودي بين اليمن والمملكة، فالغباء الاخواني يظنه الاخوان صفة شائعة في غيرهم.
لا يظن الاخوان أن المملكة في مثل غبائهم ولا تدرك خطورة ما يعتمل في شمالها من جماعة داعش وخطورة ما يجري في جنوبها من حركة عسكرية اخوانية على تنسيق كامل مع الداعشيين، فثنائية العلنية والسرية أصبحت أمراً ظاهراً وصفة لازمة للاخوان ولا يمكنهم الفكاك منها، ولو ظن الاخوان أن أحداث عمران يمكن استثمارها في التضليل لتمرير مشروعهم فقد وقعوا في الخطأ وما جانفوا صفتهم الاخلاقية قط، فالحوثية عدو عاقل بالنسبة للمملكة ولا أظنها تشكل خطراً على المملكة ولا على مصالحها ولكنها قد تكون خطراً حقيقياً على مشروع الاخوان بسبب عاملين مهمين هما: العامل الاخلاقي والعامل التاريخي الذي استيقظ في ذاكرة المجتمع بصورة مباغتة لم يكن يتوقعها الاخوان..على مدى خمسة عقود من الزمان فشل اخوان اليمن في اختراق الهضبة الزيدية ولم يكن وجودهم فيها إلا محدود التأثير بدليل ما حدث ويحدث، فالعامل التاريخي جزء تكويني لا يمكن تجاوزه في البناءات العامة ومن ظن خلاف ذلك فقد وقع في الوهم وفي ظني أن غزل الاخوان للمملكة لا يجدي أمام التجربة التاريخية والعامل التاريخي الذي لم يكن إلا عامل محبة وموضوع سلام رغم التباين الثقافي في بداية التكوين والنشأة..وقديماً قيل «عدو عاقل خير من صديق جاهل»، وأظن اخواننا في المملكة يدركون تمام الإدراك ما نقول، فالذين ينقلبون على المواثيق والعهود ويتنكرون للفضل والمعروف لا يمكن الركون عليهم.. وعلى الله قصد السبيل وللحليم الإشارة.
تمت طباعة الخبر في: الجمعة, 22-نوفمبر-2024 الساعة: 10:24 ص
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almethaq.net/news/news-39460.htm