الثلاثاء, 22-يوليو-2014
الميثاق نت -   عبدالرحمن مراد -

< مضى أكثر من نصف العام منذ الإعلان عن الانتهاء من مؤتمر الحوار الوطني في 25 يناير 2014م وطوال كل هذا الزمن لم نعد نسمع عن مؤتمر الحوار وعن مخرجاته سوى نتفٍ صغيرة وعبارات عابرة تفرضها الضرورة السياسية أو الظرف الخانق وما دون ذلك، فلا معنى ولا قيمة ولا ضرورة لتلك المخرجات التي ربما قد تذهب أدراج الرياح وليس مع الشعب منها الا التغني بأمجادها والرقص على إيقاعها.. وقد يكون من البله دعوة الآخر المغاير بالالتزام بالمخرجات في حين يكون غيابها عندك- كمعني بالتنفيذ- هو السبب المباشر في خروج الآخر على مضامينها ومحدداتها، وأظن أنه ورد في الفصل الرابع: ضمانات مخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل من وثيقة الحوار الوطني الشامل في الفقرة الأولى من المبادئ ما نصه «شركاء في وضع الأسس شركاء في التنفيذ» وفي (ص293) فقرة ورد نصها كما يلي:
«يقوم رئيس الجمهورية بممارسة صلاحياته الدستورية للتغيير في الحكومة بما يضمن تحقيق الكفاءة والنزاهة والشراكة الوطنية وكذلك الأجهزة التنفيذية الأخرى على المستوى المركزي والمحافظات لضمان الشراكة الوطنية والكفاءة..».
ومن الواضح الجلي الذي لا مراء فيه أن ثمة إنحراف قد حدث في سياق التنفيذ والمعالجات التي حدثت لم تكن جوهرية ولم تأتِ كشعور أخلاقي بل كضرورة سياسية بل يمكن القول إن تغيير الحكومة كان مطلباً شعبياً وموضوع الشراكة في تنفيذ مخرجات الحوار كان بنداً أصيلاً في ضمانات التنفيذ في الفصل الرابع من الوثيقة وبقاء مكونات الحوار الوطني خارج العملية السياسية التفاعلية دلالة قاطعة بعد كل هذا الأمد من الزمن على نوايا الالتفاف على مخرجات الحوار والخروج عن مسارها، كما أن طول الأمد الذي رافق لجنة صياغة الدستور هو تعزيز كامل لتلك القناعات، وقد تشبه وثيقة الحوار الوطني (2014م) وثيقة (العهد والاتفاق) 1994م والرابط بين كليهما الرقم (4) ولذلك فله حساباته عند أرباب الفلك كما له أبعاده عند أرباب الفكر وله ظلاله عند أرباب السياسة، ومن هنا قد يصح القول أن الأهواء والارتجالية والفوضى هي الجامع بين المزاج السياسي في الماضي القريب والحاضر المنظور والمعاش، ولم يبرح اليمنيون صفتهم الأزلية القائلة أنهم «أتباع كل ناعق، وسيف كل دعوة»، وتبدو قدرتهم على الالتزام ضعيفة إلى حدٍ كبير، فالذات تبحث عن تفاصيل و جودها بين مواد التوافق ولا تكاد تجدها فيكون التمرد على المخرجات وما تم التوافق عليه هو السبيل الأمثل لها في التضخم والشعور بالقيمة ومثل تلك المقدمات تفضي إلى نتائج كارثية، فالتمرد على وثيقة العهد والاتفاق أفضى إلى حرب مدمرة في صيف 94م لم تترك وراءها إلاَّ إنساناً مشوهاً ووطناً ظل يعاني التمزق والانقسام إلى هذه اللحظة كما تركت وراءها جرحاً نفسياً غائراً لم يندمل حتى اللحظة التي شهدنا ونشهد فيها ثأراً سياسياً صامتاً وصائتاً، صامتاً بحنكة السياسة وصائتاً بأفواه البنادق التي تبحث عن وجودها في الصيغة التفاعلية السياسية ووثيقة الحوار الوطني الشامل تقفو الخطى ذاتها، فعزوفها عن التفاعل مع الواقع وعن تحريك عجلة النصوص حتى تحتك بالقضايا الوطنية الكبرى جعل المضمار مفتوحاً لأزيز الطائرات وأصوات المدافع، ولم تكن اليمن إلاَّ ساحة حرب غير معلنة في أماكن وجغرافيا بعينها ومعلنة في أماكن وجغرافيا بعينها ولم نبرح سيناريو 94م من حيث مشاهد الدمار والاختلالات الأمنية والفجوات الاقتصادية وآليات وأدوات التصفيات والاغتيالات وبزوغ الكيانات والكتل التاريخية والاجتماعية وكأن الماضي يتكرر في صورة مشهدية بالغة التعقيد والمحاكاة والمماثلة لما هو في غابر الأيام ولا نكاد نتعظ من أحداث التاريخ وعبره.
لا نريد أن تكون وثيقة الحوار الوطني مادة للمزايدات السياسية تظهر عند أطراف العملية التفاعلية متى كانت الضرورة ماسة وتختفي متى كانت المصلحة تفرض ذلك.
وقد أجد نفسي على يقين كامل أن ما يحدث في عموم اليمن من حروب ودمار وحرص على إراقة الدماء سببه المباشر وغير المباشر هو الانحراف عن المسار التوافقي الوطني والخروج من دائرة نصوص المخرجات والتباطؤ في التنفيذ.. فالخوف والتربص هو الباعث على كل ذلك، ولا سبيل لهذا الوطن إلاَّ شراكة التنفيذ وشراكة البناء.. وبداية الاستقرار النفسي والاجتماعي والسياسي بوابته تشكيل حكومة وطنية أو وحدة وطنية تضم كل مكونات الحوار الوطني إن أردنا تنفيذاً لمخرجات الحوار الوطني وأردنا إصلاحاً لهذا الوطن المقهور.
تمت طباعة الخبر في: الجمعة, 22-نوفمبر-2024 الساعة: 11:11 ص
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almethaq.net/news/news-39542.htm