الميثاق نت -

الخميس, 07-أغسطس-2014
عبدالفتاح البنوس -
جرعة بعد جرعة , وأزمة تلو أزمة ومعها دائماً ما يكون المواطن اليمني البسيط هو كبش الفداء والضحية وهو من يدفع الثمن غالياً جراء التداعيات الناجمة عنها ودائماً ما نسمع عن مصطلحات يتم إطلاقها على مثل هذه الخطوات المرتبطة باقتصاد الوطن ومعيشة المواطن، فنسمع عن إصلاحات اقتصادية وإصلاحات شاملة ومعالجات اقتصادية وغيرها من المصطلحات التي لا تتناسب مع طبيعة وإفرازات هذه الخطوات التي لا تخلو في مضمونها العام من التجريع والتجويع للشعب الصابر , الصامد , الشعب الذي ضرب أروع صور الوفاء ,خلال سنوات الأزمة السياسية التي عصفت بالبلاد.
.عقب تشكيل حكومة الوفاق كانت الخطوة الأولى لها رفع أسعار المشتقات النفطية وذلك تحت مبرر تجاوز تداعيات الأزمة السياسية وتحمّل الجميع إفرازات وتداعيات تلك الخطوة انطلاقا من الحرص على المصلحة العامة وكان المؤمل إن تصب في دعم الاقتصاد وتحسين الأوضاع المعيشية ولكن السياسة العقيمة التي سلكتها الحكومة جعلت من تلكم الخطوة أزمة جديدة أضيفت إلى الأزمات الأخرى حيث انحرف مؤشر الأداء الحكومي ليصب في مصلحة بعض القوى والأطراف السياسية والقبلية والعسكرية وتحولت الحكومة إلى أداة بأيديهم وأضحت الخزينة العامة للدولة تحت تصرفهم وهو ما قاد البلاد إلى أزمة مالية لم تشهد لها مثيلاً من قبل , لتغرق البلاد ويتجه المؤشر الاقتصادي نحو الهاوية وخصوصاً مع عزوف المجتمع الدولي والدول والهيئات والمنظمات المانحة عن تقديم أي مساعدات أو منح أو قروض لبلادنا نتيجة فشل الحكومة وعجزها عن منح المانحين الثقة فيها لاستيعاب تعهداتهم بعد أن اتضح لهم فسادها وفشلها وعدم قدرتها على إدارة شؤون البلاد على الوجه الأمثل .
. في ظل هذه الظروف الصعبة والمعقدة وعقب انتهاء مؤتمر الحوار الوطني كان المؤمل أن تتجه الأوضاع في البلاد نحو الانفراج ولكن الأوضاع إزدادت سوءاً وتعقيداً إذ بدا واضحاً أن الاطراف التي وصلت الى السلطة وصارت تتحكم في سلطة القرار وأضحت المستفيدة خلال الفترة الانتقالية والمرحلة التأسيسية وفي مقدمتها حزب الإصلاح لا تريد حلحلة الأوضاع , فعمدت إلى عرقلة تنفيذ مخرجات الحوار الوطني من خلال فتح جبهات مواجهة مع أنصار الله في أكثر من محافظة وعلى أكثر من جبهة ووقفوا حجر عثرة أمام تشكيل حكومة الشراكة الوطنية والتي كان يتوقع تشكيلها والمهام والمسؤوليات المنوطة بها خلال المرحلة المقبلة , وواصل الإصلاح سياسة الإقصاء والتخوين والاستغلال لكافة مقدرات الدولة ظناً منه أن ذلك هو الخيار الصائب لضمان الحفاظ على مصالحه وتعزيزها في المستقبل تحت شماعة الثورة والثوار , وتواصل مسلسل الفساد والعبث بالمال العام واستغلاله لخدمة مصالح قوى الفيد والنهب والاستغلال وتواصل التدهور الاقتصادي والمعيشي ولم يعد بإمكان الخزينة العامة تغطية النفقات الأساسية التي تضمنتها الموازنة العامة للدولة في ظل انعدام السيولة النقدية , وبدلاً من مناقشة هذه الأوضاع بروح وطنية مسؤولة من قبل الحكومة مع القوى التي شاركت في مؤتمر الحوار والبحث عن حلول ومعالجات لها , لجأت الحكومة إلى الرضوخ لمطالب البنك الدولي وصندوق النقد برفع الدعم عن المشتقات النفطية وذلك مقابل الحصول على 600مليون دولار كقرض أغلب أوجه صرفه موجهة لقطاعات ومجالات وأنشطة غير انتاجية ولا يعود من ورائها أي فوائد للاقتصاد الوطني على الإطلاق.
. وكنا نتوقع أن يتم رفع الدعم عن المشتقات النفطية بشكل تدريجي مراعاة لأوضاع وظروف المواطنين لا أن يرفع دفعة واحدة وذلك قياساً على ما كانت تقوم به الحكومات السابقة والتي كانت تتهم بالخيانة والفساد والتجريع لمجرد قيامها برفع عشرات الريالات في أسعار المشتقات النفطية ولكن الحال تغير اليوم فلم يعد رفع الدعم نهائيا عن المشتقات النفطية في نظر وسائل إعلام بعض أجنحة الاخوان خيانة وفساداً وتجويعا وتجريعا للشعب بل أصبح ضرورة وطنية وتسابقت على الدفاع عن هذه الخطوة المجحفة والهجوم على القوى والأطراف المناهضة لها , ووصفتها بأنها الخيار الأنسب لمعالجة مشاكلنا وأزماتنا الاقتصادية والمالية والمعيشية , رغم أن خطوة كهذه لا يمكن ان تعالج مشكلة أو توجد حلاً لها ما دامت الحكومة مسلوبة الإرادة والقرار , فلو تم رفع سعر الدبة البترول والديزل إلى عشرة آلاف ريال فلن يقدم ذلك أو يؤخر على واقع الاقتصاد الوطني وعلى الوضع المعيشي للمواطنين مادامت حيتان الفساد وأفاعي النهب والفيد والاستغلال تهبر وتنهب وتفسد وتعبث بمقدرات وثروات البلاد والعباد.
.الإصلاحات الاقتصادية المثمرة والنافعة لن تتأتى من خلال رفع الدعم عن المشتقات النفطية ولنا مع ذلك تجارب عدة , الإصلاحات تبدأ من خلال تجفيف منابع الفساد والشروع في تنفيذ معالجات ملموسة لا تعود بالأضرار والأعباء على المواطنين ومن ذلك ترشيد الإنفاق الحكومي على السفريات وشراء السيارات وموازنات السفارات والملحقيات واعتمادات النافذين من مدنيين وعسكريين ,وتصحيح الاختلالات في الخدمة المدنية للقطاعين المدني والعسكري وتفعيل مبدأ الثواب والعقاب , والحد من شراء الكماليات والنفقات غير الضرورية، والاستغلال الأمثل للثروات النفطية والسمكية وإنهاء أية عقود مجحفة بحق الوطن في هذا الجانب , وإعادة الاعتبار للنشاط السياحي والاستثماري باعتبارها من الروافد المهمة الداعمة للاقتصاد الوطني والعمل على تحسين مستوى أداء الأوعية الضريبية والجمركية وإنهاء الفوضى والفساد الطاغي على تحصيل إيراداتهما , وإنهاء كافة أوجه الفساد المالي داخل الصناديق المالية المستقلة والملحقة , والشروع في تنفيذ مخرجات الحوار الوطني ذات الصلة بالجانب الاقتصادي والمعيشي..
وأعتقد جازما إن كل ذلك سيضمن لنا إصلاحات نوعية يلمس الشعب والوطن ثمارها ومكاسبها ولن تكون حكوماتنا بحاجة بعد ذلك إلى تجريع وتجويع الشعب تحت شماعة الاصلاحات الاقتصادية.
تمت طباعة الخبر في: السبت, 23-نوفمبر-2024 الساعة: 03:03 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almethaq.net/news/news-39724.htm