الميثاق نت -

الخميس, 07-أغسطس-2014
فيصل الصوفي -
كانت قبائل معين وسبأ وحمير تتقاتل، مثل سائر قبائل العرب، وكل قبيلة تعزم على إفناء الأخرى من الوجود، وبعد قليل تتصالح على غير أساس، ثم تشتبك من جديد مع استمرار محركات الاشتباك، كالخلافات على المراعي، والماء، والتجارة، والمصالح الأخرى، وإرث الماضي.. ومعروف أن تاريخ القبائل كله تاريخ صراعات وحروب منذ القدم، و إلى عصر القبائل المتأخرة هذا.. والأسباب تكاد تكون متشابهة، والحلول هي نفسها، حيث تخمد الحروب والصراعات بلقاءات سياسية، أو في ديوان قات، وتسامح، وعفو، و" أخي قال أخي"، وغير ذلك من العواطف والدموع التي تستمطر بعد سفك الدماء، جريا على مقولة البحتري قبل أكثر من ألف ومائة سنة: " إذا احتربت يوما، ففاضت دماؤها- تذكرت القربى ففاضت دموعها"! ثم ينقض ذلك، وتدخل القبائل في جولة صراع أخرى، وهكذا.
اليوم يقال كلام كثير عن المصالحة بعد ثلاث سنوات عجاف إلا من الدماء والسلاح والخراب ولؤم ذوي القربى، فهل تعتقدون أن بعض دعاة المصالحة الوطنية جادون في دعوتهم؟.. في مؤتمر الحوار الوطني- الذي لا يزال طريا، ومخرجاته التي لا تزال عذراء- اقترحوا مشاريع نصوص دستورية وقانونية، تتضمن استبعادا وانتقاما، وفصلوها على مقاس طرف معين محدد، وتتعارض مع أي شيء له اسم أو رسم بمصالح وطنية، ومصالحة، وعدالة انتقالية، ويمن جديد.. وتلك التي فصلها أولئك الترزية في مؤتمر الحوار لن تمر لأسباب معروفة، وإنما نشير إليها هنا، للتذكير بأن بعض دعاة المصالحة، يريدون مصالحة منقوصة، أو بالقدر الذي يخدم مصالحهم.. والمصالحة التي يحتاج إليها اليمنيون، مصالحة تاريخية جديدة أصيلة شاملة قائمة على أسس صلبة، تكون ثمرة لقاءات مصارحة مباشرة، واعتراف بالمسئولية عن الأخطاء، وتحمل نتائجها، والاتفاق على نزع أسباب الصراعات السابقة.. وقد كانت أبرز تلك الأسباب السعي إلى السلطة بطرق غير مشروعة رغم القبول الظاهري بالنهج الديمقراطي، ومن أسبابها أيضا المزاوجة بين السلطة والقبيلة، وتقاسم المصالح والنفوذ بين قوى محدودة، والأيدلوجيا الدينية التي لا تزال تشعل حروبا، حتى في ظل كلام المصالحة.. ينبغي الاتفاق على طرح هذا الإرث، أو هذه الأسباب بعيدا لوضع حد للصراعات والحروب، وليست المصالحة مجرد"نسيان الماضي" حسب المقولة المتداولة، وهي مقولة عاطفية اعتدنا عليها من زمان، ولم تنتج مصلحة ولا مصالحة حقيقية.. ينبغي تجاوز تلك الأسباب، وهي إرث الماضي الذي سيظل يحرك صراعات في الحاضر، طالما ظل البعض يحمل معه هذا الإرث إلى الأمام.. إن الحل السحري الذي تلخصه مقولة "نسيان الماضي" عبارة عن مسكن، وهو يراهن على ذاكرة تنسى، غير موجودة.!!
تمت طباعة الخبر في: السبت, 23-نوفمبر-2024 الساعة: 03:44 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almethaq.net/news/news-39725.htm