سمير النمر -
منذ أن انطلقت أزمة 2011م في بلدنا الحبيب التي افتعلتها أحزاب اللقاء المشترك تحت مسمى ثورة الشباب كان للمؤتمر الشعبي العام الدور الكبير والبطولي والوطني في الوقوف أمام تلك الفوضى التي أرادوا من خلالها ادخال البلد في صراعات وتدمير كل المكتسبات الوطنية التي تحققت للبلد منذ عقود من الزمن وأمام تلك الرياح العاتية التي أرادت أن تقتلع كل شيء جميل في هذا الوطن وفي مقدمتها المؤتمر الشعبي العام، إلاّ أن الصمود والبسالة التي جسَّدها المؤتمر بقيادته وأعضائه وأنصاره كان له الدور الكبير في صد واحباط الكثير من المخططات الإجرامية رغم الجروح والصدمات التي تعرض لها لكنه كان ثابتاً كثبات جبال عيبان ونقم، وأثبت من خلال تعامله مع الأحداث مدى تمسكه بالقيم والمبادئ الوطنية التي نشأ عليها واتخذ منها منهجاً وسلوكاً في مختلف المحطات السياسية التي مرَّ بها الوطن منذ تأسيسه، ولم يساوم أو يتنازل عن القضايا الوطنية الحصرية التي تمس أمن البلد وسيادته واستقراره ووحدته الوطنية، ولهذا كانت أحداث 2011م وما تمخض عنها من أحداث بمثابة المحك الحقيقي للمؤتمر الشعبي العام الذي استطاع التعامل معها بعقلانية وروح وطنية مسئولة رغم التحديات والضغوط الداخلية والخارجية التي واجهها لثنيه عن مواقفه الوطنية لكنه ظل متمسكاً بمبادئ الميثاق الوطنية، وبالانحياز الى تطلعات الشعب وخياراته الوطنية باعتباره الحزب الوحيد الذي يمثل أغلبية أبناء الشعب اليمني ولهذا كانت مواقفه منسجمة مع تطلعات الغالبية العظمى من أبناء اليمن ومجسِّدة لإرادتهم وتجسَّدت هذه المواقف في الكثير من القضايا الوطنية.. ابتداءً من مشروع هيكلة الجيش ووحدة اليمن وأمنه واستقراره ومروراً بمواقفه الوطنية ضد عناصر تنظيم القاعدة ومن يتحالف معهم ويدعمهم، اضافة الى موقفه الواضح من السياسات التدميرية التي انتهجتها حكومة الوفاق في مختلف مؤسسات الدولة ومراكز القوى والنفوذ التي تتحكم في أداء وسياسات هذه الحكومة، كما لا أنسى موقف المؤتمر من الحروب التي اندلعت خلال الاعوام الماضية على أسس طائفية وحزبية والتي كان للاصلاح الدور الكبير في اشعال أوارها ومحاولة جر الجيش اليها لتصفية حسابات حزبية والتي كان آخرها ما حدث بعمران، ولهذا كان للمؤتمر دور وطني وموقف واضح من هذه الحروب العبثية، ولم ينجر مع طرف ضد آخر، وإنما أثبت أنه الحزب الوحيد الذي يؤمن بالمدنية والتداول السلمي للسلطة، ولا يمتلك أي مليشيات مسلحة لأنه لا يرى في العنف خياراً للوصول الى السلطة كالأحزاب الايديولوجية التي تعد سياسة العنف من صميم منهجها، وأسلوبها في الوصول الى السلطة.. واعتقد أن الكثير يدركون مدى النضج السياسي والوطني الذي يمتلكه المؤتمر الشعبي العام في تعامله مع مختلف الأحداث والقضايا الوطنية الراهنة وبالرغم من وضوح مواقف المؤتمر تجاه الكثير من هذه القضايا الوطنية إلاّ أن هذا الأمر لا يعني أن المؤتمر خالٍ من العيوب سواءًفي مستوى أدائه التنظيمي أو في بعض سياساته الغامضة تجاه بعض القضايا المطروحة على الساحة، والتي لابد للمؤتمر من موقف واضح تجاهها وخصوصاً القضايا التي تشغل الرأي العام بقوة، وفي مقدمتها قضية إقرار الجرعة وحكومة الوفاق ولاشك أن الكثير من الناس يعول على موقف المؤتمر الذي لا بد أن يكون مجسداً لطموحات الناس وتطلعاتهم.. وأعتقد أنه لا يوجد أي من المبررات التي تجعل المؤتمر يتمسك باستمرارية حكومة الوفاق، وأن مصلحة المؤتمر تكمن في تشكيل حكومة كفاءات وطنية تمتلك مشروعاً وطنياً قادراً على إخراج البلد من أزمته الراهنة، وتضع ضمن أولوياتها معالجة الملف الاقتصادي للبلد والتحضير والإعداد للانتخابات الرئاسية والبرلمانية، التي تمثل البوابة الحقيقية للخروج من الوضع القائم الذي يريد البعض استمراره، ولهذا أدعو المؤتمر الشعبي العام الى تحديد موقف واضح وجلي من هذه القضايا التي تشغل الرأي العام بعيداً عن المواربة والتلكؤ، كون المرحلة خطيرة وحساسة وتحتاج الى المزيد من المكاشفة والوضوح وخصوصاً من المؤتمر الشعبي العام الذي عود الناس على وضوحه وشفافيته ومواقفه الواضحة تجاه مختلف القضايا التي مرت بها البلد.
وألا يترك للمزايدين والمتربصين بالوطن فرصة النيل من المؤتمر واعضائه ومواقفه الوطنية وخدمة لمصالح قوى نفعية مازال بعضها ينخر داخل المؤتمر، ويسعى الى تشويه صورة الحزب أمام جماهيره وأنصاره، ولاشك أن مصلحة الحزب تكمن في مدى تجسيده لتطلعات الغالبية العظمى من أبناء اليمن، كونهم يمثلون الرصيد الحقيقي للمؤتمر وهم سر ثباته وصموده، أما المتنفعون والمنافقون فهم من يمثلون كارثة حقيقية على الحزب وعلى الوطن، نأمل أن يظل المؤتمر شامخاً بشموخ ابنائه وكبيراً بكبر اليمن، حاملاً ومجسَّداً لأحلام البسطاء والمقهورين.