الإثنين, 25-أغسطس-2014
الميثاق نت -  محمد شرف الدين -
المؤتمر الشعبي العام منذ تأسيسه في الرابع والعشرين من أغسطس 1982م جنب بحكمة قيادته ونظرتها الثاقبة ممثلة بالزعيم علي عبدالله صالح الوطن الكثير من التحديات والأخطار والأزمات، مغلباً دوماً لغة الحوار، مانعاً في مراحل ومنعطفات صعبة الانزلاق إلى كوارث الصراعات والحروب والفوضى وآخرها الأزمة السياسية التي كادت أن تعصف باليمن وتمزق أبناءه إلى جماعات وفرق متصارعة والسقوط في هاوية لا قرار لها عام 2011م، بمسارعته منذ بدايتها إلى تقديم المبادرة تلو الأخرى الداعية للمصالحة واعتماد الوسائل السياسية السلمية لإيجاد الحلول والمعالجات لمشاكل اليمن عبر الحوار الوطني الشامل بين كافة اليمنيين بدون استثناء.. ولكن الأطراف الأخرى انساقت وراء مصالحها الأنانية الضيقة ومشاريعها الصغيرة، منتهزة رياح السموم الهوجاء التي هبت على المنطقة العربية حينها تحت عناوين ومسميات براقة في ظاهرها وكالحة في باطنها لم تجلب لشعوب المنطقة إلا الدماء والدمار والخراب الناتج عن صراعات اتخذت صورًا وأشكالاً مناطقية وحزبية وعشائرية وطائفية ومذهبية وفقًا لسيناريوهات هدفها ضرب الوحدة الوطنية وتفكيك النسيج الإجتماعي في هذه البلدان.
ولولا استشعار المؤتمر الشعبي العام العالي للمسؤولية وحرصه على هذا الوطن وأمنه واستقراره وحاضر ومستقبل أبنائه لكنَّا النموذج الأسوأ بين الدول العربية التي داهمتها أحداث ربيع الواهمين المزيف ليكون الجهد الأكبر للمؤتمر للوصول إلى المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية المزمنة التي حظيت برعاية ودعم الأشقاء في مجلس التعاون الخليجي وفي مقدمتهم خادم الحرمين الشريفين.. وقدم المؤتمر الشعبي العام التنازلات من أجل الوطن، كما أن جهوده المشهودة أسهمت في نجاح مؤتمر الحوار الوطني الذي يحاول البعض - عبر إرهابه وصراعاته العبثية - الحيلولة دون تنفيذ مخرجاته واستكمال التسوية السياسية لتبلغ تلك القوى بالأوضاع السياسية والاقتصادية والأمنية مستويات لا تقل خطورة عن أزمة 2011م إن لم تكن أسوأ منها..
مجدداً يسارع المؤتمر الشعبي العام من موقع استيعابه لخطورة مايجري اليوم والذي ينذر بمخاطر لو استمرت تداعيات أحداثها بتناميها الصراعي وبأشكاله السلمية وغير السلمية لأدت إلى انهيار الدولة والمجتمع اليمني وتفككه.. وفي لحظة دقيقة وحساسة يجد المؤتمر الشعبي وأحزاب التحالف الوطني أنفسهم مجدداً أمام مسؤولية تاريخية منطلقها الحرص على وحدة الوطن وأمنه واستقراره.. فيتقدمون بمبادرة إنقاذية انبثقت من قراءة عميقة خلصت في اجتماع اللجنة العامة للمؤتمر الشعبي العام إلى إقرار وثيقة المصالحة الوطنية الشاملة الهادفة إلى تحقيق اصطفاف وطني وتمثل هذه الوثيقة خارطة طريق ستمكن القوى السياسية والمجتمعية في الساحة الوطنية من مواجهة التحديات ومجابهة الأخطار المحدقة باليمن والانتصار عليها.
وتأتي هذه المبادرة في سياق الاستجابة للدعوة الموجهة من الأخ المناضل عبدربه منصور هادي رئيس الجمهورية في خطابه بمناسبة عيد الفطر المبارك من أجل اصطفاف وطني واسع يلتزم بنصوص المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية وبالثوابت الوطنية المتمثلة بالحفاظ على الجمهورية والوحدة والالتزام بالدستور وتنفيذ مخرجات الحوار الوطني.. وواضح في هذه الثوابت أن تضحيات اليمنيين في ثورتي سبتمبر وأكتوبر ومن أجل الوحدة والديمقراطية خط أحمر غير قابل للنقاش وكذا التسوية السياسية المنبثقة من المبادرة الخليجية وأن ما توافق عليه اليمنيون في مؤتمر الحوار الوطني واجب التنفيذ.. أما الأهداف التي تسعى إلى تحقيقها هذه المبادرة فتتمثل بإنهاء الخلافات والصراعات التي نشأت بفعل أزمة 2011م وما تلاها، عدا الجرائم الإرهابية، بغية تهيئة الظروف والمناخات لمصالحة وطنية شاملة تحقق الاصطفاف الوطني الذي به وحده يمكننا أن نتجاوز كل ما يهدد اليمن وغد أجياله.. وهذا لن يتأتى إلاَّ عبر ميثاق شرف للعمل السياسي والإعلامي ملزم لكل القوى السياسية والاجتماعية التي عليها نبذ العنف والحروب وفرض إرادتها بالقوة ويوجب على القوى التي لديها تشكيلات مليشوية أن تبادر لتسليم أسلحتها الثقيلة والمتوسطة للدولة حتى تكون الضامنة لكل الأطراف والمانعة لأية صراعات مستقبلية.. وعلى الصعيد الإعلامي يتكامل المسار التصالحي عبر خطاب إعلامي منسجم مع هذه التوجهات تنتهي معه حملات التعبئة والتحريض على الكراهية والتخوين والتكفير والتمييز المذهبي العرقي والطائفي..
وهنا نصل إلى الشراكة الحقيقية في إدارة شؤون الدولة المؤسسة على مبادئ التوافق المجسد في مخرجات الحوار الوطني الذي يشترط التزامًا صادقًا بالعمل السياسي السلمي ومن أجل الخروج من الوضعية المحتقنة وحالة الانسداد السياسي، هناك استحقاقات ينبغي تنفيذها وهي ملزمة للأطراف الموقعة على المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية وكذا مؤتمر الحوار الوطني وفي صدارتها إجراء الانتخابات البرلمانية والرئاسية..
وهنا نأتي إلى المرتكز الأساسي والمتمثل في بسط سلطة الدولة على كل مساحة اليمن وإعادة ترتيب أوضاع القوات المسلحة.. ولكي تمتلك المصالحة المؤسسة على هذه المبادرة ضمانة وإمكانية نجاحها وتطبيقها يشترط أن يكون التوقيع على مشروع وثيقة المصالحة من كافة الأطراف والقوى السياسية والاجتماعية برعاية الأخ الرئيس عبدربه منصور هادي رئيس الجمهورية وخادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز ودول مجلس التعاون الخليجي.
وختامًا من المهم أن تتوافر الإرادة السياسية المنبثقة من فهم ووعي بأهمية وضرورة المصالحة الوطنية بين كافة اليمنيين وهذا لن يتأتى إلاَّ باستيعاب الجميع على اختلاف تياراتهم واتجاهاتهم وألوان طيفهم السياسي أن مصلحتهم جميعًا تتحقق عبر هذا الطريق وأي خيار آخر سيخرق سفينة اليمن ويغرق الجميع في صراعات واحتراب داخلي لا نهاية له..
فعلينا أن نتصالح ونتسامح ونصطف لإنقاذ وطننا قبل فوات الآوان.
تمت طباعة الخبر في: السبت, 23-نوفمبر-2024 الساعة: 02:41 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almethaq.net/news/news-40026.htm