كتب/ المحرر الاقتصادي -
كشف مدير برامج مكتب مؤسسة “فريدريش إيبرت” الألمانية في اليمن محمود قيّاح أن اليمن تفقد حوالي 4.7 مليار دولار في الضرائب غير المدفوعة سنوياً “بسبب الفساد وسوء الإدارة”.
وأوضح قيّاح في ندوة بعنوان “تحسين أداء الموازنة وضمان العدالة الاجتماعية” بصنعاء نضمت بالتعاون مع “فريدريش إيبرت”، أن التهرّب الضريبي “هو القضية الكبرى، وحالياً لا يوجد سوى 3.08% من دافعي الضرائب المسجّلين، وهو رقم منخفض للغاية لبلد سكانه 25 مليون نسمة”.
ورأى أنه “مع انخفاض عائدات النفط وتزايد مدفوعات الأجور، وتزايد العجز المالي بمعدلات مثيرة للقلق، فإن إصلاح الدعم الذي تم تنفيذه هو جزء من هذه المعادلة، ولكن إدارة وجمع الضرائب والجمارك بصورة أكثر فعّالية وكفاءة هو الجزء الآخر”.
وقال إن التركيز على الوضع الاقتصادي غير المستقر في اليمن، أمر ملح، لأن معظم المشاكل الحالية يمكن إرجاعها إلى مؤسسات الدولة الضعيفة والإدارة الاقتصادية السيئة التي لن يتم إصلاحها إلا خلال الحوار الوطني أو دستور جديد”. وذكر أنه من أجل تجنّب انحراف عملية الانتقال الديمقراطي، ينبغي اتّخاذ إجراءات على الصعيد الاقتصادي تترجم إلى فرص عمل جديدة وتحسين نوعية الحياة بالنسبة للغالبية العظمى من سكان اليمن.
وحضّ قيّاح على اتّخاذ الإجراءات التي يمكن أن تؤدّي إلى تحسين المناخ الاقتصادي تأخذ في الاعتبار التدابير المتمثّلة في: التنويع الاقتصادي، وخفض دعم الوقود، وتعزيز الإدارة الضريبية والجمركية وجبايتها، والاستثمار في البنية التحتية وتقديم الخدمات الأساسية وخلق بيئة عمل أفضل للشركات، وتوسيع فرص الحصول على الخدمات المالية”.
تهريب جمركي
من جانبه قال رئيس مصلحة الجمارك الاسبق الدكتور علي الزبيدي إن التهرّب الضريبي والتهريب الجمركي شهد توسّعاً كبيراً، ففي مجال الرسوم أو الضرائب الجمركية، على رغم انخفاض التعريفة الجمركية التي مثّلت نسبة 5% أكثر من 75% و10% و15% ما يقرب من 21% من إجمالي بنود التعريفة الجمركية، إلا أن نسبة التهريب الجمركي يزيد على 35%.
وأرجع الزبيدي ذلك إلى “ارتفاع الضريبة على بعض السلع كالسجائر والتبغ والتي فاقت 100%، منع بعض السلع إدارياً أو أمنياً كالألعاب النارية والدرّاجات النارية، السيارات والمعدات القديمة التي لم يسمح للمنتجة قبل ثمان سنوات والسماح باستيرادها مع رفع تعريفتها ورفع قيمها في التعديلات الجديدة، السلع المرتبطة بالتراخيص كالأدوية والمبيدات، بعض السلع المرتبطة بالتوكيلات والعلامات التجارية والتي يحتكر استيرادها الوكلاء، ما خف وزنه كالساعات والهواتف والذهب وغيرها، الأسلحة والمخدرات”.
أما بالنسبة لضريبة المبيعات فأورد الزبيدي أن “التهرّب من دفعها مرتبط بإحجام المكلّفين عن دفعها وفقاً للآلية التي نصت عليها القوانين، بحجة كشف مراكزهم المالية، وضريبة الدخل والأرباح التي تم تخفيضها من 35 إلى 20 و15% ، ومع ذلك لم يتم تطبيق قانون ضريبة المبيعات بالشكل المطلوب حتى الآن”.
تواضع الإيرادات
من جانبه قال أستاذ الاقتصاد بجامعة صنعاء الدكتور طه الفسيّل إنه بنهاية العام 2013 لم تتمكّن الإصلاحات الضريبية والجمركية من حشد ودعم الموارد المالية غير النفطية وفي مقدمتها الإيرادات الضريبية “المباشرة وغير المباشرة”، خاصةً في ظل تواضع نسبة الإيرادات الضريبية إلى الناتج المحلي الإجمالي والتي بلغت حوالي 7.3% كمتوسط سنوي للفترة 2001- 2010 وانخفاضها إلى 6.5% خلال الفترة 2006- 2010م لافتاً إلى أن هذه النسب تقل كثيراً عن النسب المحقّقة في الدول النامية والأقل نمواً، والتي تتراوح بين 15 و21% من الناتج المحلي الإجمالي.
وعزا الفسيّل ذلك إلى “كبر حجم التهرّب الضريبي وجمود النظام الضريبي”.. ورأى أن “ثقافة الالتزام الضريبي تتسم بأنها منخفضة في اليمن، خاصةً وأنها مصحوبة بضعف كل من الإطار القانوني والكوادر البشرية المؤهّلة، وأداء الإدارة الضريبية”.
وأكّد الفسيّل اتساع نطاق التهرّب والتهريب الضريبي في الاقتصاد اليمني، إذ تصل نسبة السلع المهرّبة في السوق إلى 70% مما يدخل البلاد من سلع، وتصل نسبة التهرّب الضريبي إلى 50% من الضرائب المطلوب تحصيلها. مشيراً إلى أن أداء الإيرادات غير النفطية ما يزال ضعيفاً، إذ تمثّل فقط 5.2% من الناتج المحلي الإجمالي في 2011م مقارنةً بـ 15% للدول المصدّرة للنفط في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، و17% للدول الأفريقية جنوب الصحراء منخفضة الدخل، ما يؤكد مستوى الاعتماد على إيرادات النفط والغاز.
وطالب الفسيّل باستكمال البناء التشريعي من خلال “إعداد وإصدار قانون الإجراءات الضريبية، وإصدار قانون التهرّب الضريبي يتضمّن عقوبات فعّالة ورادعة لجرائم التهرّب الجمركي والضريبي”.
|