الإثنين, 08-سبتمبر-2014
الميثاق نت -   د. علي العثربي -

تتجدد الأحداث الدراماتيكية التي تبدو للوهلة الأولى كارثية ومفجعة، ومع كل تجدد لتلك الأحداث يجد الشعب نفسه أمام قوى سياسية تغلب الصالح الخاص على العام ولا تمتلك فن الممكن السياسي، ولم يدرك أن تلك القوى إنما تدفع باتجاه تسارع الأحداث الكارثية التي تصب في خانة التأزيم والتأجيج الذي يؤثر على الوحدة الوطنية في سبيل تحقيق غايتها الرخيصة في الانقلاب على الديمقراطية وآليتها الانتخابية والاعتماد على الإرهاب والتطرف القاتل الذي يفرط في ثوابت الدين والوطن والانسانية، وتظن تلك القوى إنها بسلوكها هذا ستصل الى اسقاط الوسط الذي امتلك الرؤية الوطنية لبناء الدولة اليمنية وكسب الشرعية الشعبية، دون أن تدرك أن الوسط القوي الأمين هو الذي ضحى بالغالي والنفيس من أجل سلامة اليمن وأهله وانطلق من ثوابت الدين والوطن والانسانية وغلب الصالح العام على الصالح الخاص وقد درأ المفاسد على جلب المصالح وجعل همه الأبرز بناء الدولة اليمنية الحديثة دولة النظام والقانون التي يسود فيها الدستور على كل المكونات البشرية والجغرافية دون استثناء لأحد، وأن الشعب لن يبادله إلاّ الوفاء بالوفاء..
إن الوسط الذي وجد الشعب فيه القوي الأمين هو محط رحال الشعب الذي امتلك زمام المبادرة الى كل فعل وطني جسور يعزز الوحدة الوطنية ويصون السيادة اليمنية ويفرض الارادة الشعبية ويمنع الاحتراب ويعمق مفهوم الشراكة الوطنية من خلال القبول بالآخر واحترام رأيه ويأخذ بالأفضل من البدائل المتاحة ويعتمد على البعد الاستراتيجي في التفكير الاقتصادي والسياسي والاجتماعي والدفاعي والآني وكل جوانب الحياة، والذي حدد وسيلة وحيدة للوصول الى السلطة أو المشاركة فيها وهي الانتخابات العامة المحلية والنيابية والرئاسية، لأن الايمان بمبدأ التداول السلمي للسلطة يتطلب اعتماد الديمقراطية وآليتها الانتخابية، فإن ذلك لم يعد مجرد شعار لهذا الوسط الذي حط الشعب فيه رحاله ووجد فيه ضالته، بل هو سلوك عملي يومي ترجم على مدى 32 عاماً من تجربة الحياة السياسية استطاع خلال تلك الفترة أن يرسي تقاليد الديمقراطية الحضارية التي كان قد بدأها المؤسس لهذا الوسط الشعبي في 17 يوليو 1978م عندما أصر على تفعيل آلية العمل الديمقراطي من خلال الانتخابات الرئاسية عبر مجلس الشعب التأسيسي آنذاك الذي انتخب علي عبدالله صالح رئيساً للجمهورية، فكانت الانطلاقة الأولى لفكر الوسط الذي حظي بالقبول وبلغ درجة متقدمة من الرضى الشعبي العارم.
إن اليمن اليوم أمام منعطف تاريخي بالغ الخطورة بسبب صلف القوى التي فشلت في كسب ود الشعب ولم تستطع الوصول الى السلطة عبر آليات الديمقراطية، لأنها تعتقد أن الوسط الشعبي العام قد اكتسح ساحة الفعل الوطني وقدم للشعب الغالي والنفيس وما ترك غالياً ونفيساً يمكن تقديمه للشعب إلاّ وبذله بسخاء لا نظير له في حياة الشعوب والدول رغم معارضة تلك القوى وانتهازيتها وتشويهها لذلك الوسط المكتسح للارادة الشعبية الفولاذية، فخالفت تلك القوى بعد أن ثبت لديها يقيناً فشلها في محاولة استمالة الشعب واسقاط الوسط الشعبي عبر الانتخابات الديمقراطية وكانت أول تحالفاتها في 1996م بهدف التأثير على الانتخابات البرلمانية الثانية التي جرت في 27 أبريل 1997م ولكنها سقطت أمام اصرار الشعب على دعم الوسط الشعبي العام، فحاولت تجديد وتطوير تحالفاتها وحشدت أغلب قوى المعارضة لاسقاط الوسط الشعبي العام في الانتخابات النيابية الثالثة في 2003م، ولكنها أصيبت بالفشل الذريع بسبب النوايا التي تمتلكها تلك القوى ضد بعضها البعض، ورغم ذلك فإنها زادت من تحالفاتها بهدف اقناع العالم الخارجي أنها قوى ثورية حداثية وجاءت الانتخابات المحلية والرئاسية في 2006م وكان أمامها فرصة ذهبية للسلوك الديمقراطي ولكنها فشلت في أولى خطوات العمل المؤسسي فلم تتفق على مرشح رئاسي مقبول من داخل تلك القوى فخسرت الرهان الانتخابي أمام العالم وبشهادة الاعداء قبل الاصدقاء، فلجأت الى العمل الانقلابي الرافض للديمقراطية ومبادئها وانقلبت على ثوابت الوطن والدين والانسانية وأفصحت عن تحالفات غير مشروعة في 2011م وجعلت من الغاية تبرر الوسيلة وتخلت عن كل القيم والمبادئ ومكارم الاخلاق في سبيل اسقاط ذلك الوسط الشعبي الذي مثل الارادة الكلية لليمن الواحد والموحد.
نعم تلك القوى التي قادت التحالفات المشبوهة في 2011م وأحدثت الدمار الشامل لمكاسب الوطن اليمني الواحد.. ها هي اليوم تعيش حالة التخبط والجنون لأنها أوصلت الشعب الى حافة الهاوية باساليبها التي اعتمدت على الحقد والكراهية وحاولت الانتقام من الشعب الذي حجب عنها الثقة لأنه يدرك أنها قوى تآمرية لا تمتلك إلاّ الثارات السياسية ضد بعضها البعض ورغم كل ذلك فقد صبر الشعب مع تنظيمه الوسطي المعتدل الذي انطلق من ثوابت الدين والوطن والانسانية فكان المؤتمر الشعبي العام الصخرة التي تحطمت عليها كل الرهانات الخاسرة، ومن أجل ذلك ندعو كل القوى الجديدة الى التعقل والاستفادة من تجارب الحياة والقبول بالشراكة الوطنية وعدم التفريط بالوحدة الوطنية وليدرك الجميع أن المؤتمر الشعبي العام وما وجد إلاّ لتبقى وحدة الدولة أرضاً وإنساناً لأن اليمن الكبير لا يقوى إلاّ بالوحدة بإذن الله.
تمت طباعة الخبر في: الخميس, 21-نوفمبر-2024 الساعة: 09:23 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almethaq.net/news/news-40226.htm