الإثنين, 15-سبتمبر-2014
الميثاق نت -   بقلم/ عبده محمد الجندي -
من يتابع تقاطر الوفود المتضامنة مع ما حدث من تآمر على حياة الزعيم صالح وأسرته وقيادات حزبه بعد أن تخلى عن السلطة وأصبح مواطناً من مواطني الجمهورية اليمنية له حقوق وعليه واجبات يخرج بالكثير من العبر والدروس المفيدة لأبناء الشعب اليمني بمختلف تكويناتهم الأسرية والعشائرية القبلية والمذهبية والسياسية سواءً أكانوا من اتباعه وأنصاره المتشيعين له أو كانوا من أعدائه ومنافسيه السياسيين الذي قادوا الانقلاب عليه بدافع الرغبة في الاستيلاء على السلطة بوسائل وأساليب امتزج فيها ما هو سلمي بما هو عنيف وما هو حق بما هو باطل، متخذين من مصطلح التغيير الثوري كلمة حق وأكدت التجربة والممارسة العملية انها تحولت الى باطل يتضرر منه الجميع ولا يستفيد منه سوى اعداء الحياة وأعداء الحرية أعداء الثورة والوحدة والديمقراطية والتنمية الاقتصادية والاجتماعية والأمن والاستقرار والتقدم والرقي الحضاري المحقق للسعادة.
الدرس الأول: إن السلطة والثروة والقوة متغيرات سياسية واقتصادية واجتماعية وعسكرية لا تدوم لأحد وأن التداول سنة من سنن الحياة وناموس من نواميس الكون وأن الديمقراطية هي الحل الأفضل للتداول.
الدرس الثاني: إن وفاء الشعوب لقادتهم الذين حكموهم بإخلاص تحكمه مواقفهم المجردة من النفاق والمجاملة والمصلحة تبرز جلية من خلال مواقفهم التضامنية الوفية بعد رحيل هؤلاء القادة وفي مقدمتهم الرئيس صالح بعد رحيله عن السلطة وليس قبلها أو اثناءها لأنها مواقف صدق غير قابلة للتأويل والمزايدة.
الدرس الثالث: إن بعض من تبوأوا المراكز القيادية المدنية والعسكرية الرفيعة في عهده ومعهم بعض رجال المال والأعمال الذين جمعوا في عهده الثروات الطائلة لا نجد لهم حضوراً في تلك الجموع الغفيرة من الذين يتقاطرون الى منزله على حسابهم للتعبير عن تضامنهم معه وهو خارج السلطة مرددين نفس الهتافات التي كانوا يهتفون بها وهو داخل الدوامة العنيفة للسلطة.. تدل على معانٍ مفيدة للحكام الذين يحصرون علاقاتهم وخيراتهم في نطاق الصفوة فيقعون في اخطاء كبيرة لا يكتشفونها إلاّ بعد فوات الأوان حين يجدون أنفسهم معزولين عن السواد الأعظم من شعوبهم بعد خروجهم من السلطة، فلا يكون بمقدروهم تصويب اخطائهم لأن الماضي بمجرد وقوعه يفلت من الالغاء.
الدرس الرابع: إن الأغلبية الساحقة من ذوي الدخل المحدود والذين لا دخل لهم بالسياسة يمتلكون من الوعي ومن الخبرة ما يجعلهم قادرين على اتخاذ القرارات والقناعات الصائبة في تقييمهم لزعاماتهم وقادتهم المخلصين وغير المخلصين مهما أمكن للسياسة والصحافة من التضليل وتزييف الوعي الى حين، لأن الواقع العملي هو المحك العملي للتقييم والتقويم الصحيح للدعايات النظرية.
الدرس الخامس: نستدل عليه من وفاء الأغلبية الساحقة للرئيس السابق الزعيم علي عبدالله صالح سواءً من قبل أولئك الذين ينتمون الى المؤتمر الشعبي العام وحلفائه أو من قبل أولئك الذين ينتمون الى أحزاب جديدة أو مستقلين لا ينتمون الى أي أحزاب وتنظيمات سياسية ويقيسون الماضي بالحاضر الذي يعيشونه وما يصدر عنهم من تقييمات عفوية وتلقائية متسمة بالصدق.
أعود فأقول إن التفاف اعضاء المؤتمر الشعبي العام حول قيادتهم رغم ما تعرضوا له من الاقصاء والتهميش خلال ثلاثة أعوام من الأخونة النشطة بصورة تتنافى مع الدستور والقوانين النافذة ومخرجات الحوار الوطني، مؤكدين بوفائهم واستعدادهم للمزيد من الصبر والصمود والتضحية مهما كانت معاناتهم المؤلمة.. فهذا هو الزعيم علي عبدالله صالح الرئيس السابق للجمهورية الرئيس الحالي للمؤتمر الشعبي العام الذي لا يختلف أحد بأنه لا يوجد رئيس يمني سابق ولاحق تعرض لما تعرض له من الدعاية المستهدفة تشويه عهده وسمعته واغتيال شخصه واجتثاث منجزاته السياسية والاقتصادية والاجماعية والثقافية والعسكرية والأمنية من قبل قوى متنفذة داخلية كانت جزءاً من نظامه أو متحالفة معه ومستفيدة من عهده بالطول والعرض.. إلاّ أن الأغلبية الساحقة من أبناء الشعب اليمني مازالت تدين له بالوفاء والعرفان، متضامنة ومدافعة عنه في كل الظروف والتحديات والمؤامرات المستندة الى دعم خارجي بلا قيود ولا حدود، ومؤكدة بشفافية منقطعة النظير أنه مازال رقماً صعباً في سماء السياسة اليمنية صاحب صفحة بيضاء ورصيد ضخم من المنجزات التي تؤكد للمراقب المحايد أن ايجابيات عهده كانت أكثر بكثير من سلبياته.
أقول ذلك وأقصد به ان التجربة والممارسة تؤكد وبما لا يدع مجالاً للشك أن أي محاولة لعزله سياسياً بقوة دستورية وقانونية لن يكتب لها النجاح مهما كانت القوة الداخلية والخارجية الداعمة لها، وأن المصلحة الوطنية للشعب اليمني صاحب المصلحة الحقيقية في المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية المزمنة وقرارات مجلس الأمن الدولي الهادفة الى الحفاظ على وحدة اليمن وأمنه واستقراره تستوجب الانفتاح على جميع القوى الفاعلة والمؤثرة وعدم اتخاذ أي مواقف استفزازية اقصائية والغائية سوف تكرر في اليمن نفس ما حدث في الكثير من البلدان العربية في مصر وفي العراق وفي ليبيا وفي سوريا لأن الشعوب ترفض الوصاية الخارجية وترفض الاستقواء بالخارج للانتقام من القيادات الوطنية وعلى وجه الخصوص تلك القيادات التي وصلت الى الحكم بإرادة شعبية وتركت الحكم بإرادة ذاتية حريصة على الحيلولة دون تمكين الطامعين بالسلطة من اللجوء الى الصراعات والحروب الأهلية.
ومعنى ذلك أن الاستفادة من رأيه وخبرته ضرورة وطنية لا يمكن للقيادة السياسية الاستغناء عنها أو الشك فيها أو تعمد تجاهلها والإساءة إليها واتهامها بما ليس فيها من العيوب، الأمر الذي جعل رئيس الجمهورية يولي جريمة النفق ما تستحق من الاهتمام في تشكيل لجنة تحقيق أمنية لأنه يدرك الابعاد والدلالات المهمة لتمكين العدالة من الوصول الى حقيقة القوى التي خططت ونفذت جرائم الاعتداءات الإرهابية السابقة واللاحقة وتقديم مرتكبيها الى القضاء لينالوا ما يتسحقونه من العقوبات الرادعة لمثل هذه الاعمال الارهابية القابلة للتكرار، لاسيما وأن دوافعها الانقلابية محصورة في نطاق الطمع في السلطة ورغبة الوصول اليها بشرعية انقلابية تآمرية تتنافى مع الشرعية الدستورية والديمقراطية المعبرة عن إرادة الشعب اليمني صاحب القول الفصل في التداول السلمي للسلطة.
أقول ذلك وأقصد به أن حماية الرؤساء السابقين والاستفادة من خبراتهم وآرائهم السياسية وما يحظون به من تأييد شعبي ضرورة لا يمكن تجاهلها أو الاستهانة بها وتندرج في نطاق الواجبات الدستورية والقانونية لأي قيادة سياسية جديدة تحرص على ترسيخ مبدأ التداول السلمي للسلطة وترسيخ القيم والممارسات الديمقراطية الرفيعة المعبرة عن حرص على التصالح والتسامح والتعاون لأن أي ممارسة مسئولة لابد لها من تكريم القيادات المؤثرة والضاربة جذورها في أعماق الوطن.. لا تستطيع اقناع الشعب اليمني إنها حريصة على بناء الدول المدنية الحديثة والانتقال الآمن الى حلم الحكم الرشيد.
قد يكون بمقدور المتزلفين أو المنافقين لمن هم في الحكم من صناع الأزمات أن يصنعوا بما لديهم من النفوذ مواد دستورية وقانونية غير ديمقراطية تطبق العزل السياسي على من يعتقدون أنهم عقبات في طريق استمرارهم في السلطة كمنافسين يتمتعون بالشعبية والقدرة على الدخول في منافسات فاعلة إلاّ أن مثل هذه الحسابات لا يمكن وصفها إلاَّ بأنها حسابات خاطئة وغير مدروسة بما فيه الكفاية، لأن هؤلاء النافذين الذين نبالغ فيما لديهم من التأثير بصدق وبدون صدق سيكون بمقدورهم أن يدعموا من يجدون فيهم قدرة على المنافسة ولكن بعصبية ناتجة عن شعورهم بالظلم ربما تكون فاعليتها أكثر قدرة على التأثير والفاعلية الطبيعية لأن مبررهم في ذلك ما لحق بهم من حرمان غير ديمقراطي نتج عنه مصادرة حق من حقوقهم الديمقراطية مثل حق الترشح ولم يترك لهم سوى حق الانتخاب.. استناداً الى اسباب عاجزة عن الاقناع أن مثل هذه المخرجات المحرضة على الفتنة لا أعتقد أنها سوف تجد قبولاً من لجنة صياغة الدستور العقلانية ولا أعتقد على الاطلاق بأن مثل هذه الممارسات والتدخلات الاقصائية سوف تحدث في صياغة الدستور الجديد للجمهورية اليمنية الاتحادية الواعدة بالدولة المدنية الحديثة دولة المواطنة المتساوية ودولة النظام وسيادة القانون والحكم الرشيد.. نظراً لما عرف به فخامة الأخ رئيس الجمهورية المشير عبدربه منصور هادي من رجاحة العقل وزهد عن السلطة، وحرص على الحقوق والحريات الديمقراطية دون تفصيل ينتقص حق المواطن في الحقوق المتساوية، صحيح أن الصراعات والمكايدات الناتجة عن استفحال الخصومات بين الأحزاب وبين الأشخاص تحاول استخدام ما لديها من وسائل الضغط على صانع القرار لإرغامه على القيام بهذا النوع من التدخلات المسيئة والمعيبة للخلاص من الرئيس السابق ونجله الأكبر إلاّ أن مثل هذه الاساليب لن تفلح في تنفيذ ما لديها من الرغبات مهما استطاعت أن تحرز من نجاحات آنية في لحظة غضب أو لحظة خلاف أو لحظة خصومات ناتجة عن مخاوف مبنية على معلومات تفتقد الى المصداقية والموضوعية والثقة.. لأن نجاحها سرعان ما يتحول من النقيض الى النقيض عندما يتمكن صاحب القرار من التصرف على الحقيقة كما هي وليس كما صورتها الجهات الواشية والمحرضة، التي تبحث عن أزمات احتياطية اذا نجحت القيادة في إخراج البلد من أزمة النفق وأزمة الحكومة والجرعة الظالمة.
وهنا لابد من العودة الى البداية، والاعتراف الضمني على سبيل الوقاية خير من العلاج ان الزعيم علي عبدالله صالح الرئيس السابق قد أكد مراراً وتكراراً أنه لا يرغب في العودة الى السلطة مرة ثانية بعد أن استغرق فيها أجمل أيام حياته رغم ما تعرض له من المؤامرات القاتلة التي لا تشجع على العودة اليها مرة ثانية سواءً بصورة مباشرة أو غير مباشرة مكتفياً بما خرج به من حب وتقدير قاعدته الجماهيرية العريضة وما لحق بخصومه الذين حاولوا الاساءة إليه والقضاء على حياته ولم يحصدوا سوى الفشل الذريع والهزائم المتلاحقة ولم يجدوا من بديل إلاّ الاعتذار والاستعداد للتصالح معه مرة ثانية دون جدوى.
لا أبالغ اذا قلت مخلصاً أن الرئيس عبدربه منصور هادي يحتاج إلى الزعيم في هذه الظروف أكثر من حاجة الزعيم لرعاية رئيس الجمهورية ولكن كانت المحاولة الأولى للمصالحة قد فشلت نظراً لما تنطوي عليه من تجاهل لما أزهق من الأرواح وما سفك من الدماء، إلاّ أن الروح التسامحية والتصالحية والاخلاقية للزعيم علي عبدالله صالح سوف تجعله يعيد النظر فيما صدر عنه من رفض للمصالحة مبرر بأن الصلح في الدماء يسبق المصالحة وأن المصالحة مع من لا يعترفون بما اقترفوه من الذنوب تضع الأشواك والعواسج أمام المصالحة الوطنية كبوابة لما تحتاجه اليمن من اصطفاف وطني لأن التسرع سوف يكون غير مرحب به من أولياء الدم الذين يحتاجون الى تضميد ما لحق بهم من الجروح لأن المصلحة الوطنية للشعب اليمني تتقدم على المصالح الذاتية للأشخاص والأفراد والجماعات الحزبية المتصارعة على السلطة.
إن اتهام الرئيس السابق بأنه يرتبط بعلاقة تحالف غير معلن مع انصار الله ليس سوى فرية تندرج في نطاق الدسائس الخبيثة الهادفة الى الاستقواء بالخارج عليه، متناسين طبيعة العلاقة المتوترة بينه وبين الحوثيين الذين دخل أو أدخل معهم في سته حروب وصفت بالعبثية من قبل الاخوان المسلمين الذين كانوا سباقين الى التحالف معهم والاستفادة منهم لاسقاط النظام، هؤلاء يحاولون اقناع الولايات المتحدة الأمريكية والدول الخليجية بعلاقة تحالفية كاذبة ليس لأنها محرمة مع نفس القوى السياسية التي سبق لهم التحالف معها ضده بالأمس ولكن لتنفيذ ما لديهم من اجندات تآمرية تحاول زج المؤتمر في معركة جانبية مع انصار الله ولكن لأن هذه القوى السياسية الصاعدة محسوبة على ايران دافعهم الى ذلك الحصول على ما هم بحاجة اليه من الدعم الخليجي الأمريكي بحكم معرفتهم لطبيعة العلاقات الاقليمية الإيرانية الخليجية المشوبة بالتوتر رغم علمهم أن الدول الخليجية تدرك سلفاً أنه لا توجد قواسم مشتركة بين أنصار الله وبين المؤتمر الشعبي العام ورئيسه الذي ربطته علاقات وطيدة أسفرت عن حل الخلافات الحدودية بالتوقيع على المعاهدات الحدودية السابقة لذلك فهي مجرد وشاية لا تستحق الاهتمام بما تنطوي عليه من الدس الهادف الى الوقيعة، لأن للدول وسائلها ومعلوماتها الخاصة البعيدة عن الخلافات والمكايدات السياسية.
تمت طباعة الخبر في: الأحد, 24-نوفمبر-2024 الساعة: 03:08 ص
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almethaq.net/news/news-40323.htm