الميثاق نت - عقد مساء اليوم الأربعاء في مدينة نيويورك بالولايات المتحدة الأمريكية الاجتماع الوزاري الثامن لمجموعة أصدقاء اليمن، برئاسة مشتركة من قبل اليمن ممثلا بوزير الخارجية جمال السلال والمملكة العربية السعودية ممثلة بوزير الخارجية صاحب السمو الملكي الأمير سعود الفيصل، والمملكة المتحدة ممثلة بوزير الخارجية فيليب هموند.
وفي مستهل الاجتماع استمع المشاركون إلى كلمة الرئيس عبد ربه منصور هادي رئيس الجمهورية الموجهة إلى الاجتماع الوزاري الثامن لمجموعة أصدقاء اليمن، والتي القاها وزير الخارجية جمال السلال .. وجاء فيها :
السيدات والسادة، الحاضرون جميعاً،
في البداية أودُّ أن أُعرِب عن اسفي لعدم مشاركتكم هذا الاجتماع الذي كنت عازماً على حضوره ، لكن كما تعلمون فإن الظروف التي تمر بها اليمن حالت دون ذلك .
وهنا انتهز الفرصة لتقديم الشكر لخادم الحرّمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود وحكومة المملكة العربية السعودية على استضافة هذا الاجتماع و على وقوف المملكة الدائم إلى جانب اليمن في مختلف الظروف والمراحل، والشكر موصول لحكومة المملكة المتحدة الصديقة على المساهمة الفاعلة في الاعداد والتحضير للاجتماع ، والذي لاشك بأن انتظام انعقاد اجتماعاتها والتقدم المحرز في آليات عملها ومهامها يدلان بشكل قاطع على التزام المجتمع الدولي بدعم اليمن حكومة وشعباً لتحقيق الأمن والاستقرار والمضي قدماً في العملية السياسية لإنجاز كافة متطلباتها، وصولاً إلى بناء اليمن الاتحادي الجديد الذي يَعُمُّ فيه السلام وتتوفر فيه سُبُل التنمية والتقدم والازدهار.
لقد تأسست مجموعة أصدقاء اليمن في العام 2010 بوصفها إطاراً لشراكة حقيقية
وفاعلة بين اليمن والمجتمع الدولي، وذلك لمواجهة التحديات والمخاطر التي واجهت بلادي على المستويات السياسية والاقتصادية والأمنية.
وقد تضاعفت أهمية هذه المجموعة بعد ثورة التغيير في العام 2011، وما صاحبها من تداعيات وإفرازات كادت تجر البلاد إلى مزالق الصراع المسلح والاحتراب الأهلي، غير أن حكمة اليمنيين وتغليبهم للغة الحوار والعقل، إلى جانب تدخل الأشقاء والأصدقاء الإقليميين والدوليين، أنتج تسوية سياسية فريدة من نوعها في المنطقة على أساس المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية التي رعتها وساهمت في تنفيذها المملكة العربية السعودية.
ولعل الأهمية المضاعفة لمجموعة أصدقاء اليمن تنبع اليوم من المهام المناط بها والأعباء والاستحقاقات الجديدة التي فرضتها التسوية السياسية وقرارات مجلس الأمن 2014 و2051 و2140، والتي من الصعوبة بمكان تنفيذ كامل متطلباتها إلا باستمرار دعمكم ووقوفكم الكامل إلى جانب اليمن.
الأصدقاء الأعزاء ..
تواجه عملية الانتقال السياسي في اليمن كما تعلمون العديد من الصعوبات والتحديات الماثلة، جَرَّاء تواصل أعمال العنف والتخريب والعمليات الإرهابية التي طالت المدنيين والعسكريين والبنى التحتية والخدمية ومؤسسات الدولة السيادية ، فضلا عن الاحداث الاخيرة التي واجهها اليمن جراء دخول العاصمة صنعاء وقبل ذلك محاصرتها من قبل الحوثيين وبتحالف وثيق مع القوى التي تضررت وفقدت مصالحها غير المشروعة من بعض اركان النظام السابق.
فمنذ بداية العام 2014 ونحن نواجه تحديات مستمرة طرفها الاساسي الحوثيين بدءاً من دماج إلى عمران فصنعاء ونحن في جهود لاحتواء فتيل أزمات، تكالبت قوى خارجية وداخلية لإشعالها وتأجيجها لإسقاط تجربة اليمن في الانتقال السلمي .
وقد كنت حريصاً خلالها على ألا أستسلم وألا أسلّم اليمن للحرب الأهلية وألا أحول اليمن لورقة تفاوضية بيد اياً كان، وتم توقيع اتفاق السلم والشراكة الوطنية الاخير يوم 21 سبتمبر 2014 تعميداً لخيار السلام الذي جنح إليه اليمنيون قاطبة، كونهم يدركون مغبة الاقتتال الذي عانى منه اليمن لسنوات طويلة.
ولتحقيق ذلك فقد بذلنا الكثير من الجهود لاحتواء الازمة سياسياً وسلمياً وارسلنا عشرات اللجان والوفود الى صعدة ، لا ضعفاً كما يعتقد البعض ، ولكن ادراكاً منا بان الحروب لا تجلب الا الدمار وبأنها لاتفتح المدن بل تغلقها ولا تفتح القلوب بين ابناء الشعب الواحد بل تقتل الأمل فيها .
وقد تفاءلنا بما تم التوصل اليه في الاتفاق الاخير الذي سمي بـ"اتفاق السلم والشراكة الوطنية" والذي كان نتيجة تراكمية لجهود المخلصين من ابناء هذا الوطن من كل الاطراف بمن فيهم العقلاء والمخلصين من الحوثيين ، إلا انه وبرغم توقيع الاتفاق فقد تم مهاجمة المعسكرات ومؤسسات الدولة ونهب بعضها من قبل الحوثيين.
لذلك فأني أدعوهم لاحترام ما تعهدوا به وإلى السعي لتحقيق أهدافهم عبر العمل السياسي فقط لا عبر العنف واستخدام السلاح ، وايقاف أعمال العنف ورفع كافة المظاهر المسلحة واحترام مدْنية العاصمة وحضاريتها والخروج من كافة المؤسسات الرسمية والمدنية .
واجدد هنا التزام الدولة بكل الالتزامات الواردة في ذلك الاتفاق وحرصها على ان تجعله بوابة للسلم والأمن ومدخل حقيقي للحفاظ على التماسك الاجتماعي بين كل اليمنيين وباننا لا ولن نمّيز ابدا ومطلقاً بين أياً من ابناء اليمن، أياً كان موقفه أثناء الأزمة ، اقول ذلك وعناصر هذه الازمة مازالت قائمة وتحدياتها ماثلة الى اليوم وهو ما يتطلب من اشقاءنا واصدقائنا مضاعفة دعمهم السياسي والاقتصادي لليمن حتى لا يترك في هذه المرحلة الحساسة من عملية الانتقال السلمي .
لكن كل ذلك لن يُثنينا قَطْعَاً عن استكمال ما تبقى من المرحلة الانتقالية وتنفيذ كامل مخرجات الحوار الوطني الذي اختتمت أعماله بنجاح في
الـ 25 من يناير من هذا العام 2014، خصوصاً بعد أن قَطَعنا أشواطاً مهمة في عملية التحول ابتداءً من تشكيل لجنة تحديد الأقاليم التي أقرت الشكل الاتحادي للدولة على أساس ستة أقاليم، مروراً بإنشاء الهيئة الوطنية للرقابة على مخرجات الحوار الوطني والتي باشرت بعقد اجتماعاتها والاضطلاع بمهامها مؤخراً، وكذلك إنشاء لجنة صياغة الدستور، والتي تعكف حالياً على صياغة دستور عصري يُلبّي طموحات وآمال شعبنا ويوفر أساساً لتحقيق السلام الدائم والديمقراطية والتعددية وحماية حقوق الانسان والحكم الرشيد.
كما أن اللجنة العليا للانتخابات قد شَرَعَت بالفعل في إعداد السِّجل الانتخابي الجديد الذي ستُجرى على ضوئه عملية الاستفتاء على الدستور والانتخابات العامة.
الأصدقاء الأعزاء ..
إن ما تحقق حتى الآن من تقدم في العملية السياسية، وما يُفتَرض أن يتحقق مستقبلاً مَرهونٌ بمدى استمرار دعم أصدقاء اليمن وبتعزيز صيغة الشراكة والتعاون في المجالات كافة، والتأكيد على قرارات مجلس الأمن الدولي وآخرها القرار 2140 الذي جدد التزام المجتمع الدولي بوحدة الجمهورية اليمنية وسيادتها واستقلالها وسلامتها الإقليمية، واتخاذ كل الإجراءات الكفيلة بدعم العملية الانتقالية الجارية، وهذا ما يحتم على المجتمع الدولي القيام بمسؤولياته في اتخاذ المزيد من التدابير الكفيلة بردع ومعاقبة كل من يعمل على تقويض او عرقلة العملية السياسية أو يحاول زعزعة أمن اليمن واستقراره.
ومن جهتي، أؤكد لكم أن الحكومة اليمنية ستعمل بكل طاقاتها وبالشراكة مع المجتمع الدولي على اتخاذ كل الإجراءات الممكنة والكفيلة بحفظ أمن اليمن واستقراره، وهو أمرٌ من دون شك سينعكس إيجاباً على أمن المنطقة والعالم أجمع.
السيدات والسادة ..
على الرغم من الجهود الدؤوبة التي بذلتها اليمن لدعم الاستقرار الاقتصادي الكُلي خلال المدة المُنقَضية من المرحلة الانتقالية، إلا أن التحديات السياسية والأمنية المستمرة ما تزال تُلقي بظلالها السلبية على الاقتصاد الوطني مُحمّلةً إياه أعباءً كبيرةً خَلقَت بدورها تحدياتٍ ضاغطةٍ لم تنفك تُهدد قدرته على الصمود.
فهناك تدهور واضح وملموس في الوضع الإنساني، فيما ارتفعت مستويات الفقر والبطالة بين الشباب إلى حدٍّ يُنذِر بحصول كارثة محققة، إذ بلغت وفقاً لأحدث التقديرات حوالي 54% و45% على الترتيب، وهما من أعلى المعدلات على مستوى العالم.
وإدراكاً منا، قيادةً وحكومةً، لخطورة استمرار هذا الوضع، فقد شَرَعنا بَدعمٍ وتشجيعٍ من شركائنا الإقليميين والدوليين في برنامجٍ جريءٍ للإصلاح الاقتصادي يهدف إلى وقف التراجع الذي طرأ في أوضاع الاقتصاد الكلي، ودعم النمو، وتشجيع خلق فرص عمل جديدة، وحماية مواطنينا الفقراء ومحدودي الدخل. وفي السياق نفسه، اتخذت الحكومة عدداً من الإجراءات الضرورية في إطار برنامجها لإصلاح سياسة دعم المشتقات النفطية.
كما وقَّعَت مطلع هذا الشهر على اتفاق مع صندوق النقد الدولي في إطار التسهيل الائتماني الممدد، يهدف إلى معالجة احتياجات ميزان المدفوعات وسَد فجوة التمويل في المالية العامة والحفاظ على الاستقرار الاقتصادي الكلي، مع حماية فئات السكان الأشد عَوزاً واحتياجاً.
علاوة على ذلك، وبهدف التخفيف من معاناة شعبنا، فقد سَبَق لنا وأن وَجَّهنا الحكومة بإيقاف كل ما من شأنه استنزاف الخزينة العامة، كإيقاف شراء السيارات والمشاركات الخارجية التي تتحمل الدولة تكاليفها من الموازنة العامة، وتقليص سفر جميع المسؤولين بما في ذلك الوزراء، وإجراء مراجعة كاملة وشاملة لمستوى وطرق تحصيل كافة الأوعية الضريبية والجمركية، وتشكيل وحدة عسكرية متخصصة لمكافحة التهريب الجمركي والتهرب الضريبي، وتصحيح أوضاع الوحدات الاقتصادية المملوكة للدولة والقطاع المختلط، ومراجعة تكاليف استخراج النفط، وغير ذلك من المعالجات.
كما أنني، وفي أعقاب اتخاذ قرار رفع الدعم عن المشتقات النفطية في شهر أغسطس الماضي ، وهو القرار الذي واجهنا بسببه العديد من التحديات والتي كادت ان تعصف بالدولة جراء استغلاله من قبل الانتهازيين وهو ما استدعى مراجعة ذلك القرار دون ان يؤدي الى ذلك الى تخفيض اسعار المشتقات عن السعر العالمي مع تحمل الدولة لبقية الكلف الاضافية، وقد وَجَّهتُ الحكومة بتنفيذ حزمة من الإجراءات، أهمها صرف علاوات موظفي الدولة لعامي 2012 و2013، وإجراء التسويات والترقيات القانونية المرصودة في موازنة عام 2014 لجميع موظفي الدولة في القطاعين المدني والعسكري، واعتماد 250 ألف حالة ضمان اجتماعي جديدة، واستكمال نظام البصمة والصورة لكافة منتسبي القوات المسلحة والأمن على ألا يتجاوز تنفيذ ذلك نهاية شهر أكتوبر من العام الجاري، وإلزام جميع الجهات الحكومية بما فيها الجهازين الأمني والعسكري بالانتقال من المدفوعات النقدية للأجور والمرتبات إلى المدفوعات عن طريق استخدام الحسابات المصرفية، وإلزام وزارتي المالية والزراعة والري وصندوق التشجيع الزراعي والسمكي وبالتنسيق مع الاتحاد التعاوني والزراعي والاتحاد العام للصيادين باتخاذ القرارات اللازمة لتطوير ودعم قطاعي الزراعة والأسماك، بما في ذلك توفير وحدات ري تعمل بالطاقة الشمسية وشبكات ري متكاملة وقوارب صيد مع كافة مستلزماتها، وسوى ذلك من الإجراءات الإصلاحية الضرورية.
وإننا إذ نؤكد عَزمَنا على مواصلة الإصلاحات الاقتصادية والمالية اللازمة، واتخاذ المزيد من القرارات والإجراءات الهادفة إلى تخفيف العبء عن كاهل أبناء شعبنا وتحسين معيشته، إلا أننا نشدد في الوقت ذاته على أن جهود اليمن الإصلاحية هذه بحاجة ماسَّة إلى دعم متواصلٍ وكافٍ من المجتمع الدولي، و من الصناديق والمؤسسات التمويلية الدولية، وبما يكفل وفاء المانحين بالتعهدات التي أعلنوها والتزموا بها لليمن خلال مؤتمرات المانحين السابقة.
وأغتنم هذه المناسبة لأعرب عن شُكري الجزيل لمجموعة أصدقاء اليمن ولكل الدول التي التزمت بتقديم ما تعهدت به من أموال ومعونات، كما أدعو الدول التي لم تَفِ بتعهداتها بعد إلى الإسراع بالإيفاء بما قَطَعتهُ على نفسها من التزامات وتعهدات مالية، فالأوضاع في بلادي وصلت حَدّاً ينبغي أن يتكاتف فيه المجتمع الدولي للوقوف أمامه بكل الجدية والمسؤولية والرعاية، اليوم قبل الغد.
الأصدقاء الأعزاء ،
لقد قُدِّرَ على اليمن خوض مواجهات صعبة ومتوازية على جبهات متعددة بما فيها الحرب مع تنظيم القاعدة الإرهابي الذي يمثل واحداً من أهم وأخطر مصادر التهديد للأمن الوطني بل ولأمن المنطقة والعالم.
وتُواصِل اليمن، بالتعاون والشراكة مع المجتمع الدولي سواء في الأطر الثنائية أو متعددة الأطراف، حربها الشاملة ضد الإرهاب دون هوادة أو تردد بالرغم من جسامة وصعوبة التحديات الماثلة، مُحققةً نجاحات كبيرة ومهمة.
فخلال الأشهر الماضية، قامت قوات الجيش والشرطة وبالتعاون مع اللجان الشعبية بتطهير المدن والبلدات التي كان يسيطر عليها التنظيم في محافظتي أبين وشبوة ودَمّرت معسكرات التدريب ومعامل تصنيع المتفجرات التابعة للعناصر الإرهابية في تلك المناطق وقتلت العشرات من قيادات التنظيم، وأضعاف هذا الرقم من مُجنَّديه وعناصره، كما تم تفكيك العديد من خلاياه الخطرة وبالذات المتخصصة في اغتيال منتسبي القوات المسلحة والأمن وأجهزة المخابرات، فضلاً عن إفشال الكثير من مخططاته وعملياته الإجرامية.
وفي سياق المواجهة الشاملة مع الإرهاب، أصدرنا في مطلع شهر أبريل من العام الجاري توجيهاً رئاسياً يقضي بإنشاء مركز خاص لتأهيل المتطرفين وإعادة إدماجهم في المجتمع، وتحثُّ اللجنة الحكومية الموكلة بتأسيس المركز الخُطَى من أجل أن يتم ذلك بالصورة المنشودة وفي أقرب وقت ممكن.
كما خصصت الحكومة موازنات طارئة للمناطق النائية التي كانت تتمركز فيها عناصر القاعدة بهدف توفير المشاريع الخدمية لسكان هذه المناطق وتعويض المتضررين منهم من جرائم الإرهاب.
ونتوقع أن يتم خلال الأسابيع القليلة المقبلة إقرار الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الإرهاب بصورتها النهائية بعد استيعاب ملاحظات الجهات الحكومية المختلفة، وإجراء التعديلات اللازمة عليها حسب مقررات مؤتمر الحوار الوطني، ومن ثمَّ تحويلها إلى مصفوفة مُزمّنة تعمل الهيئات والمؤسسات المختلفة على تنفيذها.
وفي إطار الجهود الرامية لتعزيز المنظومة القانونية في مواجهة الإرهاب، صادق مجلس النواب على قانون مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب بعد تعثُّر دام سنوات، ونسعي في غضون الأشهر المقبلة إلى إصدار قانون خاص بمكافحة الإرهاب، بحيث يتضمن عقوبات مُشددة بحق مُرتكبي الجرائم الإرهابية ومن يأوونهم أو يدعمون أو يمولون نشاطهم.
وبالتوازي مع هذه الخطوات، تمضي اليمن قُدُماً في استكمال عملية إعادة هيكلة وإصلاح قطاع الأمن وتعزيز الشفافية والمُساءَلة فيه عن طريق تطبيق نظام البصمة والصورة على كافة منتسبي القوات المسلحة والأمن وأجهزة المخابرات.
كما نعمل بخطى حثيثة من أجل تطوير القوانين والتشريعات واللوائح الخاصة بقطاع الأمن والتخلص من القوى البشرية غير الفاعلة، وبما يؤدي في نهاية المطاف إلى بناء مؤسسة عسكرية وأمنية مهنية ومحترفة.
السيدات والسادة،
إننا في اليمن لطالما أكدنا على أن لا تقتصر جهود مكافحة الإرهاب على الجانبين الأمني والعسكري على أهميتهما بكل تأكيد، ولكن للوصول إلى نتائج مُستدامة، نرى أنه لابد من التركيز على كافة الجوانب لاسيما الاقتصادية والتنموية والتوعوية لأن الإرهاب والفكر المتطرف يجدان الأرضية الخصبة في مناخات الفقر والبطالة والفهم الخاطئ لتعاليم الدين الإسلامي، وهذا يفرض علينا تحمُّل المسؤولية لمواجهة آثار الإرهاب المدمرة على المستويات كافة، ولذلك فإننا ندعو شركائنا بأن يتم إعطاء الجانب الاقتصادي والتنموي الأهمية الكافية من أجل تحسين الحياة المعيشية للناس وتوفير فرص العمل للشباب للحيلولة دون استقطابهم من قبل الجماعات المتطرفة والإرهابية، ومساعدتنا في إرساء دولة القانون والحكم الرشيد، والمساهمة في تعزيز قدراتنا الأمنية سواء عن طريق برامج التدريب أو من خلال توفير الأجهزة والمعدات الحديثة.
ونؤكد مجدداً أن نجاح اليمن في تجاوز مُجمَل التحديات الأمنية التي تواجهها في هذه المرحلة لا يمثل مصلحة لليمنيين وحسب، بل ولدول المنطقة والعالم قاطبةً.
كما نُشدِّد على أهمية رفع وتيرة التعاون والتنسيق بين الأجهزة الأمنية على المستوى الوطني والإقليمي والدولي، وضرورة تنسيق استراتيجية مكافحة الإرهاب على المستوى العالمي حتى نصل إلى النتائج المنشودة.
اصحاب المعالي والسعادة،
لا شك ان اجتماعنا اليوم يكتسب أهمية كبيرة كونه يلتئم في ظل ظروف حساسة ومنعطف كبير تمر به اليمن، فضلاً عن انه يعد الاجتماع الاول الذي يأتي بعد اعتماد الألية الجديدة لمجموعة أصدقاء اليمن خلال اجتماع لندن في29 ابريل الماضي والتي تهدف إلى تفعيل دور المجموعة خلال الفترة المقبلة.
ونحن إذ نعبر عن ارتياحنا للتقدم المحرز من قبل فرق العمل الثلاث السياسية والاقتصادية والامنية المنبثقة عن مجموعة أصدقاء اليمن، فإننا نتطلع إلى استمرار الفرق الثلاث في العمل عن كثب مع الجانب اليمني لتحقيق الاهداف المتوخاة في ضوء التوصيات التي قدمتها لجنة التسيير في تقريرها المعروض امامنا.
كما نأمل ان تكون تلك الفرق بمثابة ورش عمل تعمل على تشخيص التحديات وتحديد المعالجات وتوفير الامكانات لتنفيذها وبما ينعكس في تحسين الاوضاع في اليمن في مختلف الجوانب ويلبي تطلعات ابناء الشعب اليمني .
وفي الختام، يَطيبُ لي أن أُعبِّر عن امتناني شخصياً لكل الدول الشقيقة والصديقة المُشاركة وممثليها في هذا المؤتمر، ولاشك أن شَعبَنا اليمني، بالمثل، يُقَدِّر عالياً وقوف مجموعة أصدقاء اليمن إلى جانبه، ولاسيما في هذه المرحلة الحرجة والحساسة من تاريخه، وهو لن ينسى أبداً المواقف والجهود النبيلة والمُخلِصة لأشقائه وأصدقائه وشركائه، دولاً وشعوباً وقيادات، وتفاعلهم الإيجابي مع همومه وتطلعاته نحو بناء دولة حديثة وآمنة ومستقرة.
وشارك في هذا الاجتماع الذي يعد الأول منُذ إعتماد الآلية الجديدة لعمل المجموعة في اجتماع لندن السابع المنعقد في 29 ابريل الماضي، وزراء خارجية ووفود يمثلون 39 دولة ومنظمة عضو في المجموعة, الى جانب ممثلين عن الامم المتحدة والجامعة العربية ومجلس التعاون الخليجي والاتحاد الأوروبي.
وبحث المشاركون في الاجتماع تطورات الأوضاع على الساحة اليمنية في المجالات السياسية والأمنية والاقتصادية وكذا الأوضاع الإنسانية، وكذا السبل الكفيلة بتقديم دعم موجّه من قبل المانحين بصورة أفضل لليمن بمايمكنه من التغلب على التحديات المتعددة التي يواجهها.
|