الجمعة, 26-سبتمبر-2014
الميثاق نت -   علي عمر الصيعري -
بدايةً أود أن أنوه إلى أن ارتكاسة الثورات الكبرى على مر العصور لا يعني انتكاستها ومن ثمّ مواتها لأن مثل هذه الحالات ظرفية ومؤقتة تستعيد بعدها هذه الثورة أو تلك عافيتها وتواصل طريقها صعوداً نحو تحقيق كامل أهدافها التي قامت من أجل تحقيقها والشواهد على ذلك كثيرة في التاريخ السياسي لثورات الشعوب وأعني بها هنا الثورات الأم أي الرئيسية وليست الثورة الطارئة والمستجدة كما يعتقد البعض أنها البديل عن الثورة الأم وهذا ناجم عن سقم فكري وغباء سياسي وخداع الجماهير ،لأنها لا تعدو عن أن تكون مجرد منعطف من عشرات المنعطفات التي تمر بها الثورات الأم خلال تدرجها في مراحل التطور بمختلف درجاته وإرهاصاته .
إن ثورة السادس والعشرين من سبتمبر المخلّدة فينا مرت منذ قيامها وإلى يومنا هذا بحالات متفاوتة من هذه الارتكاسات في السابق في ظل غياب الحامل السياسي والإرادة السياسية لقيادتها إلى أن قيض الله لها قائداً محنكاً حمل مشعلها وسعى بجد ثوري إلى إيجاد الحامل السياسي لها ووقاها شرور الانقلابات السياسية وموات الحس الثوري لدى الجماهير اليمنية انطلاقاً من آخر ارتكاسة في عهد المقدم الغشمي إلى ما يسمى بثورة فبراير 2011م، وصولاً إلى ما يسمى بثورة سبتمبر للعام الجاري . والاثنتان الأخيرتان لا تعتبران ثورتين بالمفهوم السياسي الدقيق بقدر ما هما ارتكاسة ظرفية للثورة السبتمبرية الأم لكونهما نتاج تدخلات سياسية خارجية فُرضت على الجماهير تحت ما يسمى بالربيع العربي المفترى عليه .
إن الإرادة السياسية للقيادة الثورية لثورة السادس والعشرين من سبتمبر المخلدة تمثلت في تولي ابن اليمن البار علي عبد الله صالح- رئيس الجمهورية السابق رئيس المؤتمر الشعبي العام- زمام الحكم في 17 يوليو عام 1978م حيث لم يكن الوضع السياسي آنذاك ـ بتقلباته ومخاطره ـ مشجعاً لأي شخصية لتتصدى لحكم اليمن فاستجاب لنداء الوطن وحمل على عاتقه قيادته ليخرج به من مربع التقلبات والاضطرابات ليضع حداً لثقافة الانقلابات والقحط الفكري والسياسي.. كما سعى هذا القائد الثوري لتأسيس الحامل السياسي الذي وقى بواسطته الثورة السبتمبرية من أي ارتكاسة أو انتكاسة تحيق به على مدى 33 عاماً وتمثل هذا الحامل السياسي في تأسيس المؤتمر الشعبي العام في 24 اغسطس عام 1982م، بعد أن وضع له الأداة النظرية والدليل العملي المرشد وهو " الميثاق الوطني " ليدشن عن طريقهما أول ممارسة ديمقراطية شعبية شهدها اليمن .
وبما إن للثورات الكبرى أهدافاً استراتيجية ، فإن من أهم الأهداف التي وضعتها الثورة السبتمبرية تحقيق اعادة الوحدة اليمنية التي سعى في تحقيقها الرئيس الصالح منذ توليه زمام الحكم فنجح في عقد ( 22) قمة مع قادة الجنوب ووقع على ما يربو عن (8) اتفاقيات وحدوية حتى تكللت جهوده ومن سبقه من الرؤساء بقيام الجمهورية اليمنية في ( 22 ) مايو المجيد 1990م، ثم تعزيز مداميك هذه الوحدة اليمنية وإلى الأبد في 7 يوليو من العام 1994م..
في المقابل حققت الثورة اليمنية في عهد القيادي الزاهر منجزات اقتصادية ضخمة عكست نفسها على التطور المعيشي النسبي لحياة المواطنين الذي ولد بدوره تطوراً مجتمعياً ارتقى بمستواهم التعليمي والثقافي والفكري خلال ثلاثة عقود ونيف أي ما يقارب من جيل سبتمبري بكامله .فلا يمر عامَ من عمر الثورة إلا ويشهد الوطن انجازاَ اًقتصادياً أو تربوياً واجتماعياً أو بنيوياً باضطراد، وهذا هو أهم قيم الثورة ومخرجاتها في الواقع العملي المعيشي وليس كما حرمت ثورة 2011م الافتراضية الشعب من مثل هذه المنجزات إلى يومنا هذا .
ومن جانب آخر عمت خيرات الوحدة اليمنية- التي هي أهم وأغلى منجزات الثورة اليمنية والتي تحققت تحت قيادة الرئيس الصالح- كل محافظات الجنوب اليمني مثلها مثل بقية محافظات الوطن . ففي حضرموت شهد التطور الاقتصادي والاجتماعي انجازات لم نكن نحلم بها في العهد الشمولي الذي أناخ بحكمه علينا 23 عاماً لم نعرف خلالها حياة معيشية تليق بنا وبعد اشراقة الثورة بوحدتها اليمنية علينا نعمنا بحياة، مختلفة عما كنا نعيشها وقتذاك في ظل غياب البني التحتية من طرقات عملاقة ومنشآت كهربائية ومائية وصحية وتعليمية وأهمها الجامعات التي لم تكن تعرفها حضرموت وبقية المحافظات الجنوبية في ذلك الوقت ، ناهيك عن التطور العمراني والصروح الثقافية والآثارية وغيرها، والأهم من ذلك ما نعمنا به من حرية شخصية وحرية في الرأي والتعبير والأمن والاستقرار ، وهذا من أساسيات فضائل الثورات ودورها الإنساني في حياة الفرد والمجتمع . وما كان كل ذلك ليتحقق لولا الإرادة الثورية والحامل السياسي لها الذي يعود الفضل بعد الله في تحقيقه للزعيم علي عبدالله صالح وتنظيمه الرائد الذي يقوده.
ومن هنا يمكننا أن نقول عن المستجدات الأخيرة خلال السنوات الأربع الماضية إنها مجرد ارتكاسات للثورة اليمنية في مقابل ما عزز الرئيس السابق من مقومات وعوامل بقاء لمداميك الثورة اليمنية التي ستظل تقاوم تيارات العبث الحزبي والمبدئي لبعض الأحزاب والمكونات ، وإن ما تشهده اليمن من جمود سياسي وركود اقتصادي هو نتاج ظرف سياسي عابر ما دام الحامل السياسي الذي وضعت فيه الجماهير ثقتها لا يزال متماسكاً وقادراً على مواصلة مسيرة تحقيق أهداف الثورة اليمنية على الرغم من المؤامرات والفتن التي تحاك ضد الوطن في الداخل والخارج.. إنها مجرد ارتكاسات عابرة ليس إلا .
تمت طباعة الخبر في: الخميس, 21-نوفمبر-2024 الساعة: 09:54 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almethaq.net/news/news-40443.htm