محمد علي عناش -
من على جبال ردفان وشمسان انطلقت شرارة الثورة ضدالمحتل البريطاني البغيض، ومنهما دوت أناشيد الثورة والخلاص وارتفعت راية المقاومة الشعبية والكفاح المسلح لشعب يمني أبي يأبى الضيم ويعشق الحرية، وتداعت الفصائل الثورية في لحج والضالع ويافع وعدن وفي كل أرض الجنوب،التي تحولت إلى لهيب مستعر يحرق أقدام المستعمرويزعزع كيانه ووجوده، مستلهمة روح الثورة السبتمبرية في الشمال، وروح الثورة القومية في مصرالعروبة المحفزة على الثورة والاستقلال والتي جسدها الزعيم الراحل جمال عبدالناصرومن مدينة تعزالثورة والحرية عندما خطب في الجماهيراليمنية المحتشدة قائلاً "على بريطانيا العجوز أن تحمل عصاها وترحل من عدن"..
في الريف والبندر خاضت القوى الثورية الوحدوية معركة الاستقلال والتحرر وأنشدوا نشيدالحرية «برع يا استعمار من أرض الأحرار»، و«بوس التراب يا شعب بوس التراب الأخضر»، التي كانت تدوي في كل جبل وسهل، ومظاهرات الطلاب والعمال في عدن لم تتوقف، والمقاومة المسلحة في الريف تتصاعد وتيرتها وعملياتها الفدائية، راسمة أروع صور الفداء والتضحية ومسجلة في سفر التاريخ الخالد حكاية شعب يأبى الضيم والإذلال، ومقدمة قافلة طويلة من الشهداء الأبطال الذين قدموا أرواحهم ودماءهم رخيصة في الضالع ويافع والمحابشة وصنعاء.. مجسدين واحدية الثورة والمصيرالواحد، من أجل نيل الاستقلال والتحرر من الاستعمار والحكم الإمامي والسلاطيني، كالشهيدغالب راجح لبوزة والمجعلي والردفاني وغيرهم الكثير الذين سطروا بدمائهم أروع ملاحم البطولة والفداء حتى تحقق الانتصار العظيم في14 أكتوبر 1963م وتوج في 30نوفمبر1967م برحيل آخرجندي بريطاني من عدن، ليواصل الثوار والقوى الثورية التقدمية الوحدوية مشوارثورتهم الاجتماعية بالقضاء على أذناب الاستعمار والقوى السلاطينية المرتزقة والإقطاعية..
نحن نعيش غمرة أفراح الشعب اليمني بالذكرى الواحدة والخمسين لثورة 14 أكتوبر المجيدة، نستلهم نضالات الثوار والأحراروعظمة كفاحهم ونضالهم الثوري والدماء الزكية التي بذلوها من أجل الخلاص وتحقيق أهداف الثورة في الحرية والوحدة والديمقراطية والسلم الاجتماعي وبناء يمن العزة والقوة والوحدة التي أنبلج فجرها وأشرقت أنوارها في الثاني والعشرين من مايو1990م يوم الوحدة اليمنية وعودة الروح إلى الجسد، يوم الانتصار التاريخي للتطلعات والآمال الوحدوية للشعب اليمني والانتصار لأهداف وأحلام شهداء سبتمبر وأكتوبر..
وعلى الرغم من الأوضاع السيئة والظروف الصعبة والخطيرة التي تعيشها اليمن على جميع المستويات، والتي باتت تهدد السلم الاجتماعي والوحدة الوطنية والنهج الديمقراطي وتدمر بنيان الدولة بالإضافة إلى تدهور الاقتصاد وتصاعد هجمات القاعدة وعملياتها الإرهابية في حضرموت وأبين والبيضاء وأمانة العاصمة، والذي جعل من احتفالنا بثورة سبتمبروأكتوبر احتفالاً إستثنائياً مليئاً بالشجون والمخاوف وفي نفس الوقت استثنائيا كي نكتشف رجال وقوى المرحلة.
الأمر الذي يستلزم من كل الأحرار والشرفاء وكل المخلصين أن يستلهموا أهداف الثورة الخالدة، للدفاع عن مكتسبات ومنجزات الثورة وفي مقدمة ذلك منجز الوحدة العظيم والحفاظ على وحدة الصف، وهذا لن يتأتى إلا بطي صفحة الماضي والبدء في صفحة جديدة، عنوانها الوحدة والديمقراطية والدولة المدنية والتقدم الاجتماعي، على خطى أهداف ثورتي سبتمبر وأكتوبر المجيدتين..