الإثنين, 03-نوفمبر-2014
الميثاق نت -   د.علي مطهر العثربي -

< تظهر الصورة التحليلية لمنهج التفكير الذي انحرف عن مساره لدى القوى النفعية والمصلحية شديدة الوضوح وتقدم أنموذجاً واضحاً ملغماً بعدم الثبات وسرعة التقلبات وغلبة الانقلابات وعدم الرغبة في بناء الدولة والرغبة الجامحة في جعل الوطن بيئة حاضنة للفوضى التدميرية خدمة للغير الذين يكنون عداءً شديداً لليمن الأرض والإنسان والدولة ولا يريدون له عافية تذكر، وهذه الصورة السوداوية ليست جديدة على ساحة الوطن، بل إنها تشكل نقطة سوداء في التاريخ السياسي لليمن وتجد الفاشلين والانتهازيين والنفعيين يتواجدون فيها بكثافة شديدة، فتزداد تلك النقطة سواداً على سواد وسوء على سوء وفجوراً على فجور في الاقوال والأفعال، وتظهر هذه النقطة في أحداث التاريخ لتصبح سلة لا يقع فيها إلاّ الساقطون الذين لا يمتلكون طموحاً وطنياً شاملاً ولا رؤية استراتيجية لبناء الدولة ولا يعرفون غير مصالحهم الذاتية فقط، وهم الذين يعتمد عليهم أعداء اليمن في تنفيذ خططهم العدوانية على قدسية السيادة الوطنية العليا.
إن المشهد السياسي الحالي يبرهن ما كنا نتحدث عنه في عام 1996م مع بداية ظهور تكتل اللقاء المشترك من أن بعض القوى لا تريد المؤسسات الدستورية ولا تؤمن بالتداول السلمي للسلطة ولا تعترف بالديمقراطية وليس من هم غير تدمير المؤسسات الدستورية وإن أظهر نوعاً من المرونة والانخراط في تكتلات سياسية، لأن الهدف من تلك التصرفات خداع الرأي العام المحلي والاقليمي والعالمي لكي تلقى تعاطفاً وتكسب الشرعية السياسية المدعومة من القوى الأجنبية ليس أكثر، وإن ظهر المشهد السياسي بصورة أكثر وضوحاً عقب الانتخابات الرئاسية في 2006م عندما ظهرت تلك القوى مسيطرة على تكتل اللقاء المشترك وتحركه صوب الظلام المدمر للشعب عندما أعلنوا سياسة تثوير الشارع والاحتكام إليه، وقد ظهرت صورة الانقلابات الفجة على كل الاتفاقات التي ابرمتها القوى السياسية خصوصاً في الفترة من 2007م وحتى الانقلاب على الشرعية الدستورية في 2011م وقد رسمت أحداث الأزمة السياسية الطاحنة صورة الفجور الذي حذر منه النبلاء والشرفاء من أبناء الوطن ولم تكن تسمع من تلك القوى غير التبريرات ...... التي اباحت الدماء والاعراض والأموال واستباحت مكارم الأخلاق وذبحت مبادئ الديمقراطية وتجاوزت كل الديانات والاعراف والقوانين الإنسانية.
لقد ظن بعض المحللين في الفكر السياسي أن تلك القوى التي انقضت على السلطة بتلك الطريقة الهمجية ربما أنها تمتلك مشروع الدولة وقادرة على بنائها وأنها ليست تآمرية ضد بعضها البعض كما كان يطرحه حماة الشرعية الدستورية واصحاب الإرادة الكلية للشعب، وقال بعضهم إن تلك القوى لن تلجأ بعد أن آلت إليها السلطة إلى الانقلاب على العهود والمواثيق وأنها بدأت تسير في الاتجاه الصحيح، ولكن المفاجأة الكبرى أن المحللين السياسيين الذين كانوا يبنون افتراضاتهم على إدعاءات تلك القوى قد صدموا تماماً بحالة الصلف والكذب والزور التي مازالت عليها تلك القوى التي لم تجد غير الغواية الشيطانية فلم تستطع أن تتصالح داخل تكويناتها السياسية الفردية لذلك التكتل ولم تستطع أن تتصالح مع حكومات التكتل وقد أظهرت عدوانية همجية مخيفة ضد بعضها البعض والتهمت الأخضر واليابس دون أن تقدم حسنة واحدة تجعلها قادرة على بناء دولة عصرية تعتمد مبدأ التداول السلمي للسلطة، بل تبين من خلال الممارسات طيلة الثلاث والنصف السنوات الماضية أن هذه القوى ضد الديمقراطية ولا تريد الوصول إلى الانتخابات العامة وهو الاستنتاج الذي قلناه في 2008م.
البعض من المحللين السياسيين مصابون بالدهشة لهذه النتائج المخالفة تماماً لافتراضاتهم وسبب الدهشة أو الحيرة التي وقعوا فيها أنهم في تحليلاتهم واطروحاتهم وحواراتهم لم يكونوا موضوعيين ولم يلتزموا الحيادية وافتقدوا لشروط البحث العلمي الذي تتركز على الحيادية والموضوعية والشك والتحري عن المعلومة الصحيحة والتجرد من أية مؤثرات وإنصاف الآخرين، بل إن افتراضاتهم كانت تعتمد على حيثيات تلك القوى، ولذلك سقط المهنيون في البحث العلمي الذين لم يعيروا شروط البحث العلمي أي اهتمام وسقط الإعلام العربي وكان إعلاماً مسيراً من قوى الاستعمار الجديد ولا يمتلك المهنية والحرفية وليس له من امره شيئ وإنما عبد مأمور لا يستطع أن يقدس المهنية على الاطلاق.
إن ما حدث من الانقلاب الأخير على اتفاق السلم والشراكة من تكتل اللقاء المشترك قد اعطى المحللين السياسيين درساً في المنهجية العلمية وفضح نوايا المتعصبين للفوضى والتدمير وجعلهم يدركون ان تلك القوى الظلامية لا تؤمن بمبدأ التداول السلمي للسلطة وأنها لم تقدم ما يؤكد إدعاءاتها التي غررت بالكثير من المتحمسين وجردتهم من مصداقيتهم، ثم إنها لم ترقَ إلى مستوى الادراك الواعي لإرساء تقاليد الديمقراطية الحضارية ولو كانت قد ادركت كل ذلك لما حدث الدمار الشامل في 2011م الذي لم يكن له مبرر على الاطلاق، وكان بإمكانها أن تجعل من 2013م الذي تنتهي معه فترة ولاية الرئيس علي عبدالله صالح بالانتخابات الرئاسية في موعدها المحدد عاماً مثالياً للديمقراطية والتداول السلمي للسلطة، ومع كل ذلك فقد ناضل المؤتمر الشعبي العام وكل شركاء الوطن من أجل إرساء تقاليد الديمقراطية ولم يعد أمام تلك القوى إلاّ الالتزام بتنفيذ اتفاق السلم والشراكة من أجل الوصول إلى الانتخابات العامة التي تمكن المواطن اليمني الحر من حق الاختيار، بإذن الله.
تمت طباعة الخبر في: الخميس, 21-نوفمبر-2024 الساعة: 10:01 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almethaq.net/news/news-40839.htm