الأربعاء, 01-أغسطس-2007
الميثاق نت -
مواهب‮ ‬توأد‮ ‬وإبداع‮ ‬يموت
العنف‮ ‬ضد‮ ‬الاطفال‮ ‬يعيق‮ ‬تنمية‮ ‬المقدرات‮ ‬ويعرقل‮ ‬الرعاية‮ ‬الصحية

❊ المجتمع السليم هو الذي ينمي المواهب، ويرعى الابداع، ليصنع النهضة ويحقق التنمية، ويمضي بمسيرته قُدماً نحو مستقبل مشرق وآفاق أوسع. مجتمع لا يرعى المواهب ولا يوليها الاهتمام جدير به أن يظل في الحضيض، وهل قامت النهضات وتطورت الشعوب إلاّ نتيجة لجهد مبدعيها، وثمرة من ثمار مواهبها الخلاقة من المتميزين الذين عاشوا طفولة مكتملة؟!.. على ذلك يكون الاهتمام بالموهوبين والمبدعين ومحاربة العنف الحاصل عليهم منذ الطفولة هو الأساس واللبنة الأولى في مسار صناعة تنمية فاعلة، ونهضة حقيقية.

تحقيق‮ ‬وتصوير‮/‬
فائز‮ ‬محيي‮ ‬الدين
تقول لمياء الإرياني التي التقيناها على هامش ورشة العمل الخاصة بمتابعة دراسة الأمين العام للأمم المتحدة حول العنف ضد الأطفال: نحن في مؤسسة »شوذب« للطفولة والتنمية نولي اهتماماً خاصاً للأطفال المبدعين والمتميزين، ولدينا عدد من البرامج الأخرى التي تتعلق بالصحة‮ ‬والتعليم‮ ‬والحماية‮ ‬ومحاربة‮ ‬العنف‮ ‬ضد‮ ‬الأطفال‮.‬
كما نقوم بالتوعية والنشر لحقوق الاطفال عبر الورش والندوات والكتيبات وكذلك المنشورات والبروشورات والنزول الميداني للمدارس لنشر التوعية في أوساط الطلاب لتوعيتهم..وتضيف رئيسة مؤسسة شوذب للطفولة والتنمية: نحن ننسق مع عدد من الجهات كبرلمان الأطفال من أجل ايجاد طفولة آمنة تتمتع بكافة الحقوق المشروعة.. كما أننا نقوم بالاهتمام بالأطفال الموهوبين من خلال تبني مواهبهم المتعددة، وعمل الورش والندوات التي تعمل على صقل مواهبهم واكسابهم مهارات متعددة فيما يخص على موهبة أو ابداع على حدة.
وتستطرد: مناقشتنا اليوم لدراسة الأمين العام للأمم المتحدة حول العنف ضد الأطفال، تأتي ضمن المسار الذي ننتهجه من أجل ايجاد طفولة آمنة يمكن في ظل مناخها تنمية المواهب وصقلها، وضمان وصولها الى مراحل متطورة ومرحلة النضوج.. مشيرة الى أن الفيلم الكرتوني »عودة أحمد« الذي عرض وفي أمكنة عدة، يعد أول فيلم كرتوني يتحدث عن قضية تهريب الأطفال بأسلوب مُبسط ومحبب الى الأطفال، لأن الفيلم الكرتوني من أهم الوسائل لتوصيل المعلومات للأطفال، وتقول: لهذا انتجنا هذا الفيلم، ونحن الآن بصدد انتاج عملين ابداعيين آخرين يعالجان مشكلات الطفولة‮ ‬بالوسائل‮ ‬الأقرب‮ ‬الى‮ ‬نفوس‮ ‬الأطفال‮.‬
واختتمت حديثها برسالة وجهتها لكل فئات المجتمع دعت من خلالها الى التكاتف جميعاً لوضع حد لظاهرة العنف ضد الأطفال، والانتباه الى الموهوبين منهم ورعايتهم رعاية خاصة تكون كفيلة بتنمية مواهبهم وصقل ابداعهم وقرائحهم.
فرز‮ ‬الموهوبين
الى‮ ‬ذلك‮ ‬تحدثت‮ ‬مريم‮ ‬الشوافي‮ -‬الأمين‮ ‬العام‮ ‬والمدير‮ ‬التنفيذي‮ ‬في‮ ‬المؤسسة،‮ ‬قائلة‮:‬
- العنف ضد الأطفال منتشر في كل الدول وليس في اليمن فقط.. ونحن كمنظمات مجتمع مدني عاملة في مجال الطفولة نقوم بالتوعية بتلك المخاطر، وتبني الأطفال الموهوبين والمبدعين ورعايتهم، بتوفير المتطلبات الأساسية لتنمية ابداعاتهم.
مضيفة: كما نقوم وبشكل مكثف بمحاربة العنف ضد الأطفال والتوعية بمخاطره حتى يتسنى لنا توفير بيئة آمنة للطفولة، لأنه لا يمكن صقل المواهب وتنمية الموهوبين والمبدعين ما لم نبدأ بإزالة العراقيل الرئيسية في حايتهم الاجتماعية، والتي تمنعهم من ممارسة معيشتهم وحياتهم على الوجه المطلوب، ناهيك عن ممارسة حياتهم الابداعية.الى جانب ذلك نحن نركز على دور العلماء في التوعية عبر المنابر، فديننا الاسلامي دين شامل، وعليه فإن العلماء مطالبون بالتوعية بمخاطر العنف ضد الاطفال، والارشاد الى الطرق القويمة والسليمة لرعاية المبدعين والموهوبين منهم بالذات. ونطالب بتوفير الرعاية الاساسية للأطفال، والتي تتمثل في أن يعيشوا حياة آمنة ومستقرة في الحياة الاجتماعية بدون عنف أو اساءة أو اهمال.والعمل أسوة بالدول الأخرى التي خصصت مدارس، أو على الأقل فصولاً، للموهوبين والمبدعين.
فجوة‮ ‬كبيرة
وعلى‮ ‬الطرف‮ ‬الآخر‮ ‬التقينا‮ ‬الطفلة‮ ‬الموهوبة‮ »‬آية‮ ‬صفوت‮ ‬العريقي‮« ‬التي‮ ‬تحدثت‮ ‬إلينا‮ ‬بالقول‮:‬
- لقد أكسبتنا ورش ودورات وندوات التوعية بمخاطر العنف ضد الاطفال عدداً من المفاهيم والرؤى التي كنا نجهلها، حيث كان مفهومنا للعنف يقتصر ضد الأطفال بأنه الضرب فقط، بينما وجدنا أن العنف ضد الاطفال له صور وأشكال عدة منها: العنف النفسي، والعنف اللفظي، والعنف الجنسي،‮ ‬والعنف‮ ‬المجتمعي،‮ ‬وهكذا‮.‬
وتواصل: نحن كأطفال موهوبين نلقى عوائق جمة نتيجة لجهل المجتمع بأبسط حقوقنا، والنظرة القاصرة لنا كأطفال، حيث يرون أن التخاطب معنا، أو الجلوس معنا لمناقشة شيئاً معيباً ينقص من هيبتهم وهذا السلوك الخاطئ يولد ويصنع فجوة كبيرة بين الآباء والأبناء، تكون عاقبتها القطيعة‮ ‬التامة‮ ‬في‮ ‬المشاعر‮ ‬والأحاسيس،‮ ‬والتوجه‮ ‬للبحث‮ ‬عن‮ ‬مصادر‮ ‬أخرى‮ ‬توفر‮ ‬لهم‮ ‬الحنان‮ ‬والمنفعة‮ ‬والدعم‮ ‬والرعاية،‮ ‬وربما‮ ‬يؤدي‮ ‬بهم‮ ‬هذا‮ ‬السلوك‮ ‬الى‮ ‬الانحراف‮.‬
ويقول‮: ‬الأسرة‮ ‬المتعلمة‮ ‬المثقفة‮ ‬هي‮ ‬التي‮ ‬توفر‮ ‬لأبنائها‮ -‬وخاصة‮ ‬المبدعين‮- ‬كل‮ ‬متطلبات‮ ‬الحياة،‮ ‬والرعاية‮ ‬الخاصة‮ ‬التي‮ ‬من‮ ‬شأنها‮ ‬تنمية‮ ‬مواهبهم‮ ‬وقدراتهم‮.‬
تضافر‮ ‬الجهود
وهذا‮ ‬ما‮ ‬يوافقها‮ ‬عليه‮ ‬زميلها‮ »‬محمد‮ ‬عبدالعزيز‮« ‬من‮ ‬المدرسة‮ ‬البريطانية،‮ ‬والذي‮ ‬يضيف‮:‬
- إن العنف ضد الاطفال هو من الأسباب الرئيسية التي تؤدي الى تفشي ظاهرة تهريب الأطفال، هذه الظاهرة التي باتت من أهم، بل أولى مشكلة الطفولة في اليمن، حيث انتشرت في الآوانة الأخيرة بشكل مخيف، استدعت من كافة المنظمات العاملة في مجال رعاية الاطفال وتنميتهم الى التكاتف‮ ‬مع‮ ‬المعنيين‮ ‬بالحكومة‮ ‬وفي‮ ‬المقدمة‮ ‬وزارة‮ ‬الشئون‮ ‬الاجتماعية،‮ ‬والعمل‮ ‬من‮ ‬أجل‮ ‬الحد‮ ‬من‮ ‬هذه‮ ‬الظاهرة،‮ ‬ومحاولة‮ ‬ايجاد‮ ‬الحلول‮ ‬الجذرية‮ ‬الكفيلة‮ ‬باستئصالها‮.‬
ويقول: هناك مواهب عدة ضاعت في خضم الجري خلف توفير لقمة العيش لأسرهم الفقيرة، أو في التشرد والضياع نتيجة العنف الذي يقع عليهم من أسرهم، ومن محيطهم الاجتماعي..مضيفاً: اذا كان لنا من مطلب من الجهات المعنية بحقوق الاطفال -حكومية ومدنية- فإنه يتمثل في رغبتنا في‮ ‬توفير‮ ‬كافة‮ ‬الوسائل‮ ‬التي‮ ‬من‮ ‬شأنها‮ ‬صقل‮ ‬مواهبنا،‮ ‬وتنمية‮ ‬قدراتنا،‮ ‬وأخص‮ ‬بالذكر‮ ‬وسائل‮ ‬الاعلام‮ ‬التي‮ ‬يقع‮ ‬عليها‮ ‬دور‮ ‬كبير‮ ‬في‮ ‬ابراز‮ ‬مواهبنا‮ ‬وتشجيعنا‮ ‬للمضي‮ ‬قدماً‮ ‬كل‮ ‬في‮ ‬مجاله‮.‬
جهل‮ ‬متفشٍ‮!‬
من‮ ‬جانبها‮ ‬تحدثت‮ ‬الطفلة‮ »‬ياسمين‮ ‬عبدالهادي‮ ‬الحيمي‮« ‬من‮ ‬المدرسة‮ ‬اليمنية‮ ‬الحديثة‮ ‬في‮ ‬هذا‮ ‬الصدد‮ ‬قائلة‮:‬
- رغم الاهمال الملحوظ لحقوق الاطفال، وخاصة الموهوبين، إلاّ أن بوادر الأمل قد بدأت تلوح من خلال انتشار منظمات المجتمع المدني العاملة في مجال الطفولة، وتعدد الجهات الحكومية المهتمة بهذا الشأن، وابراز حقوق الاطفال ونقاشها من قبل تلك الجهات وتغطيتها اعلامياً، مما‮ ‬يعني‮ ‬انتشار‮ ‬الوعي‮ ‬بحقوق‮ ‬الاطفال،‮ ‬وبداية‮ ‬انحسار‮ ‬العنف‮ ‬والاساءة‮ ‬والاهمال‮ ‬الذي‮ ‬يعانون‮ ‬منه‮.‬
وتمضي قائلة: اذا كانت هناك بعض النظرات الخاطئة التي مازالت متفشية في المجتمع نحو الاطفال فإنه بالاصرار والمواصلة في العمل على توعية المجتمع بحقوق اطفالهم، وتعريف الاطفال بالحقوق التي لديهم، من خلال ذلك يمكن أن نضمن تلاشي ظاهرة العنف ضد الاطفال، وبداية مرحلة‮ ‬جديدة‮ ‬ينال‮ ‬فيها‮ ‬الاطفال‮ ‬كافة‮ ‬حقوقهم‮ ‬المشروعة،‮ ‬وفي‮ ‬المقدمة‮ ‬الاطفال‮ ‬من‮ ‬ذوي‮ ‬المواهب‮ ‬والابداع،‮ ‬الذين‮ ‬يصنعون‮ ‬النهضة‮ ‬ويحققون‮ ‬التنمية،‮ ‬ويرفعون‮ ‬اسم‮ ‬البلد‮ ‬عالياً‮ ‬في‮ ‬كل‮ ‬المحافل‮ ‬الدولية‮.‬
مبدعون‮ ‬في‮ ‬الهامش
وتختتم‮ ‬حديثنا‮ ‬هذا‮ »‬آلاء‮ ‬عبدالوهاب‮ ‬الحيفي‮« ‬عضو‮ ‬سابق‮ ‬في‮ ‬برلمان‮ ‬الأطفال،‮ ‬عضو‮ ‬شبكة‮ ‬شباب‮ ‬وأطفال،‮ ‬وناشطة‮ ‬في‮ ‬مؤسسة‮ »‬شوذب‮« ‬للطفولة‮ ‬والتنمية،‮ ‬بالحديث‮ ‬التالي‮:‬
- مازال الموهوبون والمبدعون لدينا في اليمن يعيشون في الهامش، مثلهم مثل بقية الأطفال الذين لم ينالوا من حقوقهم الاّ النزر اليسير.. وربما هذا يعود الى الفقر المتفشي في اليمن، كون اليمن مصنفة عالمياً ضمن الدول التي تعيش تحت خط الفقر، وهذا يدفع بعض الأسر الفقيرة‮ ‬الى‮ ‬الزج‮ ‬بأطفالهم‮ ‬الى‮ ‬سوق‮ ‬العمل،‮ ‬أو‮ ‬تهريبهم‮ ‬خارج‮ ‬البلد‮ ‬للبحث‮ ‬عن‮ ‬عمل‮ ‬يدر‮ ‬مالاً‮ ‬يعولون‮ ‬به‮ ‬أسرهم‮.‬
مضيفة: الزواج المبكر من الامتهانات التي تقع على الطفولة في اليمن »زوّج بنت الثمان وعليّ الضمان« وكذلك العنف الذي يمارس ضد الأطفال باسم الرجولة »اضرب ابنك يطلع رجال«.. وتواصل: هذا النظرة والمفهوم الخاطئ هي التي تمتهن حقوق الطفولة في اليمن، وتمنع المجتمع من ادراك اهمية الطفل الموهوب، وما يجب عليه عمله ازاءه، ناهيك عن أن الطفل لايزال يفتقر لأبسط حقوقه المشروعة، فكيف اذا طالبنا له برعاية خاصة ومتقدمة؟ لاشك أن ذلك يحتاج الى تضافر الجهود من أجل تحقيق ذلك، والاّ فإن شيئاً لن يحصل من ذلك.وتسأل آلاء.. نحن أهل اليمن أهل‮ ‬حضارة،‮ ‬فلماذا‮ ‬لا‮ ‬نولي‮ ‬الأطفال‮ ‬جيل‮ ‬المستقبل‮ ‬أهمية‮ ‬ورعاية‮ ‬خاصة؟‮ ‬لماذا‮ ‬لا‮ ‬نقوم‮ ‬بالاهتمام‮ ‬بالمبدعين‮ ‬والموهوبين‮ ‬مثل‮ ‬بقية‮ ‬الدول‮ ‬التي‮ ‬لا‮ ‬تملك‮ ‬موروثاً‮ ‬حضارياً‮ ‬ضخماً‮ ‬مثلما‮ ‬تملك‮ ‬اليمن؟‮!‬
وتقول‮: ‬هذا‮ ‬عتب‮ ‬أوجهه‮ ‬الى‮ ‬كل‮ ‬الجهات‮ ‬المعنية‮ ‬بحقوق‮ ‬الاطفال،‮ ‬والى‮ ‬المجتمع‮ ‬بأسره‮.. ‬علّنا‮ ‬نرى‮ ‬في‮ ‬القريب‮ ‬العاجل‮ ‬وقد‮ ‬تلاشت‮ ‬كل‮ ‬السلبيات‮ ‬والمعوقات‮ ‬التي‮ ‬تقع‮ ‬على‮ ‬الأطفال‮ ‬في‮ ‬مجتمعنا‮.‬




تمت طباعة الخبر في: الخميس, 21-نوفمبر-2024 الساعة: 07:50 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almethaq.net/news/news-4087.htm