الخميس, 02-أغسطس-2007
الميثاق نت -
تقرير‮ ‬رسمي‮ ‬يؤكد‮ ‬تفشي‮ ‬ظاهرة‮ ‬الغش‮ ‬التجاري‮ ‬ويكشف‮ ‬مؤامرة‮ ‬لصنع‮ ‬أزمات‮ ‬اقتصادية

❊ منذ صدور القرار الوزاري بشأن تحديد آلية عرض وإشهار السلع المعروضة للبيع في الأسواق والمحال التجارية ومنح لجان الرقابة الميدانية صفة الضبط القضائي.. وهي الاجراءات الحكومية التي مثلت للمستهلك بصيص أمل لوقايته من جحيم تصاعد الاسعار.. إلا أن تلك الاجراءات التي شرعت الحكومة في تنفيذها منذ مايو الماضي لم تُؤتِ أُكلها بعد.. فلا حركة الأسعار مستقرة، ولا التجار التزموا بلائحة العرض والإشهار السعري للسلع والمواد الغذائية.. حتى ساد الانطباع لدى المواطن بأن أي اجراءات حكومية أو توجهات أو مجرد مناقشة موضوع الأسعار ليس سوى ضوء أخضر لرفعها.. وإلاّ بماذا نفسر الارتفاع المفاجئ لأسعار »القمح، الدقيق، السمن، الزيوت« رغم عدم وجود مبررات قانونية أو اقتصادية لذلك؟! ولماذا تتكرر القصة عند كل مناسبة وطنية ذات طابع سياسي؟! ومَن المستفيد من محاولات وضع أزمات اقتصادية متلاحقة؟!

تحقيق‮ -- ‬جميل‮ ‬الجعدبي

وللإجابة على تلك التساؤلات نقترب أكثر من عمل احدى اللجان الميدانية بمكتب الصناعة والتجارة بمحافظة صنعاء لنلمس في المشهد العام اندلاع حرب أخرى تشتد ضراوتها بين اللجان الميدانية المراقبة المناط بها تنفيذ الاجراءات الحكومية وبين التجار وأمناء معارض الاسمنت كمادة‮ ‬أساسية‮ ‬تمثل‮ ‬عصب‮ ‬التنمية‮.‬
فهذا المفتش القضائي محمد صغير الوادعي- يحمل بطاقة ضبط قضائي رقم ٩٧- يقول عن آخر المشاكل الميدانية التي يواجهونها إنهم وخلال نزولهم الميداني للتأكد من شكاوى المواطنين بانعدام مادة الاسمنت من المعرض رقم (6) التابع لمصنع اسمنت عمران وجدوا سيارتين على متنهما ٠٥٢ كيساً مباعة من نفس المعرض لأحد التجار، وعند محاولة احتجاز الكمية وبيعها للمواطنين فُوجئوا بإطلاق النار عليهم من قبل مسلحين وصفهم بـ»سماسرة الأسمنت« والذين قاموا بتهريب الشحنة في ظل عدم تجاوب دوريات الأمن والنجدة رغم إبلاغهم بذلك، ويضيف الوادعي أنهم اكتفوا‮ ‬باحتجاز‮ ‬أحد‮ ‬السائقين‮ ‬والاحتفاظ‮ ‬بأسماء‮ ‬المعتدين‮ ‬عليهم‮.‬
ويشير المفتش القضائي محمد الوادعي الى حادثة سابقة مشابهة مع أمين معرض المؤسسة العامة لتسويق الأسمنت رقم ٣ بمنطقة مذبح، حيث فوجئت اللجنة في صباح الاثنين ٩/٧/٧٠٠٢م، بإطلاق الأعيرة النارية باتجاه اعضاء اللجنة خلال نزولهم الميداني للتأكد من شكاوى المواطنين بوجود‮ ‬تلاعب‮ ‬بمادة‮ ‬الأسمنت‮ ‬وبيعها‮ ‬للتجار‮ ‬بدلاً‮ ‬من‮ ‬بيعها‮ ‬للمواطنين‮.‬
ويستعرض المفتش القضائي عشرات الشكاوى الخطية حول ذات المعرض والمعمدة بعشرات الأختام لعقال حارات مختار منها، كنموذج ما أورده المواطن أحمد حسين راجح بادي في شكواه المقدمة لمدير مكتب الصناعة والتجارة حيث يقول: »أحيطكم علماً بأنه يوجد لدينا عمارة ونحتاج خمسين كيس أسمنت، ولدينا رخصة بناء، ويرفضون في المعرض رقم ٣ البيع لي في وقت يبيعون للتجار، وأتردد عليهم منذ أسبوع ولكم الشكر«. أما زيد محمد سعيد جابر فيختصر شكواه بالقول: »٠٢ يوماً ولم يعطوني كيساً واحداً«.
مافيا‮ ‬الأزمات
في‮ ‬تفسير‮ ‬مشكلة‮ ‬الأسمنت‮ ‬ومن‮ ‬خلال‮ ‬عمليات‮ ‬المتابعة‮ ‬الميدانية‮ ‬المستمرة‮ ‬يرى‮ ‬عبدالباسط‮ ‬الكميم‮ ‬مدير‮ ‬مكتب‮ ‬الصناعة‮ ‬والتجارة‮ ‬بمحافظة‮ ‬صنعاء‮- ‬أن‮ ‬عملية‮ ‬التلاعب‮ ‬تتم‮ ‬على‮ ‬النحو‮ ‬التالي‮:‬
أولاً‮: ‬يتم‮ ‬ترحيل‮ ‬الكميات‮ ‬من‮ ‬مصنع‮ ‬أسمنت‮ ‬عمران‮ ‬عصراً‮ ‬بحيث‮ ‬تصل‮ ‬المعارض‮ ‬قبل‮ ‬المغرب‮.‬
ثانياً‮: ‬عند‮ ‬وصول‮ ‬الكميات‮ ‬الى‮ ‬مخازن‮ ‬المعارض‮ ‬يقوم‮ ‬أمناء‮ ‬المعارض‮ ‬بتسليم‮ ‬كشوفات‮ ‬لمندوبيهم‮ ‬في‮ ‬المخازن‮ ‬لتوزيع‮ ‬الكمية‮ ‬وفقها‮.‬
ثالثاً: في صباح اليوم التالي يتم التوزيع مبكراً بحيث يأتي المواطن من بعد الساعة ٨ صباحاً ليجدها فارغة وبالتالي يتم مواعدتهم من يوم لآخر.. وهي أساليب مخالفة للقانون.. يؤكد الكميم أنها تؤدي الى إذكاء أزمة الأسمنت وتعطيل أعمال الناس ولها نتائج سلبية على عجلة التنمية في اليمن بشكل عام.. ولم يستبعد مدير مكتب الصناعة والتجارة »وجود لوبي فساد وأيادٍ خارجية وداخلية تستغل أحاديث وتوجيهات الرئيس المتعلقة بالأسعار فتقوم بالعمل عكسها باصطناع وافتعال أزمات وإحداث قلق داخل المجتمع«.
ارتفاع‮ ‬مفاجئ
وعن الوضع التمويني وحركة الاسعار خلال الاسبوع الثالث من شهر يوليو ٧٠٠٢م، يؤكد القائمون على مكتب الصناعة والتجارة توافر السلع الاساسية والاستهلاكية غير أن اسعارها غير مستقرة وخاصة بالنسبة للسلع الاساسية مثل »القمح، الدقيق، السمن، الزيوت«، حيث سجل التقرير المرفوع‮ ‬لوزير‮ ‬الصناعة‮ ‬والتجارة‮ ‬بهذا‮ ‬الخصوص‮ ‬زيادات‮ ‬مفاجئة‮ ‬في‮ ‬أسعار‮ ‬السلع‮ ‬على‮ ‬النحو‮ ‬التالي‮:‬
‮١- ‬كان‮ ‬سعر‮ ‬الكيس‮ ‬القمح‮ ‬في‮ ‬بداية‮ ‬الاسبوع‮ (٠٠٥٣) ‬ريال‮ ‬للكيس‮ ‬الواحد،‮ ‬وارتفعت‮ ‬الاسعار‮ ‬حتى‮ ‬وصل‮ ‬سعر‮ ‬الكيس‮ ‬الى‮ (٠٥٠٤) ‬ريالاً‮ ‬نهاية‮ ‬الأسبوع‮ ‬بفارق‮ (٠٥٥) ‬ريالاً‮.‬
2‮ - ‬يؤكد‮ ‬التقرير‮ ‬أن‮ ‬سعر‮ ‬الدقيق‮ ‬المطحون‮ ‬بداية‮ ‬الأسبوع‮ ‬كان‮ (٠٠٧٣) ‬ريال‮ ‬ارتفع‮ ‬نهاية‮ ‬الأسبوع‮ ‬الى‮ (٠٥١٤) ‬ريالاً‮ ‬بفارق‮ (٠٥٤) ‬ريالاً‮ ‬للكيس‮ ‬الواحد‮.‬
‮٣- ‬دقيق‮ ‬السنابل‮ ‬كان‮ ‬سعره‮ ‬بداية‮ ‬الأسبوع‮ (٠٥٦٣) ‬ريالاً‮ ‬وارتفع‮ ‬الى‮ (٠٠١٤) ‬ريال‮.‬
٤- القمح الأمريكي هو الآخر ارتفع من (٠٠٣٣) ريال بداية الأسبوع الى ٠٠٨٣ ريال نهاية الأسبوع.. كما يؤكد التقرير الحكومي ارتفاع اسعار الأسمنت العمراني مع انعدامه في مديريات المحافظة حيث وصل سعر الكيس الى (٠٠٨١) ريال بفارق (٠٠٢) ريال عن اسعار الأسبوع السابق في السوق‮ ‬السوداء‮ ‬وبزيادة‮ ‬عن‮ ‬السعر‮ ‬الرسمي‮ ‬المحدد‮ ‬من‮ ‬قبل‮ ‬المصنع‮ ‬والمقدره‮ (١٦٧) ‬ريالاً‮ ‬فقط‮.‬
الغش‮ ‬يطال‮ ‬كل‮ ‬شيء
ومن جانبه يوضح صالح الأغبري -نائب مدير عام المكتب رئيس لجنة الاشراف والمتابعة -انهم ومنذ تدشين مهام لجان الرقابة في مايو ضبطوا اكثر من ٠٠٣ مخالفة، مشيراً الى عدم وجود مؤشرات بالتزام التجار وتجاوبهم ولا حتى بعملية الإشهار السعري، ويضيف بخصوص تكاتف الجهود الحكومية‮ ‬بمكتب‮ ‬الأمانة‮ ‬لاينفذ‮ ‬أي‮ ‬توجيهات‮.. ‬ولذلك‮ ‬نجد‮ ‬صعوبة‮ ‬لضبط‮ ‬الأطراف‮ ‬وانجاز‮ ‬المهام‮ ‬على‮ ‬الوجه‮ ‬المطلوب،‮ ‬خاصة‮ ‬أن‮ ‬كبار‮ ‬التجار‮ ‬والمستوردين‮ ‬وأغلب‮ ‬المنتجين‮ ‬يقعون‮ ‬تحت‮ ‬دائرة‮ ‬اختصاص‮ ‬امانة‮ ‬العاصمة‮.‬
ويدلل‮ ‬الأغبري‮ ‬على‮ ‬حالة‮ ‬الإرباك‮ ‬التي‮ ‬يواجهونها‮ ‬بالقول‮: »‬فحينما‮ ‬نضبط‮ ‬التاجر‮ ‬الصغير‮ ‬وفي‮ ‬نفس‮ ‬الوقت‮ ‬كبار‮ ‬التجار‮ ‬يرفضون‮ ‬منحهم‮ ‬حتى‮ ‬الفواتير‮ ‬سيكون‮ ‬من‮ ‬الصعوبة‮ ‬في‮ ‬هذا‮ ‬الوضع‮ ‬تنفيذ‮ ‬القانون‮«.‬
وفي‮ ‬موضوع‮ ‬المخالفات‮ ‬يقول‮ ‬محمد‮ ‬الوادعي‮ -‬المفتش‮ ‬القضائي‮- ‬ان‮ ‬معدلها‮ ‬يومياً‮ ‬يصل‮ ‬إلى‮ ‬نحو‮ ٢١-٥١ ‬مخالفة‮.. ‬مستعرضاً‮ ‬بعض‮ ‬العينات‮ ‬التي‮ ‬تم‮ ‬سحبها‮ ‬من‮ ‬الأسواق‮ ‬وثبت‮ ‬مخالفتها‮ ‬للمواصفات‮ ‬والتعبئة‮ ‬منها‮:‬
وجود نقص في أكياس الدقيق المطحون ٥كجم، للكيس الواحد، وفي أكياس القمح عبوة ٠٥ كجم، يوجد نقص ٣ كجم، للكيس الواحد، وكذلك قطم السكر والأرز عبوة ٥١ كجم، ثبت معدل النقص فيها ما بين ٢-٣كجم، وكذلك في مادة الأسمنت حيث بلغ النقص في أكياس مادة الأسمنت السعودي ٥كجم للكيس‮ ‬الواحد‮ ‬هذا‮ ‬غير‮ ‬عرض‮ ‬بعض‮ ‬المنتجات‮ ‬منتهية‮ ‬الصلاحية‮.‬
وفي ختام تقريرهم يتوصل العاملون في اللجان الميدانية لمراقبة الأسعار الى حقيقة تفشّي ظاهرة الغش التجاري وعدم الالتزام بلائحة المواصفات والقياسات اليمنية في معظم الأسواق من قبل أغلبية التجار وكذلك عدم وجود أي التزام بالتشريعات والقوانين التجارية واللوائح ووصول بعض التجارالى المتاجرة بسلع فاسدة ومنتهية..مؤكدين أن المنافسة الموجودة في الأسواق حالياً لاتتطابق مع قانون المنافسة رقم ٩١ لسنة ٩٩م وأن الحقائق تؤكد أنها منافسة احتكارية ذات آثار سلبية على المصلحة العامة ولها أضرار كبيرة على المستهلكين.ويؤكد تقرير اللجنة الميدانية أن الارتفاع المفاجئ للأسعار مع عدم وجود مبررات قانونية أو اقتصادية لذلك، واختيار عملية الرفع المفاجئ في مناسبة وطنية ذات طابع سياسي تدلل دلالة كبيرة على أن هناك من يحيك مؤامرة ويخطط لصنع أزمات اقتصادية متلاحقة ولها أغراض سياسية، مشيرين في نفس الوقت إلى أن استمرار معارض الأسمنت في اصطناع أزمة الأسمنت وافتعالها ورفع أسعارها لمنتج محلي تشرف عليه الدولة بما فيه من مخالفات للقوانين والتشريعات والأنظمة واللوائح التجارية مع عدم اتخاذ الاجراءات القانونية حيالهم أمر يثير الاستغراب عن أهدافها ومراميها.







تمت طباعة الخبر في: الخميس, 21-نوفمبر-2024 الساعة: 09:18 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almethaq.net/news/news-4088.htm