منصور أحمد - عقدت اللجنة الدائمة الرئيسية للمؤتمر الشعبي العام، أمس الأول- السبت- اجتماع دورتها الاستثنائية برئاسة الزعيم علي عبدالله صالح، رئيس المؤتمر، وسط تحديات وظروف صعبة ومعقدة يعيشها اليمن، لم تقتصر تهديداتها على استهداف المؤتمر الشعبي، كتنظيم سياسي وطني ديمقراطي وقيادته.. بل صارت تهدد استقرار ووحدة اليمن برمته..
تحديات وتهديدات وظروف استثنائية كهذه لا شك أنها تجعل الوساوس الشيطانية تساور أي متابع لمجريات المشهد اليمني، سيما بعد أن أن دعت اللجنة العامة للمؤتمر الشعبي العام، الأربعاء الماضي، اللجنة الدائمة الرئيسية إلى اجتماع استثنائي لتدارس التطورات والمستجدات على الساحة الوطنية والتهديدات التي تتعرض لها قيادات التنظيم، واتخاذ القرارات المناسبة والناجعة لمواجهة هذه التهديدات غير المسبوقة..
كان السؤال الذي يطرحه الجميع، هو: كيف لقيادات المؤتمر التحضير لاجتماع اللجنة الدائمة الرئيسية الذين سيتوافدون من مختلف محافظات الجمهورية الى العاصمة صنعاء في ظروف صعبة لم يسبق للوطن ان عاشها من قبل، إلاّ اذا كانت قيادة المؤتمر تمتلك العصا السحرية، وقد تزامن ذلك مع مخاوف كبيرة واحتمالات مفجعة، أصغرها ان الظروف والأوضاع المضطربة في البلد قد تحول دون اجتماع اللجنة الدائمة، ما يعني ذلك إعطاء صورة سلبية، كثيرا ما نعت بها الآخرون المؤتمر على انه ليس حزباً سياسياً منظماً يؤمن منتسبوه بالولاء الحزبي والتنظيمي، ويزعمون انه مجرد مجموعة من المتمصلحين، وان حشوده التي كان يظهر بها في الساحات والميادين والفعاليات السياسية والانتخابية، ما هي إلاَّ بفضل المستفيدين من التنظيم حينما كان حاكما، اضافةً الى أن ثمة خلافات بارزة داخل قيادات المؤتمر، وازدادت المخاوف من انشقاق قد يتعرض له التنظيم وهو ما جعل اللجنة العامة ترحل مثل هذا الاجتماع لسنوات لعل وعسى تجد حلولاً مع الرئيس هادي الذي كان يشغل نائباً أول لرئيس المؤتمر - الأمين العام..
لكن كل هذه المخاوف تبددت شيئاً فشيئاً وزالت نهائياً، عندما حانت لحظة انعقاد الاجتماع الاستثنائي أمس الأول- السبت- حيث بدأت تتدفق الجموع من اعضاء اللجنة الدائمة وكلهم حماس لا يمكن وصفه ولا إنصاف أصحابه المخلصين الأوفياء الذين أبدوا حرصهم تجاه تنظيمهم- المؤتمر الشعبي العام- وتجاه قائده الزعيم علي عبدالله صالح..
في الساعات الأولى من صباح السبت الماضي- تعمدتُ الحضور مبكراً الى امام مقر اللجنة الدائمة المؤتمر- مكان انعقاد الاجتماع الاستثنائي لدائمته الرئيسية، لرصد وترقب حجم الحضور ولكي اقرأ أفكارهم ومواقفهم من الاجتماع وردود أفعالهم تجاه القضايا التي سيتم مناقشتها في الاجتماع وعلى وجه الخصوص قرارات العقوبات التي اقرها مجلس الأمن الدولي بحق مؤسس وقائد التنظيم.. وصعوبة اختيار المواقف تكمن في ان الأمر هنا يتعلق في اتخاذ موقف حول قضية تحط من كرامتك كمواطن يمني، وتهدد وجود كيانك وانتمائك التنظيمي كمؤتمري، خاصة إذا ما كان مصدرها- للأسف- قيادة بارزة في التنظيم التي تنتمي إليه..
كان الحرص والتركيز في وجوه المشاركين- رجالاً ونساء- محاولة قراءة المواقف وردود الأفعال قبل بدء الاجتماع.. كانت ثمة وجوه عابسة، وجوه بدا عليها رفض السلوكيات والتصرفات غير المسئولة لطرف أعطي ثقة من كوادر التنظيم وولوه مسئولية في قيادته لكنه- للأسف- لم يكن عند هذه الثقة ومضى يستعرض قوته وقدراته على تدمير التنظيم ويقود معركة دولية ضد التنظيم وإقرار عقوبة ضد أبرز قيادي في التنظيم، لتكون بذلك سابقة للرئيس هادي لم يسبقه إليها أحد على مر التاريخ، ولن يجاريه او ينافسه عليها احد، بأن يأتي رئيس ولا حتى مواطن عادي يعرض على المجتمع الدولي أن يسلم له أحد مواطنيه لمعاقبته..
الدهشة والذهول وحدهما خيما على عامة اليمنيين والعالم اجمع مما ذهب إليه الرئيس هادي، كما أنها أثارت في المؤتمريين الحمية والغضب، الذي بدا واضحاً على وجوههم ونبرات حديثهم قبل دخول القاعة وقبل بدء الاجتماع الاستثنائي للجنة الدائمة الرئيسية ، إلى درجة أن الكثير منهم، وخاصة عضوات اللجنة الدائمة من القطاع النسائي للمؤتمر- سيطر عليهم الغضب جراء قرار العقوبات الذي ساهم في استصداره طرف يتبوأ موقع القيادة التنفيذية للتنظيم- قبل اقالته- بينما القيادة التاريخية للمؤتمر المستهدفة بالعقوبات وبقية قيادة التنظيم خرجت عن صمتها حيال ذلك، لدرجة ان بعض المؤتمريات قلن:» عندما يصل الأمر إلى هذا الحد باستهداف المؤتمر وقيادته معناه إعلان الحرب ونحن لها» ماذا تبقى لنا بعد ذلك؟!.
وهذا ما لاحظه رئيس المؤتمر نفسه، عندما دخل قاعة الاجتماع الاستثنائي، المكتظة بحضور لم يكن متوقعاً، فأراد الزعيم ان يخفف من غضب وتوتر الحاضرين، فبادر كعادته الى استحضار شيء من الطرفة او النكتة، في كلمة قصيرة افتتح بها الاجتماع- بمخاطبة الحاضرين بالرفاق والرفيقات، وتبع ذلك، بالقول:» أنا لم أكن استخدم لفظ الرفاق والرفيقات الا في ظروف معينة لكنني من الآن وصاعداً لن أخاطبكم الا بها».. وهو خطاب له اكثر من معنى ورسالة، يوحي للحاضرين انه ليس غاضبا أو «زعلان» من هادي، وانه مايزال رفيقه في التنظيم، كما انه يفيد بأن للمؤتمر أعضاء وجماهير وكوادر مؤتمرية وأنصاراً وأصدقاء في المحافظات الجنوبية التي كان جميع سكانها ينتمون للحزب الاشتراكي اليمني منذ ما قبل تحقيق الوحدة اليمنية في الـ22 من مايو 1990م.. فضجت القاعة بالتصفيق الحار والضحك.. فزال الغضب إلى حد ما، بينما الغضب تأجل عند البعض إلى حين بدء موعد النقاش وإبداء المقترحات والتصويت عليها من قبل أعضاء اللجنة الدائمة الرئيسية للمؤتمر، حول القرارات الواجب اتخاذها في مواجهة قرار العقوبات التي شارك فيها قيادي في التنظيم.
وبالطريقة نفسها، عندما كانت الدعابة مدخلاً لبدء الاجتماع، كانت الدعابة أيضاً في اختتام كلمته، التي كشف فيها عن كثير من الحقائق التي كان يجهلها الكثيرون، حول مجريات الأحداث والتطورات منذ تسليمه للسلطة برغبته، الى حين أتاه ما لم يكن يتوقعه، -الاسبوع الماضي- التهديد بعقوبات دولية، وصباح السبت أُقر القرار، والذي قال كان جاهزاً منذ عام 2012م، الا ان الأمين العام للامم المتحدة، حجزه لديه في الدرج.
ومضى رئيس المؤتمر يستعرض إلى ان قال:» في البداية رحّلوا أولاد الاحمر، ثم رحلوا الرفيق علي محسن الأحمر، وهي إشارة الى خصومات اللواء الأحمر وكرهه لكافة القوميين.واليساريين . والآن يريدون أن يرحّلوني، غير مدركين أن علي عبدالله صالح عفاش الحميري يَرحَل ولا يُرحَّل».. مشيراً الى انهم ينظرون إلى أن اسم جده الملك الحميري ( عفاش) شتيمة أو انه يخجل من ذكر الانتساب اليه، ولا يعلمون انني افتخر بالانتساب له لانه ملك حميري..
|